طائرات «الجيش الوطني» تقصف مواقع حكومة «الوفاق» جنوب طرابلس

تعيين منسق أممي جديد للشؤون الإنسانية في ليبيا

TT

طائرات «الجيش الوطني» تقصف مواقع حكومة «الوفاق» جنوب طرابلس

شن سلاح الجو التابع للجيش الوطني الليبي، أمس (السبت)، غارات استهدفت مواقع لقوات تابعة لحكومة الوفاق، جنوب طرابلس، بعد هدوء حذر ساد مختلف محاور القتال على تخوم العاصمة الليبية في الأيام القليلة الماضية. وتوقعت مصادر عسكرية في الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، لـ«الشرق الأوسط»، تصاعد حدة القتال في الأيام القليلة المقبلة ضد قوات حكومة «الوفاق» المدعومة دولياً، التي يرأسها فائز السراج.
وخلافاً لما كان عليه الحال منذ إطلاق حفتر عمليته العسكرية لـ«تحرير» طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، فإن الأيام الثلاثة الماضية مثلت حالة هدوء غير مسبوقة بين الطرفين، عدتها أوساط سياسية ودبلوماسية بمثابة هدنة غير معلنة بين قوات الجيش والقوات التابعة لحكومة السراج.
وقال مسؤول في «الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم تعريفه، إن هذا الهدوء «بمثابة استراحة محارب فقط، فرضتها مقتضيات المعركة، بعدما كبدنا الميليشيات خسائر فادحة في المعدات والأرواح»، مشيراً إلى أن «تحركات الجيش تستند إلى خطة عسكرية وتوقيتات محددة، خلافاً للميليشيات التي تعمل بشكل فوضوي».
وأضاف: «جرت اشتباكات محدودة في وادي الربيع وعين زارة، بجنوب العاصمة، ووصلت تعزيزات نوعية لقوات الجيش على تخوم العاصمة طرابلس، ومتى صدرت التعليمات بالتقدم سننفذ فوراً».
وفي المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية موالية للسراج عن ناطق باسم عملية «بركان الغضب»، التي تشنها القوات الموالية له، أنها لا تزال تحافظ على تمركزاتها في الأماكن التي سيطرت عليها في جميع المحاور، موضحاً أن طائرات تابعة للجيش الوطني حلقت أمس بشكل مكثف في سماء مدينة غريان، جنوب غربي طرابلس.
وواصل «الجيش الوطني»، أمس، محاولاته الرامية إلى استعادة السيطرة على هذه المدينة، حيث أعلن في بيان لمركزه الإعلامي أن سلاح الجو التابع له استهدف تمركزات ميليشيات قوة حماية غريان، الموالية لحكومة السراج، مما أدى إلى مقتل اثنين من عناصرها، وتدمير عدد من الآليات.
وأوضح أن «هذه الميليشيات تضم عناصر من تنظيم شورى بنغازي الإرهابي، ومجموعة (القاعدة) التابعة لأبي عبيدة الزاوي، بالإضافة إلى عدد من المرتزقة التشاديين».
إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، في بيان أول من أمس، أن رئيسها غسان سلامة ناقش في تونس مع محمد معروف، القائم بالأعمال الجديد في سفارة إندونيسيا لدى ليبيا، الوضع في ليبيا، وآفاق التعاون بين الأمم المتحدة وإندونيسيا لما يخدم الليبيين، مشيرة إلى أن سلامة شكر معروف على موقف بلاده في مجلس الأمن الداعم لليبيا.
كانت البعثة قد أعلنت عن تعيين السوداني يعقوب الحلو منسقاً للشؤون الإنسانية، بعد انتهاء فترة عمل الآيرلندية ماريا ريبيرو التي شغلت المنصب لمدة عامين ونصف العام.
وأشاد سلامة، في بيان أصدرته البعثة أول من أمس، بعمل ماريا «خلال الظروف الحرجة، والمأساوية أحياناً، التي مرَّت على المدنيين في ليبيا». كما أثنى على «جهودها الاستثنائية والمضنية لتأمين جميع جوانب المساعدة الإنسانية، وبالأخص إلى المجتمعات المحلية الأشد ضعفاً، بما في ذلك المدنيون المتضررون من النزاع والنازحون داخلياً والمهاجرون واللاجئون».
ورحب سلامة أيضاً بوصول نائبه الجديد، منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في ليبيا، يعقوب الحلو، الذي من المتوقع أن يتولى منصبه خلال الأيام القليلة المقبلة، وتوقع أن تؤدي خبرته في هذا المجال، في سوريا وليبيريا وبلدان أخرى، دوراً رئيسياً في الجهود الإنسانية والإنمائية، وجهود السلام في ليبيا، وفي التخفيف من أثر الحرب والأزمات التي طال أمدها على الشعب الليبي.
ومن جهة أخرى، وللمرة الأولى منذ توقفه عن العمل قبل نحو 6 سنوات، استقبل مطار سبها الدولي، في جنوب البلاد، أولى رحلاته، حيث هبطت بمدرجه أول من أمس طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الليبية، على متنها 160 راكباً، آتية من مطار بنينا الدولي في مدينة بنغازي، بشرق البلاد.
وأعلنت إدارة مطار سبها الدولي أن الرحلات الدولية ستبدأ في المطار بعد 3 أسابيع، من بينها رحلات إلى عمّان والإسكندرية.
وكانت الحكومة المؤقتة التي تدير شرق البلاد، برئاسة عبد الله الثني، قد أعلنت قبل نحو أسبوعين إعادة افتتاح المطار، بعد توقف دام قرابة 6 سنوات، منذ مطلع عام 2014، بسبب مشكلات أمنية.
إلى ذلك، أعلنت وسائل إعلام محلية محسوبة على سلطات طرابلس مصرع 6 مدنيين، وجرح 14 آخرين، في قصف للجيش الوطني على بلدة مرزق التي تقع إلى الغرب من سبها.
ولم يصدر أي تأكيد من الجيش الوطني، الذي تتأهب قواته لشن عملية عسكرية لتحرير مرزق، بشأن هذه الغارة الجوية، علماً بأن البلدة شهدت مؤخراً مقتل 90 شخصاً على الأقل، ونزوح 6500، منذ اندلاع المعارك بين عشائر متناحرة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.