رؤية السعودية في مجال التقنية: مسار تحولي بخطى ثابتة نحو عصر شبكات الجيل الخامس

سرعات أعلى بنحو 100 مرة مقارنة بالحالية... واستعداد المستهلك لدفع رسوم أعلى

رؤية السعودية في مجال التقنية: مسار تحولي بخطى ثابتة نحو عصر شبكات الجيل الخامس
TT

رؤية السعودية في مجال التقنية: مسار تحولي بخطى ثابتة نحو عصر شبكات الجيل الخامس

رؤية السعودية في مجال التقنية: مسار تحولي بخطى ثابتة نحو عصر شبكات الجيل الخامس

تضم مدن المملكة العربية السعودية نحو 83 في المائة من السكان، مع ازدياد توجه المزيد نحو المدن، الأمر الذي يضع البنية التحتية، خصوصاً الاتصال بالإنترنت بسرعات عالية، أمام تحدٍّ كبير. وتفرض المبادرات الهادفة إلى تعزيز مؤشرات الابتكار والاتصال والاستدامة في مدن السعودية تحديات كثيرة مقابل توفير فرص هائلة لتحسين حياة ملايين الأشخاص. وتهدف الحكومة، في إطار «رؤية السعودية 2030»، إلى تطوير البنية التحتية التقنية المعلومات والاتصالات، خصوصاً خدمات النطاق العريض عالي السرعة، وتوسيع نطاق التغطية وتعزيز الطاقة الاستيعابية لتقنيات الاتصال داخل المدن وضواحيها وتحسين جودتها. وتهدف هذه الجهود إلى توفير التغطية الداخلية بنسبة 90 في المائة في المدن المكتظة بالسكان و66 في المائة في المدن الأخرى. ويمكن لتقنية شبكات الجيل الخامس للاتصالات أن تعمل على تسريع هذه الجهود متعددة الأبعاد من خلال تطبيق حالات استخدام تقنية جديدة لتحسين جودة حياة السكان.
وبالتزامن مع ذلك، تعمل السعودية على تطوير معايير بناء المباني لتسهيل عمليات توسيع شبكات النطاق العريض، وكذلك تعزيز إدارة التحول الرقمي عبر تأسيس مجلس وطني خاص لهذه الخدمة.
وتعمل الحكومة على إنشاء شراكات فعالة مع مزودي الخدمات لتحسين عملية تطوير البنية التحتية الحيوية.
وحول هذا الأمر قال «ماتياس جوهانسون»، رئيس «إريكسون» Ericsson السعودية ومصر، إنه «بينما تستثمر المدن السعودية في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، تقود الابتكارات في الجيل الأحدث من تقنيات الاتصال عملية تطوير الشبكات على نحو متزايد، حيث تم خلال فترة عملي في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، إطلاق العديد من المبادرات الرامية إلى تحويل الشبكة. ويُعتبر مستقبل تقنية الجيل الخامس الموضوع الرئيسي الذي يتم تداوله على مستوى القطاع، ومن المتوقَّع أن يؤدي تطور متطلبات المستهلكين فيما يتعلق بالتجارب التي يطمحون في الحصول عليها بعصر الابتكار الرقمي شديد التنافسية، إلى تعزيز نمو الطلب على العروض المتميزة القائمة على قدرات الجيل الخامس، لا سيما في بلد مثل السعودية، ويُعتبر ذلك نتيجة لدور تقنية الجيل الخامس في حل جميع المشكلات المتعلقة بخدمات الاتصال في مختلف القطاعات».
ويسلط تقرير مختبر المستهلكين من «إريكسون» بعنوان «الإمكانات التي توفرها تقنية الجيل الخامس للمستهلكين» الضوء على قيمة تقنية الجيل الخامس في نظر المستهلكين، وقد تم وضع هذا التقرير بدعم من بحث فعال بناء على إحدى أحدث الدراسات المتعلقة بتوقعات المستهلكين.
أولاً سيكون التأثير المتوقع الذي ستحدثه السرعات العالية للتقنية الجديدة هائلاً، حيث أكد المستهلكون أن تقنية الجيل الخامس ستكون قادرة على تزويد عملاء خدمات الاتصال المنزلي بجودة أفضل مقارنة بخدمة النطاق العريض بتقنية الألياف الضوئية. وبفضل السرعات الفائقة التي ستكون أعلى بنحو 100 مرة من سرعة الشبكات الحالية، سيتمكن العملاء في المنازل المتصلة بشبكة الجيل الخامس من الاستمتاع بميزات جديدة، مثل تحميل الغيغابايت الثابت للإنترنت اللاسلكي، وتحميل النطاق الترددي العالي. ومن المتوقع أن تتيح عمليات التحميل هذه تطبيقات مميزة مثل كاميرات الأمان السحابية التي ستؤدي إلى توفير تجارب سلسة للواقعين الافتراضي والمعزز، ناهيك بتمكين عدد هائل من أجهزة «إنترنت الأشياء» Internet of Things من الاتصال بالشبكة، ما يوفر مستوى جديداً من الراحة والأمان في حياة العملاء اليومية.
وينطبق الأمر ذاته على سرعات الاتصالات المتنقلة، حيث يواجه المستهلكون حالياً مشاكل كبيرة عند التصفح أو مشاهدة المحتوى وحتى عند ممارسة الألعاب عبر الإنترنت نتيجة بطء السرعة وبطء الاستجابة، والشيء المؤكد أن تقنية الجيل الخامس ستخفف من هذه التحديات إلى الحد الأقصى.
وكما لوحظ في نتائج مختبر المستهلكين فإن المستهلكين يرون أن تقنية الجيل الخامس توفر العديد من الفوائد على المدى القريب، حيث يتطلعون للحصول على التقنية التي تخلصهم من التحديات التي يسببها ازدحام الشبكات في المدن، وتقديم المزيد من خيارات النطاق العريض المنزلي. وكجزء من النتائج، يشير هذا التقرير إلى أن 34 في المائة من الأسر في المملكة العربية السعودية تمتلك أكثر من 10 أجهزة متصلة، مقابل 25 في المائة على مستوى العالم، في حين يقول 49 في المائة من المجيبين إنهم لا يجدون سرعة النطاق العريض الحالية للأجهزة المتنقلة كافية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التطبيقات العاملة على تعزيز قدرات الاتصال وتقليل زمن الاستجابة للمستهلكين باتت واقعاً ملموساً الآن، وسيتم بفضل تقنية الجيل الخامس نقل تجارب مثل الألعاب والواقعين المعزز والافتراضي إلى آفاق جديدة. وسيتم أيضاً تسهيل خدمات الاتصال وتوفير السرعات اللازمة لتشغيل هذه التقنيات إلى حد كبير مع تقنية الجيل الخامس، حيث يقول 65 في المائة من مستخدمي الهواتف الذكية في السعودية إن المستهلكين سيرتدون نظارات الواقع المعزز بحلول عام 2025.
وسيشهد مستقبل استخدام البيانات سرعات أعلى وجودة اتصال أفضل، وكما يشير تقرير مختبر المستهلكين، إلى أن مستخدمي الهواتف الذكية على استعداد لدفع فواتير أعلى بنسبة 20 في المائة، مقابل الحصول على الخدمات التي توفرها تقنية الجيل الخامس، كما أبدى نصف الذين سيتبنون التقنية مبكراً استعدادهم لدفع فواتير أعلى بنسبة 32 في المائة، ومن الممكن أن يصل استهلاك بيانات مستخدمي الهواتف الذكية السعوديين إلى أكثر من 250 غيغابايت شهرياً على جهاز مدعوم بتقنية الجيل الخامس في المستقبل القريب.
وتشير العوامل السابقة إلى تزايد الطلب بشكل مستمر للحصول على المزيد من اتصالات البيانات. ولكن الأهم من ذلك أن الوضع القائم يسلط الضوء على استعداد المستخدمين النهائيين لدفع رسوم أعلى لقاء حصولهم على تقنيات اتصال أكثر سرعة وموثوقية. ويتمثل التحدي المستمر لمزودي خدمات الاتصال حول العالم في إدارة الطلب المتزايد على البيانات مع الحفاظ على تجربة عالية الجودة للعملاء. في هذه الحالة، تُعد تقنية الجيل الخامس بمثابة عامل تمكين لنمو قطاعات الأعمال الحالية، وكذلك منصة للابتكار في عالم الأعمال، وتتطلب الاستفادة المثلى من شبكة الجيل الخامس وجود منظومة متكاملة من الشركاء والجهات الفاعلة في مجال التقنية لإنشاء أعمال تجارية جديدة.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.