غالباً ما يتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ألمانيا ودولاً أوروبية أخرى بالتحول إلى «ملجأ للإرهابيين»، ويقصد بذلك مؤيدي رجل الدين التركي المعارض فتح الله غولن الذي يتهمه إردوغان بالتدبير لمحاولة الانقلاب الفاشلة قبل 3 سنوات. وعندما جاء إلى برلين في زيارة رسمية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لم يتردد إردوغان بتكرار اتهاماته تلك أمام مضيفته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وفي حين ترفض برلين تسليم أنقرة أي مواطن تركي متهم «بالإرهاب» لانتمائه إلى جماعة غولن، فإن أثينا على ما يبدو ترضخ لطلب الرئيس التركي، بحسب تقرير لقناة «في دي آر» الألمانية.
وفي تحقيق موسع، عرضت القناة الرسمية ضمن برنامج «بانوراما» مقابلات مع أتراك معارضين تحدثوا عن هربهم من تركيا إلى اليونان عبر نهر إيفروس الذي يشكل الحدود بين البلدين، ليتم القبض عليهم وإعادتهم إلى تركيا من دون السماح لهم بتقديم طلب لجوء. وتقول المعارضة عايشة إردوغان في التقرير، إنها وصلت إلى اليونان بعد أن عبرت النهر مع زوجها بقارب مطاطي، حيث أرادا طلب اللجوء هناك. وكانت عايشة تعمل معلمة في تركيا وحكم عليها بالسجن 6 سنوات ونصف السنة لانتمائها إلى جماعة غولن، بحسب التقرير.
وبعد عامين من السجن، أطلق سراحها مؤقتاً لتستغل الفرصة بالهرب. وتروي أنها دخلت اليونان عبر قرية فيسا الحدودية في الأراضي اليونانية مع مجموعة من اللاجئين الأتراك، وهناك توجهت إلى مكتب الأجانب لتقديم طلب لجوء، إلا أنها اختفت بعد ذلك. وتنقل القناة الألمانية عن شقيقها أنها ظهرت بعد عام في سجن تركي.
ويقول المحامي اليوناني كلوتيدي برونتزو، الذي يمثل عايشة وعائلتها في قضية ترحيل غير قانونية في اليونان، إن هذه القصة تدل على أن اللاجئين الأتراك «الذين يتم ترحيلهم بالقوة من اليونان ينتهي بهم الأمر في السجون». ويضيف المحامي بأن هذه الحالة ليست فردية، وبأن القصة تتكرر مع الكثير من اللاجئين الأتراك.
وأجرت القناة الألمانية مقابلتين أخريين مع رجل وامرأة قالا إنهما عندما عبرا نهر أيفروس مع مجموعة من اللاجئين الأتراك، ألقي القبض عليهم فوراً من قبل الشرطة اليونانية وسُلّموا لعدد من الملثمين الذين انهالوا عليهم ضرباً، وأعادوهم إلى تركيا بالقارب المطاطي.
وارتفع عدد اللاجئين الأتراك إلى أوروبا بشكل كبير بعد محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا وما تبعه من اعتقالات عشوائية طالت عشرات الآلاف من الأتراك. وفي عام 2013 وصل إلى اليونان 17 تركياً طالبين للجوء، في حين ارتفع العدد ليصل إلى 5 آلاف العام الماضي. وذكر تقرير القناة الألمانية، أن «عمليات الترحيل القصرية» من اليونان بدأت بعد زيارة قام بها إردوغان لأثينا والتقى فيها رئيس الوزراء اليوناني حينها أليكسي تسيبارس. وقال حينها إردوغان بعد اللقاء: «نتوقع ألا تصبح اليونان ملاذاً آمناً للإرهابيين مثل جماعة غولن وحزب العمال الكردستاني وغيرهما. وفي خلال محادثانا، عبّرنا لأصدقائنا اليونانيين عن رغبتنا بإعادة الانقلابيين الغولانيين».
ويشير تقرير القناة الألمانية إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يتحرك إزاء هذه التجاوزات للقانون الدولي وللمواثيق التي تحمي اللاجئين. وينقل عن النائب في البرلمان الألماني عن حزب «دي لينكا» اليساري سيفيم دغدلن قوله، إن «المفوضية الأوروبية مسؤولة جزئياً عما يحدث في دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان، حيث يحصل خرق قانوني واضح على حدودها مع تركيا، وتحت أعين قوات حماية الحدود (فرونتكس) التي يتعين عليها منع هكذا تعديات». و«فرونتكس» هي حرس الحدود الأوروبي التي تنتشر على مناطق حدودية في دول الاتحاد، وقد كثفت من تواجدها في الأشهر الماضية لمنع تسلل لاجئين غير قانونيين.
أوروبا تسلم طالبي لجوء أتراكاً لأنقرة
أوروبا تسلم طالبي لجوء أتراكاً لأنقرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة