ماركات بريطانية يباركها البلاط الملكي عبر التاريخ

من مجوهرات وحقائب يد إلى أزياء أطفال

الملكة وكأس أسكوت الذي تصممه «غارارد» منذ عقود
الملكة وكأس أسكوت الذي تصممه «غارارد» منذ عقود
TT

ماركات بريطانية يباركها البلاط الملكي عبر التاريخ

الملكة وكأس أسكوت الذي تصممه «غارارد» منذ عقود
الملكة وكأس أسكوت الذي تصممه «غارارد» منذ عقود

للعائلة المالكة البريطانية رؤية خاصة في اختيار ما يناسبها ويتماشى معها من أزياء وإكسسوار. من بين شروطها المهمة أن تحمل روح العراقة الإنجليزية مع الاهتمام بأدق التفاصيل. وغالباً ما يتواصل أفراد العائلة المالكة مع دور أزياء بعيدة عن الاستعراض، وصاغة مجوهرات لهم تاريخ من التقاليد الراسخة قد تمتد إلى مئات السنين.
واللافت في الأمر أن هناك علاقة إخلاص لا تتأثر بالزمن تربط الطبقات الأرستقراطية البريطانية وبعض بيوت الأزياء والمجوهرات، لا تتوقف عند جيل بعينه، بل تمتد إلى أجيال أخرى يتوارثون هذه الثقة المتبادلة. ورغم أن الجيل الجديد يواكب تطورات الموضة وصيحاتها، مثل دوقة كمبردج ودوقة ساسيكس، اللتين تتعاملان مع بيوت أزياء عالمية ومتنوعة فإن أفراد العائلة المالكة يتوجهون إلى أسماء معينة في مناسباتهم المهمة. من هذه البيوت نذكر:

1. «دار غارارد» (The House of Garrard) للمجوهرات
في عام 1735 افتتح صائغ الفضة، جورج ويكس، متجره في شارع بانتون في لندن، وأطلق عليه اسم «دار غارارد»، وهو التاريخ الذي بدأت فيه علاقة هذه الدار مع العائلة المالكة البريطانية حين تلقى أول طلب ملكي من فريدريك، أمير ويلز. كانت هذه البداية لمشوار وصل إلى ذروته في عام 1843، عندما تم اختيار الدار لتكون أول متعهد رسمي للمجوهرات الملكية تُصمم لملوك بريطانيا وأمرائها السابقين واللاحقين ما يرغبون فيه من التيجان والقلائد والدبابيس والأساور والخواتم والصولجانات والميداليات والكؤوس التي يتوارثونها جيلاً بعد جيل. ليس غريباً أن تحافظ الدار في تصاميمها على هذا العبق الملكي وعراقته، من خلال حرصها على استعمال التقنيات التقليدية والأدوات اليدوية القديمة والتصميمات التي تربط القديم بالمعاصر، وفي الوقت ذاته تُبرز الصفاء الطبيعي للأحجار الكريمة.
ولا تكتمل حفلات التتويج وصعود العرش ولحظات تبادل خواتم الخطوبة ومجوهرات الزواج من دون اسم «غارارد». فهي الحاضر الغائب في كل الحفلات والمناسبات الملكية. ففي عام 1840، كلف الأمير ألبرت الدار بتجهيز الهدية التي سيقدمها إلى الملكة فيكتوريا، وكانت عبارة عن «بروش» من الياقوت محاط بسبع حبات من الماس، وهي الآن واحدة من أبرز ما تضمه «مجموعة المجوهرات الملكية».
ثم جاء دور ابنهما الأكبر إدوارد أمير ويلز. فحين تزوج في عام 1863 من ألكسندرا، التي سيرتبط اسمها باسم الدار طويلاً، اختار مجموعة كبيرة من المجوهرات، منها قلادة من الماس واللؤلؤ وقرطان ماسيان و«بروش» كبير، وكان قد دخل التصوير لأول مرة إلى الأعراس الملكية، وبذلك تحولت صور هذه المجوهرات إلى حديث الناس والصحف. ولأن ألكسندرا كانت في غاية الأناقة، فإنها أعطت لهذه المجوهرات بُعداً رفيعاً. ثم توالت الأعراس الملكية ومعها إبداعات الدار. عام 1911 كان حدثاً كبيراً في تاريخ الدار، حيث كُلّفت بتصميم تاج العرش للملكة ماري جدة الملكة إليزابيث الثانية، يتناغم مع الغطاء الذي كانت تضعه الملكة على رأسها، وهو ما أكسبها رضا البلاط الملكي. ومع كل هذه الإنجازات تفخر غارارد بأن البصمة المهمة في تاريخها، هي المجوهرات التي صممتها بطلب من الملك جورج الخامس والملكة ماري في عام 1911، كانا في رحلة إلى دلهي ليتم تتويجهما كإمبراطور وإمبراطورة للهند. كان امتحاناً صعباً للدار التي كان عليها أن تصمم مجوهرات تستحوذ على اهتمام الجميع، وأن تكون أيضاً بمستوى هذا الحدث الكبير. نجحت في مهمتها، وقدمت للملكة ماري قلادة من الماس والزمرد يمكن فصلها وربطها بالبروش، في حين كان التاج من الزمرد المزين بأفعى مرصعة بالماس.
لم تنقطع علاقة الدار مع الأجيال الأخرى. ففي عام 1981 قدم الأمير تشارلز خاتم زواج للراحلة الليدي ديانا تحيط به 14 حبة من الماس، وهو الخاتم نفسه الذي قدمه بعد سنين ابنهما الأمير ويليام، إلى كاثرين ميدلتون، واكتملت حلقات هذه العلاقة الوثيقة حين طلب القصر الملكي من حرفيي الدار إعادة تصميم الصولجان الملكي وترصيعه بالأحجار الكريمة.

2. الحقائب والإكسسوارات الجلدية من «لونر» (Launer)
لا تظهر الملكة إليزابيث الثانية أمام الملأ إلا وحقيبة اليد معلقة بذراعها، وغالباً ما تكون من ماركة «لونر»، وهي دار بريطانية عريقة تصنع الحقائب اليدوية منذ سبعين عاماً. وكانت بداية العلاقة مع البلاط البريطاني حين أرسلت إلى الملكة في عام 1968 حقيبة يد كعربون تعارف، فأُعجبت بها الملكة، بعد أن لمست عراقتها والبصمة البريطانية في كل جزء فيها ولم تتردد في منح الدار ترخيصاً ملكياً (Royal Warrant)، وهو أعلى تقييم واعتراف بالجودة يمكن أن تتسلّمه أي ماركة تتعامل مع الملكة أو مع زوجها الأمير فيليب أو ابنها الأمير تشارلز. وكما يؤكد مؤرخ العائلة المالكة هوغو فيكيرز، فإن الملكة تولي عناية خاصة للحقيبة اليدوية، وعادة ما تستخدمها لإرسال رسائل مشفرة إلى طاقم العمل الذي يرافقها في تنقلاتها الرسمية، وذلك من خلال طريقة حملها للحقيبة وتحريكها بوضعيات مختلفة يمكن أن تصدر التعليمات الصامتة التي يعرفها المقربون، إضافة طبعاً إلى دورها الأساسي في إكمال طلة الملكة وأناقتها الكلاسيكية وأحيانا تهدئة ألوانها البراقة النابضة بالحيوية.
ويوجد ضمن قائمة الذين يتعاملون مع هذه الدار أيضاً كاميلا دوقة كورنوول وزوجة الأمير تشارلز. كما جاء ذكر هذه الحقيبة في أحد البرامج الإذاعية التي تبثها محطة «BBC4»، حيث أكد الضيف السير ديفيد كاندين المتخصص في كتابة السيرة والتاريخ أن البارونة مارغريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة كانت تحرص على حمل حقيبة يد من دار «لونر» وتعتبرها نقطة القوة في طلّتها. وأضاف أنها كانت تمسكها بيدها مثل صولجان الحكم والقوة والتحدي. وقد ظهرت الحقيبة أيضاً في كثير من الأفلام السينمائية وعلى مسارح برودواي حيث يمكن التعرف عليها بسهولة من خلال علامتها البريطانية المتكونة من حبل ملتوٍ من النحاس المطلي بالذهب، وعبارة «صُنِع في إنجلترا». إضافة إلى أنها تُصنع بكل تفاصيلها على يد أمهر الصناع الحرفيين من أنواع كثيرة من الجلود، مثل جلود العجول والسحالي والنعام والتماسيح والثعابين، مع بطانة من أكثر جلود الغزلان نعومة. أما الألوان، فتأتي بطيف واسع من التدرجات.
تعود حكاية هذه الحقائب إلى الأربعينات من القرن الماضي عندما هرب سام لونر مع زوجته وطفليه من تشيكوسلوفاكيا إلى لندن بسبب الحرب. في لندن، استأجر ورشة عمل صغيرة لصنع الحقائب في قلب حي سوهو، وكان هدفه صنع منتجات استثنائية باستخدام أجود أنواع الجلود، وهكذا بنى لونر سمعته في عالم الجلود الفاخرة، وسرعان ما صارت حقائبه مفضلة من قبل الطبقات المخملية والأرستقراطية. بعد رحيل الأب، تسلّم الابن القيادة وبدأت الماركة بالانتشار والتوسع بحيث أصبحت تتوفر في بعض المتاجر اللندنية الراقية، كما تحرص في السنوات الأخيرة على استخدام الألوان المضيئة التي تناسب كل الأعمار، مع احتفاظها بإرثها البريطاني الفريد وارتباطها الوثيق بالملكة إليزابيث الثانية.

3. هؤلاء يقفون وراء أناقة أطفال العائلة المالكة
مع قدوم أطفال الأمير ويليام والدوقة كيت ميدلتون تحركت الدماء في عروق موضة الأطفال في بريطانية، وتحول الأطفال الثلاثة إلى أيقونات للموضة. ليس أدل على هذا من الأميرة الصغيرة «شارلوت» التي كانت ولادتها حدثاً كبيراً لم تشهد له العائلة المالكة مثيلاً، لأنهم لم يُرزَقوا بطفلة منذ عام 1990. وقد جاءتهم مَن تحتل المركز الرابع في خلافة العرش في بريطانيا، وهذا ما أحاط ولادتها بهالة من الاهتمام العالمي لا سيما أن التطور التكنولوجي ساعد في انتشار صورها، ورغبة الأمهات بالاقتداء بها فيما يتعلق بالموضة. مثلا ذاع صيت الشال الأبيض العاجي الذي كانت ملفوفة به عند الولادة، وهو من إنتاج دار G H Hurt and Son Ltd التي تتعامل مع العائلة المالكة منذ أكثر من سبعين عاماً، وسبق أن زودت الملكة إليزابيث الثانية بالشال الذي لفت به ابنها الأمير تشارلز، وأيضاً ابنه الأمير ويليام والأمير هاري والأمير جورج والأميرة شارلوت والأمير لويس.
ما يلبسه الأمير الصغير جورج أيضاً مثار اهتمام. فكل ما يلبسه اليوم قد يُنعش الأسواق في اليوم التالي من ظهوره. ويبدو أن والدته الدوقة كيت ميدلتون تحرص على التواصل مع دور أزياء محددة، منها دار المصممة البريطانية «رايتشل رايلي» التي صممت كثيراً من إطلالات الأمير الصغير، ومنها الثياب التي ظهر بها في أول رحلة رسمية له مع والديه إلى نيوزيلندا. وتشتهر هذه المصممة بفلسفة خاصة في تصميم أزياء الأطفال تتلخص في الخطوط التقليدية والخياطة المتقنة والتطريزات اليدوية والتزيينات ورسوم «الفينتاج» التي عادة ما تُصمم خصيصاً للدار.
كما تتعامل العائلة المالكة أيضا مع دار «أميا» Amaia البريطانية للأطفال التي تديرها مصممتان؛ إحداهما إسبانية والثانية فرنسية. تأسست هذه الدار عام 2004 في لندن، وتتميز بموازنتها بين الكلاسيكية والمعاصرة واهتمامها بمكملات الأناقة، كالأحذية وزينة الشعر والأزرار اللؤلؤية وبطانات القطن النقي والأقمشة وغيرها.
كما تقف وراء أناقة أطفال العائلة المالكة دار «بيبا» Pepa & Company التي سبق أن ظهر كل من الأمير جورج والأميرة شارلوت بتصاميمها لأكثر من 8 مرات، ومنها فستان الأميرة الذي ارتدته أثناء رحلة العائلة إلى كندا. تأسست الدار عام 2013 عندما قررت بيبا غونزاليس إعادة الاعتبار لملابس الأطفال الكلاسيكية وتقديمها إلى الجيل الجديد بعد أن وجدت نقصاً في هذا الجانب. ومنذ ذلك الحين، أصبحت هذه الدار علامة تجارية معترف بها عالمياً وترفع شعار «نحن نستمتع برؤية أطفالنا وهم يشبهون أنفسهم».



«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.