خلاف بين رئيس «الحشد» العراقي ونائبه... وطهران تدخل على الخط

تباين المواقف بين الحكومة والفصائل المسلحة حول الضربات الإسرائيلية

خلاف بين رئيس «الحشد» العراقي ونائبه... وطهران تدخل على الخط
TT

خلاف بين رئيس «الحشد» العراقي ونائبه... وطهران تدخل على الخط

خلاف بين رئيس «الحشد» العراقي ونائبه... وطهران تدخل على الخط

في وقت لا يزال فيه التباين واضحاً بين تأكيد «الحشد الشعبي» قيام إسرائيل بقصف معسكراته، ورؤية الحكومة العراقية التي لا تزال تنتظر نتائج لجان التحقيق، انضم نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق إلى الداعين للرد على إسرائيل في حال ثبت قيامها بالقصف. يأتي ذلك في وقت لمح فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى قيام إسرائيل بقصف ما سماه أهدافاً إيرانية في العراق.

وقال المالكي في تغريدة على «تويتر»، أمس، إنه «إذا استمرت إسرائيل باستهداف العراق فسيكون العراق ساحة صراع تشترك فيه أكثر من دولة، ومنها إيران». وأضاف رئيس ائتلاف «دولة القانون» أن «العراق سيرد بالقوة في حال ثبت ضلوع إسرائيل بعمليات القصف».
وفيما رجحت الحكومة العراقية فرضية العامل الخارجي في قصف معسكرات الحشد الشعبي في غضون الشهرين الماضيين، فإن خلافاً نشب بشأن كيفية إدارة الأزمة بين رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض ونائبه والرجل القوي في «الحشد»، أبو مهدي المهندس. وفي هذا السياق أكدت مصادر عراقية في تصريحات، أمس، أن إيران دخلت على خط الأزمة بين الفياض والمهندس. وطبقاً لهذه المصادر، فإن «طائرة إيرانية خاصة أقلَّت كلاً من رئيس (هيئة الحشد الشعبي) فالح الفياض، ومدير مكتب رئيس الوزراء أبو جهاد الهاشمي، إلى طهران، للتباحث بشأن الخلاف مع أبو مهدي المهندس».
وقالت تلك المصادر إن «الخلاف بين الفياض والمهندس تصاعد بعد البيانين اللذين صدرا أول من أمس بشأن استهداف مخازن السلاح التابعة لـ(الحشد الشعبي)»، مؤكدة أن «المهندس منع نشر بيان الفياض على الموقع الرسمي لمديرية إعلام الحشد الشعبي».
إلى ذلك أكد مجلس الأمن الوطني على ضرورة تطبيق قرار حصر موافقات الطيران بيد القائد العام للقوات المسلحة.
وقال المجلس في بيان أمس عقب اجتماع له برئاسة عادل عبد المهدي أن «المجلس أكد أن جميع التشكيلات العسكرية ومن ضمنها (الحشد الشعبي) كان لها الدور الكبير بمحاربة الإرهاب وتحرير الأراضي والمدن العراقية من الإرهاب، وأن الحكومة مسؤولة عن حمايتها». كما أكد المجلس على «ضرورة متابعة تطبيق قراره في جلسة التقييم الأمني الخامسة المتعلق بإلغاء الموافقات الخاصة بتحليق جميع أنواع الطيران في الأجواء العراقية إلا بموافقة القائد العام للقوات المسلحة أو من يخوله أصوليا، واتخاذ الإجراءات والخطوات الكفيلة بنقل الأسلحة والأعتدة إلى أماكن خزن مؤمّنة خارج المدن».
وبحث مجلس الأمن الوطني «تولي وزارة الدفاع وضع الخطط والإجراءات المناسبة لتسليح قيادة الدفاع الجوي بما يتناسب مع الوضع الحالي والمستقبلي».
وفي وقت يُنتظر فيه إكمال التحقيقات الرسمية بشأن قصف معسكر الصقر، جنوب بغداد، فقد أكد الخبير الأمني المتخصص فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» أن «العنصر الخارجي كان فاعلاً بالفعل في توجيه الضربات التي طالت معسكرات الحشد الشعبي في مواقع مختلفة من العراق».
وأضاف أبو رغيف أن «إسرائيل تعتقد وبغطاء أميركي أن إيران نقلت أسلحة باليستية وصواريخ باليستية إلى العراق عبر حدودها وإيداعها لدى (الحشد) على نحو الوديعة». وبين أبو رغيف أن «إسرائيل ومن باب الاحتياط ولقناعتها أن (الحشد) بات يمثل خطراً على الأمن القومي الإسرائيلي قامت بتوجيه طائرات مسيرة تحمل دقة عالية، فضلاً عن أنها تعمل بقصف أسلحة ليزرية دقيقة التهديف والتصويت مما جعلها تقوم بمثل هذه العمليات».
وكشف أبو رغيف أن «إسرائيل قامت بنحو 17 هجوماً على مواقع عراقية تابعة لـ(الحشد) منذ عام 2016 وإلى اليوم». وأكد أن «قيادة الدفاع الجوي تمتلك السماء على الطائرات العراقية فقط، وليس على طائرات التحالف الدولي»، مبيناً أن «الولايات المتحدة الأميركية تعارض شراء منظومة (إس 400)، لأن العراق سيصبح قوياً منيعاً». وتابع: «الطائرة المسيرة تسير بارتفاعات عالية تصل إلى أكثر من 60 ألف قدم، والعراق خالٍ من منظومة رادار حديثة لرصدها»، لافتاً إلى «أننا أن تركنا الأمر على حاله سنشهد مثلها وغيرها والمستقبل المقبل أكثر خطورة».
وكان مسؤولان أميركيان كشفا لصحيفة «نيويورك تايمز» إن إسرائيل نفذت عدة ضربات في العراق خلال الأيام الماضية استهدفت مخازن أسلحة تعود لـ«الحشد الشعبي». وأضاف المسؤولان أن إسرائيل نفذت عدة غارات جوية في الأيام الأخيرة على مخازن للأسلحة تعود لجماعات مسلحة «تدعمها إيران» في العراق.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن إيران تستخدم مستودعات الأسلحة في العراق لنقل أسلحة إلى سوريا وإلى «حزب الله». وأشار مسؤول كبير بالاستخبارات في الشرق الأوسط للصحيفة إلى هجوم نفّذته إسرائيل استهدف قاعدة بشمال بغداد في 19 يوليو (تموز) الماضي، وقال إن هذه القاعدة تستخدمها «قوات الحرس الثوري الإيراني» لنقل الأسلحة إلى سوريا، حسب قوله. وأضاف المسؤول أن الضربة الإسرائيلية دمرت شحنة من الصواريخ الموجهة بمدى يتجاوز 125 ميلاً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.