الدراجات النارية مصدر جديد للرعب في شوارع دمشق

مطالبات بمكافحة هذه الظاهرة و{ضبط الأمن»

شابان يقومان بحركات بهلوانية على دراجة في دمشق (الشرق الأوسط)
شابان يقومان بحركات بهلوانية على دراجة في دمشق (الشرق الأوسط)
TT

الدراجات النارية مصدر جديد للرعب في شوارع دمشق

شابان يقومان بحركات بهلوانية على دراجة في دمشق (الشرق الأوسط)
شابان يقومان بحركات بهلوانية على دراجة في دمشق (الشرق الأوسط)

بسرعة لافتة مع مؤشرات رعب على وجوههم، لجأ مارة إلى جانبي طريق في أحد أحياء شرق دمشق، عندما سمعوا صوتاً مخيفاً لدراجة نارية آتية من بدايته بأسلوب جنوني.
التصرف السابق من المارة لم يحُلْ دون اصطدام الدراجة التي كان يقودها شابان لم يكملا العقد الثاني من العمر، بعدد من الأشخاص رغم وقوفهم أمام واجهة محل لبيع الألبان على جانب الطريق، بينهم رجل مسنّ في العقد السادس من العمر، ما أدى إلى سقوط معظمهم على الأرض وإصابتهم برضوض كثيرة في الأطراف، خصوصاً الرجل المسنّ الذي كان الأقرب إلى الدراجة.
الحادث أثار سجالاً كبيراً بين من سقطوا على الأرض وبعض المارة من جهة؛ والشابين اللذين كانا يقودان الدراجة من جهة ثانية، ولم يقتنعا بأن قيادة الدراجة بسرعة كبيرة وعدم الانتباه للمارة في الطريق هما السبب في حصول الحادثة، وحمّلا المارة المسؤولية وانهالا على الرجل المسنّ بالضرب حتى سالت الدماء من أنفه وفمه ورأسه.
كثير من مسلحي «القوات الرديفة» الموالية للحكومة المنتشرين في الطريق لـ«الحفاظ على الأمن»، ورغم حصول الحادثة أمامهم، اقتصر تدخلهم على تخليص الرجل المسنّ من الشابين، ومن ثم صرفهما من دون اتخاذ أي إجراءات عقابية بحقهما.
الرجل المسنّ ومن تضرروا من الحادثة وكثير من المارة وبعد انفضاض الجمهرة شتموا سراً الشابين ومن يقودون الدرجات النارية بتهور، بينما ارتفعت أصوات تطالب الجهات المسؤولة بوضع حد لمثل هذه التصرفات التي تدل على «الفلتنة والزعرنة وقلة الأدب والأخلاق والاستهتار بحياة الناس»، حسب قول أحدهم.
الحادثة السابقة واحدة من عشرات الحوادث التي باتت تحصل بشكل يومي في شوارع دمشق، بعد ازدياد عدد الدراجات النارية في الشوارع خلال سنوات الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من 8 سنوات، إلى عشرات أضعاف ما كان عليه في الفترة السابقة.
ازدياد حيازة الدرجات النارية في سنوات الحرب الأولى ظهر في أوساط المنتمين للمجموعات المسلحة الموالية للحكومة، ولكن في السنوات الثلاث الأخيرة تعدى الأمر ذلك ليشمل الشباب اليافعين والمراهقين وحتى الأطفال، وقيادتها في الطرقات بسرعات كبيرة ورعونة، إضافة إلى قيامهم بحركات بهلوانية، تخيف المارة من أشخاص وسيارات وتتسبب في كثير من الحوادث يكون البعض منها مميتاً للسائق أو الأشخاص الأخرين، بينما تنتج عن بعضها عاهات دائمة للمتضررين منها.
«أبو محمد» يلفت لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه على الدوام يحذر أفراد عائلته من السير على طرف الطريق بمحاذاة الرصيف ويطلب منهم السير على الرصيف وفي المنطقة الأقرب إلى المحال التجارية منه، نظراً لكثرة الدرجات النارية في الطرقات والسرعات الجنونية التي يتم قيادتها بها. ويقول: «غالباً ما يخرجون معي، ولكن قد تحكم الظروف ويخرجون وحدهم إلى السوق، الأقارب أو الأصدقاء، وبالتالي في ظل الوضع الحالي ووجود هؤلاء المتهورين، المطلوب توخي كثير من الحذر؛ فحياة الإنسان لديهم رخيصة للغاية، وفي كل يوم نسمع بحوادث دهس دراجات نارية لأشخاص، أو تصادم مع سيارات، إضافة إلى انقلاب كثير من الدراجات على الطرقات بسبب السرعات الكبيرة».
ولا توجد إحصاءات رسمية لعدد الدراجات النارية الموجودة حالياً في سوريا، لكن بحسب تقارير؛ فإن عددها قبل الحرب يفوق المليون دراجة، بينما تحدثت وزارة الداخلية التابعة للحكومة منتصف 2018، عن أنه منذ بداية ذلك العام وحتى تاريخ الإعلان تم حجز 3 آلاف و167 دراجة نارية غير نظامية في دمشق، نظمت الضبوط اللازمة بحق سائقيها.
«حدّث ولا حرج» عبارة رد بها موظف في قسم الإسعاف بأحد المشافي، لدى سؤاله عن عدد الحوادث التي تتسبب فيها الدراجات النارية وتصل إلى المشفى في اليوم، ويؤكد أن هذه الحوادث في السنتين الأخيرتين تضاعف عددها عشرات المرات عمّا كان عليه في الأعوام السابقة.
الطالب الجامعي وسيم يوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه في ظل أزمة وسائل النقل العامة وارتفاع أجورها، لجأ كثير من المواطنين إلى شراء درجات نارية للذهاب إلى أماكن عملهم وإيصال أفراد عائلاتهم إلى مناطق يرغبون في الذهاب إليها، و«هؤلاء يقودون دراجاتهم بطريقة لبقة ولا مشكلة معهم. المشكلة تكمن في الزعران الذين يقتنون الدرجات للتباهي ويقودونها بطرق غير سليمة؛ وبالتالي يعرضون الناس وأنفسهم للموت والعاهات».
«أم جلال»، موظفة في أحد البنوك الخاصة وتمتلك سيارة تقودها بنفسها للذهاب إلى مكان عملها، تتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «تصرفات وقحة للغاية» يقوم بها كثير من المراهقين الذين يقودون درجات نارية كأن «يقف أحدهم لفترة زمنية طويلة بدراجته في منتصف طريق ضيقة ليتبادل الحديث مع شاب آخر يقود أيضاً دراجة نارية وبالتالي يقطعان الطريق ويصبح خلفهما في الاتجاهين طابور من السير ينتظر انتهاء حديثهما، وما من أحد من سائقي السيارات يجرؤ على الطلب منهما فتح الطريق، لأن المسدسات الموضوعة على خصريهما تشير إلى أنهما منتميان إلى القوات الموالية للحكومة».
أيضا تلفت «أم جلال» إلى أن معظم «الزعران» الذين يقودون درجات نارية يضعون لها أضواء «مبهرة للغاية» ويتقصدون تسليطها على أعين سائقي السيارات في الليل مما يؤدي إلى انعدام الرؤية لديهم، وبالتالي التسبب بوقوع الحوادث؛ «عدا أصوات تلك الدرجات المزعجة للأهالي، خصوصاً بعد تعمد أصحابها فك المصفاة المركبة في الاشطمان؛ الأمر الذي يجعل صوتها أكثر ازعاجاً».
وبسبب حالة الفلتان الأمني والفوضى التي تفاقمت في مناطق سيطرة الحكومة منذ اندلاع الحرب في البلاد، باتت الدراجات النارية وسيلة لسرقة السيدات، حيث كثيراً ما يقوم شبان يقودون دراجات نارية في طرق تكون حركة المارة فيها ضعيفة بخطف حقائب السيدات المارات في الطريق.
ورغم مطالبات كثير من النشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي، السلطات بـ«مكافحة ظاهرة انتشار الدراجات النارية المخالفة» (التي لا تحمل لوحات مسجلة في إدارة المرور) وتردد كثير من الأنباء عن حملات لمصادرة تلك الدراجات، فإن المشهد في الطرقات؛ سواء في شوارع العاصمة الرئيسية أو الفرعية أو شوارع الأحياء، لا يدل على أن هناك حملات لمكافحة هذه الظاهرة.
وتتنوع ماركات الدراجات الجديدة المنتشرة في الأسواق الدمشقية التي تستوردها مجموعة من الوكلاء المعتمدين، بينما توقف استيراد ماركات يابانية، إضافة إلى وجود ماركات تدخل إلى البلاد عن طريق التهريب. ويتراوح سعر الدراجة الجديدة حالياً، بين ألف و4 آلاف دولار أميركي، بينما يبدأ سعر المستعملة من 300 دولار، ويزداد حسب حالة الدراجة، علما بأن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار يساوي أكثر من 610 ليرات حالياً بعد أن كان قبل الحرب نحو 50 ليرة.
وبسبب ارتفاع أثمان الدراجات النارية، باتت هدفاً للسرقة في مناطق سيطرة الحكومة، حيث تسجل يومياً عشرات حالات السرقة لها في أحياء العاصمة.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.