هيئة الدفاع عن البشير تطالب بالإفراج عنه بكفالة

مواصلة محاكمة الرئيس السوداني المعزول السبت المقبل

البشير في قفص الاتهام أمس أثناء الجلسة الثانية لمحاكمته في الخرطوم (إ.ب.أ)
البشير في قفص الاتهام أمس أثناء الجلسة الثانية لمحاكمته في الخرطوم (إ.ب.أ)
TT

هيئة الدفاع عن البشير تطالب بالإفراج عنه بكفالة

البشير في قفص الاتهام أمس أثناء الجلسة الثانية لمحاكمته في الخرطوم (إ.ب.أ)
البشير في قفص الاتهام أمس أثناء الجلسة الثانية لمحاكمته في الخرطوم (إ.ب.أ)

تقدمت هيئة الدفاع عن الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، بطلب للمحكمة بالإفراج عنه بـ«كفالة»، وذلك في ثالث جلسات محاكمته على اتهامات تتعلق بحيازة النقد الأجنبي والثراء الحرام والفساد، فيما تعقد الجلسة الرابعة يوم السبت المقبل لسماع بقية شهود الاتهام. ويخضع الرئيس المعزول عمر البشير للمحاكمة على اتهامات بحيازة نقد أجنبي وغسل أموال والثراء الحرام والفساد، على خلفية العثور عملات أجنبية ومبالغ مالية بالعملة المحلية، ويجرم «قانون الطوارئ» الذي أصدره بنفسه حيازتها، بداخل مسكنه الرئاسي في القيادة العامة للجيش السوداني، بعد عزله من السلطة في 11 أبريل (نيسان) الماضي.
وقال رئيس هيئة الدفاع المحامي ورئيس البرلمان الأسبق، أحمد إبراهيم الطاهر، في تصريحات صحافية أمام المحكمة أمس، إن فريق المحامين المكون من أكثر من 130 محامياً، تقدم بطلب للمحكمة لإطلاق سراح البشير بالكفالة (الضمان) «في هذه القضية»، متوقعاً موافقة المحكمة على الطلب، وأضاف: «هذه القضية من القضايا التي يجوز فيها إطلاق سراح المتهم بالضمان لأنها قضية عادية جداً». وأوضح الطاهر أن فريق الدفاع تقدم أيضاً بطلب للمحكمة لتمكينه من لقاء المتهم المحبوس في سجن كوبر، وقال: «قابلناه الأسبوع الماضي، وسنقابله هذا الأسبوع». وعقدت محكمة البشير ثلاث جلسات استمعت خلال الجلسة الثانية للشاكي والمحقق في القضية، فيما استمعت جلسة أمس لثلاثة من شهود الاتهام، فيما قال رئيس فريق الاتهام وكيل النيابة الأعلى ياسر بخاري أن أحد شهوده خارج البلاد.
وكشف الشاهد وكيل نيابة أمن الدولة، معتصم عبد الله محمود، للمحكمة، أن تفتيش مقر سكن الرئيس ببيت الضيافة بالخرطوم أسفر عن العثور على مبالغ مالية بالعملات الأجنبية «يورو، ودولار»، وأن الدعوى تم تحويلها من نيابته وتحت إشرافه إلى نيابة مكافحة الفساد، بعد إلغاء نيابة أمن الدولة. وأكد شاهد الاتهام الثاني، الضابط برتبة رائد في هيئة الاستخبارات العسكرية عبد العظيم طه، أنه كان ضمن اللجنة المكلفة بتفتيش المسكن الرئاسي، وأنها عثرت على الأموال داخله، فيما قال الشاهد الثالث علي صديق حمد ويعمل موظفاً ببنك أم درمان الوطني، إنه قام بـ«عد الأموال» التي عثر عليها بمقر إقامة البشير، وبلغت 6 ملايين و997 ألف يورو، وأيضاً 351 ألف دولار أميركي، و5 ملايين و721 ألف جنيه سوداني.
وقال رئيس هيئة الدفاع للصحافيين، إن المحاكمة لا تزال في طور قضية الاتهام، وإن الدفاع قدم ثلاثة شهود من بين أعضاء اللجنة التي قامت بتفتيش المسكن الرئاسي وتسلم الأموال موضوع القضية. ووصف الطاهر شهادة الاتهام بأنها «شهادة عادية، ليس فيها جديد ولم تضف شيئا لقضية الاتهام»، وقال إن فريق الدفاع استفاد منها في قضيته، وتابع: «تبقي للاتهام شاهدين لتكتمل قضيته، وباكتمالها تبدأ قضية الدفاع واستجواب الرئيس المتهم».
وتعهد الطاهر بتقديم بينات «تدحض كل ما ذكره الاتهام من اتهامات، تحت قانون الثراء الحرام، وتحت قانون النقد الأجنبي»، مضيفاً قوله إن «الجلسة القادمة ستكون السبت المقبل... المحكمة منظمة وإجراءاتها الأمنية مكتملة». وتابع: «تتكون هيئة الاتهام من 7 مستشارين في النيابة العامة، فيما تتكون هيئة الدفاع من محامين انضموا إليها تجاوز عددهم 130 محامياً»، وأضاف: «نحن نتداول الوقائع دائما قبل الجلسة، واستفدنا من هذه الخبرات بحكم ما تتيحه من تخصص كبير لهيئة الدفاع، واستطعنا الاستفادة من هذه الخبرات جميعاً لبلورة خط قضية الدفاع». وقال الطاهر: «قضية الدفاع ستكون قوية ومتماسكة، سنقدم فيها خير ما يمكن أن يقدم في القضية لتنتهي على خير».
على صعيد آخر، استعر القتال الأهلي بين مجموعتين عرقيتين «النوبة والبني عامر» مجدداً في مدينة بورتسودان الساحلية، ذلك بعد أقل من يوم على اتفاق صلح عقد بحضور أعضاء بمجلس السيادة، فيما قررت قيادة الثورة السودانية إرسال وفد مكون منها وإدارات أهلية اليوم لوقف سيل الدماء بين الطرفين. وقال شهود لـ«الشرق الأوسط»، إن القتال تجدد صبيحة أمس، وأدى لعدد من الإصابات، نقل مصابون من مجموعة عرقية إلى مستشفى، ونقل مصابي المجموعة الأخرى إلى مستشفى آخر.
وسقط 5 قتلي وجرح نحو 50 من الطرفين يومي الخميس والجمعة الماضيين، فيما نقل القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، محمد ناجي الأصم، على صفحته في موقع «تويتر» أن 25 شخصاً لقوا مصرعهم جراء الأحداث، وأن وفداً من «قوى الحرية والتغيير» وعدداً من نظارات الإدارة الأهلية سيتوجهون اليوم إلى بورتسودان، لوقف نزيف الدم فوراً، و«من ثم وضع الوسائل والحلول في سبيل معالجة المشكلة بصورة دائمة». وكان مجلس السيادة قد أرسل وفداً من «الفريق شمس الدين الكباشي، وعضو المجلس حسن شيخ إدريس، ورئيس أركان القوات البرية، ومدير جهاز المخابرات ومدير الشرطة»، الجمعة إلى بورتسودان، توصل لوقف العنف وتهدئة الأوضاع، بيد أن القتال لم يلبث أن اندلع مجدداً.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم