ماذا صنعتَ بالذهب... ماذا فعلتَ بالوردة؟

ماذا صنعتَ بالذهب... ماذا فعلتَ بالوردة؟
TT

ماذا صنعتَ بالذهب... ماذا فعلتَ بالوردة؟

ماذا صنعتَ بالذهب... ماذا فعلتَ بالوردة؟

«اتخذتَ آفاقاً عظيمة وجعلتَها حُفَراً، وأخذْتَ ذهبَ النساء وردة الذهب. فماذا صنعْتَ بالذهب وماذا فعلْتَ بالوردة؟». الكلام الذي قاله الشاعر أنسي الحاج قبل خمسين عاماً عن امرأة وجدها فريدة بين النساء، لكنه خسرها لأنه أهملها ولم يمنحها ما تستحق من حبّ وعناية، ينطبق تماماً على علاقة الإنسان بالطبيعة.
وتتابع القصيدة: «خسرتُكِ إذ ملأتُ قلبي بالجنون وأفكاري بالخبث... وكنت أظُنّكِ ستصرخين وتبكين وتعاودين الرضا، لكنّكِ كتمتِ وانفصلتِ». الفارق أنه في حين يمكن للشخص، في معظم الأحيان، أن يجد شريكاً آخر ويحاول تصحيح أخطائه، فإن تدمير الطبيعة بالتمادي في العبث بمكوناتها لا يمكن إصلاحه، إذ لا توجد أرض أخرى يستطيع البشر الانتقال إليها.
لم تفارق قصيدة أنسي الحاج هذه ذهني لحظة واحدة، منذ قصدت قبل أيام غابة في هولندا للتمتع بجمال الطبيعة وهدوئها، كعادتي منذ سنوات، لكنني فوجئتُ هذه المرة بتحذير على المدخل بوجوب وضع كمامات طبية على الأنف والفم، وعدم الاقتراب من أشجار السنديان التي غزتها أفواج من الديدان ذات الشعيرات السامة، فضلاً عن تسببها بموت الأشجار التي تبني فيها أعشاشها، تصيب شعيراتها المتطايرة في الهواء البشر بالحساسية والتسمم، إنْ هي لامست الجلد أو دخلت العين أو المجاري الهوائية. وقد تصل مضاعفاتها إلى العمى والموت. وكان نوع من هذه الديدان السامة، التي يسميها أهالي القرى «دودة الزيّاح» (لأنها تزحف في موكب)، أصاب أشجار الصنوبر في لبنان قبل سنوات، متسبباً بموت مساحات شاسعة من الغابات، وبأمراض الحساسية للعابرين والساكنين في الجوار. واعتبر الاختصاصيون أن هذا يعود، بشكل رئيسي، إلى موت الطيور بسبب الصيد الجائر والمبيدات، وهي عدو طبيعي لهذه الديدان.
حزنتُ لأن علاقة خاصة تربطني بهذه الغابة. ففيها كنت أمشي مع ابني وهو طفل، حيث تعلّم كلمات عربية مثل «شجرة» و«بلّوط»، وهو ثمر السنديان. وكان يجمع ثمار البلوط من أرض الغابة، ويزرعها في مشتل صغير أقامه في حديقة البيت، ليراقب نموّها وينقلها لاحقاً إلى حديقة المدرسة. وكان هذا جزءاً من برنامج تربوي لتدريب الأطفال على حب الطبيعة وغرس الأشجار.
في السنوات الأخيرة، انتشرت في بلدان أوروبية كثيرة مشكلة الديدان السامة التي تمشي في مواكب. لكن هذا النوع من الديدان الشعيرية ليس جديداً، كما غابات السنديان. الفارق أن التدخّلات الإنسانية المتطرفة خلال العقود الماضية أدّت إلى خلل في التوازن الطبيعي، فقد عمدت بعض الدول، في إطار حملات التشجير، إلى زراعة الملايين من أشجار السنديان، لسهولة نموّها ويسر العناية بها. وأدى انقراض بعض الأنواع من الطيور والحشرات والقوارض، التي هي من الأعداء الطبيعيين للديدان السامة، إلى زيادة غير مسبوقة في أعدادها وانتشارها، خصوصاً لأنها تحبّ بناء أعشاشها على أشجار السنديان المتكاثرة فوق مساحات شاسعة.
وقد اكتسبت الديدان السامة مناعة ضد المبيدات المعروفة، مما جعل الطريقة الوحيدة لمكافحتها هي شفطها من قبل فرق مختصة يرتدي أفرادها ملابس واقية، والتخلص منها في محارق النفايات الخطرة. كما بدأت بعض الدول الأوروبية حملات لقطع العدد الفائض من أشجار السنديان، واستبدال أنواع أخرى بها؛ من الأشجار التي لا تجتذب الديدان السامة، حفاظاً على تنوّع الغابات.
هذه الواقعة تثبت أهمية الحفاظ على التنوّع البيولوجي، والحدّ من التدخّل المفرط في الطبيعة، حمايةً للتوازن الضروري بين الأنواع. ففي حين تنقرض أنواع من النباتات والحيوانات والحشرات، تزداد أعداد أنواع أخرى على نحو لا يمكن التحكّم به. وإذا كان البعض يعتقد أن التكنولوجيا توفّر الحلّ دائماً، فاكتساب ديدان السنديان مناعة ضد المبيدات، بالتوازي مع انقراض أعدائها الطبيعيين، دليل على أن هناك حدوداً للتدخّل في عمل الطبيعة.
لقد تم تبديل طبيعة 75 في المائة من مساحة الأرض، وتحويلها إلى استعمالات أخرى، بما فيها قطع الغابات لاستخدامها في زراعات سريعة المردود، إلى جانب الإفراط في استخراج المعادن والتمدّد العمراني العشوائي. وتعرضت 66 في المائة من البحار والمحيطات للتلوث، كما فُقدت مساحة 85 في المائة من الأراضي الرطبة والمستنقعات، وهي من أكثر المناطق غنى في التنوع البيولوجي. وآخر الانتهاكات الكبيرة ما حصل مؤخراً في البرازيل، حيث التهمت حرائق غير مسبوقة غابات الأمازون، رئة العالم، نتيجة لتعديل وجهة استعمال الأراضي، منذ تسلم الرئيس بولسونارو السلطة قبل سنة. يُذكر أن العقوبات على المخالفات البيئية في الأمازون انخفضت بنسبة الثلث في عهد هذا الرئيس، حليف الرئيس الأميركي ترمب في إنكار التغيُّر المناخي.
الحديث عن التنوع البيولوجي ليس رفاهية فكرية، بل هو يرتبط مباشرة بحياة الإنسان. فالعناصر الحية في الأرض والبحار والأنهار والبحيرات تحافظ على اعتدال المناخ، وتنقّي التربة والمياه والهواء، وتخفف من آثار الكوارث الطبيعية. وإذا كان الثابت أن ثروات الطبيعة هي أساس التنمية، فالحفاظ على استدامتها شرط لاستمرار التطوُّر والحياة نفسها. وفي حين تشمل الفوائد المباشرة للأصول الطبيعية توفير منتجات الأخشاب والأسماك والأغذية النباتية والحيوانية، إلى جانب استقطاب السياحة، فهي تنطوي على فوائد غير مباشرة جمة. فللتمتع بالطبيعة الهادئة أثر إيجابي على الصحة النفسية. ويعتمد 75 في المائة من المنتجات الزراعية على التلقيح الذي تمارسه أنواع معينة من الطيور والحشرات. من هنا ندرك الخطر الذي يواجه الجنس البشري من الواقع الراهن، المتمثل في انقراض نوع حي واحد كل عشرين دقيقة.
وقد أظهرت دراسة حديثة أن 60 في المائة من أعداد الحيوانات في الطبيعة انقرضت منذ عام 1970، بالتزامن مع نشر أنسي الحاج قصيدته عن استنزاف الذهب واغتيال الوردة. وتزداد الصورة سوداوية حين نعلم أن 25 في المائة من الأنواع النباتية والحيوانية مهددة بالانقراض خلال العقود القليلة المقبلة، إذا لم تُتَخذ تدابير جذرية للحدّ من التدهور.
قد يظن بعضهم أن هذه المشاكل عالمية لا علاقة للبلدان العربية بها. لكن الواقع أن العرب في صلبها. فأراضينا، بما فيها الصحارى، غنية بالأنواع الحية النادرة التي يجب الحفاظ عليها، أكانت نباتاً أو حيواناً، ناهيك بالثروات التي تكتنزها في باطنها. وقد يتم يوماً اكتشاف علاج لأحد الأمراض المستعصية من نبتة غير معروفة في الصحراء. أما البحار والمحيطات التي تزنّر العالم العربي، فهي تؤوي ثروات كبيرة توفّر، إلى جانب الغذاء، مواقع سياحيّة مميّزة. فكم تخسر بلدان مثل الأردن ومصر والسعودية والإمارات، إذا انقرضت الشعاب المرجانية نتيجة للتلوث والبناء العشوائي على الشواطئ؟
الحفاظ على التنّوع الحيوي وحماية الأصول الطبيعية ليسا في أولويات معظم البلدان العربية. ولا أدَلّ على هذا مما حصل في اجتماع دولي قبل فترة، حين تمّ طرح موضوع إحياء البحر الميت بحمايته من الجفاف. فجاء الرد من أحد الوزراء العرب: «إنه بحر ميّت في أي حال، كما هو واضح من اسمه؛ فلماذا إضاعة الوقت على البحث في حمايته؟»، وقد غاب عن السيد الوزير أن البيئة النادرة للبحر الميت، وهو الأكثر انخفاضاً عن سطح البحر والأعلى ملوحة في العالم، تتمتع بثروات معدنية لا وجود لها في أي مكان آخر. وليس ما تم اكتشافه حتى الآن من قيمة طبية علاجية لها إلا القليل مما تخفيه بواطنه.
فلنستخدم «الذهب» من أرضنا بوتيرة متوازنة تؤمن استمرار الموارد وتجدّدها، عوضاً عن تبديدها. ولنحافظ على «الوردة» التي منحتنا إياها الطبيعة، فنطورها لتزدهر وتصبح حقولاً، بدلاً من قتلها بالإهمال والاستثمار المتوحش.

* الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، رئيس تحرير مجلة «البيئة والتنمية»


مقالات ذات صلة

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
بيئة ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات نبعث منها كميات من غاز الميثان أكبر من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق صورة نشرها العلماء للدودة الجديدة المكتشَفة

دودة تأكل البلاستيك... اكتشاف لتقليل التلوث بسرعة وكفاءة

اكتشف عدد من العلماء دودة آكلة للبلاستيك  في كينيا، قالوا إنها يمكن أن تُحدث ثورة في تقليل التلوث بسرعة وكفاءة.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
آسيا أشخاص يقودون سياراتهم وسط ضباب دخاني كثيف في لاهور بباكستان... 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة تحذّر من ضباب دخاني سام في باكستان يعرض الأطفال للخطر

حذرت وكالة الأمم المتحدة للطفولة، اليوم الاثنين، من أن صحة 11 مليون طفل في إقليم البنجاب بشرق باكستان معرضة للخطر بسبب تلوث الهواء.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

البراكين «مصدر خفي» لثاني أكسيد الكربون المسبِّب للاحترار المناخي

تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
TT

البراكين «مصدر خفي» لثاني أكسيد الكربون المسبِّب للاحترار المناخي

تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)
تُواصل البراكين إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بعد فترة طويلة من توقف نشاطها السطحي (رويترز)

واصلت مناطق بركانية ضخمة إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بعد فترة طويلة من توقّف نشاطها السطحي، مما يفسّر مدة بعض موجات التغير المناخي، بحسب دراسة نُشرت الأربعاء.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول بنجامين بلاك، عالم البراكين في جامعة روتجرز - نيو برونسويك بالولايات المتحدة، وقائد الدراسة التي أجراها فريق من علماء الجيولوجيا من مختلف أنحاء العالم، إنّ «النتائج التي توصّلنا إليها مهمة؛ لأنها تحدّد مصدراً خفياً لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، خلال موجات احترار مفاجئ على الأرض استمرت لفترة أطول بكثير مما كنّا نتوقع».

ويضيف بلاك في بيان مصاحب للدراسة المنشورة بمجلة «نيتشر جيوساينس»: «نعتقد أننا وجدنا جزءاً مهماً من لغز متعلق بكيفية تعطّل المناخ على الأرض، وربما بمقدار الأهمية نفسه عن كيفية تعافيه».

وترتبط «مناطق بركانية واسعة النطاق» (LIPs)، وهي مناطق واسعة تشكّلت نتيجة انفجارات ضخمة للصهارة خلال فترة جيولوجية قصيرة، بـ4 من 5 موجات انقراض جماعي كبرى منذ ظهور الحياة المعقّدة على الأرض.

وأطلقت هذه الانفجارات كميات هائلة من الغازات في الغلاف الجوي، بينها ثاني أكسيد الكربون والميثان، مما تسبّب بظاهرتَي الاحترار المناخي وتحمّض المحيطات.

وقبل 252 مليون سنة، وفي نهاية العصر البرمي، أدى النشاط البركاني المكثّف في إحدى هذه المناطق، وهي مصاطب سيبيريا، إلى موجة خسارة في التنوع البيولوجي كانت الأشد في تاريخ الكوكب؛ إذ انقرض أكثر من 90 في المائة من الأنواع البحرية، و70 في المائة من الأنواع البرّية.

واستمرت ظاهرة الاحترار المناخي والمعدلات المرتفعة لثاني أكسيد الكربون، واضطرابات دورة الكربون لنحو 5 ملايين سنة، أي حوالي 3 ملايين سنة بعد فترة النشاط البركاني.

وهذا التعافي الأبطأ للمناخ مما توقعته النماذج الجيوكيميائية المناخية الحيوية، يثير اهتمام العلماء منذ فترة طويلة.

فهل ثمة عتبات في حال تخطّيها تتوقف أنظمة تنظيم المناخ الطبيعي عن العمل؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فكيف يمكن تفسير مدة هذه الموجات وهي أطول بكثير من النشاط البركاني الذي تسبّب بها؟

انبعاثات من الأنشطة البشرية

جمّع مُعِدّو الدراسة تحليلات كيميائية للحمم البركانية، ووضعوا نماذج حاسوبية تحاكي الذوبان داخل الأرض، وقارنوا النتائج مع السجلات المناخية المحفوظة في الصخور الرسوبية، قبل طرح الفرضية القائلة بأن مرحلة النشاط البركاني السطحي لن تكون الوحيدة التي تشهد إطلاق ثاني أكسيد الكربون.

وحتى عندما توقفت الانفجارات، استمر إنتاج الصهارة في عمق قشرة الأرض ووشاحها، واستمرت في إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون، مما أدى إلى احترار طويل الأمد.

وفي حال تأكيد فرضية هذا المصدر «الخفي» لثاني أكسيد الكربون، فقد يعني ذلك أن «منظم الحرارة» للأرض يعمل بشكل أفضل مما كان يعتقد العلماء، بحسب مُعِدِّي الدراسة.

لكن هذا النوع من البراكين «لا يمكنه بالتأكيد تفسير التغير المناخي الحالي»، على ما يوضح بلاك لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويشير إلى أن هذه «الظاهرة النادرة والاستثنائية جداً، قادرة على جمع ما يكفي من الصهارة لتغطية الولايات المتحدة القارّية أو أوروبا بطبقة من الحمم البركانية بعمق نصف كيلومتر»، وقد شهدتها الأرض آخر مرة قبل 16 مليون سنة.

وحالياً يمثّل الكربون المنبعث في الغلاف الجوي من مختلف براكين الأرض مجتمعةً «أقل من 1 في المائة» من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالأنشطة البشرية، بحسب بلاك.

ويقول: «تشير دراستنا إلى أن أنظمة التحكم في مناخ الأرض تستمر في العمل حتى في ظل ظروف قاسية»، مما يمنحه الأمل في أن «العمليات الجيولوجية ستكون قادرة على إزالة ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية من الغلاف الجوي تدريجياً، لكن ذلك سيستغرق مئات الآلاف إلى ملايين السنين».