التعاون الاقتصادي والتجاري على جدول أعمال إردوغان وبوتين

الكشف عن اجتماع سري لبحث سبل تفادي العقوبات الأميركية

التعاون الاقتصادي والتجاري على جدول أعمال إردوغان وبوتين
TT

التعاون الاقتصادي والتجاري على جدول أعمال إردوغان وبوتين

التعاون الاقتصادي والتجاري على جدول أعمال إردوغان وبوتين

يبحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته لروسيا اليوم مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين قضايا التعاون الاقتصادي والتجاري والتعاون في مجال الطاقة بين البلدين.
وفي هذا الإطار، كانت الشركة المنفذة لمحطة استقبال الغاز الروسي، شمال غربي تركيا، أعلنت الأسبوع الماضي، أن المحطة التي تُعد جزءاً من مشروع «السيل التركي» شارفت على الانتهاء.
وقالت الشركة المشرفة على المشروع، الهادف إلى نقل الغاز إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، إن المشروع يسير كما هو مخطط له وفق الجدول الزمني، ومن المنتظر أن يتم بدء ضخ الغاز أواخر العام الجاري (2019)، مشيرة إلى أن أعمال بناء محطة استقبال الغاز في ولاية كيركلار إيلي، في شمال غربي تركيا، أنجزت بنسبة 95 في المائة.
و«السيل التركي»، هو مشروع لمد أنبوبين لنقل 15.75 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، من روسيا إلى تركيا مرورا بالبحر الأسود، وسيغذي الأنبوب الأول من المشروع تركيا، والثاني دول شرق وجنوب أوروبا.
وفي إطار تسهيل حركة التجارة والنقل والمقاولات بين البلدين، أعلنت روسيا مؤخرا إعفاءات من التأشيرة لبعض الفئات من الأتراك بينهم سائقو الشاحنات وحملة جوازات السفر الخاصة والعاملين بالخدمات العامة.
في سياق متصل، كشفت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن أن تركيا سعت للوصول إلى نظام حماية مصرفي روسي خلال اجتماعات عقدها مسؤولون أتراك مع نظرائهم الروس في شهر يوليو (تموز) الماضي.
وذكر تقرير للوكالة أنّ روسيا وتركيا عقدتا محادثات طارئة في يوليو حول توصيل الشركات والمقرضين الأتراك ببديل المصرف المركزي الروسي عن نظام سويفت للتراسل المالي العالمي.
وأوضح التقرير أن المحادثات بين تركيا وروسيا كانت عاجلة إلى درجة أنّ نائب مدير قسم السياسة المالية في الوزارة دفع شخصياً تكاليف استضافة المسؤولين الأتراك في قاعة خاصة بالوفود الدولية في مطار «فنوكوفو» والتقى الطرفان بعد فترة قصيرة على مخاطرة تركيا بالتعرض للعقوبات الأميركية من خلال بدء تسلمها منظومة «إس 400» الصاروخية الروسية للدفاع الجوي، متجاهلة مطالبات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإلغاء الصفقة.
وعزز الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال السنوات الأخيرة علاقات بلديهما في مختلف المجالات، بما فيها تلك المرتبطة بالحرب في سوريا، بينما كيفت روسيا نظامها المالي ردا على العقوبات الدولية التي فُرضت عليها منذ ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في العام 2014. وأكد نائب وزير المالية الروسي ألكسي موسييف انعقاد المحادثات الروسية التركية العاجلة بعد أن برزت تفاصيل عنها في وثيقة حكومية تم العثور عليها ملقاة في مكب للنفايات بالقرب من العاصمة موسكو.
وتم نشر صورة عن رسالة وزارة المالية التي فصّلت الاجتماع مع نائب وزير المالية التركي بولنت أكسو عبر قناة تلغرام لموقع بازا الروسي الإخباري يوم الاثنين قبل الماضي.
وقال موسييف إنّه «تمت مناقشة جدوى توقيع المذكرة في هذه المفاوضات، وقد تقرر أننا بحاجة إلى العمل عليها والآن نحن نعمل عليها». وأضاف: «بالاعتماد على ما سيرد في المذكرة، سنمضي قدماً».
وأشار تقرير الشبكة نفسها إلى أنّ بنك روسيا أسس نظام التراسل المالي عام 2014 بهدف «تقليص المخاطر الخارجية» وتأمين الحماية ضد تهديد تعرض روسيا للفصل عن خدمة سويفت العالمية.
ويهدف هذا النظام إلى ضمان عدم انقطاع خدمات تحويل التراسل وفقاً لنماذج سويفت بحسب ما يقدّمه الموقع الإلكتروني للبنك المركزي. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يونيو (حزيران) الماضي إنّ روسيا في خضم محادثات حول وصل الصين بهذه الشبكة. وأنشأ البنك المركزي أيضاً بطاقة «مير» ونظام بطاقة الدفع الوطني لمعالجة المدفوعات الوطنية عام 2015 رداً على مخاطر العقوبات. وبدوره أكد مسؤول تركي بارز من وزارة المالية والخزانة، لم تكشف الوكالة عن اسمه، عقد الاجتماع، مضيفا أنّ بلاده تعقد محادثات روتينية مع روسيا كما تفعل مع دول أخرى.
وبحسب المسؤول ذاته، ناقش الطرفان العلاقات القوية في مجال الأعمال والسياحة والتجارة بالعملتين الوطنيتين. وتضمنت مواضيع المحادثات نفاذ مصارف تركيا إلى نظام التراسل الروسي، وتوسيع بطاقة مير لتشمل المزيد من المقرضين الأتراك وفقاً للرسالة. وناقش المسؤولان أيضاً الدفع بالعملتين المحليتين.
وقلصت روسيا بشكل بارز حصة الدولار من التجارة الدولية والاحتياطيات خلال السنتين الماضيتين وسط مخاطر احتمال قيام الولايات المتحدة بتوسيع العقوبات كي تتضمن منع البنوك الروسية من إتمام التسويات بالدولار.
وقال بوتين في نوفمبر (تشرين الثاني) إنّ الاتفاق لبيع المنظومة الدفاعية الروسية لم يُعقد بالدولار. وسعت تركيا خلال العام الماضي إلى تطبيق المعاملات التجارية مع عدد من الدول في مقدمتها روسيا والصين بالعملات المحلية، بسبب أزمة انهيار الليرة التركية. وذكر تقرير «بلومبرغ» أنّ وزارة المالية الروسية طالبت بـ«إيضاح» حول الوثيقة المتعلقة بالاجتماع الروسي التركي، الملقاة في المكب من قبل الشركة المتخصصة بالتعامل مع النفايات.



«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)
«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)

في إطار السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، يقود «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» مبادرة «رؤية سعودية وتنمية يمنية 2030» التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين السعودية واليمن عبر تطوير المنافذ الحدودية، وإنشاء مناطق اقتصادية ومدن غذائية ذكية، مما يساهم في تسهيل حركة السلع والأفراد وزيادة حجم التبادل التجاري.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية واليمن بلغ في عام 2023 نحو 6.3 مليار ريال (1.6 مليار دولار)، وقد استحوذت الصادرات السعودية على الحصة الكبرى. ورغم ذلك، فإن الواردات اليمنية لا تزال أقل من الإمكانات المتاحة، خصوصاًَ في قطاعات الزراعة، والثروة السمكية، والتعدين.

مشروعات لتعزيز التكامل

تتمثل أبرز مشروعات هذه المبادرة، التي يتبناها المجلس برئاسة الدكتور عبد الله بن محفوظ، في «إنشاء مناطق اقتصادية مشتركة، وتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجيستية، وتعزيز الاستثمار في قطاعَي الزراعة والطاقة المتجددة. كما تشمل إنشاء محاجر متطورة لفحص المواشي والفواكه والخضراوات، مما يسهم في تحسين جودة السلع وزيادة صادرات اليمن الزراعية والحيوانية إلى السعودية. وتسعى هذه الجهود إلى تعزيز الأمن الغذائي للسعودية وتحقيق نمو اقتصادي لليمن».

وضمن الخطط المستقبلية لتعزيز الشراكة الاقتصادية، سينظَّم معرض سنوي بعنوان: «إعادة إعمار وتنمية اليمن»، في الرياض خلال الربع الأول من عام 2025. يهدف هذا المعرض إلى جذب المستثمرين من مختلف القطاعات وتعزيز الشراكات الثنائية بين الشركات السعودية ونظيرتها اليمنية.

رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» عبد الله مرعي بن محفوظ

الاستثمارات اليمنية

وقال لـ«الشرق الأوسط» رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني»، الدكتور عبد الله بن محفوظ، إن «الاستثمارات اليمنية في السعودية شهدت نمواً ملحوظاً، فقد بلغت قيمتها نحو 18 مليار ريال (4.8 مليار دولار) حتى نهاية عام 2023، لتحتل المرتبة الثالثة عشرة عالمياً من حيث حجم الاستثمارات. تتركز هذه الاستثمارات في تجارة الجملة والتجزئة، خصوصاً المواد الغذائية والملابس والأدوات المنزلية، إضافة إلى قطاعات: المقاولات، والتصنيع، والخدمات اللوجيستية».

وأوضح بن محفوظ أن «هذا التوسع الاستثماري يعود إلى الدعم الذي توفره الحكومة السعودية للمستثمرين اليمنيين، عبر تسهيل إجراءات التراخيص، وتقديم الحوافز الاستثمارية، وضمان بيئة استثمارية مستقرة. ساهمت هذه العوامل في استقطاب رؤوس الأموال اليمنية إلى السعودية، مع تعزيز استفادة المستثمرين من الفرص الاقتصادية المتاحة».

تحديات الاستثمارات اليمنية

رغم التقدم الملحوظ، فإن الاستثمارات اليمنية تواجه تحديات كبيرة؛ أبرزها، وفق بن محفوظ، «عدم استقرار العملة المحلية اليمنية، والقيود المصرفية التي تعوق تحويل الأموال، وضعف البنية التحتية في اليمن، بالإضافة إلى النزاعات المسلحة التي تزيد من مخاطر الاستثمار، فيما يعاني النظام القضائي اليمني أيضاً من ضعف كفاءة تحصيل المستحقات التجارية، مما يؤثر سلباً على بيئة الأعمال».

ووصف بن محفوظ العلاقة الاقتصادية بين البلدين بأنها متميزة واستراتيجية، مشيراً إلى أن السعودية تعدّ الشريك الأكبر والداعم الرئيسي لليمن. وتُظهر الإحصاءات أن تحويلات المغتربين اليمنيين بالسعودية تمثل 62 في المائة من إجمالي تحويلاتهم عالمياً، مما يعكس الترابط الاقتصادي والاجتماعي الكبير بين البلدين. وتسهم الحدود المشتركة والمنافذ البرية في تعزيز التكامل الاقتصادي، بينما تدعم برامج مثل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، و«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، مشروعات التنمية والبنية التحتية في اليمن.

مشروعات الزراعة والطاقة

تركز خطط «المجلس» المستقبلية على مشروعات واعدة تشمل استصلاح الأراضي الزراعية في اليمن، وإنشاء مراكز تعبئة للمحاصيل الزراعية وللثروة السمكية، إضافة إلى تطوير مشروعات المواشي، وأكد بن محفوظ أن اليمن يعدّ من أهم الأسواق الرئيسية للسعودية في توفير المنتجات الزراعية والحيوانية التي تتمتع بمزايا نسبية على مثيلاتها من سلع الدول الأخرى. ووفق بيانات إحصائية اقتصادية حديثة في 2022، فإن الإنتاج الحيواني يحتل المرتبة الثانية بعد الإنتاج الزراعي من حيث مساهمته في إجمالي الناتج المحلي لليمن بنسبة تزيد على 20 في المائة.

وتشير الإحصاءات اليمنية إلى أن أعداد الأبقار تصل إلى 7 ملايين رأس، والأغنام والماعز إلى 9 ملايين رأس لكل منهما، بالإضافة إلى 450 ألف رأس من الإبل. وتسهم هذه الموارد في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي لليمن وتوفير الأمن الغذائي للسعودية، مع خلق فرص عمل وتقليل معدلات البطالة في اليمن.

ويرى رئيس «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» أن تأسيس محاجر مخصصة للمواشي مع مرافق للحجر الصحي والفحوصات البيطرية في الجانب اليمني في المنافذ الحدودية المشتركة وتحت إشراف وزارة الزراعة السعودية، وبإشراف وتشغيل الجانب اليمني، مع تأسيس مناطق تخزين وفحص للفواكه والخضراوات، مزودة بأحدث تقنيات الكشف عن الآفات... سيكون ذا قيمة مضافة كبيرة لكلا البلدين، فمن جهة اليمن، سيعزز من زيادة دخل الفرد، وأيضاً سيساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لليمن، وتخفيض نسبة البطالة العالية في اليمن. ومن جهة أخرى، ستساهم زيادة الصادرات اليمنية بقطاعات الثروة الحيوانية، والسمكية، والزراعية، إلى السعودية في تحقيق أهداف السعودية في توفير الأمن الغذائي وتقليل استيرادها المنتجات الحيوانية والزراعية والسمكية من كثير من دول العالم.

ووفق بن محفوظ، يسعى «المجلس» أيضاً إلى تحسين القطاع المصرفي عبر التعاون مع البنوك اليمنية لتطوير الأنظمة التقنية والمالية، بما يعزز الشفافية ويسهل عمليات الدفع الإلكتروني. كما تركز الجهود على تنظيم قطاع الصرافة لتسهيل حركة التجارة والاستثمار بين البلدين.

في ظل هذه الجهود الطموحة، تشكل «رؤية سعودية وتنمية يمنية 2030» خريطة طريق لتحويل العلاقة الاقتصادية بين السعودية واليمن إلى شراكة استراتيجية حقيقية، تعزز الاستقرار والتنمية في اليمن، وتحقق أهداف «رؤية 2030» السعودية في بناء شراكات إقليمية قوية ومستدامة.