الفانيلا... عالم متقلب وعنيف

النبتة المحاطة باللصوص والجرائم

تدخل الفانيليا في صناعة الآلاف من منتجات الطعام الموجودة في المحلات التجارية حول العالم
تدخل الفانيليا في صناعة الآلاف من منتجات الطعام الموجودة في المحلات التجارية حول العالم
TT

الفانيلا... عالم متقلب وعنيف

تدخل الفانيليا في صناعة الآلاف من منتجات الطعام الموجودة في المحلات التجارية حول العالم
تدخل الفانيليا في صناعة الآلاف من منتجات الطعام الموجودة في المحلات التجارية حول العالم

رغم استخدام الفانيلا في صناعة الآلاف من منتجات الطعام الموجودة في المحلات التجارية حول العالم، وأنها من أغلى المواد بعد نبتة الزعفران، فإن أسواقها واحدة من أكثر الأسواق تقلباً في العالم. ويمكن أن يصل سعر الكيلو إلى 500 دولار كما حصل قبل خمس سنوات ويمكن أيضا أن يتراجع السعر إلى 25 دولارا وهذا يعتمد بالطبع على العرض والطلب. وما هو مؤكد أن نسبة تراوح الأسعار من يوم إلى آخر تصل إلى 20 في المائة. وكل هذا بسبب تحرير تجارة هذه النبتة المهمة، وعرضة المزارع لتقلبات الأحوال الجوية والأعاصير والأحوال الطبيعية السيئة المفاجئة مثل الجفاف أو السيول، أضف إلى ذلك أن محصول الفانيلا محصول صعب من ناحية الرعاية والاهتمام والتحصيل (تحتاج إلى تلقيح باليد وهي عملية صعبة ومضنية وطويلة). وعادة ما تحتاج النبتة إلى 6 أشهر لتنمو وستة أشهر أخرى للحصاد. ويحتاج المزارعون إلى حراس لحماية مزارعهم من اللصوص.
وتقول الكاتبة ويندل ستيفسون في ملف خاص ومفصل عن عالم الفانيلا في مدغشقر في مجلة «الإيكونوميست»، إن ارتفاع أسعار الفانيلا رافقته موجة من الجرائم الانتهازية، إذ يقوم اللصوص أحيانا باقتلاع مزارع كاملة وزرعها في مكان آخر ويقوم اللصوص المسلحون باقتحام مخازن ومستودعات الفانيلا والسطو عليها، ويقدر أن 15 في المائة من محصول الفانيلا تتم سرقته بشكل عام كل سنة. ولذا يحتاج المزارعون إلى حراس لمزارعهم وكثيرا من يسجل العشرات من الضحايا في السنة نتيجة لعمليات غزو هذه المزارع. وبكلام آخر فإن عالم الفانيلا يرتبط ارتباطا مباشرا بعالم الجريمة في بعض مناطق العالم.
وكما هو معروف فإن إنتاج الفانيلا يحتاج إلى الاستخدام المكثف لليد العاملة بطبيعته، ولذلك تفضل البلدان التي لديها أقل تكلفة لليد العاملة في هذا المضمار، ولهذا أيضا تكافح دول عظمى مثل الصين لتحقيق مكاسب كبيرة في السوق لأن القوى العالمة تتطلب مداخيل أعلى من مداخيل القوى العاملة في مدغشقر أو جزر القمر أو أوغندا على سبيل المثال مع استمرار نمو الاقتصاد الصيني.
يستقطب عالم الفانيلا 70 في المائة من اليد الزراعية العاملة في جزر القمر، ويصل عدد المزارعين أو الأفراد الذين يبيعون القرون الخضراء في مدغشقر إلى 100 ألف تقريبا وعادة ما يبيع هؤلاء القرون إلى وسطاء يعرفون باسم الجامعين، ويقوم الجامعون بدورهم ببيع القرون إلى المعدين الذين يملكون مراكز أو مستودعات المعالجة أو إلى المصدرين مباشرة وعادة ما يكونون من العائلات التجارية المالغية - الصينية.
وحول اليد العاملة تضيف ستيفسون، أن عملية معالجة قرون الفانيلا تتطلب حكمة وحدسا دقيقين، فحصاد قرون الفانيلا التي تنمو في عناقيد خضراء طويلة يتم بشكل فردي. ويجب تبهيت أو تشحيب الفانيلا الخضراء في الماء الساخن عند درجة حرارة تتراوح بين 62 درجة مئوية و64 درجة مئوية في غضون أسبوع من التقاطها. يتم لف الفانيلا في بطانيات لمدة ثلاثة أشهر قبل تدليكها وفرشها في الشمس لتجف. «الفانيلا الخضراء لا طعم لها. وإن الإنزيمات التي تحول الجلوكوفانيلين في النبات إلى الفانيلين - الجزيء الذي يعطي الفانيلا رائحته المميزة - لا تظهر إلا من خلال المعالجة».
وكما يقول المزارعون إن العمل بالفانيلا يحتاج إلى الانضباط والعاطفة، ولهذا تنسق الشركات الكبرى التي تعتمد كثيرا في صناعة منتجاتها على الفانيلا مباشرة مع المزارعين لحماية النوعية والإبقاء عليها.
تتزايد رقعة الأراضي المفرزة في آسيا وأفريقيا لزراعة الفانيلا كل سنة، ولا تزال مدغشقر أكبر دولة العالم إنتاجا للفانيليا، حيث بلغ إنتاجها 2926 طناً في السنة يليها إندونيسيا، وعلى هذا يكون إنتاج كلا البلدين أعلى بكثير من 885 طنا التي تنتج في الصين أو 513 طنا التي تنتج في المكسيك التي تعتبر المنتج التقليدي والأول لها. ولا يزال ثمانون في المائة من الفانيلا في العالم يأتي من مدغشقر التي تعتبر أفقر دول العالم، وبالتحديد من مناطق بيلامبو وسامبافا وأنتالاها في مقاطعة سافا شمال شرقي البلاد.

الدول المنتجة والمستهلكة للفانيلا في العالم حسب الترتيب
مدغشقر (3000 طن) - إندونيسيا (2300 طن) - الصين (885 طنا) - المكسيك (513 طنا) - بابوا غينيا الجديدة (502 طن) - تركيا (303 أطنان) - أوغندا (211 طنا) - تونغو (180 طنا) - بولينيسيا الفرنسية (24 طنا) - لارينيون (21 طنا) - مالاوي (20 طنا) - كوموروس (15 طنا) - كينيا (15 طنا) - غوادلوب (11 طنا) - زيمبابوي (11 طنا).
أهم الدول المستوردة للفانيليا في العالم حسب الترتيب: الولايات المتحدة الأميركية - فرنسا - ألمانيا - هولندا - بريطانيا - بلجيكا - كندا.
أما الدول الأكثر استهلاكا للفانيليا في العالم حسب الترتيب فهي الولايات المتحدة الأميركية - إندونيسيا - بابوا غينيا الجديدة - المكسيك - فرنسا.
وحول تاريخ ومصادر الفانيلا الأولى، يقول موقع أطلس العالم إن المكسيك هي مسقط رأس الحبة التي تنتمي إلى عائلة السحلبيات التي تعتبر من بين أكبر العائلات النباتية المزهرة. وقد قام السكان الأصليون في أميركا الوسطى بزراعة الفانيلا منذ العصور القديمة وبعد الاتصال واستعمار الأوروبيين في بداية القرن السادس عشر، بدأت المكسيك وشبه جزيرة يوكاتان بالتحديد ترسل نكهات ورائحة الفانيلا إلى جميع أنحاء العالم. وظلت المكسيك لفترة طويلة بعد ذلك المورد الرئيسي للفانيليا في العالم، حتى منتصف القرن التاسع عشر تقريباً. ورغم أنها لا تزال من أهم المنتجين العالميين فإنها عجزت عن استعادة موقعها الأول بسبب توسع نشاط الدول الآسيوية والأفريقية في هذا المضمار. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن أول وصفة طعام تشمل الفانيلا جاءت في كتاب للطبخ في مدينة نابولي في إيطاليا عام 1690 تحت عنوان «فانيليا مثلجة». ويقال إن الرئيس الأميركي توماس جيفرسون قام بنسخ الكثير من وصفات الطعام عندما كان سفيرا لبلاده لدى فرنسا في نهاية القرن السابع عشر. ومن هذه الوصفات وصفة البوظة التي تشمل كاسترد صفار البيض والفانيلا. وإنه عندما أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأميركية عام 1801 كان يقدم هذه البوظة في البيت الأبيض، ومن هناك انتشرت هذه البوظة التي نعرفها الآن وهي بوظة الفانيلا الكلاسيكية.



جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
TT

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)

يزخر مطبخ البحر المتوسط بأطباق طعام منوعة وغنية، بينها ما يعود إلى بلاد الشام وأخرى إلى بلاد الأناضول. فكل بلد يحضّرها على طريقته وبأسلوب ربّات المنازل. فكل سيدة تصنعها كما تشتهيها، وتحاول تعديلها بما يلائم رؤيتها في الطبخ.

مؤخراً، شهد المطبخ اللبناني عودة ملحوظة للأطباق التراثية. وبعض مؤلفي كتب الطهي وغيرهم من الطهاة المعروفين يبحثون عنها، فيجوبون القرى والبلدات كي يعثروا على أصولها الحقيقية.

«الشرق الأوسط» اختارت 3 أطباق تراثية من المطبخ اللبناني، بينها ما يعود أصولها إلى القرى والضيع، وأخرى تم استقدامها من بلد آخر لما شهد لبنان من حضارات مختلفة.

رشتة المعكرونة والعدس (الشرق الاوسط)

«الزنكل بالعدس» طبق شتوي بامتياز

قلّة من اللبنانيين يعرفون هذا الطبق أو سبق وتذوقوه من قبل. في انتمائه إلى الصنف التراثي القديم، يشتهر هذا الطبق في قرى البقاع وجبل لبنان والشوف.

يتألف هذا الطبق من ثلاثة مكونات أساسية، ألا وهي العدس وحبيبات الزنكل والبصل المقلي. يعتبر من أشهى وأطيب الأطباق الشتوية. سريع التحضير ويحبّه أفراد العائلة أجمعين.

من أجل إطعام أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، يكفي إعداد كمية 800 غرام من البرغل الناعم ووضعه في وعاء معدني ونقعه، يتم غمره بكمية من المياه ويترك لمدة ربع ساعة. ومن ثم يتم عصره لاستخراج المياه منه. ومع نصف كيلو غرام من طحين القمح يتمّ خلط الكميتين بواسطة اليدين. وعندما تصبح كعجينة متماسكة نقسّمها قطعاً صغيرة، ومن ثم ندوّرها لتأخذ حجم حبة الكرز تقريباً، وذلك تمهيداً لغليها مع «القليّة». وهي كناية عن مرقة مكوّنة من البصل والزيت، يضاف إليها مقدار كوب من العدس. وعندما ينضج العدس تصبّ جميع مكونات الطبق في وعاء واحد كي يغلي، فيوضع على نار هادئة فترةً تمتد بين 20 و30 دقيقة. ويقدّم هذا الطبق وجبة ساخنة بعد أن يضاف إليها الملح وبهارات الفلفل كلّ بحسب ذوقه.

"الزنكل بالعدس" طبق شتوي بامتياز (الشرق الاوسط)

تعدّ «الرشتة بالمعكرونة» من الأطباق السريعة التحضير، وتدخل على لائحة أشهر أنواع الحساء الشعبي في لبنان. وتشتهر هذه الطبخة في قرى جبل لبنان والمتن، وتتألف من ثلاث مكونات رئيسية ألا وهي المعكرونة والعدس والبصل.

يشبه تحضير هذا الطبق سابقه. وبعد أن يتم غلي العدس كي ينضج، يضاف إليه البصل المقطّع شرحات والمقلي بالزيت مع الكزبرة والثوم المهروس. في هذا الوقت يتم سلق 500 غرام من المعكرونة. وبعد تصفيتها يتم غمر جميع المكونات بالمياه، وتترك لنحو 10 دقائق على نار متوسطة، ويقدّم مع مخلل اللفت الأبيض.

«الباشا وعساكره» يفتح الشهية من سوريا إلى لبنان

البعض يعدّ هذا الطبق من أصول تركية، فيما أهل الشام يؤكدون أنه من ابتكارهم. ويشتهر به في لبنان أهالي قرى الشمال. وينتمي هذا الطبق إلى تلك التي تحضّر مع روب اللبن. ويتألف من قطع عجين محشوة بالبصل واللحم وقطع الكبة اللبنانية الفارغة. فيجمع بذلك طبقين معروفين في لبنان الـ«كبّة باللبن» و«الشيش برك».

يمكن تحضير الكبّة كما قطع الـ«شيش برك» في المنزل أو شراءها جاهزة.

ويتم تحضير روب اللبن بحيث يوضع نحو كيلوغرام منه في وعاء يضاف إليه ربع كميته من المياه. ويضاف إلى هذا المزيج ملعقتان من طحين الذرة. ويتم خلط المكونات الثلاثة بالمضرب إلى حين تأليفها مزيجاً متماسكاً. يترك هذا الخليط جانباً، في حين يتم قلي كمية من الثوم المهروس بزيت الزيتون أو الزبدة. ويمكن حسب الرغبة إضافة الكزبرة الخضراء إليه. فيما البعض يفضل أن النعناع اليابس والجاف عند الانتهاء من عملية الطهي. بعد أن نحصل على الثوم المحمّر نبقي الوعاء على النار ونضيف إليه المزيج المحضّر سابقاً. ويتألّف من اللبن والمياه وطحين الذرة. نأخذ بتحريك اللبن من دون توقف إلى حين وصول المزيج إلى درجة الغليان. بعدها وعلى نار هادئة نضيف إلى الخليط قطع الكبّة و«الشيش برك». وبعد نحو 10 دقائق يمكن تقديمه على المائدة مع كمية من الأرز المسلوق أو من دونه. ويمكن تزيينه بحبوب الصنوبر المحمّرة بالزبدة.