توقعات بالتوصل إلى اتفاق سلام بين «طالبان» وواشنطن {خلال أيام}

عشرات القتلى في هجمات متبادلة

طائرة هليكوبتر أميركية من طراز تشينوك تهبط خارج قصر حاكم ولاية وارداك خلال زيارة قام بها قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان (أ.ف.ب)
طائرة هليكوبتر أميركية من طراز تشينوك تهبط خارج قصر حاكم ولاية وارداك خلال زيارة قام بها قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان (أ.ف.ب)
TT

توقعات بالتوصل إلى اتفاق سلام بين «طالبان» وواشنطن {خلال أيام}

طائرة هليكوبتر أميركية من طراز تشينوك تهبط خارج قصر حاكم ولاية وارداك خلال زيارة قام بها قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان (أ.ف.ب)
طائرة هليكوبتر أميركية من طراز تشينوك تهبط خارج قصر حاكم ولاية وارداك خلال زيارة قام بها قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان (أ.ف.ب)

واصلت قوات الحكومة و«طالبان» هجماتهما في كثير من الولايات الأفغانية وسط تضارب الأنباء بين الحكومة و«طالبان» حول عمليات كل منهما، فقد أعلنت حركة «طالبان» عن اشتباكات واسعة بين قواتها وقوات الحكومة في منطقة قلعة شمير بولاية قندهار استمرت عدة ساعات أسفرت، حسب بيان لـ«طالبان»، عن تدمير خمس عربات مدرعة بالصواريخ وناقلتين أخريين من خلال زرع الألغام الأرضية، مما أسفر عن مقتل وإصابة من كانوا على متن الآليات العسكرية، وقد أجبرت قوات الحكومة على التراجع عن المواقع التي كانت فيها في المنطقة.
وشهدت ولاية زابل، جنوب شرقي أفغانستان، قنص جنديين من قوات الحكومة في منطقة سارا سخار في مديرية أرغنداب. في حين قالت «طالبان» في بيان آخر لها إن ثلاثة من أفراد القوات الحكومية لقوا مصرعهم في عمليات قنص في منطقة ناد علي بولاية هلمند الجنوبية فيما هاجمت وحدة من قوات «طالبان» التحصينات الدفاعية للقوات الحكومية في منطقة فارسي بولاية هيرات المحاذية للحدود مع إيران، مما أسفر عن مقتل حاكم المديرية مع أربعة من حراسه وإصابة أربعة آخرين وأسر اثنين آخرين. وقالت «طالبان» إن ستة جنود حكوميين آخرين أصيبوا في الاشتباكات. وأضاف بيان «طالبان» أن اثنين من قوات الميليشيا الحكومية لقيا مصرعهما فيما جرح ستة آخرون من عناصر الميليشيا حين نصبت قوات «طالبان» كميناً لقواتهم في منطقة نهر شاهي.
وشهدت ولاية وردك غرب العاصمة كابل مزيداً من الاشتباكات والمعارك بين قوات «طالبان» والقوات الحكومية، حيث قُتِل جنديان وجُرِح ثالث في منطقة سيد آباد، فيما قصفت قوات «طالبان» مقر الكلية العسكرية في مركز الولاية.
وكانت قوات الأطلسي في العاصمة الأفغانية أعلنت عن تفجير سيارة مفخخة في ولاية بروان شمال شرقي العاصمة كابل مستهدفةً قافلة لقوات حلف الأطلسي في الولاية. وأعلنت حركة «طالبان» مسؤوليتها عن التفجير الذي وقع قرب قاعدة باغرام الجوية مقر قيادة القوات الأميركية والدولية في أفغانستان، حيث أشار ذبيح الله مجاهد الناطق باسم الحركة إلى قيام قوات «طالبان» بتفجير سيارة مفخخة في قافلة للقوات الأجنبية، مما أدى إلى مقتل سبعة جنود وإصابة أربعة آخرين من قوات حلف الأطلسي.
من جانبها، قالت الحكومة الأفغانية إن قواتها قتلت 21 من قوات «طالبان» في ولاية غزني الليلة قبل الماضية. وقال محمد عارف نوري الناطق باسم حاكم غزني لوكالة باختر الحكومية إن القوات الخاصة الأفغانية شنت غارات وعمليات في مديرية اندار في ولاية غزني أسفرت عن مقتل 21 من قوات «طالبان» بينهم أحد قادة «طالبان» المحليين. ونقلت الوكالة نفسها عن «فيلق شاهين» في الشمال الأفغاني قوله إن قوات الحكومة قتلت 25 من قوات «طالبان» في منطقتي آسيا خان وآسياب غورج أسفرت عن مقتل أحد أفراد «طالبان» في مديرية تشار بولاك.
وأعلن سفير «طالبان» السابق في باكستان مولوي عبد السلام ضعيف أن كلاً من الصين وروسيا وباكستان ستكون الدول الضامنة من جهة «طالبان» للاتفاق مع الأميركيين، الذي قال إنه سيتم التوقيع معه خلال أسبوع، بعد بدء الجولة التاسعة من المفاوضات بين وفد المكتب السياسي لـ«طالبان» في الدوحة ووفد أميركي رفيع المستوى يقوده زلماي خليل زاد المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان. وقال مولوي ضعيف إن الاتفاق سيكون جاهزاً خلال الأيام القليلة المقبلة، وأن ملا عبد الغني برادر المفوض السياسي في حركة «طالبان» سيوقع الاتفاق نيابة عن «طالبان»، وأن الجانب الأميركي طلب أن يدرج في الاتفاق نص بأن «طالبان» لن تقيم أي علاقات مع جماعات إرهابية بعد اتفاق السلام، مضيفاً أن الجانبين حالياً يناقشان طرق وأساليب تطبيق الاتفاق، وأن الطرفين اتفقا على خروج كامل وشامل لكل القوات الأجنبية من أفغانستان، وأن أي وجود استخباري للولايات المتحدة في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية سيكون مخالفاً لاتفاق السلام بين الطرفين، وحسب ما أبلغ به مولوي ضعيف شبكة «طلوع نيوز» فإن النقاش يدور حالياً حول المدة التي سيتم الاتفاق عليها للانسحاب من أفغانستان إذ تطرح الولايات المحددة مدة ما بين 15 و20 شهراً، لكن وفد «طالبان» يطالب بتقليص المدة أقل من ذلك. وحول الحوار الأفغاني - الأفغاني قال ضعيف إنه سيتم بحث مستقبل أفغانستان في الحوار الأفغاني الذي سيبدأ بعد أسبوع من توقيع اتفاق السلام بين وفد «طالبان» والوفد الأميركي. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن الاجتماع الحاسم يكمن في التفاصيل الأصغر، وإنه بدأ في الدوحة.
وأشار إلى أن هناك أربع قضايا رئيسية سيتم النص عليها في الاتفاق النهائي مع «طالبان»، وهي عدم عودة أفغانستان قاعدة للجماعات المسلحة لشن هجمات خارج أفغانستان، وانسحاب كامل القوات الأميركية وقوات حلف الأطلسي من أفغانستان، وحوار داخلي أفغاني، ووقف دائم لإطلاق النار. وكان زلماي خليل زاد المبعوث الأميركي للسلام، توجه إلى كابل لاطلاع الرئيس الأفغاني وكبار المسؤولين على ما تم التباحث مع «طالبان» حوله، وكبح جماح أي معارضة رسمية أفغانية لما توصل له المفاوضون الأميركيون مع «طالبان»، في حين قال مسؤول أميركي إن «خليل زاد سيبلغ كبار القادة الأفغان بشأن اتفاق السلام ثم ينهي إعلاناً لإنهاء الحرف في أفغانستان». وغرد زلماي خليل زاد على «تويتر» قائلاً: «الآن يجب أن تكون الأولوية سلاماً مشرفاً ودائماً وأفغانستان موحدة وذات سيادة في سلام مع نفسها، ولا تشكل أي تهديد لأي دولة أخرى».
وتأمل واشنطن في إبرام اتفاق سلام مع «طالبان» بحلول الأول من سبتمبر (أيلول)، قبل الانتخابات الأفغانية المقرر أن تجري في الشهر ذاته والانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020. وسيكون الاتفاق في حال التوصل إليه تاريخياً بعد 18 عاماً من اجتياح أميركي لأفغانستان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».