المعارضة التركية تنتقد سياسات إردوغان في شرق المتوسط

تعيين عسكري مثير للجدل قائداً لقاعدة بحرية

TT

المعارضة التركية تنتقد سياسات إردوغان في شرق المتوسط

واصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تصريحاته التصعيدية حول أنشطة التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط التي تقوم بها بلاده قبالة سواحل قبرص في شرق البحر المتوسط، في الوقت الذي هاجمت المعارضة التركية فيه سياسته، مؤكدة أنها قادت إلى عزلة تركيا.
ولليوم الثالث على التوالي، كرر إردوغان، في كلمة في ولاية طرابزون (شمال البلاد) أمس، تأكيداته أن تركيا لن تعبأ بأي تحذيرات أو تهديدات من الاتحاد الأوروبي، وأنها ستواصل أعمالها في المنطقة للحفاظ على «حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك».
وقال إردوغان إن بلاده واجهت قوى لها حسابات في المنطقة، عندما بدأت أنشطة التنقيب في شرق البحر المتوسط، متهماً الاتحاد الأوروبي بالوقوف في صف قبرص في الخلاف حول ثروات شرق المتوسط «ما يُفقده الحيادية في هذا الموضوع».
وأكد أن التهديدات التي تواجهها تركيا لن تثني حكومتها عن الدفاع عن «حقوقها المشروعة، والاستمرار في تنفيذ أجنداتها الخاصة». وكان إردوغان قد أطلق تصريحات مماثلة قبل يومين، وكرر أول من أمس، في ولاية ريزا (شمال البلاد)، أن الحكومة التركية امتلكت سفناً للتنقيب عن الثروات الباطنية من أجل الدفاع عن مصالحها في المنطقة، وأنها لا تكترث للتهديدات الغربية بشأن أعمال التنقيب التي تقوم بها في شرق المتوسط، وأنها عازمة على حماية حقوقها بالمنطقة.
وهاجم إردوغان، في تجمع آخر لأنصاره في ولاية أرتفين (شمال البلاد)، تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، عن الوجود التركي في شرق البحر المتوسط. وكان كليتشدار أوغلو قد قال إن أنقرة في حاجة إلى العيش بسلام مع جيرانها ومحيطها الإقليمي، وذكر بالاسم مصر وسوريا، بدلاً عن التوتر الحالي مع الخارج، في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية.
وانتقد زعيم المعارضة التركية سياسات إردوغان، قائلاً إنها «دفعت بنا صوب عزلة في شرق البحر المتوسط، ثم سموها بـ(العزلة الثمينة). لكن أين الثمين فيما يحصل؟ نحن في حاجة إلى العيش بسلام مع كل جيراننا. نحتاج السلام مع الجميع، مع سوريا وإيران والعراق وروسيا واليونان وبلغاريا».
و«العزلة الثمينة» تعبير أطلقه المتحدث الحالي باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، عام 2011، عندما كان يشغل وقتها منصب نائب وكيل في وزارة الخارجية، رداً على تحذيرات من عزلة تركيا، قائلاً إن الأمر غير صحيح، وأكد أنه «حتى لو صح التشخيص، وكانت تركيا في عزلة، فهي في عزلة ثمينة».
وسخر إردوغان من تصريحات كليتشدار أوغلو، قائلاً: «ألا تدري أن لنا سفن تنقيب في شرق المتوسط، ولنا فرقاطات عسكرية، فأين هي العزلة؟».
وفي سياق متصل، عينت تركيا أحد قادة قواتها البحرية، الذي كان ضمن الفريق التركي الذي انتشر على جزر إيميا (أو كما تعرف في تركيا باسم كارداك)، وتسبب في إشعال الصراع بين أنقرة وأثينا الذي كاد ينتهي بالحرب عام 1996، لولا تدخل واشنطن، في منصب المسؤول عن إحدى أهم قواعدها البحرية في شرق البحر المتوسط.
وبحسب مرسوم رئاسي تركي، فإن الأدميرال إرسان كيريج تبه تم تعيينه مسؤولاً عن قاعدة «إسكندرون» البحرية في جنوب تركيا.
وواجه كيريج تبه، في السابق، تهماً بالانتماء إلى حركة «الخدمة» التابعة لفتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، قبل إسقاط التهم عنه فيما بعد لعدم كفاية الأدلة.
وتعمدت تركيا إثارة غضب اليونان، بالتأكيد على سيادتها على جزر «إيميا»، وأنها لن تقبل بأي قرار من الجانب اليوناني، فيما يتعلق بالتكوينات الجغرافية في بحر إيجة، والوضع القانوني المتنازع عليه.
وتتمسك اليونان بحقوقها القانونية على تلك الجزر، وقالت في بيان رسمي إن «سيادة أثينا على الجزر أمر مسلم به، وتركيا مُخطئة إذا اعتقدت أنها تستطيع انتهاك القانون الدولي في بحر إيجة دون عواقب، مثلما يحدث في أماكن أخرى بضواحيها».
وفي شأن آخر، نفى المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أكصوي، وجود معلومات لدى أنقرة حول توجه ناقلة النفط الإيرانية المفرج عنها من جبل طارق إلى ميناء بتركيا، وذلك في أعقاب تهديدات أميركية بالتحرك ضد أي جهة تساعد الناقلة، بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقال أكصوي، في تعليق على أنباء تغيير ناقلة النفط الإيرانية «أريان داريا - 1» مسارها من ميناء «كالامتا» في اليونان، وتوجهها إلى ميناء مرسين (جنوب تركيا): «ليس لدينا معلومات في هذا الشأن».
وكانت وكالة «أسوشيتد برس» قد ذكرت، أول من أمس، أن بيانات تعقّب حركة السفن أظهرت أن ناقلة النفط الإيرانية «أريان داريا - 1»، التي كانت تعرف في السابق باسم «غريس – 1»، قد غيرت وجهتها إلى ميناء في تركيا، بعد أن تم الإفراج عنها إثر احتجازها لنحو 5 أسابيع قبالة جبل طارق، للاشتباه في خرقها للعقوبات الأوروبية، بنقلها شحنة من النفط الإيراني إلى سوريا.
وبعد الإفراج عن الناقلة مباشرة، أمرت محكمة اتحادية أميركية بمصادرتها لأسباب مختلفة، لكن السلطات في جبل طارق رفضت ذلك، قبل أن تحذر طهران من أن أي تحرك أميركي لمصادرة السفينة مجدداً ستكون له «عواقب وخيمة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».