«فوياجير 1 و2»... سفينتان فضائيتان قديمتان تسبران أعماق الكون

أقوى دليل على الوجود البشري في أبعد نقاطه

رسم تخيلي لسفينة «فوياجير»
رسم تخيلي لسفينة «فوياجير»
TT

«فوياجير 1 و2»... سفينتان فضائيتان قديمتان تسبران أعماق الكون

رسم تخيلي لسفينة «فوياجير»
رسم تخيلي لسفينة «فوياجير»

خارج النظام الشمسي، بعيداً عن الأرض وما يحيطها من أقمار صناعية، وبعيداً عن المرّيخ حيث تؤدي العربات الجوالة أعمالها الاستكشافية، وبعيداً عن كوكب المشتري ومسباره الدوّار، تغوص سفينتان فضائيتان في أعماق الفضاء المليء بالنجوم.
رحلة «فوياجير»
عبرت هاتان السفينتان الحدّ المرئي الفاصل بين نظامنا الشمسي وأي مدى آخر، إلى منطقة لا تطالها تأثيرات الشمس. ورغم أن البشر استطاعوا أن يروا عمق هذا الكون بفضل التلسكوبات الدقيقة التي تلتقط الضوء المنبعث من النجوم البعيدة، فإن هذه النقطة التي وصلتها السفينتان هي أبعد ما سافر إليه الإنسان، وهاتان السفينتان المعدنيتان البرّاقتان هما الدليل الحسّي الأبعد في هذا الكون على وجودنا البشري.
أقلعت السفينتان «فوياجير» عام 1977 حاملتين معدّات علمية وسجلّات ذهبية محشوة بالمعلومات. واليوم، لا تزالان على بعد ملايين الأميال، مستمرّتين في التواصل مع الأرض وجمع البيانات، ولكنّهما «تتقدّمان في السنّ».
تزداد السفينتان اللتان تتحرّكان باتجاهين مختلفين قليلاً، ضعفاً سنة بعد سنة، حيث إن دفاعاتهما التي تحافظ على توازنهما تعاني من التآكل، فضلاً عن أنّ المولّدات التي تزودهما بالطاقة أصبحت تنتج 40 في المائة أقلّ من الطاقة الكهربائية التي كانت تنتجها عند الإطلاق.
للحفاظ على استمرار نشاط سفينتي «فوياجير»، وفي إطار التحضير لما قد يكون السنة الأخيرة للبعثة، يُجبر المهندسون على اتخاذ قرارات صعبة من مسافات بعيدة، إذ إنهم يبلغون السفينتين بتوجيهات تحملها موجات الرّاديو، بضرورة إيقاف نظاميهما والتحوّل إلى الاحتياطات لترشيد استهلاك كلّ واط واحد من القدرة الكهربائية. تقول كاندي هانسن، عالمة في معهد علوم الكواكب والتي عملت في بعثة «فوياجير» في السبعينات والثمانينات: «يوماً ما، سيكون علينا أنّ نودّعهما».
ولكنّ هذه اللحظة لم تحِن بعد. فقد قام المهندسون هذا الصيف بالإيعاز إلى سفينة «فوياجير 2» لتشغيل مجموعة من الدفّاعات (محركات دفع صغيرة) التي لم تستخدمها منذ 1989. وتساعد هذه الدفّاعات السفينة في الحفاظ على توازنها، ولكنّ الدفّاعات التي كانت تستخدمها السفينة سابقاً كانت تعاني من التلف، أي أنّها كانت يجب أن تشغل أكثر حتى بلوغ نهايتها، بحسب «ناسا».
يؤدّي فقدان الدفّاعات السليمة إلى خسارة السفينة لقدرتها على الحفاظ على ثبات اتجاه هوائياتها نحو الأرض، أي نقطة التواصل بين السفينة والمسؤولين عنها على الأرض. وكانت سفينة «فوياجير 1» قد خاضت التحوّل نفسه العام الماضي.
ترشيد الطاقة كما عمد المهندسون إلى إطفاء أداة تسخين تؤدي إلى الحفاظ على الحرارة المطلوبة لاستمرار عمل أحد مكونات «فوياجير 2» في المناطق الجليدية في الفضاء، ويوفّر إطفاء السخّان على البعثة أربعة واط من القدرة الكهربائية وهو ما يوازي خسارتها خلال عام. وبعد أشهر من التشاور، قرّر العلماء أنّ التضحية بهذه الأداة، التي ساعدت العام الماضي في التأكيد على أنّ السفينة غادرت النظام الشمسي، كان مناسباً.
في المقابل، تحمّلت أجهزة عديدة أخرى خسارة سخّاناتها واستمرّت في العمل لعدّة سنوات أحياناً. تقول «ناسا» إنّ حرارة جهاز الأشعّة الكونية، وهو الهدف الأحدث لقرار الترشيد، قد انخفضت إلى 59 درجة مئوية تحت الصفر، أي أقلّ بكثير من الدرجة التي صمدت فيها خلال الاختبارات الأرضية. ولكنّ هذا الجهاز مستمرّ حتى اليوم في جمع البيانات والتواصل مع الفريق على الأرض.
السخّانات الموجودة في مركبتي «فوياجير» هي التالية على لائحة إيقاف التشغيل، إذ تقول سوزان دودّ، مديرة مشروع «فوياجير» في مختبر «ناسا» للدفع النفّاث إنّ «الفريق قد يُجبر يوماً ما على تعطيل أحد الأجهزة الهندسية التي تساعد السفينة على التواصل مع الأرض. وفي حال نجحت الخطوة، سنكسب 2 واط إضافيين، أمّا إن فشلت، فسنخسر البعثة».
لم يكن أحدٌ يفكّر بالكون العميق بين النجوم عندما تمّ إرسال بعثة «فوياجير». فقد بنى العلماء والمهندسون رؤيتهم المستقبلية لعمل المركبتين على مسافة قريبة من الأرض، أي الكواكب الأخرى المصطفّة بترتيب نادر أتاح للمركبتين التنقّل من كوكب إلى آخر. ويعتبر رالف ماك نات، العالم المخضرم في «ناسا»، الذي يواصل العمل على البعثة حتّى اليوم، أنّ «السفينتين فوياجير، وعلى عكس جميع التوقعات، ظلا زائرين غير متوقّعين من البشر إلى بداية الفضاء الذي يقع بين النجوم نفسها».
أعماق الكون
وصلت السفينتان أوّلاً إلى كوكب المشتري، والتقطتا صوراً تفصيلية غير مسبوقة لدوّامات الأعاصير فيه. بعدها، انتقلت «فوياجير 1» إلى كوكب زحل، الذي شكّل قمره الأكبر «تيتان» مصدر اهتمام للعلماء والذي تبيّن لاحقاً أنّه أحد أغرب البقع في نظامنا الشمسي وموطن محتمل للحياة خارج كوكب الأرض. ولو لم تجمع «فوياجير 1» بيانات مهمّة كافية قبل الانتقال، كان سيُعاد توجيه «فوياجير 2» للمحاولة من جديد. ولكنّ دوران الأولى حول الكوكب نجح وسمح لـ«فوياجير 2» بتجاوز زحل والمضي نحو كوكبي أورانوس ونبتون.
لم يمرّ الكثير من الوقت قبل أن يتّخذ العلماء أولى خطواتهم لتوفير الطاقة. فبعد المرور بجميع كواكب النظام الشمسي، لم يكن هناك الكثير لتصويره باستثناء بعض النجوم البعيدة. لهذا السبب، عمد المهندسون إلى إيقاف تشغيل الكاميرات الموجودة في المركبتين. تقول هانسن، التي عملت في فريق التصوير، إنّه «وفي حال أعاد المهندسون اليوم تشغيل هذه الكاميرات، ستؤدّي حتماً إلى تدمير كلّ الأجهزة الأخرى الموجودة على متن المركبتين».
غادرت «فوياجير 1» النظام الشمسي في 2012. وتبعتها «فوياجير 2» في السنة اللاحقة. وسجّلت السفينتان عملية الانتقال، ورصدت الأدوات العلمية الموجودة على متنهما تغييرات كبيرة في البيئة الكونية المحيطة بهما، حيث اختفت لمسة الرياح الشمسية والذرّات غير المرئية التي تغلّف النظام الشمسي بفقاعة حامية. وقبل سنوات قليلة، عطّل المهندسون بعض الأجهزة. أمّا تلك التي لا تزال فعّالة حتى اليوم، فهي مصممّة لدراسة الظواهر القليلة القابلة للرصد في الفضاء النجمي، كالأشعة الكونية والحقول المغناطيسية.
طلبت وكالة «ناسا» من العلماء دراسة إمكانية إرسال مسبار نجمي آخر، ولكن لم يتمّ إرسال أي بعثات رسمية حتى اليوم. في الوقت الحالي، لا يوجد إلا سفينتي «فوياجير» في تلك البقعة من الكون، ولكن في يوم من الأيّام، سيحضر المهندسون إلى عملهم وهم يتوقّعون تلقّي إشارات ضعيفة من المركبتين أو رسائل قد تتطلّب ساعات وربّما يوماً كاملاً لتخطّي المدى الواسع وبلوغ هوائيات الأرض خاصة في حالة «فوياجير». وقد لا يسمعون شيئاً وقد لا يتمكنّون من معرفة السبب حتّى.
قد يحدث مثلاً أنّ السفينتين تعملان دون سخّانات، فأصبحتا باردتين إلى درجة تجمّد الوقود، مما أدّى إلى انقطاع الطاقة التي تحتاجها الدفاعات للحفاظ على ثبات الهوائيات باتجاه الأرض؛ أوّ قد يكون أنّ المرسلات، أي الأجهزة التي ترسل وتستقبل الإشارات، قد فرغت من الطاقة. وكان دودّ قد توقّع تحقّق هذا السيناريو عام 2020. لا شكّ في أنّ خطّ الاتصال غير المرئي الذي وصل الباحثين والمهندسين بالمركبتين لأربعة عقود متواصلة سينقطع في النهاية. وقد يستمرّ جهاز أو اثنين في العمل، لتستمرّ سفينتا «فوياجير» في تسجيل مسيرتيهما عبر المجرّات، وترك بصمة تاريخية مع كلّ ميلٍ إضافي تقطعانه، ولكنّهما عندها لن تستطيعان التواصل مع الكوكب الأمّ.

- «أتلانتك أونلاين»،
خدمات «تريبيون ميديا».



ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة
TT

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ابتكر أليكس ويلشكو، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي «أوسمو»، وفريقه نسخة «ألفا» من جهاز خيالي بحجم حقيبة الظهر مزودة بمستشعر شمّ يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المنتجات المقلدة من خلال تحليل تركيبها الكيميائي.

وأقامت شركة «أوسمو» (Osmo) شراكة مع منصات إعادة بيع الأحذية الرياضية لإظهار أن اختبار الشم عالي التقنية قادر على تحديد المنتجات المزيفة بدرجة عالية من الدقة.

الجزيئات المتطايرة تحدد الرائحة

كل شيء في العالم له رائحة، من الملابس إلى السيارات إلى جسمك. هذه الروائح هي جزيئات متطايرة، أو كيمياء «تطير» من تلك الأشياء وتصل إلى أنوفنا لتخبرنا بالأشياء. ويختبر الإنسان ذلك بوعي ووضوح عندما يكون هناك شيء جديد قرب أنفه، مثل شم سيارة جديدة أو زوج من الأحذية الرياضية. لكن حتى عندما لا تلاحظ الروائح، فإن الجزيئات موجودة دائماً.

رائحة المنتجات المقلَّدة

الأحذية المقلدة لها رائحة مختلفة عن الأحذية الحقيقية. إذ لا تختلف الأحذية الرياضية الأصلية والمقلدة في المواد، فحسب، لكن في التركيب الكيميائي. حتى الآن، اعتمدت شركات مثل «استوكس» (StockX) على اختبارات الشم البشري والفحص البصري لتمييز الأصالة - وهي عملية تتطلب عمالة مكثفة ومكلفة. وتهدف التقنية الجديدة إلى تبسيط العملية.

خريطة تحليل الفوارق اللونية

تدريب الذكاء الاصطناعي على الاختلافات الجزيئية

ووفقاً لويلشكو، درَّب فريقه «الذكاء الاصطناعي باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية للتمييز بين هذه الاختلافات الجزيئية».

وستغير هذه التكنولوجيا كيفية إجراء عمليات التحقق من الأصالة في الصناعات التي تعتمد تقليدياً على التفتيش اليدوي والحدس. وتهدف إلى رقمنة هذه العملية، وإضافة الاتساق والسرعة والدقة.

20 ثانية للتمييز بين المزيف والحقيقي

ويضيف أن آلة «أوسمو» تستغرق الآن نحو 20 ثانية للتمييز بين المنتج المزيف والحقيقي. وقريباً، كما يقول، ستقل الفترة إلى خمس ثوانٍ فقط. وفي النهاية، ستكون فورية تقريباً.

تم بناء أساس التقنية على سنوات من العمل المخبري باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية، كما يصفها ويلشكو، «بحجم غسالة الأطباق»، ويضيف: «تم تصميم أجهزة الاستشعار هذه لتكون حساسة مثل أنف الكلب، وقادرة على اكتشاف أضعف البصمات الكيميائية».

وتعمل هذه المستشعرات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتجمع باستمرار البيانات حول التركيب الكيميائي لكل شيء من البرقوق والخوخ إلى المنتجات المصنعة»، كما يوضح ويلشكو.

خريطة الرائحة الرئيسية

تشكل البيانات التي تم جمعها العمود الفقري لعملية تدريب الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، والتي تساعد في إنشاء فهم عالي الدقة للروائح المختلفة ومنحها موقعاً في نظام إحداثيات يسمى خريطة الرائحة الرئيسية.

إذا كنت على دراية بكيفية ترميز ألوان الصورة في الصور الرقمية، فان الطريقة تعمل بشكل مماثل. إذ تقريباً، يتوافق لون البكسل مع مكان على خريطة RGB، وهي نقطة في مساحة ثلاثية الأبعاد بها إحداثيات حمراء وخضراء وزرقاء.

تعمل خريطة الرائحة الرئيسية بشكل مشابه، باستثناء أن الإحداثيات في تلك المساحة تتنبأ بكيفية ورود رائحة مجموعات معينة من الجزيئات في العالم الحقيقي. يقول ويلشكو إن هذه الخريطة هي الصلصة السرية لشركة «أوسمو» لجعل الاختبار ممكناً في الوحدات المحمولة ذات أجهزة استشعار ذات دقة أقل وحساسة تقريباً مثل أنف الإنسان.

من المختبر إلى الأدوات اليومية

يقول ويلشكو إنه في حين أن أجهزة الاستشعار المحمولة أقل حساسية من وحدات المختبر، فإن البيانات المكثفة التي يتم جمعها باستخدام أجهزة الاستشعار عالية الدقة تجعل من الممكن إجراء اكتشاف فعال للرائحة. مثل الذكاء الاصطناعي لقياس الصورة القادر على استنتاج محتويات الصورة لإنشاء نسخة بدقة أعلى بناءً على مليارات الصور من نموذجه المدرب، فإن هذا يحدث بالطريقة نفسها مع الرائحة. تعدّ هذه القدرة على التكيف أمراً بالغ الأهمية للتطبيقات في العالم الحقيقي، حيث لا يكون نشر جهاز بحجم المختبر ممكناً.

من جهته، يشير روهينتون ميهتا، نائب الرئيس الأول للأجهزة والتصنيع في «أوسمو»، إلى أن مفتاح عملية التعريف لا يتعلق كثيراً بالروائح التي يمكننا إدراكها، لكن بالتركيب الكيميائي للكائن أو الشيء، وما يكمن تحته. ويقول: «الكثير من الأشياء التي نريد البحث عنها والتحقق من صحتها قد لا يكون لها حتى رائحة محسوسة. الأمر أشبه بمحاولة تحليل التركيب الكيميائي».

وهو يصف اختباراً تجريبياً أجرته الشركة مؤخراً مع شركة إعادة بيع أحذية رياضية كبيرة حقق معدل نجاح يزيد على 95 في المائة في التمييز بين الأحذية المزيفة والأحذية الحقيقية.

إلا أن الطريقة لا تعمل إلا مع الأشياء ذات الحجم الكبير، في الوقت الحالي. ولا يمكن للتكنولوجيا التحقق من صحة الأشياء النادرة جداً التي تم صنع ثلاثة منها فقط، مثلاً.

هذا لأنه، كما أخبرني ويلشكو، يتعلم الذكاء الاصطناعي باستخدام البيانات. لكي يتعلم رائحة طراز جديد معين من الأحذية، تحتاج إلى إعطائه نحو 10 أزواج من الأحذية الرياضية الحقيقية. في بعض الأحيان، تكون رائحة البصمة خافتة لدرجة أنه سيحتاج إلى 50 حذاءً رياضياً أصلياً ليتعلم الطراز الجديد.

خلق روائح جديدة

لا يشم مختبر «أوسمو» الأشياء التي صنعها آخرون فحسب، بل يخلق أيضاً روائح جديدة داخل الشركة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات نفسها. أظهر علماء الشركة كيف يعمل هذا بطريقة عملية خلال تجربة أطلقوا عليها اسم مشروع نقل الرائحة. لقد التقطوا رائحة باستخدام مطياف الكتلة للتفريق اللوني الغازي (GCMS)، الذي يحللها إلى مكوناتها الجزيئية ويحمل البيانات إلى السحابة. أصبحت هذه البيانات الملتقطة إحداثيات على خريطة الرائحة الرئيسية. بمجرد رسم الخريطة، يتم توجيه روبوت التركيب في مكان آخر لخلط عناصر مختلفة وفقاً لوصفة الرائحة، وإعادة إنشاء الرائحة الأصلية بشكل فعال.

رائحة مصنّعة لتعريف المنتجات

باستخدام تقنية تصنيع الرائحة نفسها، يتخيل ويلشكو أن «أوسمو» يمكن أن تدمج جزيئات عديمة الرائحة مباشرة في المنتجات بصفتها معرفاتٍ فريدة؛ مما يخلق توقيعاً غير مرئي لن يكون لدى المزورين أي طريقة لاكتشافه أو تكراره. فكر في هذا باعتباره ختماً غير مرئي للأصالة.

وتعمل شركة «أوسمو» على تطوير هذه العلامات الفريدة لتُدمج في مواد مثل الغراء أو حتى في القماش نفسه؛ ما يوفر مؤشراً سرياً لا لبس فيه على الأصالة.

هناك فرصة كبيرة هنا. وكما أخبرني ويلشكو، فإن صناعة الرياضة هي سوق بمليارات الدولارات، حيث أعلنت شركة «نايكي» وحدها عن إيرادات بلغت 60 مليار دولار في العام الماضي. ومع ذلك، تنتشر النسخ المقلدة من منتجاتها على نطاق واسع، حيث أفادت التقارير بأن 20 مليار دولار من السلع المقلدة تقطع هذه الإيرادات. وقد صادرت الجمارك وحماية الحدود الأميركية سلعاً مقلدة بقيمة مليار دولار فقط في العام الماضي في جميع قطاعات الصناعة، وليس فقط السلع الرياضية. ومن الواضح أن تقنية الرائحة هذه يمكن أن تصبح سلاحاً حاسماً لمحاربة المنتجات المقلدة، خصوصاً في أصعب الحالات، حيث تفشل الأساليب التقليدية، مثل فحص العلامات المرئية.

الرائحة هي مفتاح المستقبل

يرى ويلشكو أن النظام جزء من استراتيجية أوسع لرقمنة حاسة الشم - وهو مفهوم بدأ العمل عليه عند عمله في قسم أبحاث «غوغل». إن أساس النظام يكمن في مفهوم يسمى العلاقة بين البنية والرائحة. وتتلخص هذه العلاقة في التنبؤ برائحة الجزيء بناءً على بنيته الكيميائية، وكان مفتاح حل هذه المشكلة هو استخدام الشبكات العصبية البيانية.

إمكانات طبية لرصد الأمراض

إن الإمكانات الطبية لهذه التقنية هي تحويلية بالقدر نفسه. ويتصور ويلشكو أن النظام يمكن استخدامه للكشف المبكر عن الأمراض - مثل السرطان أو السكري أو حتى الحالات العصبية مثل مرض باركنسون - من خلال تحليل التغييرات الدقيقة في رائحة الجسم التي تسبق الأعراض غالباً.

لكنه يقول إنه حذّر بشأن موعد حدوث هذا التقدم؛ لأنه يجب على العلماء أن يحددوا أولاً العلامات الجزيئية لهذه الروائح قبل أن تتمكن الآلة من اكتشاف أمراض مختلفة. وتعمل الشركة بالفعل مع عدد من الباحثين في هذا المجال.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»