هبوط التضخم التركي يغذي توقعات خفض الفائدة

ألبيراق أرجع الأرقام السيئة الأخيرة للمضاربات وتباطؤ الاقتصاد العالمي

عمال يجمعون البصل وقت الحصاد بالقرب من العاصمة أنقرة (أ.ف.ب)
عمال يجمعون البصل وقت الحصاد بالقرب من العاصمة أنقرة (أ.ف.ب)
TT

هبوط التضخم التركي يغذي توقعات خفض الفائدة

عمال يجمعون البصل وقت الحصاد بالقرب من العاصمة أنقرة (أ.ف.ب)
عمال يجمعون البصل وقت الحصاد بالقرب من العاصمة أنقرة (أ.ف.ب)

سجل معدل التضخم في تركيا هبوطاً إلى 15.01% في شهر أغسطس (آب) الماضي ليتراجع بذلك عن معدل 16.65% في يوليو (تموز) السابق عليه، حسب بيانات رسمية صدرت عن هيئة الإحصاء التركية.
وبلغت نسبة الارتفاع الشهري للتضخم في تركيا 0.86% في أغسطس، طبقاً لبيان أصدرته الهيئة أمس (الثلاثاء)، ليقفز التضخم على أساس سنوي إلى 19.62%. وأشار التقرير إلى ارتفاع التضخم بنسبة 4.26% في قطاع التعليم، و2.04% في السكن، و0.89% في مختلف السلع والخدمات، و0.75% في المطاعم والفنادق بين مجموعات الإنفاق الرئيسية، في أغسطس الماضي.
وفي استطلاع سابق لـ«رويترز»، كان من المتوقع أن يسجل مؤشر أسعار المستهلكين 15.51% نزولاً من 16.65% في الشهر السابق. وكانت هذه أدنى قراءة منذ مايو (أيار) من العام الماضي. وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية استقرار التضخم عند 0.86%، وهو ما يقل عن توقعات استطلاع سابق بلغت 1.3%.
وأظهرت البيانات أن أكبر تراجع في أغسطس كان في أسعار النقل التي هبطت بنسبة 1.94%، بينما هبطت أسعار الأغذية والمشروبات 0.77%. وتباطأ التضخم في المواد الغذائية إلى 17.22% في أغسطس، لينخفض عن 18.21% في يوليو.
كان معدل التضخم في تركيا قد ارتفع على نسبة 25% في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، حيث أدى ضعف الليرة التركية إلى زيادة حادة في أسعار المستهلكين، وبدأ معدل التضخم في التحسن منذ ذلك الحين، وتوقع البنك المركزي التركي أن يبلغ معدل التضخم السنوي 13.9% للعام الجاري.
وقالت وكالة «بلومبرغ» الأميركية إن الزيادة المعتدلة لأسعار المواد الغذائية وارتفاع معدل التضخم في سنة المقارنة الماضية أسهمت في تراجع معدل التضخم خلال يونيو (حزيران) الماضي.
وواصل الاقتصاد التركي انكماشه للفصل الثالث على التوالي في ظل ارتفاع مستوى التضخم واستمرار تدهور الليرة التركية. وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية أول من أمس، انكماشاً بنسبة 1.5% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الجاري، ما يعزز الشكوك بشأن تعافي الاقتصاد الذي انكمش بنسبة 3% العام الماضي ودخل مرحلة الركود للمرة الأولى منذ 10 سنوات، بعد أن فقدت الليرة التركية 30% من قيمتها.
وتابع الاقتصاد التركي مسيرة الانكماش خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 2.6%، وتعمقت أزمته على مدى السنوات الثلاث الماضية بسبب ارتفاع معدل التضخم وزيادة أسعار الفائدة مع هبوط الطلب المحلي بشكل حاد، وسط حالة ركود عام. ولا تزال تركيا تعاني فقدان ثقة المستهلكين والشركات والمستثمرين المحليين والأجانب في جودة السياسات الاقتصادية والقدرة على التنبؤ بها ومصداقية مؤسسات السوق، فضلاً عن الشك في استقلالية البنك المركزي بعد أن تدخل الرئيس رجب طيب إردوغان، وأقال محافظه السابق مراد شتينكايا، في 6 يوليو الماضي، لرفضه ضغوطه المتعلقة بخفض سعر الفائدة، وعيّن بدلاً منه نائبه مراد أويصال.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة في سبتمبر (أيلول) 2018، كتدبير أساسي لمواجهة انهيار الليرة التركية أمام الدولار بعد أن هبطت إلى مستوى 7.24 ليرة للدولار في أغسطس من العام ذاته، قبل أن تستعيد بعض خسائرها التي توقفت عند حدود 30%، ومع ذلك واصلت أداءها المتراجع خلال العام الجاري.
وفي 25 يوليو الماضي، خفض البنك المركزي تحت قيادته الجديدة سعر الفائدة إلى 19.75% بنسبة فاقت التوقعات، لكنّ ذلك أدى إلى مخاوف تتعلق بجلب رؤوس الأموال من الخارج.
وسادت توقعات بأن استمرار تراجع التضخم سيمكّن البنك المركزي من خفض أسعار الفائدة مجدداً. وخفّضت منظمات اقتصادية عالمية توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد التركي في عام 2020 من 3.2% إلى 1.6% فقط، مشيرةً إلى استمرار حالة عدم التيقن لدى المستثمرين.
ويعود ركود الاقتصاد التركي، بدرجة كبيرة، إلى تضخم كبير شهده على خلفية أزمة الليرة التركية في أغسطس 2018 نتيجة التوتر الدبلوماسي بين أنقرة وواشنطن، فضلاً عن عدم ثقة الأسواق بالسياسات الاقتصادية لحكومة إردوغان. وعلق وزير الخزانة والمالية التركي برات ألبيراق، على أرقام التضخم المعلنة أمس، قائلاً إن «الأسوأ بات خلفنا»، وأرجع الأرقام السيئة للاقتصاد التركي في الفترة الأخيرة إلى المضاربات وتباطؤ الاقتصاد العالمي. وأيد الاقتصادي في شركة «كابيتال إيكونومكس» الاستشارية، جيسون توفيي، ألبيراق، معتبراً أن الأسوأ قد مرّ على الأرجح. وتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5% في العام الجاري. وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى أنه بعد وصول معدل تضخم أسعار الغذاء في تركيا إلى أعلى مستوى منذ أواخر 2004، قررت السلطات التركية تقليص الحلقات الوسيطة في تداول المواد الغذائية في الأسواق، وبدأت تشتري الخضراوات والفاكهة من المزارعين وتبيعها للمستهلكين مباشرة.
وتمثل المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية الجزء الأكبر من مكونات مؤشر أسعار المستهلك، حيث تصل نسبتها إلى 23% من إجمالي مكوناته.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».