حكومة السراج تنفى استقالتها وتبحث عن سلاح تركي

حفتر يحصل على مزيد من الدعم المحلي

خليفة حفتر (رويترز)
خليفة حفتر (رويترز)
TT

حكومة السراج تنفى استقالتها وتبحث عن سلاح تركي

خليفة حفتر (رويترز)
خليفة حفتر (رويترز)

نفى المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» في العاصمة الليبية طرابلس، التي سعت للحصول على أسلحة جديدة من تركيا، مزاعم بشأن استقالته الجماعية، وتسليم السلطة لـ«الجيش الوطني» والحكومة الموالية، له في شرق البلاد.
وقال المجلس المدعوم دولياً، إنه تم مساء أول من أمس، اختراق حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ونشر ما وصفه ببيان مزور يفيد بتقديم المجلس استقالته، وتسليم السلطة إلى حكومة عبد الله الثني المؤقتة ومهامه الأمنية لقائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر.
والتزم حفتر وحكومة الثني الصمت حيال هذه التطورات، لكن المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» التابع لـ«الجيش الوطني» اعتبر في بيان مساء أول من أمس، أن نفي السراج صحة البيان وتأكيد اختراق الحسابات الخاصة بالحكومة التي وصفها بغير الشرعية «قد يكون نتيجة لضغط من الميليشيات السياسية والإسلامية وبعض قادة المجموعات الإرهابية والإجرامية بطرابلس مما جعل السراج يتراجع عن قرار التنازل المؤلم».
وتأكيدا على عدم تغير موقفه السياسي الرسمي، ناقش السراج، الذي يعتبر نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي، مع الفريق محمد الشريف رئيس الأركان التابع له، تطورات الوضع الميداني، وسير العمليات في محاور القتال بمنطقة طرابلس الكبرى ومحيطها والإجراءات العسكرية المتخذة لتأمين مدينة غريان التي يسعى الجيش الوطني لاستعادة السيطرة عليها.
وقال بيان وزعه مكتب السراج إنه أصدر أوامره بتعزيز الوحدات المقاتلة في جميع المحاور بالاحتياجات التي تتطلبها العمليات، ونقل عن الشريف تأكيده أن قواته تحقق تقدما على مختلف المحاور.
وكان السراج دعا مساء أول من أمس، قوات «الجيش الوطني» إلى الاستسلام وتعهد بمعاملة كريمة لهم، بعدما بارك ما وصفه بانتصارات القوات الموالية لحكومته في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس وإفشالها محاولة قوات الجيش الوطني لاختراق دفاعات المدينة على مدى اليومين الماضيين.
وسعت حكومة السراج على ما يبدو للحصول على أسلحة تركية جديدة، بعدما أعلن «الجيش الوطني» عن تدمير أكثر من غرفة عمليات لطائرات «درون» تركية تعمل لصالح الميلشيات المسلحة الموالية للحكومة، وأعلن فتحي باش أغا وزير داخليتها، عن زيارة مفاجئة إلى العاصمة التركية أنقرة، أول من أمس، ناقش خلالها مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، آفاق التعاون العسكري بين البلدين بالإضافة إلى عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن أمر الله إيشلر، المبعوث التركي إلى ليبيا، إن بلاده اختارت الوقوف إلى جانب ما وصفه بالشرعية في إشارة إلى حكومة السراج، وقال إن بلاده ترى أنه لا سبيل للبحث عن حلول للأزمة الليبية باستخدام الوسائل العسكرية التي من شأنها تقويض استقرار البلاد.
من جهته، قال مكتب حفتر إنه استقبل مساء أول من أمس، بمقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي بشرق البلاد، وفداً من أعيان ومشايخ منطقة الشويرف، الذين «أكدوا دعم المنطقة التام للقيادة العامة للقوات الجيش وحربها على الإرهاب والعصابات الإجرامية المُسلحة».
وكان اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم قوات الجيش الوطني، أعلن مقتل وإصابة العشرات في صفوف قوات حكومة السراج إثر اشتباكات في منطقة الزطارنة جنوب شرقي العاصمة طرابلس.
وقال المسماري، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، في بنغازي، إن اللواء المبروك الغزوي آمر غرفة العمليات المنطقة الغربية بـ«الجيش الوطني» أبلغ بوقوع اشتباكات عنيفة في منطقة الزطارنة المحاذية للطريق الساحلي الرابط بين طرابلس وشرق البلاد، وأضاف: «استطاعت قواتنا قتل وإصابة العشرات وأسر خمسة آخرين من قوات الوفاق وتدمير عدد من آلياتهم».
وأشار إلى تخطيط قوات الجيش لعمليات عسكرية جديدة جنوب طرابلس، وأضاف: «نعمل على التخطيط لمرحلة جديدة عسكرية في عملية تحرير طرابلس، يقوم أساسها على إنهاك قدرات العدو»، وأكد ما وصفه بالمتابعة المستمرة والتنسيق للمشير حفتر حول تنفيذ أي عمليات محتملة في أي لحظة.
إلى ذلك، أعلن ديوان المحاسبة الموالي للسلطات في شرق ليبيا، وقف مندوبه الدائم لدى الجامعة العربية صالح عبد الواحد الشماخي، الموالي لحكومة السراج، لارتكابه ما وصفه بـ«مخالفات جسيمة بالمندوبية».
وقال بيان للديوان، أول من أمس، إن رئيسه عمر عبد ربه صالح أصدر قراراً بوقف الشماخي احتياطيا عن العمل لأسباب تتعلق بمقتضيات المصلحة العامة، دون أن يفصح عن المزيد من التفاصيل.
وقال مسؤول إعلامي في الديوان لـ«الشرق الأوسط» إنه تم إبلاغ جهات الاختصاص لتنفيذ القرار، لافتا إلى أن إبلاغ الجامعة العربية ستتولاه وزارة الخارجية أو مجلس النواب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.