«الجيش الوطني» يعزز قواته قرب طرابلس... ويتأهب في الجنوب

تقرير أممي يطالب الفصائل المتحاربة بـ«العودة إلى الحوار السياسي»

TT

«الجيش الوطني» يعزز قواته قرب طرابلس... ويتأهب في الجنوب

هدأت حدة المعارك في العاصمة الليبية طرابلس، بينما رسم أحدث تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش صورة قاتمة للأوضاع في ليبيا متخوفاً من أن تغرق في «حرب أهلية» إذا لم يتم اتخاذ خطوات «على المدى القصير» لوضع حد للنزاع بين رئيس حكومة «الوفاق» فائز السراج والمشير خليفة حفتر.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات «الجيش الوطني» عززت من قواتها العسكرية على تخوم طرابلس، كما بدأت عملية مراقبة واسعة النطاق لمنطقة الهلال النفطي تحسباً لهجوم إرهابي محتمل، أشارت إليه معلومات استخباراتية، مضيفة أن قوات الجيش تستعد أيضاً لشن عملية عسكرية لتطهير مدينة مرزق في جنوب البلاد من «الجماعات الإرهابية والإجرامية» وبخاصة تلك المحسوبة على تنظيمات المعارضة التشادية.
وقال «الجيش الوطني»، في بيان للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، أمس، إن الأوضاع كانت هادئة في كل المحاور، موضحاً أن قوات سلاح الجو نفذت ضربات على تمركزات «ميليشيات مسلحة» موالية لحكومة السراج أول من أمس، شملت منطقتي وادي الربيع وعين زارة.
في المقابل، قال العميد مبروك عبد الحفيظ المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة «الوفاق» إن «الأوضاع في مدينة غريان تحت السيطرة عسكريا من قبل غرفة العمليات المشتركة، التابعة للحكومة، وأمنياً من قبل مكونات وزارة الداخلية، وفي مقدمها مديرية أمن غريان».
وبعدما حذر «كل من تسوّل له نفسه بث الفتنة أو الإخلال بالأمن والسلم الأهليين»، شدد على «عدم التهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية والاحتياطات الأمنية في ربوع ليبيا كافة، ومدينة غريان خاصة، والتي من شأنها حماية أرواح وممتلكات المواطنين».
بدوره، اتهم محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، قوات «الجيش الوطني» بشن ما وصفه بـ«عدوان مسلح» على العاصمة طرابلس بذريعة مكافحة الإرهاب. وقال في كلمة له أمس، أمام قمة «تيكاد» بالعاصمة اليابانية طوكيو إن حكومته مارست «حقها الشرعي» وواجبها في الدفاع عن العاصمة وأهلها، لافتاً إلى مقتل أكثر من ألف من المدنيين الآمنين وتشريد أكثر من مائة ألف وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة.
إلى ذلك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش في تقرير لمجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في ليبيا، الذي صدر الاثنين الماضي ووزعته البعثة الأممية لدى ليبيا مساء أول من أمس، أنه «إذا لم يتم فعل شيء على المدى القصير، فمن المحتمل جداً أن يتحول النزاع الحالي في ليبيا إلى حرب أهلية»، داعياً «الفصائل المتحاربة إلى وقف كل الأعمال القتالية والعودة إلى الحوار السياسي».
وحض جميع الأطراف على التوقف عن استخدام الأسلحة المتفجرة، بما في ذلك خلال الغارات والقصف الجوي في المناطق السكنية، نظراً إلى أنها قد تضرب بشكل عشوائي. وبعدما رأى أنه من أجل «التوصل إلى حل سياسي للنزاع في ليبيا، هناك حاجة إلى دعم كامل وجماعي من المجتمع الدولي»، أعرب عن قلقه حيال وجود مقاتلين أجانب ومرتزقة جنّدهم أطراف النزاع في ليبيا، وكذلك حيال تدفّق السلاح إلى البلاد.
وقدر التقرير عدد المقاتلين المنخرطين في تنظيم «داعش» على أراضي ليبيا بأنه يتراوح ما بين 500 إلى 700 مقاتل، من بينهم رعايا أجانب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.