سنوات السينما: «القلوب المحترقة»

هشام بهلول في «القلوب المحترقة»
هشام بهلول في «القلوب المحترقة»
TT

سنوات السينما: «القلوب المحترقة»

هشام بهلول في «القلوب المحترقة»
هشام بهلول في «القلوب المحترقة»

«القلوب المحترقة»
ذكريات ألم ورسالة غفران
• إخراج: أحمد المعنوني
• المغرب (2007)
• تقييم: (ممتاز)
في مطلع هذا الفيلم الجريء عبارة إهداء تقول: «إلى أمي التي لم أعرفها». يليها لقطات لبلدة مكتظة ولشاب اسمه، كما سيعلمنا الفيلم لاحقاً، أمين (هشام بهلول) وهو يركب الدراجة في بعض شوارعها. مئذنة. مقبرة. رجل يصلي فوق هضبة ثم تعليق لرجل آخر سنتعرف عليه أكثر في المشاهد التالية وهو يشرح بصوته من هو ذلك الشاب ومن أين أتى.
قبل كل شيء «قلوب محترقة» هو فيلم العودة بالنسبة للمخرج أحمد المعنوني من بعد نحو عشرين سنة على تحقيقه فيلمين وثائقيين ترحاليين هما «حال» و«الأيام... الأيام»، يحتوي أيضاً على ألوان من الموسيقى التي أحب والتي تتنوّع فنّا وأسلوباً وعزفاً من موقع مغربي إلى آخر ومن عنصر شعبي إلى ثان.
لكن «قلوب محترقة» ليس فيلماً موسيقياً. هذه المرّة ما يريد المخرج طرحه هو دراما عن الذاكرة السوداء المتعَبة والرغبة في الخلاص منها. الرغبة التي تنتهي إلى إدراك أن الطريقة الوحيدة لحياة من دون ألم هو المغفرة. عودة بطله الشاب أمين لزيارة عمّه العجوز في المستشفى منهكة قبل أن تبدأ لأنه بصدد لم شتات ماضيه بما فيها آلامه من ذكريات الشقاء التي عاشها تحت جناح ذلك العم.
يدلف الفيلم من هنا في رحلة الذاكرة. هذا هو أمين صبياً فقد والده وآل إلى عمّه الذي يعامله بقسوة وعنف. ينتقل أمين ومعه الفيلم بين ماضيه طفلاً وحاضره رجلاً، وبين هذا وذاك منطقة زمنية متوسّطة هي شبابه وحكايات عاطفية بينه وبين الفتاة التي أحب، وبين صديق له والمرأة التي تكبره سنّاً وظالتي وجدته سبباً لسعادتها. لكن ليس من أهداف الفيلم سرد حكاية متسلسلة الأحداث، بل سرد لأحداث متّصلة ترد كالذكريات عادة يربطها أمين وما زال يعايشه من آلام حملها طوال تلك السنين ولا يزال.
هذا الوجع يبقى معه إلى النهاية حين يأتي إلى رحاب مسجد في مشهد هو الوحيد من مشهدين بالألوان (إذ صوّر المخرج معظم فيلمه بالأبيض والأسود وهي جرأة مشهودة من ناحية ونهج ملائم للموضوع من ناحية أخرى) ويجلس قريباً من شيخ يقرأ. هناك يسمع منه ما يهديه إلى ضرورة أن يغفر ويسامح كطريق وحيد لنسيان الأمس ومرارته. ها هو أمين الآن يولد من جديد. يتلمس طريقاً لم يجربه من قبل وهو أن يغفر لعمّه كل ما تسببه له من أذى وألم وأن يبتسم لذلك ويرتاح من عناء حمل متاعبه طوال تلك السنين مرة واحدة وإلى الأبد.
كل ذلك هو الجانب الدرامي من الفيلم، لكن المعنوني مرر هذه القصّة في رواق من الموسيقى والغناء القديمين. لم ينتظر مناسبة، بل جعل المناسبة تفرض نفسها في مواطن يريد لها أن تثير انتشاء في أوصال بطله كما في أوصالنا. المعنوني صنع فيلماً مستوحى من ماضيه لنفسه ولنا معاً والكثير من ماضيه هو عشق الأذن والعين للغناء والرقص وهو يصنع منها مشاهد تنبع من ألفة المخرج وشغفه لتلتف حول فيلمه كما الورق على جذع الشجرة. ‫ما يجعل فيلم المعنوني جيّداً ليس الموضوع وطرحه فقط، بل ذلك النسيج الحسّـاس من ذكريات (وآلام) المخرج نفسه. وفي الوقت الذي لا ينوي فيه المخرج تقديم فيلم بيوغرافي كامل، يكتفي باستعارة من الذات ومن أحداث وشخصيات مضت في أمس المخرج ذاته. ‬
لم يشهد الفيلم نجاحاً إعلامياً كالذي حصده يوسف شاهين ومحمد ملص عندما سردا ذكرياتهما في أفلامهما، إلا أنه نال تهنئة مشهودة من المخرج مارتن سكورسيزي الذي كان أعجب أيما العجب بفيلم معنوني السابق «الأيام… الأيام».



نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
TT

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه مذّاك ويعتزم مواصلة مسيرته المهنية الغنية التي بدأت في سبعينات القرن العشرين.

وقال خان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، خلال مقابلة أجرتها معه في لندن، إنه مرّ قبل بضع سنوات بمرحلة إعادة نظر ذاتية.

وأضاف: «كان ذلك خلال أزمة كوفيد، وكنت أفكر في كثير من الأمور، وأدركت أنني قضيت حياتي بأكملها في عالم السينما السحري هذا منذ أن أصبحت بالغاً».

وتولى عامر خان بطولة عدد كبير من الأفلام التي حققت نجاحاً تجارياً واسعاً في بلده، ومنها «3 بلهاء» و«دانغال»، و«نجوم على الأرض»، كما اشتهر عامر خان بإنتاج وبطولة فيلم «لاغان Lagaan» الذي كان بين الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية عام 2002.

وتابع خان الذي بدأت مسيرته التمثيلية منذ الطفولة في السبعينات، وأصبح لاسمه ارتباط وثيق ببوليوود: «لقد أدركت أنني لم أعطِ حياتي الشخصية الأهمية التي كنت أرغب فيها».

وزاد: «واجهتُ صعوبة في التغلب على الشعور بأنني أهدرت الكثير من الوقت، وكنت أشعر بالكثير من الذنب... كان رد فعلي الأول القول إنني اكتفيت من السينما».

لكنّ عائلته، وخصوصاً ابنه وابنته، أقنعته بالعدول عن الاعتزال. وقال: «في رأسي كنت أقول سأتوقف. ثم لم أفعل ذلك».

والآن، مع اقتراب عيد ميلاده الستين في مارس (آذار)، يريد عامر خان، الذي يعيش في مومباي، «مواصلة التمثيل والإنتاج لبعض الوقت».

«أحب أن أفاجئ جمهوري»

ويعتزم النجم الهندي أيضاً جعل شركته للإنتاج «عامر خان بروداكشنز» منصة «لتشجيع المواهب الجديدة التي تكون أحاسيسها قريبة» من أحساسيسه و«تريد أن تروي القصص» التي تهمه.

ومن ذلك مثلاً فيلم «لاباتا ليديز» Laapataa Ladies الكوميدي عن شابتين من منطقة ريفية في الهند، يطرح موضوع الزواج ووضع المرأة في بلده، وقد شارك في إنتاجه مع زوجته السابقة كيران راو، وحضر أخيراً إلى لندن للترويج له.

ويتناول عدد من أفلام عامر خان قضايا اجتماعية، مثل حقوق المرأة في المناطق الريفية، أو الصناعة الرياضية، أو الضغط المفرط في التعليم العالي أو حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لكن خان يرفض أن يحبس نفسه في نوع واحد فقط من الأفلام أو الأدوار، وقال في هذا الصدد: «أحب التنويع والتطرق إلى قصص مختلفة. أحب أن أفاجئ نفسي وجمهوري».

ولم يتردد النجم البوليوودي في انتقاد نفسه أيضاً، مشيراً إلى أنه «غير راضٍ» عن أدائه في فيلم «لا سينغ شادا» Laal Singh Chaddha الهندي المقتبس من فيلم «فورست غامب» تم إنتاجه عام 2022، لكنه لم يحظَ بالاستحسان المألوف الذي تُقابَل به أعماله.

وأما في «أن يكون هذا الفيلم أفضل»، في إشارة إلى عمله الجديد «سيتار زامين بار» Sitaare Zameen Par الذي يُطرَح قريباً.

ورغم فوزه بالعشرات من الجوائز السينمائية في الهند بالإضافة إلى ثالث أعلى وسام مدني في بلده، فإن عامر خان يحرص على تقويم كل فيلم من أفلامه.

وشدّد على أن «إخراج فيلم أمر بالغ الصعوبة». وقال: «عندما أنظر إلى الفيلم الذي أخرجناه، ثم إلى السيناريو الذي كتبناه، أتساءل هل حقق الفيلم الأهداف التي حددناها».

وأضاف: «إذا وصلنا إلى ما أردناه، وصنعنا الفيلم الذي أردناه، فيشكّل ذلك ارتياحاً كبيراً».