قدمت روسيا خلال مشاركتها في أعمال معرض دمشق الدولي عرضاً بإطلاق برنامج واسع لتحديث وتجديد الأسطول السوري، باستخدام قدرات مجمع بناء وإصلاح السفن في شبه جزيرة القرم، وتزامن ذلك مع الإعلان عن توسيع اتفاق التعاون الاقتصادي بين موسكو ودمشق، ليشمل قطاعات جديدة لم تكن مدرجة في السابق على جدول أعمال التعاون الثنائي.
ونقلت وكالة «نوفوستي» الحكومية الروسية عن نائب رئيس مجلس وزراء القرم، غريغوري مرادوف، الذي يزور سوريا حالياً في إطار الوفد الروسي المشارك في أعمال المعرض الدولي، أن مجمع بناء وإصلاح السفن في شبه الجزيرة «على استعداد لدعم سوريا في مجال بناء وإصلاح السفن البحرية». ويعد المجمع واحداً من أهم مراكز بناء السفن، وقد لعب أدواراً مهمة خلال العهد القيصري، وفي حقبة الاتحاد السوفياتي، وأعادت موسكو ترميمه وتحديثه بعد ضم شبه الجزيرة في عام 2014.
وقال المسؤول في إطار ورشة لمناقشة مجالات التعاون مع سوريا: «لدينا اهتمام بالتعاون مع سوريا في مجالات مثل إصلاح وبناء السفن، في أحواض بناء السفن في القرم، وسوريا لديها أسطولها الخاص، وتحتاج إلى مثل هذه الخدمات».
وأضاف أن سوريا مقبلة على مرحلة إعادة الإعمار بعد الحرب العنيفة التي شهدتها، مشيراً إلى أن «شركات في القرم وروسيا تنتج كثيراً من المنتجات، مثل المعادن والهياكل المعدنية التي تحتاج إليها سوريا في المرحلة المقبلة».
وكانت حكومة القرم، التي لا تحظى باعتراف دولي، قد وقعت مع الحكومة الروسية اتفاق تعاون يشمل مجالات السياحة والقطاعات الثقافية ومجالات أخرى، لكن الطرفين أعلنا أمس عن توقيع رزمة اتفاقات جديدة، على هامش المعرض الدولي المنعقد حالياً في دمشق، بينها اتفاقية لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، شملت إنشاء بيت تجاري، وشركة ملاحة للقطاع الخاص، وتبادل المشاركات في المعارض.
وفي الأثناء، أعلنت بكين أنها ستقدم منحة جديدة من حافلات النقل الداخلي لسوريا، بعد نحو 3 أشهر على دفعة كانت قد قدمتها، وشملت 100 من الحافلات التي عرفت في سوريا وخارجها، من خلال استخدامها في نقل المسلحين من مناطق القتال في السنوات الأخيرة.
وأشارت قناة «آر تي» التلفزيونية الحكومية الروسية إلى أن المنحة الجديدة التي لم يُحدد عدد الحافلات فيها بعد أعلن عنها سفير الصين في دمشق بيونغ بياو، بعدما «اطلع على حاجة المحافظات الفعلية من حافلات النقل الداخلي، خلال لقائه بمدير عام شركة النقل الداخلي، سامر حداد».
وكانت حافلات النقل الخضراء اللون قد حملت دلالات متباينة عند السوريين، إذ رأى فيها معارضو السلطة السورية رمزاً للتهجير، بينما يرى آخرون فيها رمزاً لإطلاق الإرهابيين بدل محاسبتهم، وتنظر إليها أوساط الحكومة السورية باعتبارها رمزاً «للمصالحات» والحل السياسي.
وكان لافتاً توقيت الإعلان عن صفقة الحافلات الجديدة، ورأى معلقون أنها قد تكون مرتبطة بالتطورات الميدانية الجارية في إدلب، والحديث عن ضرورة خروج المسلحين من المنطقة، وكان نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، قد قال، أول من أمس، إن الغرب لن يتمكن من إنقاذ الإرهابيين في سوريا.
وأشار إلى أنه «كلما حققت القوات السورية تفوقاً على الميدان، وبدأت بالتقدم على مواقع الإرهابيين، يبدأ زملاؤنا الغربيون بتصعيد الدعوات لوقف العمليات القتالية، كأنهم ينسون قراراتنا المشتركة بشأن محاربة الإرهابيين بلا هوادة».
وخاطب الغرب، مشيراً إلى أن «هذه العملية (القضاء على الإرهابيين) لا رجعة فيها. والتوافق من أجل سوريا آمنة جديدة قد تم، ولم يعد الإرهابيون وداعموهم يمسكون زمام المبادرة، وأنتم لن تتمكنوا من إنقاذهم».
وعلى صعيد موازٍ، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن «العمل مستمر لإجلاء مجموعة كبيرة من نزلاء مخيم الركبان للنازحين في منطقة التنف، جنوب غربي سوريا، مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل».
وأكد رئيس المركز، أليكسي باكين، أن الجانب الروسي يعمل، بالتعاون مع الحكومة السورية، وبالتنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية، على استقبال وإيواء النازحين، مشيراً إلى الأهمية الخاصة التي يوليها المركز لمشكلة مخيم الركبان.
وكشف باكين أن بعثة الأمم المتحدة «أنجزت أخيراً، بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري، عملية إحصاء سكان مخيم الركبان، وأعرب آلاف النساء والأطفال والمسنين عن رغبتهم في مغادرته».
وزاد أنه «في مطلع سبتمبر (أيلول)، نخطط لخروج آمن وطوعي للنازحين من الركبان إلى مراكز الإيواء المؤقت، بما فيها تلك المنتشرة في حمص»، موضحاً أن هذه المحافظة تحتضن 26 من أصل 50 مركز إيواء تم افتتاحها في البلاد.
وأشار إلى أن «مراكز الإيواء المؤقت تتوفر فيها كل الظروف اللازمة لاستقبال وإقامة النازحين، بما فيها الغذاء والمساعدة الطبية والنفسية، وذلك بخلاف مخيم الركبان الذي يشكو القاطنون فيه من ظروف معيشية تعيسة ومرعبة».
وكانت موسكو قد دعت الولايات المتحدة إلى تسهيل عملية خروج المدنيين من الركبان، واتهمت واشنطن بغض النظر عن تصرفات المسلحين في المخيم الذين تقول موسكو إنهم حولوا المدنيين إلى دروع بشرية لمواصلة سيطرتهم على المنطقة. وأعلنت موسكو ودمشق عدة مرات في السابق عن فتح ممرات آمنة من المخيم، لكن هذه المبادرات لم تجد تجاوباً مع القاطنين فيه، إذ أقرت وزارة الدفاع الروسية في وقت لاحق أن عدد من تجاوب مع دعوات موسكو للخروج محدود جداً.
موسكو تقترح «تحديث الأسطول السوري» في القرم
موسكو تقترح «تحديث الأسطول السوري» في القرم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة