توضيح عون نجح في احتواء الشكوك حول موقفه من «الاستراتيجية الدفاعية»

TT

توضيح عون نجح في احتواء الشكوك حول موقفه من «الاستراتيجية الدفاعية»

سأل مصدر وزاري: ما الذي تبدّل، وما المتغيّرات التي طرأت واضطرت رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الخوض في الاستراتيجية الدفاعية من زاوية أن كل المقاييس تغيّرت حالياً؟ وقال المصدر إن عون كان في غنى عن استحضارها ما دامت مدرجة على طاولة الحوار الوطني وسبق له أن تقدّم قبل انتخابه رئيساً للجمهورية بمشروع يتناول فيه رؤيته لهذه الاستراتيجية.
ولفت المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الموقف الذي طرحه رئيس الجمهورية لجهة مطالبته بمقاربة الاستراتيجية الدفاعية انطلاقاً من واقع الحال الجديد في ضوء المتغيرات التي حصلت في الجوار اللبناني، أثار وقبل صدور الملحق التوضيحي عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية تساؤلات وشكوكاً لأنها أظهرت موقفه كأنه تراجع عن التزامات سبق واتخذها بشأن الاستراتيجية الدفاعية.
ورأى أن الملحق التوضيحي حاول استيعاب ردود الفعل السلبية التي قوبل بها موقف عون، وسأل ما إذا كان مضمونه يمهّد لسحب ما أثاره من شكوك من التداول، وإلا لماذا جاء هذا الملحق ليؤكد أن الرئيس يلتزم المواقف التي سبق أن أعلنها من الاستراتيجية الدفاعية وضرورة البحث فيها في مناخ توافقي.
وقال المصدر الوزاري إن الالتباس الذي أثاره موقف عون المستجد من الاستراتيجية الدفاعية ما كان ليحصل لو أن الرئيس رأى أن هناك ضرورة للتريّث في إعادة طرحها على طاولة الحوار، بدلاً من طرحه الأسئلة التي كانت وراء لجوء البعض إلى طرح تساؤلات حول مصيرها.
وأكد المصدر أنه يجهل الأسباب وراء عدم تناول رئيس الجمهورية موضوع تطبيق القرار 1701 ببنوده السبعة، ورأى أن من اعترض على ما قاله عون انطلق من رغبة الرئيس في تمرير رسالة أنْ لا مجال للبحث فيها على الأقل في الوقت الحاضر، وربما من باب طمأنته لحليفه «حزب الله» بأنه لن يضيّق عليه الخناق في الوقت الذي يتعرض فيه لعقوبات أميركية. واعتبر أن مَن يحاول التعامل مع موقف عون كأنه جاء في الوقت المناسب، ومن باب عدم ارتياحه إلى المحادثات التي أجراها الرئيس سعد الحريري في واشنطن، سيتبيّن له أنه لا أساس من الصحة لمثل هذا الاستنتاج، وأن رئيس الجمهورية ليس في وارد البحث عن مشكلة مع الحريري في الوقت الذي شدّد فيه على التنسيق مع رئيسَي البرلمان والحكومة للبدء بتطبيق الورقة الاقتصادية.
وكشف المصدر الوزاري أن الحريري لم يتطرق في محادثاته مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، أو مع مسؤولين أميركيين آخرين إلى الاستراتيجية الدفاعية والقرار 1701، وقال إن مَن يتعامل مع موقف عون كأنه للرد على رئيس الحكومة، فهو أشبه بمن يريد أن يحاكم الأخير على النيات في إصداره أحكاماً مسبقة أعدها سلفاً وقبل أن يتوجّه إلى واشنطن.
وأكد أن الحريري نجح في توفير الحماية لمصرف لبنان والمصارف اللبنانية التي كانت وما زالت موضع تقدير لدورها في الحفاظ على الاستقرار النقدي، وأيضاً في الدفاع عن وجهة نظره بضرورة استمرار دعم المؤسسة العسكرية باعتبار أنها العمود الفقري للاستقرار الأمني، وأنْ لا صحة للذين يدّعون عدم جدوى إمدادها بالسلاح في ظل وجود «حزب الله». وقال المصدر الوزاري إن المساعدات العسكرية التي وصلت مؤخراً إلى الجيش اللبناني جاءت لتؤكد أن الخارجية الأميركية والبنتاغون على موقفهما بإمداد الجيش بالسلاح بخلاف وجهة نظر مجلس الأمن القومي الأميركي.
ورداً على سؤال، أوضح المصدر الوزاري أن المتغيرات التي تطرّق إليها عون لم تكن وليدة ساعتها وإلا لماذا لم يتم استحضارها منذ أقل من عام عندما استقبل المنسّقة العامة للأمم المتحدة في لبنان كارديل التي أطلعته على التحضيرات التي تقوم بها الأمم المتحدة استعداداً لانعقاد مؤتمر روما لدعم الجيش.
وأضاف أن كارديل اعتبرت بعد لقاء عون أن المواقف التي صدرت عنه قبل انعقاد مؤتمر روما لا سيما فيما خص مسألة الاستراتيجية الدفاعية، أسهمت في إنجاح المؤتمر، وكان عون أبلغها أن لبنان يحرص على تعزيز الأمن والاستقرار على طول الحدود الجنوبية.
وأكد المصدر الوزاري أن المتغيّرات التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية لدى استقباله الصحافيين في قصر بيت الدين كانت قد حصلت قبل مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني، وأيضاً قبل التحضير لانعقاد مؤتمر «سيدر» لدعم لبنان للنهوض من أزماته الاقتصادية. ورأى أن المحاضر الخاصة بمؤتمرات الحوار الوطني التي تنقلت ما بين المجلس النيابي ومقر الرئيس نبيه بري في عين التينة بدعوة من رئيس المجلس، وأيضاً في بعبدا برعاية رئيس الجمهورية آنذاك ميشال سليمان أصبحت في عهدة الأمانة العامة للأمم المتحدة. وقال إن مؤتمرات الحوار هذه ركّزت على ضرورة التوصل إلى وضع استراتيجية دفاعية، إضافة إلى أن الحوار في بعبدا توصّل إلى إقرار «إعلان بعبدا» الذي سارع «حزب الله» وبلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إلى غسل يديه منه مع أن المحاضر تؤكد إقراره بالإجماع.
لذلك دعا المصدر الوزاري إلى استيعاب ردود الفعل المترتبة على موقف رئيس الجمهورية حيال الاستراتيجية الدفاعية، وبالتالي ضرورة السيطرة عليها، لأن إقحام البلد في مبارزة بين مؤيد ومعارض لما قاله سيفتح الباب أمام اشتباك سياسي جديد بعد أن نجحت المساعي وبمبادرة من بري في إيجاد مخرج لحادثة قبرشمون يُفترض أن يوظّف لإعادة تفعيل العمل الحكومي في ضوء وقف تعطيل جلسات مجلس الوزراء مع أنه تبيّن أنْ لا تبرير لعدم ملاقاة رئيس البرلمان في منتصف الطريق فور وقوع الحادثة.
وعليه فإن الملحق التوضيحي الذي صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية والذي جاء بعد أقل من 24 ساعة على الموقف الذي صدر عن عون ينمّ عن رغبة -كما يقول المصدر الوزاري- في تعديل موقفه، وإن كان استعاد الحديث عن ضرورة إجراء مقاربة جديدة للاستراتيجية الدفاعية، معتبراً في الوقت عينه أن هذا التوضيح كافٍ لاحتواء ردود الفعل وسحبه من التداول.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.