العراق يبلغ أبو الغيط تأييده لحماية أمن الخليج

أكد حرصه على الابتعاد عن سياسة المحاور

مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية العراقي محمد الحكيم والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في بغداد أمس (أ.ب)
مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية العراقي محمد الحكيم والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في بغداد أمس (أ.ب)
TT

العراق يبلغ أبو الغيط تأييده لحماية أمن الخليج

مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية العراقي محمد الحكيم والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في بغداد أمس (أ.ب)
مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية العراقي محمد الحكيم والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في بغداد أمس (أ.ب)

في وقت لمح فيه وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم إلى مسؤولية إسرائيل عن الهجمات التي طالت معسكرات للحشد الشعبي في مناطق مختلفة من العراق مؤخراً، فإنه أكد في مؤتمر صحافي مشترك مع أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط الذي زار العراق أمس أنه تم بحث «الأوضاع في ليبيا والسودان وسوريا واليمن، وأمن الخليج والملاحة في الخليج، لأن هذا الموضوع مهم بالنسبة للعراق»، مبيناً: «إننا أوضحنا موقف العراق من محاولة تخفيف حدة التوتر في منطقة الخليج، وحول النزاع الإيراني - الأميركي».
وأضاف الحكيم: «أطلعنا أبو الغيط على الاعتداءات الإسرائيلية في مناطق عربية»، مشيراً إلى أن «هناك مجموعة من القضايا المهمة التي تم طرحها في هذا الاجتماع». ولفت الحكيم إلى أن «الاجتماع بحث الوضع العربي بشكل عام، وأمن الخليج والملاحة فيه، فضلاً عن توضيح موقف العراق من محاولة تخفيف حدة التوتر الحاصل بين الجانبيين الأميركي والإيراني في الخليج».
ومن جانبه، قال أبو الغيط: «حضوري إلى بغداد هو بناء على دعوة من الخارجية العراقية، وللتحضير للاجتماع الوزاري العربي القادم في الجامعة العربية يوم الـ10 من سبتمبر (أيلول) الحالي»، وتابع أن «جدول أعمال هذه الدورة كبير وكثيف ومعقد». وأكد أبو الغيط ثقته بقدرات العراق على إدارة اجتماع وزراء خارجية جامعة الدول العربية، قائلاً: «نثق بقدرات وإمكانيات العراق في إدارة الاجتماع الوزاري وإنجاح مخرجاته»، وتابع: «في هذه الدورة، جدول أعمال الجامعة كثيف ومعقد، وأشكر الوزير الحكيم على كل التوضيحات التي أشار لها، وتمنياتي لكم بالتوفيق، وأنا واثق بأن خبرتكم في إدارة أعمال هذه الاجتماعات سوف تثمر نجاحاً وانفراجاً لكثير من الأوضاع».
ومن جهته، أكد الرئيس العراقي برهم صالح خلال لقائه أبو الغيط أمس في القصر الرئاسي ببغداد حرص العراق على البقاء بعيداً عن سياسة المحاور، وقال بيان رئاسي إنه «في نقاش مستفيض بشأن مجمل الأوضاع السياسية والأمنية في داخل العراق والمنطقة، بيّن رئيس الجمهورية أن الجهود السياسية والأمنية في العراق، وبعد الانتصار على (داعش)، تتركز على العمل من أجل أن يكون النصر ناجزاً ونهائياً، بالقضاء على العصابات الإرهابية، وتكريس بيئة استقرار أمني وسياسي واجتماعي تساعد في التقدم بمشاريع البناء والإعمار، وتطوير البنى الاقتصادية والخدمية في البلاد». وأكد صالح «النظرة الوطنية العراقية المسؤولة تجاه المشكلات الدولية والإقليمية في المنطقة، القاضية بالعمل المشترك مع الجميع من أجل سلام المنطقة واستقرارها، والنأي بالعراق عن سياسة المحاور».
وأشار صالح إلى أن «العراق بموقفه هذا يعضّد أي جهد من شأنه أن يخفف حدة التوترات التي تنذر بخطرها الجميع»، وشدد على «أهمية دور جامعة الدول العربية في تنسيق وتوحيد الرؤى بين الدول الأعضاء، وبما من شأنه إنهاء التوترات، وإيجاد حلول للأزمات»، مؤكداً دعم العراق هذه الجهود «لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ويعضد فرص البناء والتعاون والعمل المشترك».
ومن جهته، أشاد أبو الغيط بالدور الذي يقوم به العراق من أجل تعزيز وتفعيل منظومة العمل العربي المشترك، وبما يعزز فرص الأمن والاستقرار في المنطقة، فيما أكد أهمية تعزيز التقدم الأمني الحاصل في العراق بعد دحر الإرهاب الداعشي، وقيمة هذا النصر والتضحيات التي قدمها العراقيون في حفظ أمن المنطقة ككل.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في بغداد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حول أهمية زيارة أبو الغيط إلى العراق، إن «الزيارة تأتي في ظرف حساس جداً، وذلك لجهة طبيعة التوتر بين واشنطن وطهران، أو التصعيد الأخير على مستوى استهداف لبنان عبر (حزب الله)، أو سلسلة الاستهدافات التي طالت مؤخراً معسكرات للحشد الشعبي»، مبيناً أن «الجامعة العربية تدرك أن هناك قدرة للعراق على الحديث مع إيران، بالتحديد في قضية خفض مستوى التوتر. كما أن الجامعة العربية قد لا تستطيع الحديث مباشرة مع (حزب الله) في لبنان، لكنها تدرك أن له حلفاء في العراق، أو أن العراق حليف لطهران، وبالتالي يمكن أن تكون هناك صلات مباشرة من أجل خفض التوتر على مستوى الحدود الإسرائيلية - اللبنانية».
وأضاف الشمري أن «الجامعة العربية تريد أن تعرف، على مستوى التوتر بين أميركا والعراق، أين وصل العراق في بعض مساراته، خصوصا فيما يرتبط بالمباحثات لإيجاد مساحات ضبط الاعتدال، فضلاً عن قضية أخرى، وهي قضية الحدود البحرية بين العراق والكويت التي استجدت مؤخراً».
وأوضح الشمري أن «كل ما تم بحثه قد لا تكون له مخرجات سريعة لكل القضايا موضع الاهتمام المشترك، لكنه يبقى حراكاً طبيعياً تقوم به الجامعة العربية حيال ما يجري في المنطقة، علماً بأن الأمور ربما بدأت تتجه نحو التهدئة، حتى بين إيران وأميركا، رغم أن العراق سيبقى جزءاً من مساحة الضغوط التي يمارسها اللاعبون الأساسيون في المنطقة».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.