الحوثيون يداهمون {الأمن القومي} ويطلقون عسكريين إيرانيين

أكد مصدر في جهاز الأمن القومي اليمني (المخابرات اليمنية) لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحين من الحوثيين المتمردين، حاصروا مقري جهاز الأمن القومي في منطقتي «صرف» بضواحي صنعاء، و«شعوب» بوسط العاصمة، وقاموا بإطلاق عدد من العسكريين الإيرانيين، الذين كانوا ضمن طاقم سفينة الأسلحة الإيرانية «جيهان 1»، التي احتجزتها السلطات اليمنية في يناير (كانون الثاني) 2013، وكانت تحمل أسلحة للحوثيين.
وأشار المصدر إلى أنه بين من أطلق سراحهم خبراء عسكريون تابعون للحرس الثوري الإيراني. وأشار المصدر إلى أن الحوثيين بذلوا جهودا كبيرة من أجل إطلاق سراح هؤلاء الإيرانيين، وقاموا بمداهمة جهاز المخابرات رغم توقيعهم اتفاق «السلم والشراكة»، وأوضح أن «الحوثيين مستمرون في مساعيهم من أجل تنفيذ أجندات إقليمية»، وهو ما يؤكده أيضا خبراء وسياسيون في الساحة اليمنية.
وكانت وزارة الداخلية اليمنية، أكدت في بيان في يناير من العام الماضي أن قوات خفر السواحل اليمنية وبإسناد من القوات الدولية تمكنت في 23 يناير (2013) من ضبط سفينة تحمل اسم «جيهان 1» عند دخولها المياه الإقليمية اليمنية الشرقية في محافظة المهرة بعد أن توفرت معلومات لدى الأجهزة الاستخباراتية والأمنية بأن السفينة تحمل مواد متفجرة وأسلحة، مؤكدة أن السفينة كانت قادمة من إيران وعلى متنها 8 بحارة.
وأوضح البيان أنه جرى ضبط السفينة وهي متجهة إلى السواحل اليمنية لتفريغ حمولتها في نقطة معينة بالقرب من منطقة قصيعر بغرض تخزينها فيها ومن ثم نقلها إلى وجهتها في الداخل. وتابع البيان: «عند تفتيش السفينة تبين أنها كانت محملة بنحو 40 طنا من الأسلحة والقذائف والمتفجرات موضوعة في 4 خزانات منفصلة عن خزانات الديزل مغطاة بصفائح حديدية يصعب اكتشافها». وبينت التحقيقات اللاحقة أن الأسلحة إيرانية وأن عددا من العسكريين من الحرس الثوري كانوا بين طاقم السفينة.
وأشارت مصادر أخرى إلى أن السلطات اليمنية، أفرجت بفضل وساطة لسلطنة عمان، عن إيرانيين اعتبرا من عناصر حرس الثورة وأوقفا بسبب صلتهما بالمتمردين الحوثيين في اليمن، بحسب ما أعلنت مصادر أمنية يمنية ومصدر دبلوماسي عربي لوكالة الصحافة الفرنسية. وغادر الإيرانيان، حسب الوكالة، بعد الإفراج عنهما مطار عدن جنوب اليمن في طائرة عمانية خاصة حطت لنقلهما ثم أقلعت باتجاه سلطنة عمان، بحسب المصادر ذاتها. وكان الإيرانيان أوقفا هذا العام في مطار صنعاء فيما كانا يحاولان مغادرة البلاد بعد أن عملا، بحسب مصدر أمني يمني، «مدربين للمقاتلين الشيعة اليمنيين» في معقلهم بشمال اليمن. وأضافت المصادر ذاتها أن 3 إيرانيين في وضع مماثل جرى توقيفهم في عمران شمال صنعاء، لا يزالون معتقلين.
وبحسب المصادر، فإن السلطات اليمنية كانت قررت قبيل سيطرة الحوثيين على صنعاء نقلهم إلى جنوب البلاد. واعتقال هؤلاء الإيرانيين يؤكد فرضية اتهام طهران بدعم التمرد الحوثي الشيعي في اليمن. ونددت السلطات اليمنية وفي مقدمها الرئيس عبد ربه منصور هادي، مرارا بالدعم الإيراني للمتمردين، ودعت طهران إلى الكف عن التدخل في شؤون اليمن.
وكانت «الشرق الأوسط»، قد انفردت خلال الأيام السابقة بخبر عن وجود وساطة من سلطنة عمان التي تربطها علاقات جيدة بإيران، لحلحلة الأزمة بين الدولة اليمنية والمتمردين الحوثيين.
وفي وقت يستمر فيه الحوثيون في خرق اتفاق «السلم والشراكة»، بمواصلتهم اقتحام منازل الوزراء والسياسيين، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس قرارا جمهوريا بتعيين مستشارين له أحدهما عن فصيل الحراك الجنوبي وهو ياسين مكاوي، والآخر عن جماعة الحوثيين (أنصار الله) وهو صالح الصماد. وأعلنت السلطات اليمنية أمس أيضا خفضا جديدا لأسعار الوقود التي كانت زيادتها سببا للاحتجاجات التي أدت إلى سيطرة المتمردين الحوثيين على العاصمة صنعاء. وتجيء هذه الخطوات تنفيذا لاتفاق الشراكة مع الحوثيين.
وقال علي القحوم، عضو المكتب السياسي لجماعة «أنصار الله» إن هذه الخطوة تأتي في إطار تطبيق اتفاقية «السلم والشراكة» التي وقعوا عليها مع مختلف القوى السياسية، وتنص على تعيين مستشارين لرئيس الجمهورية. وأضاف القحوم: «كل مكون قام بتسمية المستشار الذي يريده، ولم يكن الاختيار من قبل رئيس الجمهورية ونحن رشحنا الصماد». ولم يسبق أن تقلد الصماد أي منصب سياسي في الفترة الماضية، وهو يحمل شهادة جامعية، بحسب القحوم.
في الطرف الآخر، جرى تعيين ياسين مكاوي عن الحراك الجنوبي، ولكن الحراك الجنوبي لديه أكثر من فصيل، وهذا الأمر قد يؤدي إلى حدوث خلاف بين أبناء الجنوب أنفسهم من وجهة نظر سياسيين. ويعد ياسين مكاوي من الشخصيات البارزة في الحراك الجنوبي، وقد شارك في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وشغل منصب رئيس الهيئة السياسية بمكون الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار، بينما هناك بعض القوى في الحراك التي لم تشارك في الحوار.
وحذر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اليمنيين أمس من أن بلدهم يتجه نحو حرب أهلية بعد استيلاء الحوثيين على العاصمة، وهو إجراء سمح للمسلحين بإملاء شروطهم على الحكومة الضعيفة الممزقة. وقال هادي في كلمة أمام الزعماء السياسيين والقادة الأمنيين في مقره إن القتال في صنعاء يؤكد مرارة القتال المؤلمة بين الشعب اليمني، ومخاطر الدخول في حرب أهلية. ومثل هذه الحرب ستضع المتمردين الحوثيين الذي يزعمون أنهم يشكلون 30 في المائة من عدد سكان اليمن البالغ 25 مليون نسمة، في صراع ضد تحالف من السنة ومصالح قبائل توحدها بضع عائلات كبيرة وضباط كبار في الجيش.
من جهة ثانية، طالب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان الأمم المتحدة أمس بالتحقيق حول انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان خلال المعارك التي أتاحت للمتمردين الحوثيين السيطرة الأحد على العاصمة اليمنية.