المصورون في غزة... حكاية تبدأ بالشّغف وقد تنتهي بالموت أو الإصابة

تزامناً مع إحياء اليوم العالمي للتصوير الفوتوغرافي

المصور الصحافي عطية درويش لحظة إصابته في وجهه
المصور الصحافي عطية درويش لحظة إصابته في وجهه
TT

المصورون في غزة... حكاية تبدأ بالشّغف وقد تنتهي بالموت أو الإصابة

المصور الصحافي عطية درويش لحظة إصابته في وجهه
المصور الصحافي عطية درويش لحظة إصابته في وجهه

بشكلٍ شبه يومي ينتقل المصوّر الصّحافي الفوتوغرافي الشّاب عطية درويش بين شوارع مدينة غزة وأزقّتها، باحثاً خلف الجدران عن قصصٍ وحكايات تجمع في تفاصيلها تناقضات الحياة التي يعيشها السكان، بين «الفرح والحزن، والألم والأمل، والوداع واللقاء». تنوعت المواضيع التي تعالجها صور هذا الصّحافي الشاب، الذي بدأ عمله بصفة مصوّرٍ حرّ في نهاية عام 2008، ومنذ ذلك الوقت، أدرك أنّ اختياره لهذه المهنة، كان مخاطرة كبيرة على الصّعيدين النّفسي والجسدي وحتّى العائلي، لا سيما في ظلّ الأوضاع المتقلبة التي يعيشها القطاع بين الفينة والأخرى.
في الوقت ذاته، كان درويش (31 سنة)، يدرك جيداً أنّ هناك صورة للحياة البسيطة والمُبهجة في غزة، تقابل صورة الحرب والدّمار جرّاء الاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية المتكرّرة، ولا بدّ لها أن تخرج إلى العالم بعيون المصورين الفلسطينيين. ويقول درويش، في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «العمل الصّحافي في بيئتنا يختلف عن أي بيئة أخرى». ويتابع: «على الصّعيد الشّخصي واجهت عدداً من الصّعوبات والمواقف المهنية في الميدان، التي أسهمت في بناء شخصيتي المهنية وتطوير أدائي».
في 14 ديسمبر (كانون الأول) من عام 2018، كان المصور الصّحافي منشغلاً في تغطية فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت منذ 30 مارس (آذار) من العام نفسه، على الحدود الشرقية لقطاع غزة، حين استهدفته القوات الإسرائيلية المنتشرة على طول الحدود بقنبلة غازية مباشرة في الوجه، الأمر الذي سبب له إصابة خطيرة بعينه اليسرى فقد على أثرها النظر فيها بنسبة 80 في المائة. ويتابع حديثه: «خلال السنوات الماضية غطيتُ معظم الاعتداءات الإسرائيلية وتعرضت للخطر أكثر من مرّة، لكن هذه المرة مختلفة، فالعين هي سلاح المصور ومصدر تركيزه الأول»، مبيّناً أنّ حياته المهنية اختلفت كلياً بعد الإصابة.
ويشير درويش إلى أنّ مناسبة «اليوم العالمي للتّصوير الفوتوغرافي» التي يُحتفل بها سنوياً بتاريخ 19 أغسطس (آب)، هي فرصة لتذكير المؤسسات الدّولية المختصة بالمعاناة التي يعيشها الصّحافيون الفلسطينيون الذين يناضلون لنقل الرسالة الإنسانية بكل مهنية، لافتاً إلى أنّه تنقّل في عمله بين عدد من وكالات الأنباء وحصل على 3 جوائز، كما أنّه شارك في عدد من المعارض المحلية والدّولية، إضافة لأنّه يطمح لاستكمال علاجه ليعود بعدها بروحٍ جديدة للميدان ويواصل نقل الرّسالة بموضوعية.
المصور درويش ليس وحده الذي عاش تجارب قاسية خلال عمله في التصوير الصحافي داخل قطاع غزة. تجربة أخرى ترويها الصحافية الشابّة مريم أبو دقة، التي بدأت عملها المهني قبل سنوات، من بلدة خزاعة الحدودية التي تسكنها وتقع شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، تتحدث لـ«الشرق الأوسط»: «تزيد مخاطر عمل الفتاة في مثل هذه المجالات، كون القيود المجتمعية تقف عائقاً أمامها في أحيانٍ كثيرة، كما أنّني على الصّعيد الشخصي، أعاني كثيراً من ضعف الحماية الشّخصية وعدم توفير معدات لسلامة الصحافي؛ كوني أشتغل بنظام (فري لانسر) مع عدد من الجهات الصحافية».
وتذكر أنّ كثيراً من المواقف عايشتها خلال وجودها في الميدان، كان أشدّها صعوبة في مسيرات العودة، حين تلقّت خبر مقتل أخيها بالقذائف الإسرائيلية، بينما كانت تنقل الصور والأخبار بشكلٍ عاجل لزملائها في العمل، وإضافة لذلك فقد تعرضت هي للإصابة عدّة مرّات بالغاز الذي يطلقه جنود الاحتلال، وأردفت: «نبدأ حياتنا المهنية بالشّغف والحب، ولا نعلم كيف ستنتهي! قد يكون الموت نصيبنا، أو الإصابة، أو غير ذلك»، وتنوه بأنّ أمنيتها في اليوم العالمي للتصوير، تتلخّص في رغبتها بأن تستبدل بسترتها الصحافية القماشية زياً صحافياً متكاملاً يحميها خلال الأحداث الميدانية الساخنة.
«خلال عملي غطيت مختلف مظاهر الحياة في جنوب قطاع غزة، ونقلت الصور للعالم عبر منصاتٍ مختلفة» تروي مريم، موضحة أنّها تحرص بصورة شبه دائمة على الوجود في جنازات الفلسطينيين، لتنقل قصصهم عبر صورٍ مؤثرة، دائماً ما تلقى صدى على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنبّه في نهاية حديثها، إلى أنّ عدداً من زملائها الصّحافيين أصابتهم إسرائيل وقتلتهم خلال عملهم، وهي كانت شاهدة على استهداف المصور الصحافي ياسر مرتجى الذي قتلته إسرائيل خلال عمله في تاريخ 6 أبريل (نيسان) 2018.
وكانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين قد قالت في مؤتمرها العام الذي عقدته في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة مطلع مايو (أيار) الماضي، إنّ إسرائيل قتلت 102 من الصحّافيين الفلسطينيين خلال تأديتهم لمهامهم منذ عام 1972، مبيّنة أنّ 19 من أصل العدد الكلي قتلتهم إسرائيل منذ عام 2014 وحتّى اليوم، كان آخرهم الصحافيان ياسر مرتجى، وأحمد أبو حسين، حيث استهدفا على الحدود الشرقية خلال مسيرات العودة.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.