السفر مدرسة أنا مستعدة لأصرف كل ما أملك عليها

رحلة مع: الفنانة رزان مغربي

في روسيا
في روسيا
TT

السفر مدرسة أنا مستعدة لأصرف كل ما أملك عليها

في روسيا
في روسيا

الشائع أن للسفر 7 فوائد، لكن الفنانة والإعلامية اللبنانية رزان مغربي، تعتقد أن فوائده أكثر من ذلك بكثير، باعتباره «فرصة ذهبية وتجربة استثنائية للتعرف على الآخرين باختلاف أجناسهم وثقافاتهم وعاداتهم وأطعمتهم»، على حد قولها. وفي حديثها مع «الشرق الأوسط»، أكدت رزان عشقها السفر، مشيرة إلى أنها لو كان كل ما تملكه هو (جنيه) فقط ستقوم بإنفاقه عليه دون تردد. تقول:
> السفر إحدى أدواتي لتحصيل المعرفة؛ أو على الأقل تعلم لغات جديدة. فليس هناك سوى أقلية تسافر من دون أن تعود وبجعبتها ذكريات سعيدة وهدايا وعدد من الكلمات التقطتها، من دون أن أنسى أيضاً تعلم أطباق جديدة.
> السفر بالنسبة لي ليس مجرد رحلة مرفهة من 5 نجوم؛ فأنا أعتبر هذه تجربة مُعلّبة غير مفيدة مقارنة بالاختلاط بالسكان العاديين، من الحديث مع سائق التاكسي و«التوكتوك» إلى التجول في الأسواق الشعبية وتذوق الأكلات غير مألوفة. فهذا ما يعطي التجربة نكهتها وجمالها. من هذا المنظور أعتبر السفر مدرسة، بل جامعة مفتوحة للتعلم واكتساب الخبرات، لذلك بدلاً من أن أقوم بتسجيل ابني بإحدى الدورات الصيفية لتعلم اللغة الفرنسية على سبيل المثال، أصطحبه معي في رحلة لفرنسا لثلاثة شهور حتى يعيش تجربة ثرية من كل النواحي.
> عندما أنوي السفر، لا أفكر في وسيلة الانتقال أو في الميزانية. فكما يمكنني أن أسافر بطائرة أو سيارة يمكنني أن أسافر بمركب أو قطار. كما لا أفكر في كم سأصرف. لا أريد أن أترك لهذه التفاصيل فرصة لتعيقني. أذكر أني في إحدى الرحلات اخترت الإقامة في أحد البيوت المغربية بتكلفة أقل عن فندق. كان أجمل قرار اتخذته، لأني تعرفت على الثقافة المغربية عن قُرب. كذلك أقمت بأحد البيوت الدمشقية القديمة خلال زيارتي لسوريا، وهكذا.
> وجهاتي في السفر مقسمة إلى ثلاثة أقسام: رحلات إلى المدن، وتكون غالباً في فصل الشتاء، أزور خلالها المتاحف والمعارض والمعالم الأثرية، ثم رحلات الصيف المحببة لقلبي، حيث الدفء وأشعة الشمس والبحر والرمال، وأخيرا وليس آخرا رحلات المغامرة؛ وهي التي أنغمس خلالها في تجربة فريدة أو غريبة مثل تسلق الجبال في كينيا، أو الذهاب في رحلة إلى دير في رومانيا.
> أحب الأماكن التي زُرتها وتركت أثرها في نفسي هي لندن، روما، سيشيل، مالديف، بالي. لقد قمت برحلات كثيرة منذ طفولتي. فلظروف الحرب في لبنان، كنت أسافر رفقة أسرتي لاستكمال دراستي بسويسرا وألمانيا وإنجلترا وفرنسا، وما إن تهدأ الأحداث أعود لاستئناف الفصل الدراسي بلبنان.
> القاهرة هي المدينة التي عشقتها حتى قبل أن أزورها، فقد كان جدي يعشقها كثيراً، وحتى أبي وأمي أتيا إليها في إجازة شهر العسل. وعموماً لسكان الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط مكانة في نفسي، أشعر أنهم طيبون وعلى طبيعتهم ويشبهونني كثيراً، ناهيك عن عشقي لأطباقهم الرئيسية المكونة من السمك الطازج المشوي.
> لو أن لدي ميزانية متواضعة خلال رحلة ما، سأفضل حضور عرض غنائي استعراضي في «برودواي» في نيويورك على أن اشتري حقيبة يد أو فستاناً أو أتناول العشاء في مطعم 5 نجوم مثلاً؛ قد أتناول «(ساندويتش عادي) وأستمتع به ما دام من الأكلات الشعبية التي يتفرد بها البلد. فليس من الطبيعي مثلاً أن أترك الكشري خلال زيارتي لمصر لأتناول الباستا مثلاً».
> أهم ما أهتم باصطحابه معي ولا أستغني عنه هو الهاتف، فهو الذي يمكنني من البحث عبر غوغل واستخدام «جي بي إس» في تنقلاتي. وكذا أحرص على استئجار سيارة أقودها بنفسي لأكتشف الأشياء أكثر.
> آخر ما أفكر فيه في السفر هو التسوق من أجل شراء ماركات عالمية، لأنها موجودة في كل مكان. في المقابل أفضل شراء أشياء تشتهر بها البلاد ويصنعها سكانها. في اليونان مثلاً، اشتريت أشياء يضعها اليونانيون على شعرهم وأحذية كانوا يرتدونها في أقدامهم، بالإضافة إلى قطع «السيفونير المغناطيسية» كي أضعها على ثلاجتي، وهذه عادة أحرص عليها دائماً.
> أسوأ تجاربي كانت في تايلاند حينما حدثت مشاحنة بيني وبين مجموعة من سائقي «التوكتوك» أدت بنا إلى القسم.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».