توقعات بانتعاش سوق العقارات في مصر بعد خفض سعر الفائدة

القطاع الأكثر ربحية والأقل خطراً

قطاع العقارات الأكثر ربحية والأقل خطراً في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
قطاع العقارات الأكثر ربحية والأقل خطراً في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

توقعات بانتعاش سوق العقارات في مصر بعد خفض سعر الفائدة

قطاع العقارات الأكثر ربحية والأقل خطراً في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
قطاع العقارات الأكثر ربحية والأقل خطراً في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)

توقع عدد من الخبراء والمطورين العقاريين في مصر أن يسهم قرار البنك المركزي خفض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض، في إنعاش القطاع العقاري، باعتباره السوق الأكثر ربحية والأقل مخاطرة، في ظل ارتفاع أسعار العقارات بصورة دورية في أعقاب قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري قبل عدة سنوات.
وقررت اللجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، الأسبوع الماضي، خفض أسعار الفائدة بنسبة 1.5%، ليصل سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة الواحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 14.25% للإيداع، و15.25% للإقراض، وخفض سعر الائتمان والخصم إلى 14.75%، وذلك في أعقاب انخفاض معدل التضخم العام إلى 8.7%، والأساسي إلى 5.9% في يوليو (تموز) الماضي، وهو أدنى معدل منذ نحو 4 سنوات وفقاً للبنك المركزي.
المهندس طارق شكري رئيس غرفة التطوير العقاري، قال في تصريحات صحافية إن «قرار خفض سعر الفائدة سيؤثر بشكل إيجابي على القطاع العقاري، الذي يعد المستفيد الأول والرابح الأكبر من القرار، كما سيسهم في توسع المطورين العقاريين في تنفيذ مشروعاتهم»، مشيراً إلى أن «القرار سينشّط برامج التمويل العقاري، ومن المتوقع أن نجد برامج تمويل بفوائد تتراوح ما بين 10% و12% بدلاً من نسبة 18% الحالية».
وقال هشام طلعت مصطفى العضو المنتدب لمجموعة «طلعت مصطفى القابضة»، في تصريحات صحافية، إن «القرار سينعش السوق العقارية، ويزيد الطلب على الشراء، كما يغري المستثمرين لزيادة الاستثمار في السوق العقارية».
ووصف المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، قرار خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بأنه «قرار إيجابي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار سيحقق دفعة كبيرة للقطاع العقاري، وحركة التجارة الداخلية والاقتصاد المصري ككل، خصوصاً أنه يأتي مع حالة من الاستقرار الاقتصادي في البلاد».
وأضاف أن «الفترة المقبلة ستشهد رواجاً في السوق العقارية مع انتهاء الموسم الصيفي، وعودة المصريين العاملين بالخارج من فترة الإجازات»، مشيراً إلى أن «القرار الأخير من شأنه جذب الاستثمارات وتوجيه المدخرات من البنوك إلى أوعية استثمارية جديدة بمختلف القطاعات بما يسهم في دفع الاقتصاد وتشغيل الأيدي العاملة».
وأوضح بدر الدين أن «النسبة التي تم خفض أسعار الفائدة بها مؤخراً تعكس استقرار السوق، وتحسن الأوضاع الاقتصادية في الفترة الحالية والمستقبلية، فكان من الممكن أن يتم خفض الفائدة بنسبة أقل من 1.5% حال وجود مخاوف أو رؤية غير واضحة عن استقرار السوق»، مشيراً إلى أن «القرار يسهم في بث الثقة في نفوس المستثمرين وتفعيل الخطط التوسعية، وضخ المزيد من الاستثمارات في المرحلة المقبلة».
وأكد المهندس ماجد حلمي، رئيس مجلس إدارة شركة «وادي دجلة للتنمية العقارية»، لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار خفض سعر الفائدة يدل على تعافي الاقتصاد المصري، وتحقيق النتائج الإيجابية المستهدفة من قرارات الإصلاح الاقتصادي، وبدء إنهاء حالة الانكماش في الاستثمارات التي عانت منها السوق نتيجة ارتفاع الفوائد البنكية، وتفضيل شريحة كبيرة من مالكي السيولة النقدية توجيهها، للحصول على عوائد مرتفعة دون مخاطرة»، مشيراً إلى أن «القرار سيُنهي مخاوف الشركات من التوسع والحصول على تسهيلات بنكية تسرّع من عملية تنفيذ المشروعات».
وقال حلمي إنه «من المتوقع أن يسهم القرار في إنعاش القطاع العقاري في المرحلة المقبلة، باعتباره أعلى القطاعات من حيث العوائد الاستثمارية»، موضحاً أن «أسعار العقارات تضاعفت بعد قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري قبل سنوات، وبدء إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وأصبحت السوق العقارية هي القطاع الأكثر ربحية والأقل مخاطرة».
من جانبه قال المهندس علاء فكري، نائب رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار خفض أسعار الفائدة يعد خطوة جيدة لتحسين الأوضاع والمناخ الاستثماري، وتوجيه السيولة المالية للاستثمار في قطاعات مختلفة بدلاً من الادخار»، مشيراً إلى أن «السوق ما زالت في حاجة إلى خفض نسب الفائدة بصورة أكبر لتصبح جاذبة ومشجعة للاستثمارات».
وأوضح فكري أنه «على الرغم من خفض سعر الفائدة بصورة دورية في الآونة الأخيرة، فإنها ما زالت مرتفعة، وتجعل قطاعاً لا بأس به يفضل الادخار وتوجيه السيولة إلى الودائع وشهادات الاستثمار»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من أن العقارات تعد الأعلى من حيث العوائد الاستثمارية، فإن مشكلتها هي سرعة إعادة البيع والحصول على الأموال بعوائدها في الوقت الذي يريده المالك، وهو الأمر المتاح بشهادات الاستثمار والودائع بما يجعلها الخيار الأفضل لشريحة من المستثمرين».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» توقع الدكتور ماجد عبد العظيم، الخبير العقاري، أن «تزداد حركة البيع في السوق العقارية بعد خفض سعر الفائدة، بنسبة 20%، حيث سيتجه البعض إلى الاستثمار في العقار بدلاً من إيداع الأموال في البنوك».
ويتزامن قرار خفض سعر الفائدة مع انتهاء مدة شهادات وودائع قناة السويس، حيث من المتوقع أن يبحث أصحاب الشهادات عن فرص أخرى لاستثمار أموالهم، ويعتقد العاملون في السوق العقارية أن العقارات ستكون المستفيد الأكبر من أموال مودعي شهادات قناة السويس.
وقال بدر الدين إن «قرار خفض أسعار الفائدة يتزامن مع انتهاء آجال شهادات وودائع قناة السويس، وهو ما سيتيح سيولة مالية لدى عدد كبير من العملاء، الذين سيبحثون عن أوعية استثمارية جديدة»، مشيراً إلى أن «العقار هو الوعاء الاستثماري الأنسب خصوصاً مع قدرته على تحقيق أعلى العوائد نتيجة ارتفاع سعره بصورة دورية».
وتوقع المهندس حسين صبور، الرئيس الشرفي لجمعية لرجال الأعمال المصريين ورئيس شركة «الأهلي للتنمية العقارية»، في تصريحات صحافية، أن «يتجه أصحاب شهادات قناة السويس إلى الاستثمار في العقار، بشكل تدريجي، حيث يفضل بعضهم الاحتفاظ بأمواله في البنوك».



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».