شرطة هونغ كونغ تفرّق المحتجين بخراطيم المياه

استمرار المظاهرات وسط غضب من قوات الأمن

متظاهرون يعيدون إلقاء قنابل غاز مسيل للدموع على الشرطة في هونغ كونغ أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يعيدون إلقاء قنابل غاز مسيل للدموع على الشرطة في هونغ كونغ أمس (أ.ف.ب)
TT

شرطة هونغ كونغ تفرّق المحتجين بخراطيم المياه

متظاهرون يعيدون إلقاء قنابل غاز مسيل للدموع على الشرطة في هونغ كونغ أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يعيدون إلقاء قنابل غاز مسيل للدموع على الشرطة في هونغ كونغ أمس (أ.ف.ب)

استخدمت الشرطة في هونغ كونغ، أمس، خراطيم المياه لتفريق المحتجين المطالبين بالديمقراطية، في تصعيد للمواجهة التي تهز المدينة منذ نحو ثلاثة أشهر.
وبدأت المظاهرات في هونغ كونغ قبل ثلاثة أشهر باحتجاجات على مشروع قانون يتيح تسليم المطلوبين إلى الصين القارية، لكنّها توسعت للمطالبة بحقوق ديمقراطية في المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي. ومع بدء آلاف المحتجين الذين تجمعوا في ملعب رياضي السير تحت الأمطار الغزيرة، أقام متظاهرون متشددون حواجز في الطرق وكسروا حجارة الأرصفة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت الشرطة، في وقت سابق، إنّ عربات مدافع المياه المزودة بكاميرات مراقبة وفوهات رش متعددة ستُستخدم فقط في حالة «اضطراب عام واسع النطاق».
ومنذ بدء حركة الاحتجاجات، تستخدم الصين مزيجاً من الترويع والدعاية والأساليب الاقتصادية لقمع المظاهرات في استراتيجية سمتها حركة الاحتجاج «إرهاباً أبيض». وباتت هيئة مترو أنفاق المدينة آخر مؤسسة عامة في هونغ كونغ تتعرض لانتقادات المحتجين، بعد أن بدت أنها خضعت لهجمات وسائل الإعلام الرسمية الصينية التي عدّتها خدمة «حصرية» لنقل المتظاهرين للمسيرات.
وأغلقت الهيئة محطات قرب منطقة التظاهر في تسوين وان، أمس، لليوم الثاني على التوالي. ورغم ذلك، واصل المحتجون تجمعهم في ملعب «كواي شونغ» تحت الأمطار الغزيرة قبل بدء المسيرة باتجاه تسوين وان.
على الجهة المقابلة، تجمع مئات، بعضهم من ذوي عناصر الشرطة، أيضاً، بعد ظهر أمس. وأفادت سيدة قالت إنها زوجة ضابط، بأنّ الشّرطة تلقت ما يكفي من انتقادات. وأوضحت: «أعتقد أنه خلال الشهرين الماضيين تلقت الشرطة ما يكفي من الازدراء». وتابعت الزوجة التي اكتفت بتقديم اسمها الأول سي: «تذكروا، وظيفتكم أن تخدموا سكان هونغ كونغ، وليس أن تكونوا أعداء هونغ كونغ».
وباتت الشرطة هدفاً لغضب المحتجين، بسبب رد فعلهم العنيف للاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع. وتصاعدت الكراهية بحق الشّرطة التي استخدمت الهراوات والرصاص المطاطي والغاز المسيّل للدموع ضد المتظاهرين «المتشددين»، كما اتُّهمت بضرب المتظاهرين السلميين.
ونُقل 10 أشخاص إلى المستشفى بعد اشتباكات السبت، اثنان منهم في حالة حرجة، على ما قال أطباء في المستشفى دون أن يوضحوا إذا كانوا محتجين أم شرطيين. ومساء السبت، أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيّل للدموع، واستخدمت الهراوات لضرب المحتجين الذين ردوا بسيل من الحجارة والزجاجات، بعد أن تحولت مظاهرة في حي للطبقة العاملة لمواجهة عنيفة.
وبعد أعمال عنف واشتباكات خطيرة قبل أسبوع ونصف الأسبوع؛ خصوصاً في مطار المدينة التي عرفت لعقود كنموذج للاستقرار والأمن، تراجع ما بدا أنه توجه إلى العنف في المدينة. وشارك نحو 1.7 مليون محتج، حسب بيانات المنظمين، في مسيرات ضخمة دعت إليها حركة الاحتجاج للتأكيد على «سلمية» الاحتجاجات.
وعلّقت الحكومة الموالية للصين مشروع قانون تسليم المطلوبين، لكنها لم تسحبه رسمياً، ما يثير مخاوف من طرحه لاحقاً، ودفعاً للمحتجين لمواصلة التظاهر.
وتتمتع هونغ كونغ بحريات غير موجودة في البر الصيني بموجب اتفاقية بدأ تطبيقها عندما أعادت بريطانيا مستعمرتها السابقة إلى الصين في 1997. ويقول العديد من أهالي هونغ كونغ إن الحريات تتضاءل؛ خصوصاً منذ وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ للحكم.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».