إذا نطقت الحوائط... وخزانات الكتب

الغرف السرية تعاود الظهور في أماكن العمل

بدأت الغرف السرية تعاود الظهور في أماكن العمل وغير ذلك من المواقع التجارية الأخرى (نيويورك تايمز)
بدأت الغرف السرية تعاود الظهور في أماكن العمل وغير ذلك من المواقع التجارية الأخرى (نيويورك تايمز)
TT

إذا نطقت الحوائط... وخزانات الكتب

بدأت الغرف السرية تعاود الظهور في أماكن العمل وغير ذلك من المواقع التجارية الأخرى (نيويورك تايمز)
بدأت الغرف السرية تعاود الظهور في أماكن العمل وغير ذلك من المواقع التجارية الأخرى (نيويورك تايمز)

تعد الشفافية من أبرز الاتجاهات المعتمدة في تصاميم المكاتب الحديثة: حيث الأرضيات المفتوحة، وأقل عدد من المكاتب مع الأبواب والجدران الزجاجية. وفي الوقت الذي لفت فيه وسم على «تويتر» الانتباه إلى الأمور الخارجة التي يمكن أن تحدث خلف الأبواب المغلقة في أماكن العمل، فقد يتلمس البعض قدراً من الراحة في أن يكون كل شيء وكل شخص في نطاق الرؤية.
غير أن الحنين للأماكن المخفية أو المغلقة لا يزال متغلغلاً في أعماق النفوس.
ولقد ذاع انتشار الغرف السرية عبر مراحل التاريخ، من الدهاليز السرية في قلاع العصور الوسطى إلى حانات بيع الخمور غير القانونية إبان فترة حظر الكحوليات بالولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن الماضي. وبدأت الغرف السرية تعاود الظهور الآن في أماكن العمل وغير ذلك من المواقع التجارية الأخرى، ما يغذي التشويق لرؤية تلك الغرف المحجوبة عن أنظار الآخرين، ناهيكم عن جاذبية التسلل إلى الأماكن المخصصة لكبار الشخصيات.
تقول سامانثا ماكورماك، مديرة الابتكار لدى شركة «تي بي جي» للهندسة المعمارية، «إنها تضيف إحساس الاستكشاف في أماكن العمل وتبعث روحاً من المرح والبهجة بين الموظفين».
ويمكن لخزانات الكتب التأرجح جيئةً وذهاباً، فيما يشبه بوابة «افتح يا سمسم». وفي مكتب شركة «ويبير شاندويك» للتسويق في لوس أنجليس، عملت شركة «تي بي جي» على تصميم خزانات الكتب جداراً بجدار، مع جزء منها يمكن دفعه للداخل، ما يوفر إمكانية الوصول إلى غرفة أشبه بغرف الخيال العلمي بالقرن التاسع عشر مخصصة لتوفير مناخ هادئ لمتابعة الأعمال. وفي فندق «ميزون ديلا لوز» بمدينة نيو أورليانز يدلف الضيوف إلى صالون خاص عبر المرور من بوابة عبارة عن خزانة من الكتب. ولدى شركة «غوغل» مساحة خاصة مخصصة للقراءة محجوبة وراء خزانة للكتب في مقر الشركة بالساحل الشرقي من مدينة نيويورك.
يقول ديفيد بالارد، مدير مكتب علم النفس التطبيقي لدى الجمعية الأميركية لعلم النفس: «تساعد الغرف السرية (المحجوبة) الشركات على خلق نوع من الزخم بشأن أماكن العمل، ما يساعد في تعيين واستبقاء الموظفين بالشركة».
كما يمكن لتلك الغرف أن تكون من وسائل الضغط في مواجهة مساحات العمل المفتوحة، إذ يقول السيد بالارد: «تعبر بعض هذه المساحات عن الحاجة المشروعة في أماكن العمل لوجود أنواع معينة من البيئات التي تسمح للموظفين بالابتعاد عن مجالات الشحناء واختلاق المشكلات».
عندما تعاونت دار «ماكميلان» للنشر مع شركة «تي بي جي» لتأسيس المكاتب في المبنى الجديد في مانهاتن السفلى، تصورت دار النشر فكرة دعوة المؤلفين الزائرين لإلقاء المحاضرات وتبادل المحادثات في مقهى الشركة الفسيح بالطابق 25. ومن ثم جرى تخصيص غرفة، كانت مخزناً بالأساس، بمساحة 240 قدماً تقع إلى جوار المقهى لكي تكون غرفة خضراء، حيث يمكن للمتحدثين تبادل الأحاديث الودية قبل إلقاء المحاضرات الرسمية.
وكانت فكرة شركة «تي بي جي» تدور حول إضافة قدر من الغموض من خلال إخفاء المدخل إلى الغرفة الخضراء بخزانة من أرفف الكتب تشبه التي توجد في ممرات المكاتب.
وكانت الغرفة مؤثثة بمقاعد مريحة للغاية، وكان المحررون غالباً ما يستخدمون المساحة المخصصة للاجتماعات في ترتيب حفلات الترحاب أو الاستقبال لتهنئة المؤلفين على نشر كتبهم الجديدة.
وجرى تصميم مقر شركة «شاترستوك» في مبنى «إمباير ستيت» بوسط مانهاتن من قبل شركة «ستوديوز أركتيكتشر». وكما هو الحال في المكاتب ذات المساحات المفتوحة في أغلب الشركات، هناك غرف مخصصة لأداء مجموعة واسعة من الأنشطة، مثل رياضة تنس الطاولة، أو اليوجا، أو حتى إرضاع الأطفال.
لذلك فليس من المستغرب أن تكون لدى الشركة مكتبة سرية يتم الوصول إليها عبر باب غير واضح على جدار مغطى بفينيل مطبوع يصور صفاً من الرفوف المليئة بالكتب.
تقول ليزا نادلر، مديرة الموارد البشرية في شركة «شاترستوك» أن المساحة الداخلية، التي تنتظم على رفوفها كتب حقيقية على غرار تلك التي كانت في المكتبات في أربعينيات القرن الماضي قد أنشئت عن قصد كي تكون مكاناً سرياً يقصده الناس بمفردهم للقراءة وللاسترخاء أيضاً، وإنك لتشعر كما لو كنت تعود لما كان عليه مبنى «إمباير ستيت» في السنوات السابقة.
وأضافت نادلر تقول إنه على الرغم من أن كل فرد من طاقم العمل يعرف مكان الغرفة السرية، إلا أنهم لا يستخدمونها بكثرة، كما هو متوقع. ومع ذلك، لا تخطط الشركة حالياً لتغيير وضعية الغرفة، قد لا يكون هذا الاستخدام هو الأكثر فعالية بالنسبة للمساحات الفارغة، ولكن الفكرة تجعل المكان فريداً من نوعه للغاية.
ويعد المكتب، الذي كان ينتمي ذات يوم إلى وولوورث، مؤسس سلسلة متاجر «فايف آند دايم»، من المكاتب الفخمة للغاية. وكانت تبلغ مساحته 1600 قدم مربع في الطابق الرابع والعشرين من مبنى «وولوورث» المشيد في حي مانهاتن السفلى في عام 1913، وكان سقفه وجدرانه مكسوة بالرخام، وكان صاحب المكتب، الذي كان من عشاق نابليون للغاية، يملك الكراسي المذهبة على غرار كرسي العرش الخاص بالإمبراطور نابليون، وكانت هناك صورة كبيرة للإمبراطور تزين أحد جدران المكتب.
ولكن مع مرور السنين، تلاشت عظمة وبهاء وروعة المكان، وصارت الغرفة ضمن مكتب تبلغ مساحته 4600 قدم مربع. وفي ذلك الوقت كان المهندس المعماري كانغ تشانغ، مدير شركة «كانغ مودرن»، يبحث عن مكتب لشركته، وكان السقف الداخلي في الغرفة قد اختفى، وكان الجص المتبقي على وشك الانهيار، كذلك كانت مقابض الأبواب مفقودة.
لكن السيد تشانغ انتهز الفرصة لكي يحصل على شيء لم يحصل عليه شخص قبله. وتمكن رفقة زملائه من تجديد وترميم الغرفة بالاستعانة بأحد المقاولين الذي استأجره السيد ويتكوف مالك المبنى. تم نزع السجاد الذي كان ملتصقاً على الأرضية الرخامية الأصلية، وافتتحت الأبواب التي كانت مغلقة منذ سنوات طويلة، ما كشف عن خزانة وولوورث القديمة، بالإضافة إلى مقابض الأبواب المفقودة التي تحمل الحرف الأول «دبليو» من اسم وولوورث.
وللاستفادة من الغرفة ذات الحجم الكبير، صمم تشانغ قسماً مستقلاً قائماً بذاته يقسم المساحة الإجمالية إلى قسمين متساويين من دون التعدي على الأجواء التاريخية المغلفة للمكان. وتوجد طاولة اجتماعات كبيرة على أحد الجوانب، وعلى الجانب الآخر توجد مدفأة وولوورث الرخامية في منطقة انتظار عملاء الشركة.
وتضم غرفة المؤتمرات الكبيرة المضاءة للغاية في مكتب لوس أنجليس لوكالة «دويتش» للدعاية والإعلان، على الجانب الآخر من مكاتب الشركة، جداراً خلفياً مغطى باللون الرمادي. ويمكن لأعضاء فريق العمل تثبيت أفكارهم الإبداعية المبتكرة على ذلك الجدار أثناء العروض التقديمية للعملاء.
وإذا حصل فريق العمل على الموافقة بشأن إحدى الحملات الإعلانية، تنظم الوكالة الاحتفال بذلك بطريقة خاصة للغاية، إذ يقوم أحد أعضاء فريق العمل الذي أبرم الصفقة بإدخال مفتاح في قفل في قسم من الجدار مغطى باللباد، ومن ثم ينفتح باب خفي إلى غرفة ضعيفة الإضاءة وذات سقف منخفض، من تصميم «إتش إل دبليو إنترناشيونال» التي وفرت التجهيزات لمنشأة الإنتاج بالكامل، على غرار حانات بيع الخمور القديمة تلك التي تضم باراً مجهزاً بالكامل، مع لافتة عتيقة الطراز من النيون تم انتشالها من حانة حقيقية قديمة توقفت عن العمل منذ فترة.
يقول كيم غيتي، رئيس مكتب لوس أنجليس للوكالة الدعائية: «نفضل الاحتفال بالصفقات الكبيرة في هذه الغرفة السرية اللطيفة، وقضاء أفضل اللحظات مع العملاء، وفي بعض الحالات يتعين على فريق العمل الذي أبرم الصفقة أن يقوم بدور الجرسون لبقية الضيوف، ومن الممتع للغاية دعوة الجميع إلى تلك الغرفة لتبادل المشروبات».

- خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».