هادي العامري زعيم منظمة بدر.. بين رضا أميركا وإيران

أجبرته «داعش» على ترك وزارته والتوجه لميادين القتال

هادي العامري زعيم منظمة بدر.. بين رضا أميركا وإيران
TT

هادي العامري زعيم منظمة بدر.. بين رضا أميركا وإيران

هادي العامري زعيم منظمة بدر.. بين رضا أميركا وإيران

عندما أصبح زعيم منظمة بدر، هادي العامري، وزيرا للنقل في حكومة نوري المالكي الثانية (2010 - 2014)، لم يجد من يعترض عليه؛ لا من الطبقة السياسية ولا من اللاعبين الدوليين الكبار. والأسباب التي تقف خلف ذلك معروفة؛ ومن أهمها أن تلك الحكومة التي تشكلت بموجب اتفاقية أربيل وبعد شلل في الحياة البرلمانية والسياسية بعد الانتخابات استمر نحو 8 أشهر - كانت اليد الطولى في تشكيلها آنذاك لإيران رغم ثقل الوجود الأميركي، حيث لم يكن الأميركيون انسحبوا بعد. لكنهم وفي سياق استعداداتهم للانسحاب وعدم حماس الرئيس الأميركي باراك أوباما لأن تتدخل إدارته في تفاصيل الطبخة السياسية - لم يكن تدخلهم على مستوى «الفيتو» ضد هذا أو مع ذاك، بل كان كل ما كانوا طلبوه هو رفع الاجتثاث عن هذا القيادي أو ذاك ومنح زعيم «العراقية» إياد علاوي، الذي وضعت عليه إيران فيتو بعد تولي رئاسة الوزارة رغم فوز قائمته الأولى بواقع 91 مقعدا مقابل 89 لـ«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، دورا مستقبليا من خلال مجلس السياسات العليا الذي لم ير النور.
هذه المرة بدت الأمور مختلفة. فالتحدي الذي مثله «داعش» أجبر هادي العامري على ترك وزارته (النقل) والتوجه إلى ميادين القتال كجزء من عملية الحشد الشعبي، حيث كان لقوات بدر التي يتزعمها دور بارز في فك حصار آمرلي - المدينة ذات الغالبية التركمانية الشيعية. وفي الوقت نفسه، فإن تحدي «داعش» أجبر في مقابل ذلك كلا من إيران والولايات المتحدة الأميركية على إعادة النظر في استراتيجيهما في العراق. أميركا عادت بقوة وعلى كل المستويات السياسية والعسكرية، وإيران وجدت نفسها كأنها جزء من المشكلة التي وصل إليها العراق عندما راهنت طوال السنوات الماضية على زعامة نوري المالكي. كل ما عملته إيران على صعيد التعامل مع قضية المالكي؛ هي أنها - طبقا لما يقوله الأكاديمي ورجل الدين الشيعي عبد الحسين الساعدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» - «رمت الكرة في ملعب المرجعية الدينية العليا في النجف وبالذات المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني، حيث إن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي يقلده عدد من رجال السياسة في العراق - ومنهم السيد هادي العامري نفسه - نأى بنفسه عن قضية ما عرف بالولاية الثالثة للمالكي عندما وجد أن هناك شبه إجماع على ضرورة التغيير وأن هذا التغيير بدت تتصدى له المرجعية». ويضيف الساعدي أن «إيران، وبالذات خامنئي - الذي يستطيع معارضة أميركا علنا وبقوة، لكنه لا يجد مصلحة في معارضة أكبر مرجع شيعي بالعراق، وحتى في إيران حيث إن مقلدي السيستاني هناك أكثر من مقلدي مرشد الثورة الإسلامية نفسه، لذلك فقد تم سحب البساط من المالكي، وهو ما ترك تأثيراته بالغة الأهمية على بعض كبار حلفائه من مقلدي خامنئي لا السيستاني وهو هادي العامري الذي حصلت كتلته النيابية (بدر) على 22 مقعدا في الانتخابات في إطار (دولة القانون)». ويضيف الساعدي أن «موقف العامري الذي بدا رجراجا من لحظة إزاحة المالكي عن طريق حزب الدعوة نفسه وبمؤازرة قوى أساسية داخل التحالف الشيعي مثل حسين الشهرستاني وإبراهيم الجعفري وحيدر العبادي، فضلا عن حزب الفضيلة والمجلس الأعلى والتيار الصدري، حيث لم يكن للعامري موقف مع هؤلاء أو ضدهم حين جرى تكليف العبادي تشكيل الحكومة».

* الاستحقاق الصعب
* خرج العامري من وزارة النقل وعينه على ثاني أهم حقيبة في الحكومة وهي الداخلية، بعد أن أصر «تحالف القوى العراقية» السنية على الاحتفاظ بحقيبة الدفاع. ومع أن كلتا الحقيبتين لا تزال شاغرة، فإن السبب الرئيس وراء ذلك هو الخلافات الشيعية - الشيعية بشأن من يتولى هذه الحقيبة. فالداخلية من حيث لوازم الاستحقاق الانتخابي هي من حصة «دولة القانون»، وبالذات منظمة بدر. وطبقا لقيادي شيعي بارز أوضح لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، أن «هناك أزمة داخل (التحالف الوطني)، بات عنوانها العريض وزارة الداخلية والسيد العامري، الذي تصر كتلته على منحها هذه الوزارة رغم أنها تعرف أن هناك فيتو أميركي واضح على العامري وعلى قادة الميليشيات». ويضيف القيادي الشيعي أن «هناك خلافات مركبة داخل (التحالف الوطني)، سواء داخل (دولة القانون) التي تميل بعض قياداتها، وفي المقدمة منهم زعيم الائتلاف نوري المالكي، إلى منح الداخلية للعامري، رغم درايتهم أن الفيتو الأميركي لا يمكن هذه المرة تخطيه، بينما ترى قيادات في (الدعوة) تسند العبادي أن من غير الممكن منح (الداخلية) للعامري ولـ(بدر)، وهو ما جعلهم يرشحون رياض غريب، الذي فشل في نيل الثقة داخل البرلمان». ويؤكد القيادي الشيعي أن «المجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري بدأوا يميلون الآن إلى منح (الداخلية) للعامري و(بدر)، لا سيما بعد أن بدا أن أميركا تريد معاقبة القوى والميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران أو المؤيدة من قبلها، لا سيما أن أميركا بدا أنها لا تريد لإيران دورا في استراتيجية مواجهة (داعش)، وهو ما يعني ضمنا نزع الغطاء عن كل القوى والحركات السياسية التابعة للإسلام السياسي الشيعي التي ترى في إيران امتدادا لها بشكل أو بآخر». وطبقا لهذه الرؤية التي يرسمها القيادي الشيعي، فإن «دولة القانون»، وبتأييد من هذه القوى، لا تزال تصر على منح العامري هذه الحقيبة رغم الفيتو الأميركي ورغم إعلان قيادات من «بدر» أن الأميركان لم يعودوا يعارضون العامري. وبما أن الأمر غير صحيح، فإنه بمثابة رسالة ضمنية للأميركان بأن العامري لن يتقاطع معكم في حال أصبح وزيرا للداخلية. لكنه واستنادا إلى التقاطع الحاد بين الرؤيتين الأميركية والإيرانية بشأن «داعش» والأزمة العراقية، فإن رضا الطرفين بات غاية لا تدرك.

* بلا ربطة عنق
* لا يفضل هادي العامري ارتداء رابطة العنق. ورغم أنه شوهد أكثر من مرة وخاصة زياراته الخارجية حين أصبح وزيرا للنقل وهو يرتدي رابطة العنق، فإن خصومه غالبا ما يربطون بين عدم ارتدائه رابطة العنق وميوله الإيرانية. مع ذلك، فإن العامري الذي يفضل مناداته بالحاج أبو حسن على أي تسمية أخرى يعتد بتاريخه بمقارعة النظام السابق بوصفه قائد الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي تأسس في إيران أوائل ثمانينات القرن الماضي بزعامة محمد باقر الحكيم والذي يسمى «بدر». وخلال الحرب العراقية - الإيرانية، قاتل «فيلق بدر»، مثلما هي تسميته خلال الحرب، إلى جانب القوات الإيرانية بهدف إسقاط نظام صدام حسين؛ فإنه وبعد احتلال العراق عام 2003 من قبل الولايات المتحدة الأميركية جرى تغيير تسمية «فيلق» بدر إلى «منظمة بدر»، وشملت بقانون دمج الميليشيات الذي أصدره الحاكم المدني الأميركي بول بريمر. ومن ثم، جرى الإعلان عن تحويل «بدر» إلى منظمة سياسية في إطار «المجلس الأعلى» الذي تغيرت تسميته من «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» إلى «المجلس الأعلى الإسلامي» بزعامة عمار الحكيم. غير أن العامري، وعلى أثر تعليمات قيل إنها صدرت من قبل مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي إلى هادي العامري بالانفصال عن «المجلس الأعلى الإسلامي» والانضواء في إطار «دولة القانون» التي يتزعمها نوري المالكي. خلال السنوات الأخيرة، تحولت منظمة بدر التي يتزعمها العامري إلى رقم صعب في العملية السياسية، وقد حصلت على 22 مقعدا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مطالبة بوزارة الداخلية ولزعيمها العامري حصرا.

* التهمة الدائمة
* عندما أصبح وزيرا للنقل، لم ينسلخ العامري من جلده الذي يبدو «ميليشياويا» بالنسبة لخصومه، الذين يرفعون حتى اليوم فيتو على توليه منصب وزارة الداخلية. هذا الفيتو وصل إلى واشنطن، التي يبدو إنها ضغطت بما فيه الكفاية على رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي لا يزال صامدا أمام كل الضغوط الداخلية (ضغوط «التحالف الوطني» ومنها «دولة القانون») والضغوط الخارجية (الضغوط الإيرانية) بتولية العامري الداخلية، وهو ما يعني أن الضغوط الأميركية وضغوط الأطراف الأخرى، لا سيما قوى التحالف السني هي الأشد بعدم تولية العامري هذه الوزارة. وفي هذا السياق، تقول عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف «الوطنية» ميسون الدملوجي، إن ائتلافها يرفض «تسلم العامري حقيبة الدفاع، لأنه يرأس ميليشيا مسلحة، وأنه شخص غير مناسب لشغل حقيبة مهمة مثل الدفاع، مطالبة بتسليم الوزارة إلى شخصية مستقلة ومن ذوي الاختصاص». الأمر نفسه عندما جرى تغيير العامري من «الدفاع» إلى «الداخلية»، حيث يرى «تحالف القوى السنية»، وعلى لسان القيادي فيه محمد الخالدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحاجة باتت ماسة لأن يجري وضع حد للميليشيات التي هي الوجه الآخر للإرهاب، ومن ثم فإن منح حقيبة مهمة مثل (الداخلية) إلى زعماء الميليشيات يعني أن نقرأ السلام على ما تبقى من العراق». العامري نفسه أدرك على ما يبدو أن القضية باتت أكبر من العبادي. ومع أنه لم يستسلم إلا أنه وجه رسالة عتاب قاسية إلى العبادي، فضح فيها ما عده تهالكا مخزيا لقوى «التحالف الوطني» على المناصب. وبدت رسالة العامري العتابية متناقضة؛ فهو في الوقت الذي يعتذر عن قبول منصب نائب رئيس الوزراء بدلا من «الداخلية»، فإنه يقول في نص الرسالة إنه لو كان يبحث عن منصب «لبقيت في وزارتي، وزارة النقل التي هي وزارة محترمة ولدي تجربة وخبرة فيها» على حد قوله، كأنه يريد القول إن منصب نائب رئيس الوزراء هو من مناصب الترضية مثله في ذلك مثل منصب نائب رئيس الجمهورية، لا أهمية لها ولا صلاحيات.



ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

روبيو
روبيو
TT

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

روبيو
روبيو

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل فريق سياسة خارجية وأمن قومي «متجانس»، لا يكرّر الأخطاء والصدامات التي خاضها في ولايته الأولى؛ إذ على مدى السنوات الثماني الماضية، جمع ترمب ما يكفي من الموالين، لتعيين مسؤولين من ذوي التفكير المماثل؛ لضمان ألا تواجهه أي مقاومة منهم. ومع سيطرة الحزب الجمهوري - الذي أعاد ترمب تشكيله «على صورته» - على مجلسي الشيوخ والنواب والسلطة القضائية العليا، ستكون الضوابط على سياساته أضعف بكثير، وأكثر ودية مع حركة «ماغا»، مما كانت عليه عام 2017. وهذا يشير إلى أن واشنطن ستتكلّم عن سياستها الخارجية بصوت واحد خلال السنوات الأربع المقبلة، هو صوت ترمب نفسه. لكن وعلى الرغم من أن قدرته على قيادة آلية السياسة الخارجية ستتعزّز، فإن قدرته على تحسين مكانة الولايات المتحدة في العالم مسألة أخرى.

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، السيناتور ماركو روبيو، مرشحاً لمنصب وزير الخارجية، بعد قطع الأخير شوطاً كبيراً في تقديم الولاء له. للعلم، علاقة الرجلين التي بدأت منذ عام 2016، وانتهت بشكل تصادمي بعد هزيمة روبيو في الانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الجمهوري، تحولت إلى علاقة تحالفية إثر دعم روبيو كل ما قاله وفعله ترمب تقريباً إبّان فترة رئاسته الأولى.

هذا الواقع قد يعزّز تثبيت روبيو في مجلس الشيوخ - الذي يمضي فيه الآن فترته الثالثة - من دون عقبات جدية، في ظل دوره وتاريخه في المجلس، منذ أن فاز بمقعد فيه عام 2010. وحقاً، لاقى اختيار روبيو استحساناً حتى من بعض الديمقراطيين، منهم السيناتور الديمقراطي جون فيترمان، الذي قال إنه سيصوّت للمصادقة على تعيينه. كذلك أشاد السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات الحالي، في بيان، بروبيو ووصفه بأنه ذكي وموهوب.

ملف الخارجية للرئيس

روبيو، من جهته، لم يترك شكاً حيال مَن يقرر السياسة الخارجية للولايات المتحدة، عندما قال إن من يحددها، ليس وزير الخارجية، بل الرئيس. وبالتالي فإن مهمة مَن سيشغل المنصب ستكون تنفيذ سياسات هذا الرئيس، وهي تهدف إلى تأمين «السلام من خلال القوة»، ووضع مصالح «أميركا في المقام الأول».

وحقاً، يلخص روبيو رؤيته لأميركا بالقول: «هي أعظم دولة عرفها العالم على الإطلاق، لكن لدينا مشاكل خطيرة في الداخل وتحدّيات خطيرة في الخارج». وأردف: «نحن بحاجة إلى إعادة التوازن لاقتصادنا المحلي، وإعادة الصناعات الحيوية إلى أميركا، وإعادة بناء قوتنا العاملة من خلال تعليم وتدريب أفضل». واستطرد: «لا شيء من هذا سهل، لكن لا يمكننا أن نتحمل الفشل. هذا هو السبب في أنني ملتزم ببناء تحالف متعدّد الأعراق من الطبقة العاملة على استعداد للقتال من أجل هذا البلد والدخول في قرن أميركي جديد».

ولكن من هو ماركو روبيو؟ وما أبرز مواقفه الداخلية والخارجية؟ وكيف أدت استداراته السياسية إلى تحوّله واحداً من أبرز المرشحين للعب دور في إدارة ترمب، بل كاد يكون نائبه بدلاً من جي دي فانس؟

سجل شخصي

ولد ماركو روبيو قبل 53 سنة في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، التي يعدّها موطنه. كان والده يعمل نادلاً ووالدته عاملة في أحد الفنادق. وفي حملته الأولى لمجلس الشيوخ، حرص دائماً على تذكير الناخبين بخلفيته من الطبقة العاملة، التي كانت تشير إلى التحوّلات الطبقية التي طرأت على قاعدة الحزب الجمهوري، وتحوّلت إلى علامة انتخابية، مع شعار «فقط في أميركا»، بوصفه ابناً لمهاجرَين كوبيّين... أصبح عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي.

عندما كان في الثامنة من عمره، انتقلت الأسرة إلى مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، حيث أمضى نحو 6 سنوات من طفولته، بعدما وجد والداه وظائف في صناعة الفنادق المتنامية فيها. وفي سن الرابعة عشرة من عمره، عاد مع عائلته إلى ميامي. ومع أنه كاثوليكي، فإنه تعمّد في إحدى كنائس لطائفة المورمون في لاس فيغاس، غير أنه في فلوريدا كان يحضر القداديس في إحدى الكنائس الكاثوليكية بضاحية كورال غايبلز، وإن كان قد شارك الصلوات سابقاً في كنيسة «كرايست فيلوشيب»، وهي كنيسة إنجيلية جنوبية في ويست كيندال بولاية فلوريدا.

يعرف عن روبيو أنه من مشجعي كرة القدم الأميركية، وكان يحلم بالوصول إلى دوري كرة القدم الأميركي عندما لعب في المدرسة الثانوية، إلا أنه لم يتلق سوى عرضين من كليتين جامعيتين. وبدايةً اختار كلية تاركيو غير المعروفة، التي تقع في بلدة يقل عدد سكانها عن 2000 شخص في المنطقة الشمالية الغربية الريفية من ولاية ميسوري. ولكن عندما واجهت الكلية الإفلاس وتعرّض للإصابة، تخلى روبيو عن كرة القدم وانتقل إلى فلوريدا، ليتخرّج ببكالوريوس في العلوم السياسية في جامعة فلوريدا، ثم في كلية الحقوق بجامعة ميامي.

في عام 1998، تزوّج روبيو من جانيت دوسديبيس، وهي أمينة صندوق سابقة في أحد المصارف، ومشجعة لنادي ميامي دولفينز لكرة القدم الأميركية، وأنجبا أربعة أطفال، وهو يعيش الآن وعائلته في ويست ميامي بولاية فلوريدا. ووفق موقع «أوبن سيكريت. أورغ»، بدءاً من عام 2018، كان صافي ثروة روبيو سلبياً؛ إذ تجاوزت ديونه 1.8 مليون دولار أميركي.

مسيرته السياسية الطموحة

يوم 13 سبتمبر (أيلول) 2005، في سن 34 سنة انتخب روبيو عضواً في مجلس النواب في فلوريدا، وأصبح رئيساً له عام 2006، بعد انسحاب منافسيه دينيس باكسلي وجيف كوتكامب ودينيس روس، ليغدو أول أميركي من أصل كوبي يتولى هذا المنصب، حتى عام 2008.

عام 2010، كان روبيو يُعد مرشحاً ضعيفاً ضد الحاكم (آنذاك) تشارلي كريست لترشيح الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ. وبالفعل، تعرّض لضغوط من قادة الحزب للانسحاب من السباق والترشح بدلاً من ذلك لمنصب المدعي العام، مع وعود من الحزب بإخلاء الميدان له. ويومذاك كتب في مذكراته «ابن أميركي»، قائلاً: «لقد أقنعت نفسي تقريباً بالانسحاب». غير أنه عاد وتمسك بموقفه، وكتب في تلك المرحلة أنه شعر بأنه لا يستطيع التراجع عن كلمته. وبقي في السباق، وفاز بأول فترة له في مجلس الشيوخ، حيث أعيد انتخابه في عام 2016، ثم مرة أخرى في عام 2022.

وعام 2016، دخل روبيو السباق الرئاسي منافساً مجموعة كبيرة من الجمهوريين، منهم دونالد ترمب، وفاز في لاية مينيسوتا، بينما حل السيناتور تيد كروز (من تكساس) ثانياً، وترمب ثالثاً. بعدها كانت انتصاراته الأخرى الوحيدة في واشنطن العاصمة وبورتوريكو. ومن ثم، انسحب بعدما هزمه ترمب في ولايته فلوريدا جامعاً 46 في المائة من الأصوات بينما جاء روبيو ثانياً بنسبة 27 في المائة. وخلال ذلك السباق، تبادل الرجلان الإهانات؛ إذ لقّبه ترمب بـ«ماركو الصغير»، وردّ روبيو بإهانة ترمب ووصفه بأنه «محتال» و«مبتذل». ولكن عندما أعادت قناة «آيه بي سي نيوز» في وقت سابق من هذا العام بث بعض تعليقاته عن ترمب عام 2016، قلل روبيو من أهميتها، بالقول: «كانت حملة». وفعلاً، بعد تولّي ترمب الرئاسة عام 2017، تحسنت علاقاتهما وظل على مقربة منه، حتى بعدما اختار ترمب السيناتور الشاب جي دي فانس (من أوهايو) لمنصب نائب الرئيس. بل سافر روبيو مع ترمب خلال المرحلة الأخيرة من سباق 2024، وألقى خطابات باللغتين الإنجليزية والإسبانية في العديد من التجمعات في اليوم الأخير من الحملة.

لم يترك روبيو شكاً حيال مَن يقرر سياسة واشنطن الخارجية

عندما قال إن من يحددها هو الرئيس... لا وزير الخارجية

سياسات روبيو المحافظة

بدءاً من أوائل عام 2015، حصل روبيو على تصنيف بنسبة 98.67 في المائة من قبل «اتحاد المحافظين الأميركيين»، بناء على سجلّه التصويتي مدى الحياة في مجلس الشيوخ. وعام 2013 كان روبيو السيناتور السابع عشر الأكثر محافظة. ويصنّف مركز سن القوانين الفعالة روبيو باستمرار بين أعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة الأكثر فاعلية في الكونغرس.

يُذكر أن روبيو دخل مجلس الشيوخ بدعم قوي من جماعة «حفلة الشاي» التي كانت تمثل اليمين الأكثر محافظة في الحزب الجمهوري. لكن دعمه في عام 2013 لتشريع الإصلاح الشامل للهجرة بهدف توفير مسار للحصول على الجنسية لـ11 مليون مهاجر غير موثق في أثناء تنفيذ تدابير مختلفة لتعزيز الحدود الأميركية، أدى إلى انخفاض دعمهم له. وللعلم، رغم تمرير ذلك المشروع في مجلس الشيوخ، أسقطه المتشددون في مجلس النواب.

ثم، بمرور الوقت، نأى روبيو بنفسه عن جهوده السابقة للتوصل إلى «حل وسط» بشأن الهجرة؛ كالعديد من مواقفه الداخلية والخارجية التي عُدّت سبباً رئيساً لتغير علاقة ترمب به؛ إذ اعتمد مواقف أكثر تشدداً بشأن الهجرة، ورفض مساعي الحزب الديمقراطي إزاء ملف الهجرة منذ عام 2018 وحتى 2024.

في مارس (آذار) 2016، عارض روبيو ترشيح الرئيس باراك أوباما للقاضي ميريك غارلاند للمحكمة العليا، متذرعاً «لا أعتقد أنه يجوز لنا المضي قدماً بمرشح في العام الأخير من ولاية هذا الرئيس. أقول هذا، حتى لو كان الرئيس جمهورياً». لكنه في سبتمبر (أيلول) 2020، إثر وفاة القاضية الليبرالية روث بايدر غينزبيرغ، أشاد روبيو بترشيح ترمب للقاضية المحافظة إيمي باريت للمحكمة، وصوّت لتثبيتها في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، قبل 86 يوماً من انتهاء ولاية ترمب الرئاسية.

أيضاً في مارس 2018، دافع روبيو عن قرار إدارة ترمب بإضافة سؤال الجنسية إلى تعداد عام 2020. ورجح الخبراء يومها أن يؤدي إدراج هذا السؤال إلى نقص حاد في تعداد السكان وبيانات خاطئة؛ إذ سيكون المهاجرون غير المسجلين أقل استعداداً للاستجابة للتعداد.

وحول الميزانية الفيدرالية، يدعم روبيو مع إعطاء الأولوية للإنفاق الدفاعي، ويرفض الإجماع العلمي بشأن تغير المناخ، الذي ينص على أن تغير المناخ حقيقي ومتقدم وضار وينجم في المقام الأول عن البشر. كذلك يعارض روبيو قانون الرعاية الميسرة (أوباما كير) وقد صوّت لإلغائه رغم فشل المحاولة. وهو معارض صريح للإجهاض، وقال إنه سيحظره حتى في حالات الاغتصاب وزنا المحارم، مع استثناءات إذا كانت حياة الأم في خطر.وأخيراً، يدعم روبيو تحديد ضرائب الشركات بنسبة 25 في المائة، وتعديل قانون الضرائب، ووضع حد أقصى للتنظيمات الاقتصادية، ويقترح زيادة سن التقاعد للضمان الاجتماعي بناءً على متوسط العمر المتوقع الأطول. ويعارض المعايير الفيدرالية الأساسية المشتركة للتعليم، كما يدعو إلى إغلاق وزارة التعليم الفيدرالية.