«فرانكنشتاين»... الوحش الذي انتقل من الأدب إلى الخرافات العامة

صورة رمزية يجري استخدامها من العلوم إلى الرأسمالية والعنصرية والحرب

مشهد من مسرحية استلهمت الرواية عرضت 1931
مشهد من مسرحية استلهمت الرواية عرضت 1931
TT

«فرانكنشتاين»... الوحش الذي انتقل من الأدب إلى الخرافات العامة

مشهد من مسرحية استلهمت الرواية عرضت 1931
مشهد من مسرحية استلهمت الرواية عرضت 1931

جرت العادة خلال احتفالات توزيع الجوائز السينمائية، أن يوجه الفائزون الشكر إلى نجوم الفيلم أو وكلاء أعمالهم أو أحبائهم، لكن المخرج غييرمو ديل تورو خلال تسلمه جائزة في وقت سابق من العام عن فيلمه «شكل الماء» (شيب أوف ووتر)، وجه الشكر إلى مراهقة فارقت دنيانا منذ أكثر عن 150 عاماً.
وقال أثناء وقوفه على خشبة مسرح الأكاديمية البريطانية لجوائز الأفلام والتلفزيون في فبراير (شباط): «في مرات كثيرة للغاية، عندما تساورني الرغبة في الاستسلام، وعندما أفكر في هذا الأمر، أتذكرها».
وأضاف: «لقد منحت صوتاً لمن لا صوت لهم، ووجوداً لكائنات غير مرئية، وعلمتني أنه في بعض الأحيان كي نتمكن من الحديث إلى وحوش، علينا اختلاق وحوش من صنع أيدينا».
كان ذلك حديث ديل تورو، أعظم مخرجي «الوحوش السينمائية» في عصرنا الحالي، عن ماري شيلي، مبدعة رواية «فرانكنشتاين» ـ ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتحدث عنها. في الواقع، لطالما راود المخرج حلم تعديل الرواية التي بدأتها شيلي وهي في الـ18، وسبق وأن وصف الوحش الذي اختلقه (فيكتور فرانكنشتاين) بـ«الوحش الأجمل والأكثر تأثيراً في النفس» من بين جميع الوحوش.
واضطر العالم إلى انتظار نسخة ديل تورو من الوحش. هذا العام، وفي هذه الأيام، يكون قد مر 201 عام على صدور «فرانكنشتاين»، الرواية التي ألهمت عدداً لا حصر له من المعارض والأعمال المسرحية والفعاليات بمختلف أرجاء العالم، بدءاً من إنغلوشتات، الموطن البافاري لمعمل «فيكتور فرانكنشتاين الخيالي»، إلى إنديانا التي في طريقها لأن تصبح مركزاً لحمى ولع بـ«فرانكنشتاين» داخل الولايات المتحدة. ومنذ يناير (كانون الثاني) من العام الماضي شهد العالم أكثر عن 600 فاعلية، بمختلف الأقطار، احتفاءً بالرواية الشهيرة.
ورغم أن الرواية يكتنفها الغموض إزاء كيفية تمكن فيكتور فرانكنشتاين من بث الروح في الوحش الذي صنعه، تظل الحقيقة أن ماري شيلي نفسها كانت على معرفة بتجارب «كهرباء الحيوانات» التي أجراها لويغي غالفاني ونجل شقيقه جيوفاني ألديني.
جدير بالذكر أن «فرانكنشتاين» نشرت عام 1818 دون ذكر اسم مؤلفها. وفي نسخة عام 1831، التي حملت اسمها، أضافت ماري شيلي مقدمة تصف خلالها العملية التي شهدت ولادة «ولدي القبيح»، حسبما أطلقت على الرواية.
ورغم أن فرانكنشتاين قضى على رغبة الوحش الذي صنعه في التناسل، تمكنت رواية شيلي من إنتاج عدد لا يحصى من النسخ المعدلة والقراءات المختلفة، منها 170 عملاً سينمائياً على الأقل، منها رفيع المستوى ومنها شديد الرداءة.
وذاع استخدام اسم فرانكنشتاين في وصف نشطاء وسياسيين وأشخاص من مختلف المهن والخلفيات، وذلك بعدما تحولت الثورة الدموية التي أشعلها الوحش ضد صانعه إلى صورة رمزية يجري استخدامها في مختلف المجالات والأصعدة، من العلوم إلى الرأسمالية إلى العنصرية إلى الحرب.
ورغم انتشار الأعمال الخيالية التي تظهر بها أعداد غفيرة من آكلي لحوم البشر ومصاصي الدماء، فإن أياً منها لا يضاهي روعة دفقة الإدراك الإنساني التي يثيرها في النفس وحش ماري شيلي الوحيد والمعزول.
في هذا الصدد، قالت إليزابيث كامبل دينلينغر: «تمس هذه القصة جوهر شعور المرء بكونه كائناً بشرياً. وتترك الرواية بداخلنا تساؤلاً: هل أنا وحش أيضاً؟» وكانت ليزابيث كامبل دينلينغر قد أشرفت على تنظيم معرض بمناسبة مرور 200 سنة على صدور الرواية، ضم قطعاً فنية تتنوع بين صفحات من المخطوط الأصلي للرواية وفيلم «عروس فرانكنشتاين».
وجاء مولد «فرانكنشتاين» خلال صيف عام 1816 الشهير والكئيب الذي أصبحت تحيطه هالة خرافية، لا تقل غموضاً عن الهالة التي تحيط الرواية. في الوقت ذلك، كانت ماري شيلي وزوجها بيرسي شيلي ضيوفاً في فيلا تطل على بحيرة في سويسرا برفقة اللورد بيرون وآخرين. وقضت مجموعة الأصدقاء الوقت خلال الأيام المطيرة في سرد قصص مرعبة عن أشباح ووحوش خرافية.
وبدأت الومضات الأولى للوحش في الظهور في ذهن ماري، حسب كلماتها، في واحدة من تلك الليالي. وعن هذا، كتبت: «بينما كانت عيناي مغلقتين، تكونت أمامي رؤية ذهنية حادة. رأيت الطالب شاحب الوجه صاحب النزعات العلمية المرفوضة وهو يجثو على ركبتيه بجوار الشيء الذي كونه بيديه». وفي وقت لاحق، أوجزت رغبتها لدى تأليف «ولدي القبيح» مثلما كانت تطلق على روايتها، في: «الحديث عن مخاوفنا المبهمة تجاه طبيعتنا، وإيقاظ الرعب الكامن داخلنا».
بعد عامين، نشرت «فرانكنشتاين، أو بروميثيوس الحديث»، دون ذكر اسم المؤلف، عام 1818، ونجحت بسرعة في اجتذاب اهتمام الرأي العام. ومنذ ذلك الحين، تحولت إلى قصة نادرة انتقلت من عالم الأدب إلى عالم الخرافات الشائعة بين العامة.
وحتى الأشخاص الذين لم يتسن لهم قط قراءة الرواية يعرفون بأمر الكائن المشوه الذي جرى تجميعه من جثث بشرية مختلفة، وانقلب نهاية الأمر على صانعه.
المميز بشأن الوحش الذي أبدعته شيلي أنه كان فصيح اللسان وصاحب رؤية فلسفية، لكنه فقد فصاحته في خضم عملية تحوله إلى الشاشة الفضية. ويعتبر الممثل تي بي كوك أشهر من أدى شخصية هذا الوحش.
ومع هذا، فمنذ اللحظة الأولى لظهوره تقريباً، كثيراً ما انزلق وحش شيلي إلى ما وراء الحدود التي رسمتها الكاتبة والرواية وخلق لنفسه نسخاً أخرى، بدأت بالتركيز على الاهتمامات الفلسفية للوحش، وبلاغة لسانه.
وجاء أول عمل مسرحي عن الرواية عام 1823، ولعب تي بي كوك دور الوحش الذي لا يحمل اسماً، وهو ممثل اشتهر ببراعته في التمثيل الإيمائي، الأمر الذي مهد الساحة أمام ظهور وحش صامت تماماً.
إلا أن السينما كانت صاحبة الفضل في بث الروح في الوحش على صعيد الثقافة الشعبية. وفي القرن الـ20، بدأ الانتباه إلى التحذير الذي تحمله الرواية في طياتها من إمكانية خروج قطار العلم عن السيطرة. وفي مقال له عام 1987، نسب العالم البيولوجي ليونارد إسحق إلى شيلي الفضل وراء كتابة عمل ربما يشكل «أول خرافة مستقبلية»، والتي «ظلت في انتظار أن يلحق ركب العلم البشري بها».
جدير بالذكر أن عبارة جاءت على لسان د. فرانكنشتاين في الفيلم الذي أخرجه جيمس ويل عام 1931: «الآن أعلم ما يعنيه أن يكون المرء صانعاً»، تعرضت لهجمات رقابية باستمرار، لأن مسؤولي الرقابة رأوا فيها إساءة للدين. وجاء فيلم «عروس فرانكنشتاين» للمخرج نفسه ليندد بكل صور الحماس التي أظهرها فرانكنشتاين تجاه المسخ الذي صنعه.
ومع هذا، فإنه منذ ذلك الحين أصبح الحديث يدور بحرية عن فكرة «التشبه بالصانع» لدى تناول القنبلة الذرية أو الذكاء الاصطناعي أو الهندسة الجينية أو النانو تكنولوجي أو أي تكنولوجيا أخرى تحمل خطر إمكانية أن تنقلب ضد صانعها الإنسان.
- خدمة «نيويورك تايمز»



قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب
TT

قصائد الحاسوب

قصائد الحاسوب

(١)

حين تركنا الأوراق البيضاء

ورحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

لم يظهر ماذا يعني أن يرتبك الشاعر فوق الكلمات

أن يشطب مفردةً ويعيد صياغتها

ويعود إليها ثانيةً

ويحاول ثالثةً

ويخطَّ الخطَّ المائل فوق الكلمة

أو يرسم دائرة

ويشخبط فوق الأسطر ممتلئاً بالحزن وبالعبرات

مذ رحنا نكتب في الحاسوب قصائدنا

جفَّتْ أنهارٌ كثرٌ

وانسحبت من أقدام الشعراء الطرقات

الحاسوب صديق كهولتنا

جفف ما كنا نحمله من نزق العشاق المنسيين

على الشرفات

لا نعرف من أين نعود إلينا

نحن القديسين بلا صلوات

(٢)

قبل ثلاثين سنة

قالوا إن الحاسوب سيدخل قريتكم

وسيكفينا نزق الطباعين على الآلات

صفقنا للحاسوب القادم نحو منازلنا

وبدأنا نتحسسه

ونصادقه

ونبوح له بالأسرارْ

من يفتح هذا الغيب الغامض في شغفٍ

ويميط السر عن الأزرارْ؟

كيف سندخل هذا الصندوق الأسود؟

كيف نبوح له؟

وبماذا نكتب حيرتنا؟

ونشد العمر على الأسوارْ

يا حاسوب الدنيا حاول أن تأخذنا في رفقٍ

لتدلَّ عليك

حاول أن تفتح في هذي الظلمة عينيك

نحن البدو الرُحَّل منذ سنينَ عجافٍ

ننطر في هذا البرد القارس

دفء يديك

يا حاسوب الدنيا

ماذا يجري؟؟؟

بايعناك

ورافقناك

وضعنا فيك طويلاً

ضعنا فيك

لكنا حين أردنا أن نوقف حيرتنا المرة

ضعنا ثانيةً

وصرخنا خلفك

يا حاسوب الدنيا انتظر الناس قليلاً

فلقد جفَّ العمر على الشاشة

منكسراً وخجولا

ما عاد لنا في هذا العالم إلاك رسولا

لكنا يا حاسوب العمر

ذبلنا فوق الشاشات طويلا

وستأكلنا الوحشة

تأكلنا الوحشة

والتيه يمد يديه دليلا

ونعود من الحاسوب ضحايا منفردين

قتيلاً في الصحراء يدلُّ قتيلا

(٣)

بعد ثلاثين مضت

شاخ الحاسوب

وأنجب أطفالاً في حجم الكف

الحاسوب الآن يشيخ ويترك للناس صغاره

الحاسوب انتصر اليوم علينا

وقريباً جداً سوف يزفُّ لكل العالم

أجراس بشاره

الكل سيترك مخدعه ودياره

لا عائلةٌ تبقى

لا أطفال

الكل يقول ابتعد الآن

فقط الوحشة تطبق فكيها

وتصيح

تعالْ

المنزل ممتلئٌ بالأطفالْ

لكنَّ الأدغالْ

تمتد على الشرفات وفوق الأسطح

بين السكَّر في أقداح الشاي

وحدي أشربه ممتلئاً بالغربة

حتى حوَّلني الحاسوب

لبحِّة ناي

(٤)

لستُ وحيداً

لكني ممتلئٌ بالغربة يا الله

البيت الدافئ ممتلئٌ بالأولاد

صبيانٌ وبناتْ

ومعي امرأتي أيضاً

لكنا منفيون بهذا البيت الدافئ

* النص الكامل على الانترنتمنفيون

الكلمات تشحُّ علينا

اصرخ يومياً

يا أولاد تعالوا

لكنَّ الأولاد بعيدون

بعيدون

البيتُ الضيِّقُ يجمعنا

لكنَّا منفيِّون

ومنعزلون

جزرٌ تتباعد عن أخرى

وقلوبٌ ليس لهنَّ عيون

(٥)

ما أسعدني

يوم ذهبتُ إلى السوق وحيداً

أبتاع الحاسوب

وأرقص في فرحٍ

منتشياً بشراء صديقٍ

يتقاسم أفكاري وحياتي

هيأتُ له منضدةً في زاوية البيت

وبقيتُ أداريه مساءً وصباحا

حتى صار فتىً من فتيان البيت

أخاف عليه من الحمى

وأجسُّ حرارته

وأعدُّ له أكواب القهوة والشاي إذا صاحا

ماذا يحتاج الحاسوب صديقي أو ولدي؟

الشحن بطيء...؟

غيّرتُ الشاحن في غمضة عين

الحاسوب مريض...؟

رحتُ سريعاً أركض فيه إلى الجيران أو المستشفى

حيث الخبراء

يتلمس كلٌّ منهم زراً من أزرار الحاسوب المتعبْ

قالوا يا مجنون

خففْ عن كاهله الكلمات

أثقلتَ الحائط بالصرخات

وملأتَ السطح الأزرق

دمعاً ودماً وعويلَ محطات

(٦)

ماذا نصنع؟

هذا الحاسوب مريضٌ جداً

لا بدَّ له من وقتٍ كي يرتاح

لا بدَّ لهذي الجُملِ الملغومةِ أنْ تنزاح

عن صدر الحاسوب

لكي يغفو مبتهحاً

بفراغ الحائط

مكتفياً بالغابات المحروقة

في صدر الشاعر

أو بالحزن النابت في الأرواح

الحاسوب مريضٌ هذي الليلة يا أشباح

ماذا نفعل والروح معلقةٌ

بالشاحن والمفتاح

ولهذا رحنا نمسحُ آلاف الكلمات

ونزيح برفقٍ عن كاهله

ما تركته الروح من الكدمات

كي يرتاح الحاسوب

مسحنا ذاكرة كاملة

وغناءً عذباً

وبكاء أميرات

كي يرتاح الكلب ابن الكلب

ويضحك منتصراً

رحنا نصرخ مهزومين ومندحرين

الحاسوب سيعلن دولته الكبرى

وسنأتيه سبايا منكسرين

(٧)

مسح الحاسوب بضغطة زر واحدة

آلاف الكلمات

الذاكرة انطفأت هذي الليلة

كي يغفو الحاسوب بلا صرخات

ماذا يعني

أن تشطب أياماً

وتحيل قصائد للنسيان

هذا العالم محكومٌ في ضغط زرٍ

والإنسان بلا إنسان

(٨)

كتب الأجداد على الطين حكايتهم

وكتبنا نحن على الحاسوب حكايتنا

ومضوا

ومضينا

واختلف الدرب علينا

لا نحن حفظنا

ما كتب الأجداد

ولا الحاسوب الأخرس

ردَّ العمر إلينا

يا ضيعتنا

يوم نسينا

في عمق البحر يدينا

(٩)

أعلنا نحن المسبيين هزيمتنا

وكسرنا آخر أقلام الليل

والمسودَّات انهزمت

ومزاج الأوراق تغير

من يقنع هذي الشاشة

أني أكتب شعراً

وبأني أبكي فوق الأوراق طويلاً

كي يخرج سطرٌ

ممتلئٌ بالأطفال

والآن كما تبصر

آلاف الكلمات تجيء وتذهب

فوق الشاشة

والأطفال الموتى

يختبئون وراء الشاشة

أيقوناتٍ

وينامون على الأدغال

هذا عصرك يا ابن رغال

فاستعجل

من أبطأ خطوك؟

والكل يصيح عليك

تعال

(١٠)

كنا حين يموت لنا رجلٌ

نتوشح بالأسود أعواماً أعواما

لا نفتح مذياعاً

أو نسمع أغنيةً

أو حتى نعلك في السرِّ

فقد صرنا نحن الفتيان

فتيان القرية

أشباحاً ويتامى

نبكي ونصيح ونحزن

نقطع آلاف الأمتار

لنبكي هذا الرجل الراحل عنا

أما اليوم

والفضل يعود إلى الحاسوب

فقد حولهم أرقاماً أرقاما

لن نبكي

فهنالك وجه في الشاشة يبكي بدلاً عني

لن أحزن

الشاشة فيها وجه مرسوم للحزن

سيحزن قبلي في ضغطة زر واحدة

وسيكتب تعزيةً قبلي

وسيرسلها بدلاً عني

وأنا متكئٌ منسيٌّ

كنكاتٍ مرَّ عليها زمنٌ

فاهترأتْ

وبقيت أعاتب أياماً هرمت

وأشيل على ظهريَ أياما

(١١)

ما الذي يصنعه الحاسوب فينا يا إلهي

نحن أولادك ساعدنا

فقد بعثرنا ليل المتاه

ونسينا العمر مشحوناً ومربوطاً مع النقال

فيما نحن منفيون بين الأهل

ملقاةٌ أغانينا القديمات على الدرب

وهذا العمر مشرورٌ على حبل الغوايات

وساهِ

دلنا يا رب

نحن أبناؤك تهنا

والعلامات التي توصلنا للبيت ضاعت

واختفت كل المواعيد الأغاني

الضحك الحلو النكات السير في الليل

ولم يبق سوى

حسرةٍ تنسل من فوق الشفاه

(١٢)

كل شيءٍ قد تغير

كل شي

صالة البيت التي نأوي إليها

ذبلت فينا ونامت دون ضي

جرس البيت اختفى أيضاً

وباب البيت ملقى في يدي

لم يعد يطرقه جارٌ

ولا صحبٌ

وحتى لم يعد يعبث في لحيته

أطفالنا في الحي

بدأت تذبل فينا الكلمات

مثلاً جار لنا قد مات

جارٌ طيبٌ كانت تناغيه المنازل

ما الذي نفعله

والجار هذا الجار راحل

غير أن نبعث وجهاً باكياً

نرسله بين الرسائل

كيف يا رب اختصرنا ذلك الحزن

ومن أطفأ بركان المشاعل

(١٣)

لم يعد للحب معنى

لم يعد كانوا وكنا

هبط الليل علينا ثم لم ترجع

إلى القلب المنازل

لم يعد يبكي المحبون

ولم يطرق جدار القلب سائل

كل ما يفعله الآن المحبون القلائل

صورة جاهزة يرسلها النقال صمتاً

ثم تنسى بين آلاف الرسائل

صورة كررها قبلك آلاف وآلاف

إلى أن بهت اللون

وتاه الحب منسياً

على الشاشات

منسياً وذابلْ.