معاناة الأسر الليبية على أبواب معبر رأس جدير الحدودي

مسافرون ينتظرون ساعات طويلة قبل السماح لهم بالعبور إلى تونس

معاناة الأسر الليبية خلال العبور من منفذ رأس جدير إلى الجانب التونسي (رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا)
معاناة الأسر الليبية خلال العبور من منفذ رأس جدير إلى الجانب التونسي (رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا)
TT

معاناة الأسر الليبية على أبواب معبر رأس جدير الحدودي

معاناة الأسر الليبية خلال العبور من منفذ رأس جدير إلى الجانب التونسي (رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا)
معاناة الأسر الليبية خلال العبور من منفذ رأس جدير إلى الجانب التونسي (رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا)

اشتكى ليبيون من بطء الإجراءات وتردي الخدمات، في منفذ رأس جدير الحدودي، ما يجعلهم ينتظرون لساعات طويلة لحين عبورهم إلى الجانب التونسي، لكن حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، التي تشرف عليه، ترى أن «العمل يسير بشكل طبيعي»، مدللة على ذلك بعبور أكثر من 27 ألف مسافر خلال أسبوع فقط.
وأبلغ عدد من المسافرين، «الشرق الأوسط»، بأنهم يواجهون صعوبات بالغة في العبور إلى الجانب التونسي، خصوصاً الحالات المرضية، ويضطرون للانتظار على الجانب الليبي نحو 24 ساعة حتى يسمح لهم بالمرور.
واتهم مسافرون، حكومة «الوفاق»، بغياب الدور الرقابي في المعبر، بعد يوم من انفجار سيارة يقودها تونسي في الجانب الليبي، قالت وسائل إعلام محلية إنها كانت محملة بالوقود المُهرّب، لكن السلطات الأمنية بالمعبر أرجعت الحريق إلى ماس كهربائي في السيارة. وقال أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أمس، إنه «منذ أن أصبح المعبر خاضعاً لسلطة الأمر الواقع الممثلة في السلاح وسيطرة الجماعات والتشكيلات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة - حتى وإن مُنحت الشرعية الصورية في التبعية لوزارة الداخلية - إلا أن السيطرة الحقيقة تظل لمدينة زوارة (أو بالأحرى دولة زوارة الشقيقة والموازية للدولة الليبية)»، في إشارة ساخرة لسيطرة المدينة على المعبر منذ سنوات.
وأضاف حمزة، أن هذه السيطرة «تعد استهانة بسيادة القانون والعدالة والإمعان في إهانة وإذلال المواطنين الليبيين باستثناء مواطني زوارة»، متابعاً: «في الحقيقة المعبر من الجانب الليبي هو من يتحمل مسؤولية المعاناة الإنسانية الكارثية للمسافرين الليبيين، وليس الجانب التونسي».
وانتهى حمزة إلى مطالبة «وزير الداخلية بـ(حكومة الوفاق) والأجهزة الأمنية المختصة العاملة بالمنفذ بالاضطلاع بواجباتها في إصلاح وتحسين العمل به، وإخضاعه بشكل حقيقي لسلطة الدولة الليبية، وليس (سلطة دولة زوارة)، بالإضافة إلى إنهاء سيطرة عصابات تهريب الوقود ومافيا النهب والسلب من الكيانات المسيطرة على المعبر».
ونشر حمزة على صفحته عبر «فيسبوك» صورة لبعض السيدات والفتيات الليبيات يفترشن أرض المعبر انتظاراً لدورهن في المغادرة إلى الجانب التونسي.
وقال الليبي فارس أبو سلمان لـ«الشرق الأوسط»، إن المعبر شهد خلال الأسابيع الماضية زحاماً شديداً من المواطنين الراغبين في الانتقال إلى الجانب التونسي لأهداف مختلفة، من بينها تلقي العلاج، أو التجارة، مشيراً إلى أن الليبيين يُعذبون على أبواب المعبر بسبب عدم انتظام الحركة، ما يجعلهم عرضة للابتزاز والاستغلال من ارتفاع أسعار الخدمات العادية.
وأضاف أن المعبر يشهد عمليات تهريب واسعة للبنزين الليبي منذ سنوات، وأن هناك مافيا كبيرة تستفيد من ذلك في حين يعذب المواطن الذي يبحث عن علاج لأبنائه في الخارج. وكان مدير أمن المعبر سالم العكعاك، أرجع أسباب انتظار المواطنين لساعات في المعبر إلى تعطل منظومة الجوازات، مشيراً إلى أن انقطاع التيار الكهربائي في البلاد دفع أعداداً كبيرة إلى الانتقال للإقامة في تونس.
ومن وقت إلى آخر تصدر إدارة المعبر تنويهات للراغبين في الانتقال من الجانبين، وسبق لها التأكيد أن الحركة تسير ببطء في دخول تونس تصل إلى 6 ساعات، في حين لا توجد أي مشكلات في العودة.
وقدرت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «الوفاق» أعداد العابرين من الجانب الليبي إلى تونس، خلال الفترة بين 10 إلى 17 أغسطس (آب) الحالي، بـ19 ألف مسافر، في حين وصلت أعداد الداخلين من الأراضي التونسية إلى ليبيا نحو 8 آلاف مسافر.
وسبق وأغلقت السلطات الليبية معبر رأس جدير مرات عديدة في السنوات الأخيرة. كما منعت عبور السلع إلى تونس بهدف الحد من تهريب الوقود ومواد أخرى، وسط احتجاجات التجار في بن قردان، الذين يعتمدون في نشاطهم على السلع العابرة للحدود، حسب مسؤولين ليبيين.
ولم تتوقف عمليات التهريب من الجانبين، خصوصاً السلع والحيوانات والطيور النادرة، بالإضافة إلى المحروقات المدعومة والمهربة، ويتعايش تجار كثيرون على هذه التجارة المجرّمة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».