ضبط عجز الموازنة اللبنانية... بين الجدية الحكومية والتشكيكات المؤسساتية

وزارة المال تستهدف خفضها من 11 إلى 6 % في 2020

تظهر وزارة المال اللبنانية جدية فائقة في خفض عجز الموازنة إلى مستويات مقبولة في موعد غايته العام المقبل (رويترز)
تظهر وزارة المال اللبنانية جدية فائقة في خفض عجز الموازنة إلى مستويات مقبولة في موعد غايته العام المقبل (رويترز)
TT

ضبط عجز الموازنة اللبنانية... بين الجدية الحكومية والتشكيكات المؤسساتية

تظهر وزارة المال اللبنانية جدية فائقة في خفض عجز الموازنة إلى مستويات مقبولة في موعد غايته العام المقبل (رويترز)
تظهر وزارة المال اللبنانية جدية فائقة في خفض عجز الموازنة إلى مستويات مقبولة في موعد غايته العام المقبل (رويترز)

أضافت وزارة المال اللبنانية دليلا جديدا على جديتها في التزام تصويب أداء الموازنة العامة في جانبي ضبط الإنفاق وتنمية الواردات، تحقيقا للاستهداف الرئيسي بخفض نسبة العجز الحقيقي إلى الناتج المحلي من نسبة 11.2 في المائة التي بلغتها في العام المالي 2018. إلى نسبة 7.6 في المائة التي التزمت الحكومة بتحقيقها في نهاية العام المالي الحالي.
وتشكك مؤسسات مالية دولية ووكالات التصنيف بإمكانية تحقيق كامل الوفر المستهدف خلال الأشهر القليلة المتبقية حتى نهاية السنة، مع ترجيح النجاح بخفض العجز إلى نحو 9 في المائة. وهو معدل «مشجع» على أي حال، وفقا لهذه المؤسسات في حال واصلت الحكومة سياسات الانضباط وتفعيل الانتظام المالي في موازنة العام المقبل، والتي يرتقب إنجاز مسودة مشروع القانون الخاص بها قبل منتصف الشهر المقبل تمهيدا لإحالته، ضمن المهلة الدستورية، إلى المجلس النيابي في دورته العادية التي تبدأ منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم.
ويبدو أن آلية الصرف الاستثنائي المستندة إلى «القاعدة الاثني عشرية» (شهر مقابل شهر)، مكنت وزارة المال من التحكم إيجابا بالإنفاق العام وحصره ضمن «الضرورات» الأساسية وجدولة صرف المستحقات ذات الطابع الاجتماعي والاستثماري. فيما يؤمل أن تشهد واردات الموازنة طفرة إيجابية انسجاما مع تفعيل الزيادات الضريبية وغير الضريبية التي وردت في قانون موازنة العام الحالي، والذي صار ساريا بدءا من أول شهر أغسطس (آب) الجاري نتيجة التأخير في رحلة المشروع بين الحكومة والمجلس النيابي.
استنادا إلى البيانات المنجزة حتى منتصف العام، والتي يصح اعتمادها كمرجعية رقمية للمقارنة مع «أسوأ» أداء للموازنة في العام الماضي، انخفض العجز الكلي للموازنة بنحو 667 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الحالي موازيا نحو 26 في المائة من النفقات، مقارنة بنظيره البالغ نحو 33 في المائة من النفقات في الفترة عينها من العام الماضي. وبذلك انخفض العجز الإجمالي إلى أقل من 30 في المائة من نحو 34 في المائة المحققة حتى منتصف العام الماضي، وهذا ما أفضى إلى تحقيق فائض أولي بنحو 309 ملايين دولار، مقابل عجز بنحو 155 مليون دولار.
وفي الحصيلة المجمعة، تحقق وفر إيجابي بنحو 618 مليون دولار، إذ بلغ العجز الإجمالي للموازنة في أول 6 أشهر نحو 2.418 مليار دولار، مقابل نحو 3.036 مليار دولار في الفترة ذاتها للعام الماضي. ومن المرجح، في حال مواصلة تطبيق سياسة التشدد في الصرف وتحسين الواردات والاستفادة من الزيادات الضريبية، الحفاظ على مستوى معتدل للعجز الإجمالي عند مستوى 4.5 مليار دولار، وهي توازي فعليا نحو 8 في المائة من الناتج المحلي. أي تحقيق معدل وسطي بين طموحات الحكومة وبين ترقبات المؤسسات المالية الدولية.
ووفقا لمصادر مالية رفيعة المستوى تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، يمكن تصنيف هذا التقدم بالنوعي وفي توقيت مناسب جدا بعد صدور التقييمات الائتمانية الجديدة. وهو كان من الدعائم المهمة التي ساهمت بإبقاء تصنيف السيادي عند الدرجة B لدى وكالة التقييم العالمية «ستاندرد آند بورز»، بينما لم تستجب له وكالة «فيتش». وبذلك يمكن لهذا الوفر أن يشكل حافزا قويا للحكومة لإثبات مصداقيتها في السعي للخروج من الأزمة المالية العاتية. وهو ما تلاقيه وزارة المال بجدية عبر التأسيس فعليا على هذا التقدم في ترتيب المسودة النهائية لمشروع موازنة العام المقبل، حيث يرتقب أن يكون العنوان الأبرز للموازنة خفض مستوى العجز الإجمالي إلى نحو 3.5 مليار دولار، أي ما يوازي 6 في المائة من الناتج المحلي.
وسيمثل هذا التصويب المالي «المتفائل» - في حال النجاح بتحقيقه - تحولا جديا في إعادة ترتيب الوضعية المالية للبنان بعد موجات الضغوط الدولية والسوقية التي أنذرت ببلوغ حافة الهاوية وحملت شكوكا صريحة حول استراتيجية الاستقرار النقدي والتكلفة الحادة التي قاربت 15 في المائة بهدف استقطاب عملات صعبة من الخارج. وذلك في ظل الخلل الفاضح في الميزان التجاري الذي قارب 17 مليار دولار سنويا، ولم تفلح تحويلات اللبنانيين خارج البلاد والتوظيفات المستقطبة في تغطيته كاملا، فوصل عجز ميزان المدفوعات إلى نحو 6 مليارات دولار في أول 6 أشهر.
في الأرقام الإجمالية، تحققت زيادة طفيفة في الواردات بنسبة 1.75 في المائة، لتصل إلى نحو 5.5 مليار دولار في أول 6 أشهر من العام الحالي. ومن المرجح دعم هذه الزيادة في النصف الثاني بعد تفعيل زيادة الضريبة على أرباح الودائع من 7 إلى 10 في المائة، علما بأن إجمالي الضرائب على الأرباح سجل زيادة استباقية قاربت 6 في المائة في النصف الأول بدفع أساسي من متوسطات ارتفاع الفوائد على الودائع... وهذا العامل يتواصل مفعوله في النصف الثاني، بعد حملة استقطاب الودائع الخارجية التي جذبت نحو المليار دولار خلال الشهر الماضي بفوائد ناهزت 13 في المائة سنويا.
وتبقى الدلالة المهمة في البيانات المالية المنجزة في باب الإنفاق، إذ أمكن تحقيق وفر يقارب 590 مليون دولار (نحو 100 مليون دولار كمتوسط شهري)، وتراجع الإنفاق العام بنسبة 7 في المائة ليصل إلى نحو 7.5 مليار دولار، وذلك رغم الاستمرار في تمويل عجز مؤسسة الكهرباء بمبالغ وصلت إلى 717 مليون دولار في النصف الأول، وتواصل التمويل بوتيرة مماثلة للنصف الثاني، على أمل أن يبدأ لاحقا مسار الانخفاض المتتالي، وبما يصل إلى نحو 500 مليون دولار في العام المقبل.



«البتكوين» تدفع «مايكروستراتيجي» إلى إدراج تاريخي في «ناسداك 100»

تمثيل لـ«البتكوين» على اللوحة الأم للكومبيوتر (رويترز)
تمثيل لـ«البتكوين» على اللوحة الأم للكومبيوتر (رويترز)
TT

«البتكوين» تدفع «مايكروستراتيجي» إلى إدراج تاريخي في «ناسداك 100»

تمثيل لـ«البتكوين» على اللوحة الأم للكومبيوتر (رويترز)
تمثيل لـ«البتكوين» على اللوحة الأم للكومبيوتر (رويترز)

من المقرر أن تنضم شركة «مايكروستراتيجي» إلى مؤشر «ناسداك-100»، الذي يعتمد على الشركات التكنولوجية، وذلك بعد الارتفاع الكبير في أسهم الشركة التي تستثمر في «البتكوين». وأكدت «ناسداك» أن التغيير سيدخل حيز التنفيذ قبل افتتاح السوق في 23 ديسمبر (كانون الأول).

وعادةً ما يؤدي إدراج الشركة في هذا المؤشر إلى زيادة في سعر السهم، حيث تقوم صناديق الاستثمار المتداولة التي تسعى لتكرار أداء المؤشر بشراء أسهم الشركة المدرجة حديثاً، وفق «رويترز».

وتمت أيضاً إضافة شركة «بالانتير تكنولوجيز» لتحليل البيانات، وشركة «أكسون إنتربرايز» المصنعة لأجهزة الصعق الكهربائي إلى مؤشر «ناسداك-100»، إلى جانب «مايكروستراتيجي». في المقابل، تمت إزالة شركات «إلومينا» المصنعة لمعدات تسلسل الجينات، و«سوبر ميكرو كومبيوتر» المصنعة للخوادم الذكية، و«موديرنا» المصنعة للقاحات، وفقاً لما ذكرته «ناسداك».

وشهدت «مايكروستراتيجي»، وهي واحدة من أبرز المستثمرين بأكبر الأصول المشفرة في العالم، ارتفاعاً مذهلاً في أسهمها هذا العام بأكثر من 6 أضعاف، مما رفع قيمتها السوقية إلى نحو 94 مليار دولار. وبدأت الشركة في شراء «البتكوين» والاحتفاظ به منذ عام 2020، بعد تراجع الإيرادات من أعمالها في مجال البرمجيات، وهي الآن تعدّ أكبر حامل مؤسسي للعملة المشفرة.

وأشار المحللون إلى أن قرار «مايكروستراتيجي» شراء «البتكوين» لحماية قيمة احتياطاتها من الأصول قد عزز جاذبية أسهمها، التي تميل عادة إلى التماشي مع أداء العملة الرقمية.

وتوقع محللو شركة «بيرنشتاين» أن السوق ستركز على إدراج «مايكروستراتيجي» في مؤشر «ستاندرد آند بورز» في عام 2025، بعد انضمامها إلى مؤشر «ناسداك-100». كما ترى شركة الوساطة أن آفاق الشركة ستستمر في التحسن العام المقبل، حيث تتوقع «مزيداً من الرؤية والاعتراف بما يتجاوز تدفقات الصناديق المتداولة الجديدة»، نتيجة لإدراجها في المؤشر.

وشهدت عملة «البتكوين» انتعاشاً في الأسابيع الأخيرة، خصوصاً بعد فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من آمال قطاع التشفير في تخفيف العوائق التنظيمية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، تجاوزت الأصول الرقمية حاجز 100 ألف دولار لأول مرة في تاريخها.

وقال محللو «بيرنشتاين»: «لم تظهر الإدارة أي نية للتوقف عن شراء (البتكوين)، وهم مرتاحون لشراء العملة الرقمية في نطاق يتراوح بين 95 ألف دولار و100 ألف دولار».

واحتفظت الشركة بنحو 423.650 بتكوين، تم شراؤها مقابل نحو 25.6 مليار دولار بناءً على متوسط ​​سعر الشراء بدءاً من 8 ديسمبر. وتقدر قيمة استثمارها حالياً بنحو 42.43 مليار دولار استناداً إلى إغلاق «البتكوين» الأخير، وفقاً لحسابات «رويترز».