العبادي يلغي مكتب القائد العام للقوات المسلحة.. ويطيح قائدين عسكريين كبيرين

ارتفاع شعبيته في الفلوجة رغم تجدد القصف عليها

عمال البلدية ينظفون مكان انفجار سيارة مفخخة في بغداد أمس (رويترز)
عمال البلدية ينظفون مكان انفجار سيارة مفخخة في بغداد أمس (رويترز)
TT

العبادي يلغي مكتب القائد العام للقوات المسلحة.. ويطيح قائدين عسكريين كبيرين

عمال البلدية ينظفون مكان انفجار سيارة مفخخة في بغداد أمس (رويترز)
عمال البلدية ينظفون مكان انفجار سيارة مفخخة في بغداد أمس (رويترز)

في خطوة وصفها المراقبون السياسيون في بغداد بأنها محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتزايد لا سيما في المحافظات الوسطى والجنوبية بعد مجزرة السجر بالصقلاوية شمال مدينة الفلوجة (62 كلم غرب بغداد) التي راح ضحيتها المئات من الجنود العراقيين قتلى ومفقودين وذلك بإقدامه على إلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة بالإضافة إلى إحالة كل من الفريق عبود كنبر معاون رئيس أركان الجيش والفريق علي غيدان قائد القوات البرية السابق إلى التقاعد.
ويرى مراقبون وخبراء عسكريون أن هذه الإجراءات تقع في إطار ما يعتزم العبادي القيام به بالتخلص التدريجي من إرث رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وجاء قرار العبادي بإحالة كنبر وغيدان، اللذين ارتبط اسمهما بنكسة الموصل في العاشر من يونيو (حزيران)، الماضي بعد أقل من 24 ساعة على إيعازه بحجز الضباط المسؤولين عن حادثتي السجر والصقلاوية في محافظة الأنبار. وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الدفاع أن العبادي قرر إلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي شكله المالكي عام 2006.
في السياق ذاته، حمّل الخبير الأمني الدكتور أحمد الشريفي الطبقة السياسية العراقية الحالية بمن فيها رئيس الوزراء حيدر العبادي مسؤولية ما يرتكب من مآس في العراق. وقال الشريفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحاجة الآن لإنقاذ البلد هي أكبر بكثير من مجرد إلغاء مكتب القائد العام أو إحالة ضابطين بالجيش إلى التقاعد بقدر ما هي اختيار شخصيتين مهنيتين لإدارة وزارتي الدفاع والداخلية قبل أن يهوي ما تبقى من البلاد إلى المنحدر الأخير من الهاوية». وأضاف الشريفي أن «القوى السياسية كبلت رئيس مجلس الوزراء لأنها لا تريده أن يعمل كما أن الدستور منحه صفة رئيس مجلس الوزراء وليس رئيس الوزراء بينما الوزير له الدور الأكبر في وزارته وهذا يعني أنه في حال اختيار وزير للدفاع وللداخلية فإنه يستطيع النهوض بهذه المسؤولية طالما هو مسؤول بشكل مباشر أمام البرلمان». واتهم الشريفي «الكتل السياسية بعدم «وجود إرادة حقيقية للإصلاح وإن من يشهد حواراتهم وسجالاتهم الداخلية (مؤكدا أنه مطلع على بعضها بالتفاصيل) يجد أنهم يساومون بعضهم على المناصب والمواقع التي تدر أموالا أكثر وأن ما يهمهم ليس مصلحة البلد بل مصالحهم الشخصية والحزبية وهو ما ينطبق على كل الكتل والكيانات»، عادا أن «الطبقة السياسية الحالية تتحمل كلها مسؤولية ما نمر به الآن من ترد على كل المستويات». وردا على سؤال بشأن محاولة فرض شخصيات معينة على وزارتي الدفاع والداخلية، قال الشريفي إن «هذه المحاولات هي جزء من مساعي إدامة الأزمة وليس حلها».
من ناحية ثانية، تظاهر أمس في الديوانية (180 كلم جنوب بغداد) العشرات من عوائل الجنود المفقودين في الصقلاوية أمام مبنى الحكومة المحلية في الديوانية، لمطالبة الحكومتين المركزية والمحلية وزارة الدفاع باستلام جثث أولادهم وتحرير الأسرى منهم. وعقد المتظاهرون اجتماعا مع مجلس محافظة الديوانية للبحث في آلية تسليم جثث أولادهم. ورفع المتظاهرون لافتات وشعارات تطالب بتسليم الجناة والقتلة بحق أبناء المحافظة إلى القضاء.
من ناحية ثانية، كشف أحد شيوخ مدينة الفلوجة أن شهر العسل بين ثوار العشائر وتنظيم «داعش» أوشك على الانتهاء. وقال الشيخ وسام الجميلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأسبوع الماضي شهد قتالا أدى إلى مقتل نحو 12 شخصا من الطرفين وذلك بسبب رفض ثوار العشائر تمدد سلطة (داعش) داخل الفلوجة وبدء التدخل في الحياة الاجتماعية للناس هناك بما في ذلك فصل النساء عن الرجال في بعض المعابر والجسور أو إطلاق يد الأجانب حيث يوجد أستراليون وبريطانيون وآسيويون في المحاكم الشرعية أو تشكيل لجان بهدف حل مشكلات الناس».
وأوضح الجميلي أن «ثوار العشائر هم الأغلبية داخل المدينة لكن السيطرة مع ذلك تبدو لـ(داعش) وهو ما بات يحرك الكثير من النوازع العشائرية والاجتماعية وإن الأمر الوحيد الذي يجعل موقف الطرفين موحدا هو اشتراكهم في معاداة الحكومة باستثناء وجود نوع من التفاؤل لدى أوساط اجتماعية وعشائرية بعد تسلم العبادي مقاليد السلطة»، موضحا أن «شعبية العبادي بالفلوجة الآن تفوق شعبية أي زعيم سياسي عراقي آخر وذلك عقب قراره إيقاف قصف المدن وهو ما يعده الناس قرارا شجاعا على الرغم من أن الفلوجة قصفت أول من أمس مرات كثيرة بعد تزايد الأنباء عن احتجاز مئات الجنود في مناطق مختلفة منها». يذكر أن العبادي كان قد أمر مؤخرا بوقف قصف المدن التي يسيطر عليها «داعش» ومنها الفلوجة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.