سوريون في فرنسا يناقشون عودتهم من «أرض اللجوء»

TT

سوريون في فرنسا يناقشون عودتهم من «أرض اللجوء»

تلتقي معظم العائلات السورية في مدينة فرنسية واحدة بشكل شبه يومي لشرب القهوة، أو السهر والتسامر حول أوضاع السوريين في المدينة ذاتها، أو في مدن فرنسية أخرى للأغراض ذاتها.
وتدور الأحاديث حول صعوبة اللغة لمن لم يتعلمها بعد، لكن التركيز الأكبر والأوسع يتناول مشكلة ترحيل بعض اللاجئين، سواء من دول بجوار سوريا أم من دول أوروبية قد يصبح الحكم فيها يمينياً متطرفاً في المستقبل.
وبين الأحاديث المتداولة، يرى اللاجئون السوريون أن المعيشة في فرنسا مرتفعة الثمن جداً، كما في كل أوروبا، حيث تصل الفواتير الشهرية إلى حد يجعل اللاجئ يعيد حساباته وميزانيته بشكل شبه يومي.
السيدة عبير مطاوع، وهي أم لثلاثة أطفال، تقول: «الحياة في فرنسا متعبة جداً، والإنفاق في هذه البلاد مرتفع جداً، خصوصاً من لديه أطفال يشتري لهم الغذاء بشكل يومي، والألبسة وغير ذلك. فما تقدمه الجمعيات الخيرية الفرنسية من أطعمة وثياب لا يتناسب مع العائلات السورية التي اعتادت نظاماً غذائياً معيناً، وألبسة تتناسب مع عادات الشرق».
أما السيد علاء، فيرى أن «معظم السوريين مستعدون للعودة، في حال توفرت ضمانات العودة، فالبلد بلدنا، وكنا نعيش حياة اجتماعية مقبولة. أما هنا، فلا زيارات ولا مناسبات، وحتى الأعياد لا نشعر بقدومها وانتهائها. كما أن كل سوري يحسب مصاريفه بالورقة والقلم، فعليه ألا يتجاوز راتب المساعدات الشهري المقدم لعائلته، الذي يختلف حسب عدد الأفراد وأعمارهم، وهو مبلغ زهيد يغطي تكاليف الفواتير والطعام فقط».
والشاب حكيم داود يجد أن الحياة في سوريا كانت «أفضل، بأنشطتها وحميميتها، فالنشاطات هنا لا تتوافق مع أذواق السوريين. ويكفي أن يجلس فرنسي مثلاً في بحيرة خلال حر الصيف، كي يقضي يوماً كاملاً، الأمر الذي لا يمكن أن يفعله السوري بشكل أكيد. أما المصاريف الأخرى، كمخالفات عدم شراء بطاقة مترو في باريس من قبل اللاجئ، تجعله مجبراً على دفع 40 يورو كغرامة، الأمر الذي لم نعتده في بلادنا».
المساعد الاجتماعي جان فرنسوا يشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الثقافة الفرنسية مختلفة عن الثقافات الشرقية، فمعرض للفن الحديث في مدينة ليموج مثلاً، وهو عبارة عن إعادة تشكيل وإنتاج القمامة اليومية، لا يناسب اهتمام الشبان، ولا حتى الكهلة السوريين، خصوصاً أن هذه النشاطات تجري بعيداً عن منازل السوريين، ومعظمهم ليس لديهم سيارات بعد».
السيد أبو حمزة أوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه ترك البلد وعمله كأستاذ جامعة «حتى أنه أعطى الأرض التي يملكها لأخوته، بعد أن أصبحت الحياة في الداخل السوري مستحيلة، فكيف أفكر أنا وعائلتي بالعودة؟ ولأي سبب؟ لا يوجد ما نندم عليه. وفي المستقبل، أفكر بمشروع خاص صغير يملأ فراغ أيامي، أنا وزوجتي».
من جهة أخرى، السيد أبو حاتم لبابيدي يقول إنه أرسل عائلته إلى درعا «كي يرى الأهل أطفاله، لكنهم سيعودون سريعاً إلى مدينة ليموج، فالحياة هناك لا تطاق، من حيث كلفة المعيشة أولاً، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية بشكل كامل».
وفي الوقت الذي ما زالت فيه الحكومة الفرنسية تستقبل عائلات لاجئة جديدة، تؤكد المساعدة الاجتماعية نيكول التي تجري محاضرات تعليمية للاجئين بشكل مستمر أن «ما يهم الحكومة الفرنسية في الوقت الحالي هو تعليم الأطفال والشباب الذين قدموا إلى فرنسا وتأهيلهم، وهذا أولوية، حيث إن التعليم الإلزامي حالياً في فرنسا هو من سن 3 إلى 16 عاماً، حسب القانون الجديد، لكن هناك مشروع قانون قد يفرض لاحقاً بأن يصبح التعليم إلزامياً حتى 18 عاماً، الأمر الذي تدرسه الحكومة كي يعطي فرصاً أكبر للقادمين الجدد ولأولادهم، ولأطفال جميع الفرنسيين الذين أصبحوا يتركون المدارس قبل الحصول على تحصيلهم العلمي الجامعي».
ورغم وجود إشاعات بإيقاف اللجوء إلى فرنسا، تستند إلى قوانين جديدة صارمة، ما زالت عائلات سورية جديدة تصل إلى مدن فرنسية كثيرة، قادمة من الأردن ولبنان وغيرها من البلدان. ولا تزال فرنسا «أرض اللجوء» التي يقصدها السوريون وغيرهم من الجنسيات الأخرى.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.