الشهية المفتوحة للإسمنت تحفر أخاديد عميقة في سفوح جبال قبرص

يُستخرج 40 مليار طن من الرمل والحصى سنوياً من جبال وشواطئ الكوكب

الحاجة للصخور لبناء الطرق والمساكن في قبرص (أ.ف.ب)
الحاجة للصخور لبناء الطرق والمساكن في قبرص (أ.ف.ب)
TT

الشهية المفتوحة للإسمنت تحفر أخاديد عميقة في سفوح جبال قبرص

الحاجة للصخور لبناء الطرق والمساكن في قبرص (أ.ف.ب)
الحاجة للصخور لبناء الطرق والمساكن في قبرص (أ.ف.ب)

من قبرص إلى نيوزيلندا مروراً بلبنان، يشعر النشطاء المدافعون عن البيئة بالقلق من انتشار المحاجر في عالم يزداد جشعه للإسمنت الذي تضاعف استهلاكه ثلاث مرات في السنوات العشرين الماضية. يُستخرج أكثر من 40 مليار طن من الرمل والحصى سنوياً من جبال وأنهار أو شواطئ الكوكب، وذلك أساساً للبناء. ومع توقع زيادة عدد سكان الأرض بمقدار ملياري نسمة بحلول عام 2050. من المرجح أن تزداد هذه الكميات، وفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة. لكن هذه الأنشطة يمكن أن تتسبب بإزالة مزيد من الغابات وتلويث الهواء وتعطيل الأنشطة البشرية التقليدية.
وكما هي الحال في هذا الركن من قبرص، بالقرب من الكوخ الذي يصنع فيه جمال جبن الحلومي التقليدي لا تتوقف حركة الشاحنات التي تأتي لتحميل الصخور المقتلعة مثيرة سحباً من الغبار ومسببة الهلع للحيوانات.
على المنحدر المستخدم كمحجر، حيث اختفى الغطاء النباتي، يطلب شرطي من راعي الماعز عدم الاقتراب. وفيما هو منشغل بحلب معزاه، يجفله دوي انفجار ثم يتصاعد الغبار الذي يغطي كل شيء. لقد انهار جزء من الجبل. على قمة أخرى اضطر للرحيل عنها مع تقدم المحاجر، أصيب جمال بجروح فيما نفقت بعض حيواناته. يتذكر تلك الحادثة بقوله «لقد انهارت علينا الصخور من كل مكان».
رغم أنه يدرك «الحاجة للصخور لبناء الطرق والمساكن»، إلا أنه يأمل في أن تساعده الشركة التي تشرف على الكسارات في العثور على مرعى أكثر هدوءاً. على الثلث المحتل منذ 1974 في شمال قبرص، أعلن قيام «جمهورية شمال قبرص التركية» التي لا تعترف بها سوى أنقرة وحيث يعيش قرابة 355 ألف شخص. وأصبحت هذه المنطقة الصغيرة بؤرة للتجاذب بين المدافعين عن التطور العمراني السريع والمنادين بالحفاظ على الإرث الطبيعي.
يقول شينك ساربر رئيس اتحاد أصحاب المحاجر إن «الجزيرة تعيش بفضل السياحة. نحن بحاجة إلى الفنادق والطرق والمطارات وليس لدينا خيار سوى استغلال المحاجر».
ويؤكد أن المحاجر بعيدة عن المناطق السكنية وأن العمل فيها يجري على أساس احترام جميع المعايير البيئية. يتم استخراج أكثر من 12 ألف طن يومياً في شمال قبرص، وفق اتحاد المحاجر بما يوازي نحو 33 كيلوغراماً للفرد. علما بأن المتوسط العالمي هو 18 كلغم وفقا للأمم المتحدة. واعترف مقاول طلب عدم الكشف عن اسمه بأن البعض «لم يفعل كل ما هو ممكن للحد من التلوث البصري»، في حين يبدو الجبل بالقرب من دجيرمنليك الواقعة في الوسط، وكأن قطعة هائلة انتُزعت من وسطه. وتُتهم الشركات التركية بأنها أقل حرصاً من المقاولين المحليين.
يأسف رئيس رابطة البيولوجيين في شمال قبرص حسن ساربتن لوجود محجر كبير خارج المنطقة المحددة ولأنه «لا يتم الالتزام بأفضل المعايير» للحفاظ على البيئة، موجهاً انتقادات للسلطات القبرصية التركية التي رفضت التعليق رداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية.
ولكن كما هي الحال في شمال قبرص المحتل، يشعر علماء البيئة أيضاً بالقلق في الجزء الجنوبي الذي تديره جمهورية قبرص المعترف بها دولياً.
ويقول المختص بشؤون البيئة كليتوس باباستيليانو إن «الاستخراج المتزايد للمواد الخام لأغراض البناء هو أحد التهديدات الرئيسية للمناطق الطبيعية المحمية». ويقول كارالامبوس ثيوبمبتو النائب عن حزب الخضر إن «بناء المراسي الترفيهية يتطلب كميات كبيرة من الصخور».
وأوصت لجنة تدقيق بتشديد الغرامات للثني عن فتح محاجر غير قانونية. ويتردد صدى الدعوات للتشدد في الرقابة في جميع أنحاء العالم. ففي لبنان، حيث اقتلعت المحاجر غير القانونية سفوحاً جبلية بأكملها ومئات الآلاف من الأشجار، يلجأ المواطنون إلى القضاء ويواجهون في بعض الأحيان تهديدات بالقتل.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.