العاهل المغربي يوجّه الحكومة بمنح الأسبقية لتطبيق «الجهوية المتقدمة»

حدّد مهمة ثلاثية للجنة الخاصة بالنموذج التنموي

الملك محمد السادس لدى توجيهه خطاب الذكرى الـ66 لثورة الملك والشعب الليلة قبل الماضية  وبدا إلى جانبيه الأمير مولاي الحسن ولي العهد والأمير مولاي رشيد (ماب)
الملك محمد السادس لدى توجيهه خطاب الذكرى الـ66 لثورة الملك والشعب الليلة قبل الماضية وبدا إلى جانبيه الأمير مولاي الحسن ولي العهد والأمير مولاي رشيد (ماب)
TT

العاهل المغربي يوجّه الحكومة بمنح الأسبقية لتطبيق «الجهوية المتقدمة»

الملك محمد السادس لدى توجيهه خطاب الذكرى الـ66 لثورة الملك والشعب الليلة قبل الماضية  وبدا إلى جانبيه الأمير مولاي الحسن ولي العهد والأمير مولاي رشيد (ماب)
الملك محمد السادس لدى توجيهه خطاب الذكرى الـ66 لثورة الملك والشعب الليلة قبل الماضية وبدا إلى جانبيه الأمير مولاي الحسن ولي العهد والأمير مولاي رشيد (ماب)

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، الليلة قبل الماضية، الحكومة إلى إعطاء الأسبقية لتنزيل الجهوية المتقدمة، وميثاق اللاتمركز الإداري من أجل رفع تحديات المرحلة الجديدة.
وأبرز العاهل المغربي في خطاب، وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى السادسة والستين لثورة الملك والشعب، التي تصادف يوم 20 من أغسطس (آب)، أنه يعتبر التطبيق الجيد والكامل للجهوية المتقدمة، ولميثاق اللاتمركز الإداري من أنجع الآليات، التي ستمكن من الرفع من الاستثمار الترابي المنتج، ومن الدفع بالعدالة المجالية.
وقال بهذا الخصوص: «الملاحظ أنه رغم الجهود المبذولة، والنصوص القانونية المعتمدة، فإن الكثير من الملفات لا تزال تعالج بالإدارات المركزية بالرباط، مع ما يترتب عن ذلك من بطء وتأخر في إنجاز المشاريع، وأحيانا التخلي عنها». داعياً الحكومة إلى الانكباب على تصحيح الاختلالات الإدارية، وإيجاد الكفاءات المؤهلة، على المستوى الجهوي والمحلي.
من جهة أخرى، قال الملك محمد السادس إن النموذج التنموي في صيغته الجديدة، يشكل قاعدة صلبة لانبثاق عقد اجتماعي جديد، ينخرط فيه الجميع. وأضاف موضحا «إننا نتطلع أن يشكل النموذج التنموي في صيغته الجديدة قاعدة صلبة لانبثاق عقد اجتماعي جديد، ينخرط فيه الجميع: الدولة ومؤسساتها، والقوى الحية للأمة، من قطاع خاص، وهيئات سياسية ونقابية، ومنظمات جمعوية، وعموم المواطنين». معربا عن أمله في أن يشكل هذا النموذج عماد المرحلة الجديدة، التي حدد معالمها في خطاب العرش (عيد الجلوس) الأخير، ومؤكدا حرصه على جعل المواطن المغربي في صلب عملية التنمية، والغاية الأساسية منها.
في السياق ذاته، أوضح العاهل المغربي أنه اعتمد دائما مقاربة تشاركية وإدماجية في معالجة القضايا الكبرى للبلاد، تنخرط فيها جميع القوى الحية للأمة. وقال بهذا الخصوص: «هذا ما نتوخاه من إحداث اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي؛ التي سنكلفها قريبا بالانكباب على هذا الموضوع المصيري»، معربا عن تطلعه إلى أن تقوم هذه اللجنة بمهمة ثلاثية: تقويمية واستباقية واستشرافية، للتوجه بكل ثقة نحو المستقبل.
وحرص العاهل المغربي على تأكيد الطابع الوطني لعمل اللجنة، وللتوصيات التي ستخرج بها، وأيضا «للنموذج التنموي الذي نطمح إليه: نموذج مغربي - مغربي خالص».
في غضون ذلك، حث الملك محمد السادس على أهمية تجاوز المعوقات، التي تحول دون تحقيق نمو اقتصادي عال ومستدام في بلاده. وقال: «بغض النظر عن النقاش حول مستويات وأرقام النمو، فإن الأهم هو العمل على تجاوز المعيقات، التي تحول دون تحقيق نمو اقتصادي عال ومستدام، ومنتج للرخاء الاجتماعي». مشيرا في هذا السياق إلى دور الطبقة الوسطى، التي تشكل قوة إنتاج، وعامل تماسك واستقرار داخل المجتمع.
كما شدد عاهل المغرب على أنه «نظرا لأهمية هذه الطبقة في البناء المجتمعي، فإنه يتعين العمل على صيانة مقوماتها، وتوفير الظروف الملائمة لتقويتها وتوسيع قاعدتها، وفتح آفاق الترقي منها وإليها». مبرزا أن هذه التحديات «لن يتم رفعها إلا بتحقيق مستويات عليا من النمو، وخلق المزيد من الثروات، وتحقيق العدالة في توزيع ثمارها».
وسجل الملك محمد السادس أن المغرب عرف خلال العقدين الأخيرين «نسبة نمو اقتصادي، تبعث على التفاؤل، رغم أنه يتم تصنيفه، حسب نفس المؤشرات والمعايير، المعتمدة بالنسبة للدول، التي تتوفر على البترول والغاز».
على صعيد آخر، قال الملك محمد السادس إن الفئات التي تعاني أكثر من صعوبة ظروف العيش في المجال القروي، وضواحي المدن «تحتاج إلى مزيد من الدعم... والاهتمام بأوضاعها، والعمل المتواصل للاستجابة لحاجياتها الملحة». مجددا دعوته للنهوض بالعالم القروي من خلال خلق الأنشطة المدرة للدخل والشغل، وتسريع وتيرة الولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية، ودعم التمدرس، ومحاربة الفقر والهشاشة. كما ذكر بالبرنامج الوطني للحد من الفوارق بالعالم القروي، الذي رصد له ما يقرب من 50 مليار درهم (5 مليارات دولار) في الفترة ما بين 2016 و2022، مشددا على ضرورة استثمار كافة الإمكانات المتوفرة بالعالم القروي، وفي مقدمتها الأراضي الفلاحية السلالية.
من جهة أخرى، أبرز العاهل المغربي أن «جهود الدولة وحدها لا تكفي لضمان النجاح لهذه العملية الكبرى»، مشددا على ضرورة دعم جهود الدولة بمبادرات ومشاريع القطاع الخاص لإعطاء دينامية قوية للاستثمار الفلاحي، وفي المهن والخدمات المرتبطة به، وخاصة في العالم القروي.
كما حث الملك محمد السادس على ضرورة التنسيق الكامل بين القطاعات المعنية، داعيا في نفس الوقت لاستغلال الفرص والإمكانات، التي تتيحها القطاعات الأخرى غير الفلاحية، كالسياحة القروية والتجارة، والصناعات المحلية وغيرها، من أجل الدفع قدما بتنمية وتشجيع المبادرة الخاصة، والتشغيل الذاتي.
وعلى صعيد متصل، أكد الملك محمد السادس أن «النهوض بالتكوين المهني أصبح ضرورة ملحة، ليس فقط من أجل توفير فرص العمل، بل أيضا لتأهيل المغرب لرفع تحديات التنافسية الاقتصادية، ومواكبة التطورات العالمية، في مختلف المجالات».
وأكد العاهل المغربي «على أهمية التكوين المهني في تأهيل الشباب، وخاصة في القرى وضواحي المدن، للاندماج المنتج في سوق الشغل، والمساهمة في تنمية البلاد»، وأن «الحصول على الباكالوريا (الثانوية العامة) وولوج الجامعة، ليس امتيازا، ولا يشكل سوى مرحلة في التعليم. وإنما الأهم هو الحصول على تكوين، يفتح آفاق الاندماج المهني، والاستقرار الاجتماعي».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.