استمرار المعارك يعمّق أزمة النزوح في ليبيا

الأمم المتحدة تؤكد فرار 268 ألف مواطن من منازلهم

استمرار المعارك يعمّق أزمة النزوح في ليبيا
TT

استمرار المعارك يعمّق أزمة النزوح في ليبيا

استمرار المعارك يعمّق أزمة النزوح في ليبيا

عبرت كيلي كلمينتس، نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن حزنها الشديد بسبب معاناة النازحين في أنحاء ليبيا، وقالت إن هناك عدداً كبيراً من المواطنين الذين فقدوا منازلهم، ويعانون من نقص الخدمات، بعدما ارتفع عدد النازحين، منذ بدء الاشتباكات في أبريل (نيسان) الماضي بسبب الحرب على طرابلس، إلى 268 ألف مواطن.
وشهدت ليبيا أكبر عملية نزوح داخلي فور إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، حيث ترك نحو 40 ألف مواطن من تاورغاء ديارهم، عقب إضرام النيران فيها بسبب خلافات مع مصراتة، (200 كيلومتر شرق العاصمة) تعود إلى عصر النظام السابق، وانتقلوا للإقامة في مراكز للإيواء بغرب البلاد وشرقها. وكانت تاورغاء من القوى الداعمة والعاملة مع القذافي أثناء حكمه، لكن فور إسقاطه هاجمت كتائب مصراتة المدينة، عقاباً لها على اتهامات سابقة بـ«الاعتداء على مدينتهم واغتصاب نسائها». لكن نشطاء من تاورغاء قالوا في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الاتهامات باطلة». وعلى مدار اليومين الماضيين تجولت المسؤولة الأممية كلمينتس في مناطق عدة بليبيا، قصد تفقد أوضاع النازحين والمهاجرين غير النظاميين، و«تقييم الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في البلاد».
وقالت الأمم المتحدة في بيان أصدرته مساء أول من أمس، إنه مع «استمرار الاشتباكات يومياً في ليبيا، فإن الكثير من المواطنين فقدوا منازلهم، وأصبحوا يعانون صعوبة في الوصول إلى الخدمات، إلى جانب انقطاع الكهرباء لمدد طويلة». مشيرة إلى أن هناك أكثر من 268 ألف نازح ليبي داخل البلاد، منهم قرابة 120 ألفا نزحوا منذ بدء الاشتباكات في أبريل من طرابلس.
وأضافت كليمنتس أن المواطنين في ليبيا «يعانون بشدّة، ومن الضروري أن يواكب الدعم الإنساني وتيرة الاحتياجات المتزايدة... لا ينبغي أن يُنسى هؤلاء الناس»، وتعهدت قبل أن تختتم جولتها بالاستمرار في دعم النازحين، وغيرهم من المتضررين من الاشتباكات الدائرة.
وتسبب المعارك الدامية، التي تشهدها طرابلس منذ أربعة أشهر، بين «الجيش الوطني» والقوات الموالية لحكومة «الوفاق» في تشريد قرابة 24 ألف عائلة خارج منازلهم، وانتقالهم للإقامة في مراكز للإيواء، أو في مساكن مستأجرة.
واستهلت كليمنتس زيارتها إلى طرابلس بتفقد مركز تجمع ومغادرة المهاجرين غير النظاميين، وتحدثت مع لاجئين من إريتريا والصومال والسودان وإثيوبيا، مشيرة إلى أنهم عبروا لها عن «إحباطهم بسبب الأوضاع القاسية التي عانوها خلال احتجازهم، ومحدودية الحلول في بلد ثالث». وقالت إنها «تأثرت بقصص الصمود والشجاعة التي سمعتها في ليبيا»، ورأت أن اللاجئين في ليبيا «يعانون من الاعتداءات على أيدي المهربين، ومن الاحتجاز لفترات مطولة، كما يقاسي أكثر من 5 آلاف منهم لإعالة أنفسهم، وهم يعيشون في الأوساط الحضرية».
وخلال نقاشات مع وزير الداخلية فتحي باشاغا، جددت المفوضية التزامها بالعمل المشترك من أجل «إنهاء الاحتجاز التعسفي» في ليبيا، حيث يحتجز أكثر من 4 آلاف و800 لاجئ ومهاجر، وفقاً لبيان الأمم المتحدة.
وشددت كليمنتس على استعداد المفوضية «لدعم اللاجئين في المناطق الحضرية بمجرد إطلاق سراحهم، وعلى الاستمرار في الدعوة لإيجاد حلول خارج ليبيا»، لافتة إلى أن ألفا و345 لاجئاً غادروا ليبيا، حتى الآن في إطار برنامج الإجلاء وإعادة التوطين. مضيفة «نحتاج لمزيد من الدعم من المجتمع الدولي لتسريع عمليات إجلاء وإعادة التوطين، ولتقديم مزيد من المسارات القانونية للاجئين في ليبيا».
وانتهت الأمم المتحدة إلى التذكير بـ«التحديات التي يواجهها العمل الإنساني، من ضمنها الأمن ومحدودية الوصول»، وضربت مثلاً بمقتل ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة في عملية إرهابية ببنغازي قبل عشرة أيام، وقالت بهذا الخصوص: «نحن عازمون على مواصلة عملنا لدعم ليبيا، وسنعمل معاً من أجل الأشخاص الذين يعانون في البلاد... ونحن نقف مع ليبيا ومع شعبها».
وتقول حكومة «الوفاق» في طرابلس إنها تولي اهتماماً واسعاً بأوضاع النازحين، من خلال مساعدتهم في الإعاشة، والعلاج والتعليم. لكن حسن أونيس، رئيس الهيئة العامة للثقافة في طرابلس، طالب وزير الدولة لشؤون المهجرين والنازحين يوسف جلالة، الاستمرار في دعم النازحين، وخصوصا موظفي الهيئة، وتوفير مساكن بديلة لتلك التي فقدوها. وأطلع جلالة، وفقاً لبيان صادر عن إدارة التواصل والإعلام برئاسة مجلس الوزراء، أمس، رئيس الهيئة على تقرير نتائج أعمال لجنة دعم النازحين من خلال البلديات المتضررة والمستضيفة للنازحين، وانتهى إلى أنه سينقل مطالب القطاعات للجنة الطوارئ، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.