* الخلطة التي يقوم عليها الواقع السينمائي العربي مثل كل شيء آخر في بلادنا.. عجيب. من ناحية نسمع، وسنرى قريبا، كيف أن الإنتاجات السينمائية العربية، مقبلة من المغرب وتونس والجزائر ثم شرقا من مصر ولبنان ودول الخليج العربي، لم تتوقّـف تبعا لأي ظرف. لا سياسي ولا اقتصادي ولا حتى نسبة لعدم وجود عائد مادي مجدٍ أمام الأفلام التي ستُعرض في المهرجانات العربية المقبلة.
* من ناحية أخرى، هذه الأفلام لا أسواق لها، لا سينما ولا «دي في دي» ولا تلفزيون.. كيف تستطيع إذن الاستمرار؟ ما يرجوه كل فيلم أن يحظى بجائزة مالية مجدية في واحد من هذه المهرجانات، لكنه سيكون فيلما واحدا بين مائة أو أكثر. كذلك سيتمنى كل فيلم لنفسه لفتة إعلامية يعود بها المخرج شاعرا بأنه أنجز ولو قليلا من ذلك المستقبل الوردي الذي تراءى له.
* العروض المهرجاناتية هي الوحيدة المتاحة لأكثر من 80% من الأفلام التي تشترك في المهرجانات، عربية أو أجنبية. الباقي يُـنتج ويُحفظ. فوق ذلك، إقبال المحطّـات التلفزيونية على هذه الأفلام يساوي صفرا رغم بعض الاستثناءات. هذه تقول إنها ليست جمعيات خيرية لكي تعرض أفلاما لا يراها الجمهور، ولم تحتفل بها صالات العرض. لكن كيف لها الحكم على ذلك إذا لم يوضع جمهور تلك الأفلام أمام اختبار لعام على الأقل؟ لا جواب.
* ومن هذه السوق وتلك إلى سوق الأسطوانات. تدخل المحال تجد كل من هب ودب. تبحث عن أفلام لباقة المخرجين العرب، مثل رضا الباهي أو جيلالي فرحاتي أو الطيّب الوحيشي أو الناصر خمير أو محمود حجيج.. لا تجد شيئا. نعم، هناك أفلام لمحمد خان لكن ليست هناك أفلام لسعيد مرزوق الذي رحل قبل أسبوعين. هذه السوق الجوهرية في كل أنحاء العالم لا يُستفاد منها إلا بنسبة ضئيلة جدا لدينا.
* هذا ما يجعل السؤال ملحا: علام تستند الإنتاجات العربية لكي تستمر؟ وما عناصر تكوين السينما العربية الجديدة إذا ما كان حال السوق أسوأ مما كان عليه حال السينما العربية «القديمة»؟ والسؤال يؤلّف ما بعده: إذا كان الوضع ما هو عليه، متى سيجري إطلاق مجلة سينمائية عربية شاملة تهدف لمساعدة السينمات العربية بأسرها؟ ثم أين الجمعيات السينمائية الـ«بان آراب» التي تستطيع أن تلعب أدوارا في تعزيز العلاقة بين هذه السينما وجمهورها؟
* للأسباب السابقة كلها فإن أمر السينما العربية عجيب. انسَ أن هناك هواة كتابة لا يعرفون حتى التمييز في نوع الفيلم (التشويقي صار عاطفيا، والفانتازي هو نفسه الخيال العلمي!)، الأسوأ أنه لا يوجد الأمل بأن المستقبل واعد. هذا الأمل الذي عادة ما ينزوي في «اختفاء تدريجي».
8:9 دقيقه
المشهد:: «اختفاء تدريجي»
https://aawsat.com/home/article/188701
المشهد:: «اختفاء تدريجي»
المشهد:: «اختفاء تدريجي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة






