مدونات لتعليم الطهي في مصر... فن وثقافة وتقريب بين الشعوب

«محشي دوت كوم» تنافس «فوديستا»

سارة الرفاعي تتبضع في السوبر ماركت
سارة الرفاعي تتبضع في السوبر ماركت
TT

مدونات لتعليم الطهي في مصر... فن وثقافة وتقريب بين الشعوب

سارة الرفاعي تتبضع في السوبر ماركت
سارة الرفاعي تتبضع في السوبر ماركت

سجلت المدونات المتخصصة في تعليم الطهي، على مواقع التواصل الاجتماعي، نجاحاً لافتاً في مصر، بعدما اجتذبت قطاعاً عريضاً من رواد «السوشيال ميديا»، ممن يبحثون عن وصفة جديدة، أو يستهدفون التعرف على الأطباق الأكثر شهرة في مطابخ الدول المختلفة. ولمعت في هذا المجال صفحات كثيرة، أصبح متابعوها بعشرات الآلاف، من بينها «Kitchen Keys»، و«Foodista egypt» بالإضافة إلى «محشي دوت كوم»، وجميعها تحرص على إضافة لمسات فنية، في عالم الطهي بما يتناسب مع جميع الثقافات، ومختلف الأذواق.
وتقول آلاء الجارحي، مؤسسة صفحة Foodista egypt، إنها «حرصت على تقديم رؤيتها حول مختلف المطاعم والمأكولات في جميع أنحاء مصر، وإسداء النصائح المفيدة في هذا المجال»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط» « في الصفحة أنا وشقيقتي آية، نجيب على أسئلة كثيرة تدور في أذهان عشاق الطعام، مثل: إلى أين تذهب؟ وماذا يجب أن تطلب في المكان الذي اخترته لتناول الطعام، أو مشروب المفضل لديك؟».
وتتخصص صفحة آلاء، التي يتابعها أكثر من 70 ألف زائر، في تقييم الأطباق المقدمة في مطاعم مختلفة، وأشهر «الكافيهات» التي يمكن التردد عليها، وتقديم النصائح للجمهور.
ويلاحظ أن الصفحة تتميز بمتابعة كل جديد سواء كان الأمر متعلقاً بالأطباق العربية والشرقية أو الغربية، إضافة إلى المخبوزات الطازجة المحببة للجميع، بل الأمر قد يتطرق إلى أحدث الأجهزة في عالم الطبخ مثل الميكروويف والفرن الكهربائي.
وكثيراً ما تنشر الشقيقتان آلاء وآية، صوراً شخصية لهما وهما يتناولان الطعام، ويبديان رأييهما فيه، وتقول آلاء: «اهتمامنا بجودة الطعام وحبنا للمذاق الشهي هو ما دفعنا إلى تحويل هذا الحب إلى منصة غذائية على (السوشيال ميديا) تفيد الآخرين، خاصة أننا نجرب مختلف المذاقات ونتعرف على كل ما هو جديد».
والتعليقات على صفحة «Foodista egypt» تنصب جميعها على توجيه الشكر للمدونة، نظراً لما تقدمه من أحدث ما طرأ في عالم الطهي، والافتتاحات الجديدة للمطاعم والكافيهات.
ويرى كثير من المختصين في عالم الطبخ، أن مثل هذه المدونات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ساهمت في تسويق أطباق عربية وأجنبية بين فئات عمرية، مختلفة، فضلاً عن أنها كان لها دور في تعليم شريحة كبيرة من الجنسين فنون الطهي.
وفي أوساط المتابعين للمطابخ المصرية والعربية عبر العالم الافتراضي، تحظى مدونة «
Kitchen Keys» التي تديرها سارة الرفاعي، بشهرة واسعة في هذا المجال، خاصة أنها تهتم بالوصفات المصرية الكلاسيكية وأطباق المعكرونة والحلويات.
وتوضح سارة، التي يتابعها آلاف الرواد من الباحثين عن وصفات وطبخات جديدة، أنها وقعت في حب الطهي منذ محاولتها الأولى لدخول المطبخ قبل سنوات، وقالت إنه رغم فشلها في تحضير اللازانيا، فإنها لم تستسلم، والآن لا تكف عن تطوير وصفاتها الخاصة، وتقديم كل ما هو جديد في عالم الطهي، ويصفها كثير من متابعيها بأن وصفتها «سهلة ومريحة في طريقة إعدادها».
في حياة سارة 3 أماكن أساسية لا تستطيع الاستغناء عنها، ولا تكف عن زيارتها، لأنها في واقع الأمر هي مصادر إلهامها، كما تقول، وهي: أسواق الخضار الكبيرة «لأني أحب الطهي بالمنتجات الطازجة»، ومحال السوبر ماركت «التي أقضي فيها ساعات طويلة بحثاً عن منتجات جديدة، والتفكير في كيفية الاستفادة منها»، والمكان الثالث هو العطار (متجر البهارات) «لأني أعتقد أن البهارات هي التي تضفي أي مذاق خاص على الحياة»، متابعة: «أهتم بزيارة هذه الأماكن، لأن جودة المنتجات التي أشتريها هي التي تصنع الأكل الطيب». ويرى معلقون على صفحة سارة، أن أطباقها «سهلة ولذيذة، وصحية وصديقة للصحة».
أما صفحة «محشي دوت كوم»، التي تحمل اسم أهم أكلة لدى قطاع كبير من المتذوقين، فتحرص على تقديم أطباق من مختلف الأقاليم المصرية. فضلاً عن أنها تتيح الفرصة للجمهور من جميع أنحاء البلاد لتقديم وصفات الأكلات المختلفة التي تشتهر بها كل محافظة، خاصة التقليدية التي في طريقها للنسيان، بعد عرضها على فريق من الطهاة المتخصصين.
ويشير القائمون على الصفحة، إلى أنهم يعتمدون في إدارة المدونة على «أسلوب علمي، من خلال البحث الميداني عبر السفر إلى المناطق المختلفة في مصر، إلى جانب الاستعانة بالخبراء والمختصين». وتحظى مدونة «Cairo Eats» بمتابعة جيدة من فئة الشباب، الذين يبحثون عن المطاعم والمقاهي، وتستخدم النجوم الذهبية لتقييم تلك الأماكن، متخذة شعار «نحن نأكل كل شيء، نحن مرشدك في الطعام».
وتهتم المدونة بتوصيف أنواع الأطباق، وأسعارها وأماكن وجودها، كما تساعد الجمهور في التعرف على محال بيع الآيس كريم والعصائر والقهوة والمخابز، وأحياناً لا تكتفي بالصور، بل تدعم خدمتها بمقاطع فيديو من داخل مطابخ المطاعم أو المتاجر، حيث تصف ديكورات وتفاصيل المطاعم، والوقت الذي قد يستغرقه إعداد الأطباق المختلفة إلى أن يتم وضعها على الطاولة.
وعلى مدونته «Mido Eats» يسأل ميدو برسوم، هل تريد أن تعرف المزيد عن الطعام؟ لا تسأل صديقاً، اسأل شيفا مصريا ذاتي التعليم، علم نفسه بنفسه، حيث يقدم أطباقاً من مختلف مطابخ العالم، واسعة التنوع ما بين المالح والحلو، بالإضافة إلى العصائر التي قد تبدو غريبة، بجانب ما يطلق عليه الآيس كريم المقلي الذي أثار دهشة متابعيه فكتب لهم بلهجته المصرية «إيه يا جماعة عمركم ما سمعتوا عن آيس كريم مقلي». وحول السر وراء ذلك يقول ميدو: «أبحث دائما عن شيء يخرج عن التقليدي والمألوف، وصفات تأخذ المتابعين لي إلى عالم الطهي الإبداعي» وحول مصادر إلهامه، يقول: «قد يصعب الوصول إلى مؤسسات الطعام الملهمة في مصر، لكن وجدت أن أكثر الأطباق تطوراً هي تلك التي تقدمها الفنادق وليست المطاعم».



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».