المعارضة الجزائرية تستنكر «فرض السلطة أجندتها لحل الأزمة»

مشادات في غرب البلاد بين نشطاء الحراك وأعضاء بـ«هيئة الوساطة»

TT

المعارضة الجزائرية تستنكر «فرض السلطة أجندتها لحل الأزمة»

احتج أقدم أحزاب المعارضة في الجزائر على «حرب إدارية تشنها السلطة ضد الأحزاب، التي لا تشاطر قيادة الجيش خيار تنظيم انتخابات في أقرب الآجال»، وذلك في أعقاب رفض الحكومة الترخيص لاجتماع لـ«قوى البديل الديمقراطي»، تقرر عقده في 31 من الشهر الجاري، من دون تقديم أي سبب للرفض.
وقالت: «جبهة القوى الاشتراكية» في بيان أمس إن «السلطة الفعلية تريد فرض أجندتها لحل الأزمة، ويتمثل ذلك في تنظيم انتخابات مهما كان الثمن». وتعد «القوى الاشتراكية» أحد أعضاء «البديل الديمقراطي»، الذي يضم «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» اللائيكي. بالإضافة إلى «حزب العمال» و«الحركة الديمقراطية والاجتماعية» اليساريين.
وأكد «البديل» في بيان صدر عقب قرار المنع أنه سيرفع من جديد طلبا لسلطات ولاية الجزائر العاصمة بغرض الترخيص لعقد الاجتماع في التاسع من سبتمبر (أيلول) المقبل. وليس من عادة السلطات تقديم مبررات لحظر الاجتماعات ذات الطابع السياسي في الفضاءات العامة. وقد عانت المعارضة خلال سنوات حكم عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019) من هذا المنع. لكن على خلفية «ثورة الابتسامة» التي انطلقت في 22 من فبراير (شباط) الماضي تخلت السلطات نسبيا عن تشددها في هذا المجال، ما سمح للمعارضة بتنظيم أنشطة مكثفة في إطار مسعى عام في البلاد للبحث عن حل لـ«أزمة شرعية الحكم»، التي نشأت بسبب رغبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الترشح لولاية خامسة رغم عجزه بدنيا.
وأكد حكيم عداد، القيادي في «شبيبة - عمل - نشاط»، وهو أشهر تنظيم شبابي في البلاد مقرب من المعارضة، أن ولاية بجاية (شرق) رفضت الترخيص له لتنظيم جامعته الصيفية، التي كانت مقررة أمس. وأوضح في تصريحات للصحافة بأن نشطاء التنظيم «سينظمون مظاهرة أمام مقر الولاية للاحتجاج على التعسف». مشيرا إلى أن القوانين والدستور «يكفلون حق الاجتماع والتظاهر».
ويأتي منع المعارضة والجمعيات المقربة منها من النشاط في سياق هجومات متكررة، يشنها رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح ضد أحزاب وشخصيات، ترفض خطته بخصوص عقد انتخابات رئاسية قبل نهاية العامة.
وعلى صعيد نشاط «هيئة الوساطة والحوار»، القريبة من السلطة، وقعت أمس مشادات بوهران (غرب) عندما حال ناشطون بالحراك الشعبي دون محاولة أعضاء من «الهيئة» فتح مكتب محلي تابع لهم، تمهيدا لبدء لقاءات مع تنظيمات وجمعيات محلية، لإقناعها بجدوى خطة السلطة إجراء انتخابات. وبحسب المعارضين للمسعى، فإن ما تقوم به الهيئة، التي يقودها الوزير السابق كريم يونس: «لا يعدو كونه التفافا على مطالب الحراك بتغيير النظام».
والتقى يونس أمس برئيس «حزب الحرية والعدالة» محمد السعيد، وهو وزير سابق، في إطار الترويج للخطة. وقال الحزب في بيان إنه اقترح على يونس أن «تتخذ السلطة إجراءات تهدئة مسبقة لنزع فتيل التوتر، وخاصة إطلاق سراح عشرات الشبان الذين اعتقلوا أثناء المسيرات الشعبية، والذين لم يتورطوا في أعمال تخريب أو تهديد للنظام العام، وتحرير العمل السياسي والجمعوي من القيود الإدارية الخانقة، وعدم التشديد على النشطاء السياسيين، واحترام حرية التعبير، مع الكف عن ممارسة الضغوط على وسائل الإعلام للتأثير على خطها الافتتاحي، بل وحتى غلق مواقع إلكترونية، وعدم التضييق على المسيرات الشعبية، لا سيما عند مداخل العاصمة، إلى أن تتحقق مطالبها المشروعة».
كما طالب الحزب بـ«تعيين حكومة تكنوقراطية توافقية من الكفاءات الوطنية، وتوسيع لجنة الوساطة والحوار إلى شخصيات وطنية، مشهود لها بالنزاهة والمصداقية وتتمتع بقبول شعبي، واستبعاد كل من تورط في تأييد العهدة الخامسة» للرئيس السابق. داعيا إلى «حصر دور المؤسسة العسكرية في المساعدة على تحقيق توافق وطني بين الشركاء السياسيين والاجتماعيين، وضمان تطبيقه حتى انتخاب المؤسسات الوطنية الجديدة».
وبحسب بيان الحزب، فالأزمة التي تعيشها البلاد «سياسية بالأساس، تحتاج إلى معالجة سياسية توافقية، بقدر ما نُعجّل بها بقدر ما نستطيع التحكم فيها، وتفادي أخطار الانزلاق وتصعيد التوتر».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.