الإساءات العنصرية في كرة القدم تسلّط الضوء على مواقع التواصل الاجتماعي

القانون صارم لكن جرائم الكراهية عبر الإنترنت لا يتم الإبلاغ عنها بالشكل المطلوب

راشفورد (رقم 10) أهدر ركلة الجزاء أمام كريستال بالاس فأصبح هدفاً للإساءات العنصرية (رويترز)
راشفورد (رقم 10) أهدر ركلة الجزاء أمام كريستال بالاس فأصبح هدفاً للإساءات العنصرية (رويترز)
TT

الإساءات العنصرية في كرة القدم تسلّط الضوء على مواقع التواصل الاجتماعي

راشفورد (رقم 10) أهدر ركلة الجزاء أمام كريستال بالاس فأصبح هدفاً للإساءات العنصرية (رويترز)
راشفورد (رقم 10) أهدر ركلة الجزاء أمام كريستال بالاس فأصبح هدفاً للإساءات العنصرية (رويترز)

الإساءة العنصرية ضد بول بوغبا وماركوس راشفورد، وياكو ميتيه، وتامي أبراهام، تضع وسائل التواصل الاجتماعي في دائرة الضوء مرة أخرى، وهناك حاجة إلى مواجهة هذا الأمر؛ لكن الحلول معقدة.
بعد أن أضاع الفرنسي بول بوغبا ركلة جزاء يوم الاثنين الماضي أمام وولفرهامبتون واندررز، كان ماركوس راشفورد على موعد مع إضاعة ركلة أخرى هذه المرة أمام كريستال بالاس، بعد أن سدد في القائم.
كانت الركلتان مؤثرتين في النتيجة، فقد تعادل يونايتد في الأولى 1 – 1، بينما خسر المباراة الثانية بملعبه 1 – 2، وهو ما أثار غضب بعض المتعصبين من الجماهير التي أطلقت رسائل عنصرية بحق بوغبا وراشفورد، وبشكل أثار استياء النادي العريق ومسؤولي الكرة الإنجليزية.
عقب إهدار بوغبا لركلة الجزاء التي كانت كفيلة بحسم فوز يونايتد على وولفرهامبتون، ظهر عدد من الرسائل العنصرية، يُزعم أن بعضها من مشجعي مانشستر يونايتد، تسيء إلى لاعب الوسط الفرنسي. ووصفت هذه الرسائل بوغبا بـ«الزنجي»، واستبدلت بوجهه في الصور وجه غوريلا، وطلبت منه «العودة إلى بيع الموز في كولومبيا».
وبعد فترة وجيزة، انتقد جمهور مانشستر يونايتد هذه التغريدات، وأرسل شكاوى إلى موقع «تويتر» تطالبه بحذف هذه الرسائل. وفي صباح اليوم التالي، أصدر مانشستر يونايتد بياناً ينتقد فيه هذه الرسائل، وقال: «الأفراد الذين عبروا عن هذه الآراء لا يمثلون قيم نادينا العظيم». ونشر عدد من لاعبي مانشستر يونايتد رسائل تضامن مع بوغبا؛ لكن لم تمر خمسة أيام إلا وعادت هذه الرسائل؛ لكن هذه المرة موجهة إلى راشفورد في وقت أصبحت قضية الإساءة العنصرية على منصات التواصل الاجتماعي نقطة حوار بين العامة.
يكاد يكون من المستحيل تقدير مدى سوء هذه المشكلة؛ لكن الوضع ليس جيداً بكل تأكيد. ولم تكن الإساءة الموجهة إلى بوغبا هي الوحيدة خلال هذا الموسم؛ حيث تعرض لاعب تشيلسي، تامي أبراهام، ولاعب ريدينغ، ياكو ميتيه، لإساءات مماثلة خلال الموسم الحالي.
وأعرب مدربو أندية الدوري الإنجليزي الممتاز عن استيائهم مما يحدث، وطالبوا بضرورة مقاومة كل أشكال الإساءات للاعبين في وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال النرويجي أولي غونار سولسكاير، المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد: «إنه أمر مخزٍ، لا بد من أن نفعل شيئاً بخصوص ذلك، ولا بد من أن تقوم السلطات بأي شيء».
واقترح فيليب نيفيل المدير الفني لمنتخب إنجلترا للسيدات، وهو لاعب سابق في مانشستر يونايتد، أن يقوم اللاعبون بالابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي لمدة ستة أشهر، اعتراضاً على تلك المشكلات.
وقال نيفيل الذي لعب في صفوف «الشياطين الحمر» لأحد عشر موسماً (1994 -2005) وحقق معه لقب الدوري الإنجليزي في ست مناسبات، إضافة إلى لقب دوري الأبطال عام1999: «أعتقد أنه علينا اتخاذ تدابير صارمة كمجتمع كرة قدم. لقد عانت لاعباتي في منتخب إنجلترا للسيدات من هذا الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي، كما عانى منه نجوم الدوري الإنجليزي الممتاز ولاعبو الدرجة الأولى». وتابع: «أتساءل عما إذا كان علينا كمجتمع كرة قدم مقاطعة هذه المواقع؛ لأن (تويتر) لن يقوم بشيء حيال الأمر أسوة بـ(إنستغرام). يرسلون رداً عبر البريد الإلكتروني بأنهم سيحققون في المسألة، إنما لا يحدث شيء. لقد فقدت الأمل في كل من يشرف على مواقع التواصل الاجتماعي هذه، لذا فلنبعث رسالة شديدة اللهجة، لنغيب عن المواقع لمدة ستة أشهر، لنرى التأثير الذي قد تتركه (المقاطعة) على شركات مواقع التواصل الاجتماعي».
من جهته، أشار الأرجنتيني ماوريسيو بوكتينيو مدرب توتنهام، إلى أنه ليس متأكداً ممن
عليه حل المشكلة بالتحديد؛ لكنه يرى أن الوقت قد حان لكي تتوقف الإساءات. وقال بوكتينيو: «لا أعرف إذا ما كانت تلك مسؤولية منصات التواصل الاجتماعي. إنها مسؤولية الناس. إنه وضع مزعج، ندخل عام 2020 بعد أشهر قليلة وما زلنا نسمع ونرى هذه التصرفات السيئة. هذا شيء مزعج». وأضاف: «الأغبياء موجودون في كل مكان، والذين يستخدمون هذه المنصات ليثيروا الفتن غير مقبولين، أنا شخصياً لو تمكنت من القتال سأذهب للقتال».
وقد حاولت منظمة «كيك إت أوت» المناهضة للعنصرية، حساب العدد الإجمالي لمثل هذه التعليقات. وفي عام 2015 أجرت دراسة وجدت أن 134 ألف رسالة مسيئة قد أرسلت إلى لاعبي كرة القدم والأندية خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2014 ومارس (آذار) 2015.
لكن عدد الإساءات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تم الإبلاغ عنها لحملة «كيك إت أوت» قد وصل منذ ذلك الحين إلى مستويات قياسية. ودعونا نؤكد على أن هذا الأمر يتعلق بالإساءات العنصرية في كرة القدم فقط، وليس في باقي الألعاب الرياضية.
على الرغم من أن بعض الإساءات العنصرية كانت على منصات أخرى – تلقى ميتيه على سبيل المثال، رسائل على «إنستغرام» - إلا أن موقع «تويتر» أصبح هو مركز معظم الإساءات. ووافق مسؤولو موقع «تويتر» على مقابلة المسؤولين عن «كيك إت أوت» وغيرها من حملات مناهضة العنصرية، خلال الأسابيع المقبلة لمناقشة الخطوات والإجراءات التي ستتخذها الشركة لمواجهة العنصرية.
نشر لاعب مانشستر يونايتد، هاري ماغواير، تغريدة يقترح فيها بعض الحلول لهذه المشكلة، كتب فيها: «لا يجب فتح أي حساب على موقع (تويتر) إلا بعد التحقق من الهوية، عن طريق جواز سفر أو رخصة قيادة». في حين اقترح المدير الفني لمنتخب إنجلترا للسيدات، فيليب نيفيل، أن يقوم اللاعبون والأندية بمقاطعة وسائل التواصل الاجتماعي لمدة ستة أشهر.
أما موقع «تويتر» نفسه، فقد اقترح أمراً تقليدياً، وهو تعزيز عمليات الإبلاغ عن التعليقات المسيئة. وأشار الموقع إلى أن عدد الحسابات التي تم حظرها في غضون 24 ساعة من الإبلاغ عنها قد زاد بمعدل ثلاث مرات، كما زادت عمليات «المراجعة البشرية» للرسائل؛ لكنه لم يكشف عن عدد البشر الذين يقومون بإجراء عمليات المراجعة.
هنا تصبح الأمور أكثر تعقيداً. وتتعرض السياسات التي يتبعها «تويتر» لكثير من الانتقادات، وخصوصاً من أصحاب البشرة السمراء والأقليات الأخرى. وتتضمن إحدى الشكاوى الشائعة شروط ما تسمى «سياسة السلوك البغيض» الخاصة بـ«تويتر». وفي الحقيقة، هناك بعض الشروط التي يجب تشديدها في هذا الأمر؛ لكن هناك شعوراً بين منتقدي «تويتر» بأنه يجب القيام بالمزيد لمواجهة هذه المشكلة.
أما الاقتراحات الأخرى، مثل ذلك الاقتراح الذي قدمه المدافع الدولي هاري ماغواير، فسيكون من الصعب تطبيقها على أرض الواقع، إذ إن تقديم الهوية سيتطلب أنظمة معقدة جديدة، ليست فقط لعملية تحديد الهوية، ولكن أيضاً للتحقق منها. وعلاوة على ذلك، فإن الكشف عن الهوية سيؤثر على الجميع، بدءاً من الأشخاص الذين يكشفون قضايا فساد في مؤسساتهم، وصولاً إلى الأقليات المستضعفة التي قد تتردد في التعبير عن آرائها. وأخيراً، وربما يكون هذا هو الجزء الأكثر أهمية، هل تلقى فكرة تقديم معلومات مهمة لشركات التكنولوجيا قبولاً بين الجمهور؟
تجب الإشارة إلى أن احتياجات المجتمع قد لا تتوافق دائماً مع اهتمامات «تويتر» كعمل تجاري. ومع ذلك، يعترف الموقع بأن هذا السلوك يضر بتجربة (تويتر)، ويقول القائمون على الموقع: «نحن لا نزال ملتزمين بشدة بتحسين مستوى التواصل بهذه الخدمة».
ومن الواضح أن هناك صراعاً آخر بين حق شخص ما في حرية التعبير عن رأيه، وحق الشخص الآخر في العيش في سلام. وتتعلق بعض الأمور في هذا الشأن بالسياق، وليس فقط باللغة المستخدمة، وبالتوقيت الذي تنشر فيه هذه التغريدات. فوجه الغوريلا، على سبيل المثال، ليس بغيضاً في حد ذاته؛ لكن عندما يتم لصقه على جسد كائن بشري، فإن الرسالة من ذلك تكون مختلفة وواضحة تماماً.
ما أفضل أمل للتغيير؟ في هذه المرحلة، يبدو من غير المحتمل أن يقوم موقع «تويتر» بأي شيء سوى تقديم الوعود بالقيام بالمزيد وبسرعة أكبر، وربما توضيح أو تغيير أجزاء من «سياسة السلوك البغيض» الخاصة به. ومن الممكن أن يتعهد الموقع بمنع ظهور المستخدمين المحظورين تحت اسم مستعار جديد، وهو الشيء الذي يحدث بسهولة في الوقت الحالي؛ لكن يبقى أن نرى ما إذا كان هذا سيكون كافياً لإرضاء النقاد، الذين من المحتمل أن يطالبوا الحكومة باتخاذ تدابير وإجراءات لمواجهة هذه المشكلة.
وهناك شيء آخر يمكن القيام به، وهو زيادة عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد المسيئين. وحتى كتابة هذا التقرير، لم تتلقَّ شرطة مانشستر الكبرى أي شكاوى بشأن الرسائل الموجهة إلى بوغبا أو راشفورد، وبالتالي فهي لا تحقق في هذا الأمر. ويُعتقد أن جرائم الكراهية عبر الإنترنت لا يتم الإبلاغ عنها بالشكل المطلوب؛ لكن المحاكمات تزداد ويتم إصدار أحكام أشد.


مقالات ذات صلة

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».