المباني سابقة التجهيز تعيد رسم مستقبل العقارات في الهند

في ظل المزايا التي تفوق العيوب إضافة إلى اختصارها الكبير للوقت

البناء التقليدي باستخدام الطوب والقرميد لم يعد مجدياً حسب الخبراء وأصبح من الضروري إفساح المجال أمام المباني والمواد الجاهزة (الشرق الأوسط)
البناء التقليدي باستخدام الطوب والقرميد لم يعد مجدياً حسب الخبراء وأصبح من الضروري إفساح المجال أمام المباني والمواد الجاهزة (الشرق الأوسط)
TT

المباني سابقة التجهيز تعيد رسم مستقبل العقارات في الهند

البناء التقليدي باستخدام الطوب والقرميد لم يعد مجدياً حسب الخبراء وأصبح من الضروري إفساح المجال أمام المباني والمواد الجاهزة (الشرق الأوسط)
البناء التقليدي باستخدام الطوب والقرميد لم يعد مجدياً حسب الخبراء وأصبح من الضروري إفساح المجال أمام المباني والمواد الجاهزة (الشرق الأوسط)

يستخدم العاملون في مجال العقارات في الهند الآن هياكل ومواد مسبقة الصنع في البناء بعد أن هجروا طريقة البناء التقليدية باستخدام «الطوب والقرميد». ووفقاً للإحصاءات، يُتوقع أن يكون قطاع البناء الهندي ثالث أكبر صناعة إنشاءات في العالم بحلول عام 2025، وأن يصل حجم رأسمال ذلك القطاع إلى تريليون دولار ويسهم بأكثر من 15% من إجمالي الناتج المحلي.
تحتاج الهند إلى 50 مليون منزل بحلول عام 2022 في إطار برنامج الإسكان الحكومي للجميع، وهناك أكثر من 90 مدينة ذكية يجري التخطيط لها. ولتحقيق هذا الإنجاز الضخم في زمن قصير، يشير خبراء الصناعة إلى ضرورة البناء خارج الموقع وإلى استخدام الوحدات المعيارية الجاهزة. على الصعيد العالمي، يعد برج خليفة ودار أوبرا سيدني أمثلة رائدة على هذه التكنولوجيا.

ماذا يعني التجهيز المسبق؟
التجهيز المسبق هو تقنية يجري فيها بناء المباني من خلال جمع المكونات التي تُجلب من خارج الموقع سواء من مصنع أو من موقع تصنيع ثم يجري نقلها إلى موقع البناء للتجميع، حيث يجري تثبيت الأجزاء معاً بسهولة وبسرعة في الموقع. يشتمل بعض المواد الجاهزة المستخدمة على إطارات فولاذية للهياكل وألواح مصنوعة من الخشب والإسمنت والجص ومواد أخرى للأرضيات والجدران والسقوف والأبواب والنوافذ وأجهزة التهوية المنتجة في المصانع.
أصبحت بيئات المصنع المدمجة التي يجري التحكم فيها بدرجة كبيرة شائعة للغاية نظراً إلى إمكانية تصنيع المكونات المهمة للمبنى في مكان آخر ثم إحضارها مباشرة إلى الموقع لتثبيتها. في حالة المباني الجاهزة بالكامل، يجري إنشاء الأساس فقط في الموقع ثم يجري نقل جميع الأجزاء الأخرى كالجدران والنوافذ إلى الموقع لتثبيتها معاً.

اللاعبون الرئيسيون في الميدان
هناك عدد من اللاعبين من بينهم شركات مثل «لارسن وتوبرو»، و«بانتشيل ريالتي»، و«سوبها ديفلوبرز»، و«لودها غروب»، «تاتا هاوسنغ»، و«شابورجي بالونجي دفيلوبرز»، و«سوبتر تيك»، و«بريدج غروب» قامت ببناء مشاريع تضمنت البنية الفوقية سابقة التجهيز بالكامل، ودعت المنظمات الحكومية مثل «هيئة تطوير دلهي» إلى مناقصات لبناء المنازل باستخدام التكنولوجيا الجاهزة.
وفي هذا الصدد، قال، ساشين ساندهير مدير فرع شركة «آر آي سي إس» للعقارات بجنوب شرقي آسيا، وهي شركة تضم خبراء في العقارات، «نظراً لمتطلبات 26.5 مليون وحدة سكنية ميسورة التكلفة في الهند وتحديات تنفيذ المشروع ونقص الموارد البشرية، فإن البناء التقليدي باستخدام الطوب والقرميد لم يعد مجدياً، وأصبح من الضروري إفساح المجال أمام المباني والمواد الجاهزة. يمكن استخدام تقنيات المباني الجاهزة في بناء المنازل بسرعة وبتكلفة معقولة، خصوصاً مع استمرار ارتفاع تكاليف الإنشاءات التقليدية. ونظراً لأن تكلفة الاقتراض مرتفعة ولأن المطورين يواجهون أزمة سيولة، فإن الوقت يعني المال، والبناء المعياري أسرع ويعزز تدفق إيرادات البنائين».
أدى اهتمام الهند المتزايد بمثل هذا المشروع إلى دخول صناع عالميين إلى مجال التصنيع المسبق إلى البلاد. علاوة على ذلك، فإن قرار الحكومة في أواخر عام 2014 تخفيف الشروط السابقة المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 100% في العقارات أتاح تبنياً أسرع للتقنيات الجاهزة الحديثة.
تقوم شركة «كي إي إف إنفرا» التي تتخذ من الإمارات مقراً لها، وهي الشركة المصنعة للمباني الجاهزة بمصنعها بمنطقة «كريشناجيري» بإقليم «تاميل نادو»، بإنشاء مصانع شاملة في حيدر آباد ولكنو ومومباي باستثمارات تقدر بـ300 مليون دولار للاستفادة من الطلب المتزايد على المباني الجاهزة في مختلف القطاعات.
بعض المشاريع التي قدمتها شركة «كي إي إف» تشمل إقامة مستشفى «ميترا هوسبيتال» على مساحة 400 ألف قدم مربعة بسعة 500 سرير على مرحلتين في ولاية كيرالا، و175 مطعماً من مطاعم «إنديان كانتينز» بولاية «كارناتاكا»، ومشروع مبانٍ تجارية على مساحة 1.7 مليون قدم مربعة تتعهد به شركة «إمباسي غروب»، ومشروع تجاري آخر تتعهد به شركة «إنفوسيس» على مساحة 500 ألف قدم مربعة.
وتعليقاً على الاتجاه الحديث إلى المباني سابقة التجهيز، قال فيصل كوتيكولون، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «كي إي إف هولنغز» التي تتخذ من دبي مقراً لها: «يمكننا تقديم أي نوع من المشاريع في المرة القادمة غير الطريقة التقليدية حيث يجري تصنيع كل شيء مسبقاً في مصنعنا ثم يجري تجميعه في الحال. نحن نستخدم طريقة الكتالوج لمنح العملاء خيار اختيار تصميمهم الخاص، وبناءً على ذلك نقوم بتصنيع المباني في مصنعنا في (كريشناجيري). تشير التقديرات إلى أن الهدر في مبنى تقليدي عادي يبلغ نحو 12%، لكن معدل الهدر لدينا لا يتخطى 2%، مما يؤهلنا للعمل في مناخ تنافسي».

التكلفة والوقت عنصران فعالان
يكتسب المفهوم زخماً كبيراً، حيث يعتقد البناؤون أن طريقة البناء الجاهزة تستهلك وقتاً أقل مما يؤدي إلى تسليم العقارات في الوقت المحدد. على الرغم من أن سعر المواد الجاهزة يفوق نظيرتها التقليدية بواقع يتراوح ما بين 15 و20%، فإن الكفاءة العالية وتقليل الهدر وتكاليف العمالة يمكن أن تخفض التكلفة الإجمالية للمباني الكبيرة بشكل كبير. كما أنها تلغي الحاجة إلى الأنشطة الإضافية مثل التجصيص والأسلاك الكهربائية والسباكة حيث تتم في مرحلة الصب نفسها.
وفي السياق ذاته، قال سانجاي دوت، المسؤول التنفيذي لعمليات الهند بشركة «أساندز سينغبريدج»، إن «المباني الجاهزة والهياكل المركّبة والصلب كلها مصممة لتقليل الوقت. بصفة عامة، فإن التكلفة أعلى قليلاً لكن الوقت المدّخر وفائدة القروض البنكية التي يجرى توفيرها كلها أمور مفيدة». قامت شركة «بنشيل رياليتي» ببناء أبراج «بانشيل تاورز» السكنية باستخدام تكنولوجيا البناء الجاف، حيث لم يجري فيها استخدام الطوب أو الجص، ناهيك بتوفير أكثر من مليون لتر من المياه.
إلى أي مدى كانت تلك التكنولوجيا تعد أسرع مقارنةً بمباني الطوب التقليدي والقرميد؟
أفاد أتول شوردا، رئيس شركة «بانشيل»، بأن التكنولوجيا الألمانية التي استخدمها كانت أكثر كلفة بواقع 12%، لكن الأمر استغرق منه ثلاث سنوات ونصف السنة فقط للانتهاء من 6 مبانٍ تضم 600 شقة. استطرد قائلاً: «إذا سلكنا الطريق المعتاد، فربما استغرق الأمر 10 سنوات».
استثمرت الشركة أيضاً 150 مليون روبية لإنشاء مصنع بضواحي منطقة «بون» لتصنيع وحدات الحمامات «باث بوتس» وهي عبارة عن حمامات ذاتية الدعم سابقة التجهيز مع أرضية أساسية وجدران وأسقف يجري إحضارها إلى الموقع.
لكن هذه السرعة لا بد أن تصاحبها زيادة في التكلفة، حيث إن استخدام هذه التكنولوجيا يزيد الكلفة بواقع 5 - 10%، حسب المختصين. وأفاد راميش سانكا، الرئيس التنفيذي لشركة «آر آي أو» معلقاً: «نعم، إنها أكثر كلفة من البناء العادي، لكنك ستوفر ما يقرب من 6 إلى 12 شهراً من وقت البناء الذي سيتحول في النهاية إلى مدخرات لنا وستُجنى الإيجارات مبكراً». ولإتمام هذا الغرض، أقامت شركة «آي آر آي أو» مصنعاً بالقرب من موقع البناء لتصنيع جدران مسبقة الصب.
وفي الإطار ذاته، قال بي مرالديهران، نائب رئيس وحدة تصنيع الخرسانة الجاهزة بشركة «سوبها دفيلوبرز»، إنهم يستخدمون تكنولوجيا مسبقة الصب في مشروع تبلغ مساحته سبعة ملايين قدم مربعة ويضم 66 برجاً. إن تطوير الجدران والهياكل الداعمة يجري صنعها بمصنع «سوبها» ويجري تقطيعها بالمصنع. استطرد موراليدهاران: «على سبيل المثال، إن بناء برج مؤلف من 15 طابقاً يستغرق 36 شهراً، لكننا انتهينا منه في 15 شهراً فقط».
وصرح رامكريشان بي، الرئيس التنفيذي للعمليات بمجموعة «لودها»، إنه يستكشف إمكانية القيام بعمل هيكل فولاذ مركب لبرج تجاري من 40 طابقاً يتوقع تسليمه في غضون 30 إلى 36 شهراً. يشمل بعض الأساليب التي اتبعتها شركة «لودها» إعداد سلالم مسبقة الصنع، وجدران من الجص، وأنظمة إغلاق من الألمنيوم. ويقول إن هذه الأنظمة ساعدت في ألا تستغرق دورة إعداد البلاط في المتوسط بين خمسة وثمانية أيام، وهذا يتوقف على ارتفاع المبنى.

مساحة تجارية

لا يقتصر استخدام هذه التقنية على الوحدات السكنية فقط بل التجارية أيضاً لإنهاء مبنى خلال 12 - 15 شهراً مقارنة ًبنحو 20 إلى 24 شهراً باستخدام الطرق التقليدية. وباستخدام هذه التقنية أيضاً يجري بناء أجزاء من المبنى مثل الجدران في مصنع قريب ثم يجري نقلها إلى الموقع وتجميعها للانتهاء من المبنى.
ويقوم صندوق الأسهم الخاصة بشركة «غراوغرام» وشركة «آي آر آي أو» ببناء مشروع على مساحة 12 مليون قدم مربعة تشغل 11 فداناً من الأرض لإقامة مركز للمعلومات باستخدام هذه التكنولوجيا ذاتها. يقول مايك هولاند، الرئيس التنفيذي لشركة «أمباسي أوفيس باركس»، إن مبنى «بيلدر إمباسي» مقام على مساحة 1.5 مليون قدم مربعة بمشروع «أمباسي تك فيليدج» على الطريق الدائري الخارجي في «بنغالورو»، وسيتم الانتهاء منه في 13.5 شهر. وتستكشف شركة «سالاربوريا ساتفا» إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا لبناء ما تبقى من مجمع تجاري تبلغ مساحته 6.5 مليون قدم مربعة في حيدر آباد.
وقال بيجاي أغاروال، المدير الإداري لمجموعة «سالاربوريا ساتفا»: «نريد خفض وقت البناء الذي سيساعدنا في استغلال المساحة بسرعة. إن التحدي الأكبر للبناة يكمن في التوقيت، حيث يقول رام تشانداني، المدير الإداري للخدمات الاستشارية والمعاملات بشركة «سي بي آر إي» بجنوب آسيا: «من خلال المباني الجاهزة يمكنهم إنجاز المباني بشكل أسرع وتلبية الطلب». ويشير أغاروال إلى أنه في الأسواق الكبيرة، لا يوجد شيء جاهز أمام للعملاء، فأي شيء قيد الإنشاء قد جرى تأجيره بالفعل. ويقول شانداني إن بعض شركات البناء تستخدم التكنولوجيا المصممة لتناسب المباني التي يجري تصنيعها للشركات.
يمكن أن يؤدي استخدام تقنيات المباني الجاهزة أيضاً إلى إطالة العمر الافتراضي للمباني. يتراوح العمر الافتراضي للمباني المشيدة باستخدام تقنيات المباني الجاهزة ما بين 30 و50 سنة، وهو نفس عمر المباني التي تستخدم الطرق التقليدية. كما أن استخدام المواد الجاهزة في المباني يوفر مرونة من حيث قابلية التوسع وإضافة التعديلات، إذ إن غالبية هذه المباني عبارة عن وحدات ذات كتل مستقلة يمكن إضافتها أو إزالتها، مما يطيل من عمر المبنى.

التحديات
ومع ذلك، فإن المباني الجاهزة تنطوي أيضاً على بعض العيوب. على سبيل المثال، يتطلب التصنيع المسبق عمالة ماهرة، حيث إن التجميع الدقيق للمنزل ضروري، وإلا فقد يؤدي التجميع غير المناسب إلى مشكلات منها حدوث تسريبات. ونظراً لأن معظم أعمال البناء تتطلب إجراء تعديلات في الموقع، فإن التصنيع المسبق يحدّ من خيار التعديلات في نطاق تصميم المبنى، ناهيك بارتفاع كلفة النقل.
إن توافر الأراضي يمثل تحدياً إضافياً، حيث يجري بناء العديد من المنازل الجاهزة في موقع المنازل المهدمة أو في أجزاء من أراضي المنازل القائمة، ويتطلب التصنيع المسبق قطعاً متقنة بحرفية عالية لضمان نجاحها. وفي ظل المزايا التي تفوق العيوب، فإن التصنيع المسبق من شأنه أنه يعيد رسم مستقبل العقارات في الهند.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».