إلغاء السلطة تصنيفات المناطق في الضفة لا يغير شيئاً على الأرض

تساؤلات حول الأهمية العملية في ظل السيطرة الإسرائيلية المطلقة على «أ» و«ب» و«ج»

مستوطنون يستعدون لإقامة منزل «كرفان» في بلدة المخرور بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
مستوطنون يستعدون لإقامة منزل «كرفان» في بلدة المخرور بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

إلغاء السلطة تصنيفات المناطق في الضفة لا يغير شيئاً على الأرض

مستوطنون يستعدون لإقامة منزل «كرفان» في بلدة المخرور بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
مستوطنون يستعدون لإقامة منزل «كرفان» في بلدة المخرور بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

بعد أيام قليلة فقط من إعلان الحكومة الفلسطينية إلغاء تصنيفات المناطق في الضفة الغربية المعروفة «أ» و«ب» و«ج»، لم يتغير شيء يذكر على الأرض، بل هدمت إسرائيل في خطوة اعتيادية ومكررة ممتلكات فلسطينية في المنطقة «ج»، وأسست لبناء مستوطنات جديدة، ما يثير تساؤلات واسعة حول قدرة الحكومة الفلسطينية على فرض أمر واقع مختلف في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل بالطول والعرض، وهي (أي السلطة) لا تستطيع حماية ممتلكات الفلسطينيين في المنطقة «أ» التي يفترض أن تسيطر عليها بالطول والعرض.
وعلى مرأى الكل الفلسطيني حكومة وشعباً، أقام مستوطنون أمس بيتاً متنقلاً في منطقة وادي المخرور الشهيرة، غرب مدينة بيت جالا القريبة من القدس، ومدّوه بخطوط ماء وكهرباء.
واللافت أن إقامة البيت الذي عادة ما يؤسس لإقامة مستوطنة جديدة جاء بعد أيام من قيام السلطات الإسرائيلية بهدم منزل ومطعم وحديقة على مقربة من المكان. وقال حسن بريجية، مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم، إن إقامة البيت جزء من مخطط أوسع لتمدد القدس الكبرى.
وتقع المخرور بجانب القدس، ولذلك تتعامل معها إسرائيل كمنطقة أمنية. قبل ذلك بأيام هدمت قوات الاحتلال سور أحد المنازل بالقرب من مستشفى النجاح في مدينة نابلس، بحجة أنه قريب من المنطقة «ج»، بل ذهبت لمصادرة جرار زراعي والتهديد بهدم عدد من الفلل في المنطقة نفسها.
وجاء كل ذلك بعد أن أعلنت الحكومة الفلسطينية عزمها منح تراخيص بناء، في مناطق خاضعة لسيطرة السلطات الإسرائيلية أمنياً وإدارياً في الضفة الغربية، بموجب اتفاقيات أوسلو. وأصدر وزير الحكم المحلي مجدي الصالح للمجالس البلدية والمحلية أمراً بإعادة هيكلة المخططات التنظيمية في المناطق كافة، بغض النظر عن التصنيفات الإسرائيلية. وأكد الصالح أن «السلطة الفلسطينية ستمنح الرخص في مناطق الضفة الغربية كافة، بحسب النمو السكاني، وليس بناء على تصنيف إسرائيل لتلك المناطق».
والخطوة الفلسطينية جاءت بعد 26 عاماً من التوقيع على اتفاقيات أوسلو، التي قسمت الضفة إلى 3 مناطق «أ» و«ب» و«ج». وبحسب التصنيف، فإن المنطقة «أ» تتضمّن المراكز السكانية الفلسطينية الرئيسية، وتقع تحت السيطرة الفلسطينية أمنياً وإدارياً، وتبلغ مساحتها 18 في المائة من مساحة الضفة الغربية؛ فيما تقع مناطق «ب» تحت السيطرة الإدارية الفلسطينية، والسيطرة الأمنية لإسرائيل، وتبلغ مساحتها 21 في المائة من مساحة الضفة الغربية؛ أما مناطق «ج» فتقع تحت السيطرة الإسرائيليّة أمنياً وإدارياً، وتبلغ مساحتها 61 في المائة من مساحة الضفة الغربية.
وفي المنطقة «ج» توجد مستوطنات ومساحات أراضٍ واسعة وطرق خاصة بالمستوطنين وتؤدي إلى القدس المعزولة عن باقي الضفة الغربية.
ومع السيطرة الإسرائيلية المطلقة على المنطقة «ج» من غير الواضح ما هي الأهمية العملية للقرار الفلسطيني.
وقال المحامي سمير دويكات إن «الإعلان جيد في ظاهرة وتصرفه، لكن في ظل مخططات إسرائيل كقوة احتلال فوق الأرض الفلسطينية هو أمر يحتاج إلى فتح معركة قانونية وسياسية، وربما عسكرية لحماية المنشآت فوق هذه المناطق». وأضاف: «إن هذا القرار هو قرار صائب وشجاع، ولكن هل لدى الدولة الفلسطينية قدرة على حماية البنايات التي تقام في كل المناطق، وخاصة منطقة تصنيف (ج)، وخاصة أن رئيس دولة الاحتلال الصهيوني أعلن النية بضم كل مناطق (ج)».
وحذّر مسؤول ملف مقاومة الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، من تنفيذ سلطات الاحتلال لمخططاتها الاستيطانية في أحياء داخل المدن، بعد أن كانت في محيطها، في تحدٍ لقرار الحكومة، الذي اتُخذ مؤخراً بإلغاء تصنيفات مناطق الضفة.
وفي أوقات سابقة، عملت إسرائيل على هدم منازل في المناطق «ب» و«أ» لأغراض عسكرية أو انتقامية أو أمنية. وكتبت عميرة هس في «هآرتس»، ملخصاً مفاده، أن «ج» تجسد عبقرية التخطيط الإسرائيلي وسذاجة القيادة الفلسطينية.
والحرب المرتكزة في ثلثي مساحة الضفة الغربية تأخذ أشكالاً مختلفة عسكرية وقانونية، وعبر إرهاب المستوطنين، بل تشكل هذه المناطق «ج» مربع الاستهداف الأبرز في عمليات هدم المباني الفلسطينية التي تعتمدها سلطات الاحتلال.
وتُظهر معطيات ما تسمى «الإدارة المدنيّة» الإسرائيلية أنّه منذ بداية العام 2000 حتى منتصف العام 2016 قدّم الفلسطينيون لمكاتب التخطيط الإسرائيلية 5475 طلباً لاستصدار رخص بناء؛ وافقت على 226 طلباً منها؛ أي نحو 4 في المائة فقط تمّت المصادقة عليها؛ ونتيجة لذلك ونظراً للحاجة الماسة يلجأ الفلسطينيون إلى بناء منازلهم في المنطقة «C» دون ترخيص؛ وبذلك يُفرض عليهم العيش مهدّدين دائماً بهدم منازلهم. وبحسب اللجنة الإسرائيلية لمناهضة هدم المنازل، إنه في الفترة بين عامي 1967 و2015 قامت إسرائيل بهدم 48488 مبنى فلسطينياً.
وقال الاتحاد الأوروبي إن عمليات الهدم في المناطق المصنفة «ج» بالضفة الغربية، والبناء الاستيطاني الإسرائيلي، يشكل تهديداً لقابلية حلّ الدولتين وتقويضاً للآمال بسلام دائم. وأضاف الاتحاد الأوروبي، في بيان صدر عن ممثله، بالاتفاق مع رؤساء البعثات الأوروبية في القدس ورام الله، أمس، أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، كغيرها من الإجراءات المتخذة في هذا السياق، مثل عمليات الترحيل القسري، والطرد، والهدم، ومصادرة المنازل.
وتابع البيان: «يتوقع الاتحاد الأوروبي من السلطات الإسرائيلية احترام التزاماتها كقوة احتلال، وفق القانون الدولي». وشدد على أنه كرر معارضته الدائمة القوية لسياسة الاستيطان الإسرائيلية والإجراءات المتخذة في هذا السياق، بما في ذلك عمليات الإخلاء والهدم، وأن استمرار هذه السياسة يقوّض إمكانية تحقيق حلّ الدولتين والسلام الدائم، كما يهدد بشكل خطير إمكانية كون القدس عاصمة مستقبلية للدولتين.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».