«قمة بياريتز» بين الطموحات المعلنة والواقع

زوجات القادة المشاركين في اجتماعات «قمة السبع» قمن بأنشطة ثقافية في بياريتز أمس (أ.ف.ب)
زوجات القادة المشاركين في اجتماعات «قمة السبع» قمن بأنشطة ثقافية في بياريتز أمس (أ.ف.ب)
TT

«قمة بياريتز» بين الطموحات المعلنة والواقع

زوجات القادة المشاركين في اجتماعات «قمة السبع» قمن بأنشطة ثقافية في بياريتز أمس (أ.ف.ب)
زوجات القادة المشاركين في اجتماعات «قمة السبع» قمن بأنشطة ثقافية في بياريتز أمس (أ.ف.ب)

لم يتمخض اليوم الثاني من «قمة السبع الكبار» في منتجع بياريتز عن نتائج إيجابية يمكن الاعتداد بها، رغم مساعي الدبلوماسية الفرنسية والرئيس إيمانويل ماكرون تحديداً للقيام بدور «المسهل». ومرة أخرى، يفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب نفسه على أنه الطرف الرئيسي في هذا النوع من الاجتماعات الذي تدور حوله جميع المواقف والسياسات، رغم «عزلته» بشأن ملفات كثيرة، ليس أقلها الملف النووي الإيراني والحرب التجارية مع الصين تحديداً، والملف البيئي، وعودة روسيا إلى نادي الكبار.
ووفق متابعين لمجريات القمة، فإن ترمب وصل إليها رئيساً وممثلاً للولايات المتحدة بالطبع ولكنه أيضا جاءها مرشحاً جمهورياً لولاية ثانية، وسياسياً حريصاً على إرضاء ناخبيه بالدرجة الأولى. وكشفت مصادر أميركية لمجموعة من الصحافيين في الوفد الأميركي المرافق للرئيس ترمب أن الأخير، وبعكس تصريحاته العلنية المتكررة حول الاجتماعات الجيدة التي عقدها، إن ثنائياً أو جماعياً، «لم يكن راضياً» عن مواضيع النقاش التي أعدتها الرئاسة الفرنسية، وأنه اعتبر أن غرضها هو «إبراز عزلته» مقابل «تجميل صورة» الرئيس إيمانويل ماكرون وإظهار «مهارته» وقدرته على أن يكون «المحرك» في قمة نادي الأغنياء، الذي يضم كبار قادة العالم.
حقيقة الأمر أن ضيوف المنتجع الفرنسي الراقي جاءوا، وكل منهم يحمل أعباء ثقيلة تمنعه من التحرُّك. فرئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي مستقيل، ولن يبقى في منصبه إلا خلال الوقت الذي يحتاج إليه التوصل إلى تفاهم حول حكومة إيطالية جديدة. ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون منهمك بكيفية الخروج من الاتحاد الأوروبي وإرضاء ناخبيه من خلال الضغط على الدول الـ27 في الاتحاد والدخول في مشادات مع رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الذي لن يبقى في منصبه إلا لأسابيع قليلة. وجونسون يخير الأوروبيين بين التخلي عن «شبكة الأمان» للمحافظة على التواصل الحر بين جمهورية آيرلندا وآيرلندا الشمالية، أو مغادرة لندن الاتحاد من دون اتفاق، وليكن ما يكون. أما المستشارة الألمانية فيبدو أنها بالغة الضعف ولم يُسمَع صوتها في هذه القمة، وهي تتأهب لترك منصبها في الأشهر المقبلة، ولا أحد واثق من أنها ستبقى في مبنى المستشارية حتى انتهاء ولايتها الحالية. ولا يمكن تناسي رئيس وزراء كندا جاستين ترودو، الذي تلاحقه التحقيقات في قضية فساد.
يدوره، انشغل رئيس وزراء اليابان بملفين كوريين: القنبلة النووية الكورية الشمالية، والتوتر القديم - المستجد مع كوريا الجنوبية بسبب الإرث الاستعماري الياباني وفظائع الحرب العالمية الثانية. أما ترمب، فقصته معروفة. وبالتالي لم يبقَ في الميدان من «السالمين» سوى الرئيس الفرنسي، الذي أمضى في الإليزيه نصف ولاية.
إزاء واقع كهذا، يصعب توقع نتائج خارجة عن المألوف لقمة تلاحقت المظاهرات المنددة بها في مدن منطقة الباسك القريبة من بياريتز التي حولتها السطات الفرنسية إلى قلعة تحت الحصار يصعب التنقل بين أحيائها. ويتهم المتظاهرون «مجموعة السبع» بأنهم «نادي أغنياء»، وأن التزاماتهم بشأن المناخ والأرض غير صادقة، أو أنها دون المستوى المطلوب. كذلك ينددون بشعار القمة الرسمي وهو «محاربة انعدام المساواة»، أكان بين دول الشمال الغنية والجنوب الفقيرة أو داخل المجتمعات نفسها بين الرجال والنساء... ولم تغرهم دعوات الحكومة الفرنسية لمشاركة المجتمع المدني في التحضير للقمة وتقديم المقترحات أو دعوة بعض القادة الأفارقة إلى بياريتز باعتبار أن أفريقيا أولوية يتعين الالتفات إليها بقوة.


مقالات ذات صلة

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

صحتك رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

كشفت دراسة مكسيكية أنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن كبار السن أكثر قدرة على تحمل موجات الحرارة مقارنة بالشباب.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.