مقتل جنديين أميركيين في أفغانستان

كابل و{طالبان} تتبادلان مزاعم هجمات وعشرات القتلى

جنديان أميركيان في حالة تأهب أثناء زيارة قائد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) لنقطة تفتيش  تابعة للجيش الوطني الأفغاني في منطقة نيرخ بمقاطعة وارداك الشهر الماضي (أ.ف.ب)
جنديان أميركيان في حالة تأهب أثناء زيارة قائد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) لنقطة تفتيش تابعة للجيش الوطني الأفغاني في منطقة نيرخ بمقاطعة وارداك الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مقتل جنديين أميركيين في أفغانستان

جنديان أميركيان في حالة تأهب أثناء زيارة قائد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) لنقطة تفتيش  تابعة للجيش الوطني الأفغاني في منطقة نيرخ بمقاطعة وارداك الشهر الماضي (أ.ف.ب)
جنديان أميركيان في حالة تأهب أثناء زيارة قائد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) لنقطة تفتيش تابعة للجيش الوطني الأفغاني في منطقة نيرخ بمقاطعة وارداك الشهر الماضي (أ.ف.ب)

قبل بدء الجولة الجديدة من المفاوضات التي قد تكون الأخيرة قبل توقيع الاتفاق بين طالبان والمبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، قالت بعثة الدعم الحازم التي يقودها حلف شمال الأطلسي في بيان إن جنديين أميركيين قتلا في أفغانستان أول من أمس، بينما تسعى الولايات المتحدة للتوصل إلى نهاية للحرب المستمرة منذ نحو 18 عاما عبر المفاوضات. ولم تذكر البعثة مزيدا من التفاصيل وحجبت اسمي القتيلين لحين إبلاغ ذويهما.
ويرتفع بذلك عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في أفغانستان إلى 14 على الأقل خلال هذا العام. ويرابط نحو 14 ألف جندي أميركي في أفغانستان في إطار مهمة حلف الأطلسي التي تقودها الولايات المتحدة لتدريب ومساعدة القوات الأفغانية وتقديم النصح لها ولتنفيذ عمليات لمكافحة الإرهاب. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الثلاثاء إن الدور العسكري الأميركي في أفغانستان تحول أساسا إلى قوة شرطة «سخيفة» وذلك في دلالة على أنه مستعد لسحب القوات الأميركية من هناك بعد 18 عاما من الحرب.
وعبر ترمب عن استعداده لسحب بعض القوات الأميركية من هناك لكنه قال إنه يتعين إبقاء شبكة استخبارات أميركية على الأرض. ويثير أي انسحاب للقوات الأميركية المخاوف داخل الجيش الأميركي وبين بعض المشرعين من أن تنزلق أفغانستان إلى حرب أهلية جديدة قد تشهد عودة حكم طالبان وتوفير ملاذ لتنظيم القاعدة وغيره من المنظمات المتشددة يمكن من خلاله توسيع نطاق الهجمات والتآمر على شن هجمات جديدة ضد أهداف للولايات المتحدة وحلفائها.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلا عن القيادة العسكرية الأميركية بأن الجنديين كانا من القوات الخاصة وقتلا في عملية عسكرية أثناء القتال إلى جانب القوات الأفغانية في ولاية فارياب شمال غربي باكستان». وقال عبد المنان قاطع حاكم مديرية في فارياب «قواتنا الخاصة والقوات الأميركية قامت بعملية الليلة الماضية واستمر القتال حتى الواحدة بعد منتصف الليل». وهو ما يعني أن القوات الأميركية تشارك بهجمات قتالية عنيفة في الصراع ضد قوات طالبان رغم قول الإدارة الأميركية بأن قواتها فقط تقدم استشارات وتدريبا للقوات الأفغانية التي تتلقى خسائر بشرية تزيد عن عشرين قتيلا يوميا حسبما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر عسكرية أفغانية. وصعدت قوات الحكومة الأفغانية وقوات طالبان هجماتهما فيما دبلوماسيون أميركيون يفاوضون مندوبي المكتب السياسي لحركة طالبان في الدوحة للتوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين يسمح بانسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان في مدة محددة مقابل تعهد طالبان بمنع استخدام الأراضي الأفغانية من جماعات مسلحة لشن هجمات ضد المصالح الأميركية في العالم. وزادت القوات الأميركية في أفغانستان من شن الغارات الجوية على مواقع طالبان في العديد من الولايات الأفغانية كما زادت مشاركة القوات البرية الأميركية في التصدي لهجمات طالبان في عدد من الولايات منذ تولي الجنرال سكوت ميلر قيادة هذه القوات حيث زاد عدد وحدات القوات الخاصة الأميركية.
وكانت حركة طالبان قالت في بيان لها إن قواتها في ولاية فراه غرب أفغانستان نصبت كمينا لقوات الشرطة الأفغانية في منطقة بوشت كوه مما أدى إلى مقتل ثلاثة من رجال الشرطة والاستيلاء على سيارة لهم، كما لقي شرطيان أفغانيان مصرعهما في ولاية هلمند الجنوبية بعد نصب كمين لهم في منطقة سارا غودار في مدينة لشكر جاه مركز ولاية هلمند، فيما لقي خمسة من رجال الشرطة الأفغانية مصرعهم في ولاية بلخ وجرح سادس بعد نصب كمين لهم من قبل قوات طالبان ووقوع اشتباك بين الطرفين في منطقة خاص بلخ. ودمرت قوات طالبان حسب بيان لها دبابة حكومية في العملية. وهاجمت قوات طالبان الليلة الماضية مركزا أمنيا للقوات الحكومية في نفس المنطقة مما أدى إلى مقتل اثنين من أفراد الجيش الأفغاني فيما قتل ثلاثة آخرون في منطقة شولجر.
وشهدت ولاية بلخ سلسلة اشتباكات أخرى في منطقة تشار بولاك حيث أفضت إلى مقتل عشرة من الجنود الحكوميين وإصابة ثلاثة آخرين حسب بيانات لحركة طالبان.
وفي بيان آخر لقوات طالبان أعلنت إسقاط طائرة أميركية في منطقة دو آب في ولاية سمنجان الليلة الماضية حيث هوت إلى الأرض ككتلة نيران ملتهبة.
من جانبها قالت الحكومة الأفغانية إن قواتها شنت غارة جوية على قوات طالبان في ولاية فراه غرب أفغانستان تمكنت خلالها من قتل أحد قادة طالبان الميدانيين في منطقة بالا بولاك، وأشار بيان الحكومة الأفغانية إلى أن الغارة الجوية أدت إلى مقتل حافظ قدرت أحد قادة طالبان في ولاية فراه المجاورة للحدود مع إيران كما قتل في الغارة خمسة من مقاتلي قوات طالبان.
وأعلنت الحكومة الأفغانية أن قواتها ردت بقصف مدفعي على القوات الباكستانية عبر خط ديوراند الفاصل بين البلدين، وقال الناطق باسم الرئاسة الأفغانية صديق صديقي إن القوات الباكستانية أطلقت صواريخ على الأراضي الأفغانية مما استوجب الرد عليها بقصف مواقع القوات الباكستانية بالمدفعية. وكان مسؤولون عسكريون أفغان قالوا إن القوات الباكستانية أطلقت مئات من قذائف المدفعية على ولاية كونر الحدودية الأفغانية خلال الأيام القليلة الماضية. ونقلت وكالة خاما بريس عن عبد الستار ميرزاكوال حاكم كونار قوله إن القذائف الباكستانية سقطت في منطقة دنغام، شلتان، وناري في ولاية كونر الحدودية لكنها لم توقع إصابات أو خسائر مادية. ونقلت وكالة خاما بريس عن فيلق سيلاب قوله إن 13 من عناصر تنظيم داعش استسلموا للقوات الحكومية في ولاية كونر، وقال فيلق سيلاب إنه سيواصل حملته على بقايا عناصر تنظيم داعش في ولاية كونر وبقية المناطق.
وأصدر فيلق شاهين في الشمال الأفغاني بيانا قال فيه إنه شن غارات جوية على مواقع لقوات طالبان في ولاية بلخ الشمالية استهدفت مواقع في مديرية زارا، وأدت إلى مقتل 20 من قوات طالبان وجرح آخرين، كما دمرت عددا من مخازن الأسلحة التابعة لقوات طالبان في المنطقة.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».