نقابات الجزائر تلوّح بإضرابات مع بداية «الدخول الاجتماعي»

TT

نقابات الجزائر تلوّح بإضرابات مع بداية «الدخول الاجتماعي»

بينما بلغت الاحتجاجات الشعبية ضد النظام في الجزائر أمس شهرها السادس، تتوقع الحكومة الانتقالية، المرفوضة من طرف الحراك، دخولاً اجتماعياً «ساخناً» بسبب تلويح نقابات التعليم والجامعات والطب والإدارة العامة بشن إضرابات، تعبيراً عن سخط يسود عدة قطاعات من المجتمع بسبب تدني القدرة الشرائية لفئات واسعة من الجزائريين، وتعطل الاقتصاد وعجز الحكومة عن حل أهم المشاكل.
وتحاول «هيئة الحوار والوساطة» بشتى الطرق إقناع آلاف المتظاهرين، الذين ينزلون إلى الشارع كل يوم جمعة، ومنذ 22 فبراير (شباط) الماضي، بتوقيف الحراك لتمكينها من فسحة لإجراء «حوار» تعهد به رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، يفضي إلى تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام. غير أن المحتجين رفضوا ذلك، مصرين على رحيل بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، وكل الوزراء الذين يتعرضون للمطاردة من طرف المتظاهرين، في كل مرة ينزلون فيها إلى الميدان لمتابعة المشروعات.
ورفضت أحزاب المعارضة دعوة رئيس «هيئة الوساطة» كريم يونس لعقد لقاءات في إطار «الحوار»، وعدت المسعى «مناورة من طرف النظام لربح الوقت».
ومن أشد المتحفظين على المسعى «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية، و«جبهة القوى الاشتراكية»، وهي أقدم أحزاب المعارضة، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، وحزب «جيل جديد» (ليبرالي). كما يرفضه الحزب الإسلامي الكبير «حركة مجتمع السلم».
في المقابل، رحب بالخطوة حزب «جبهة المستقبل»، الذي التقى رئيسه بلعيد عبد العزيز، كريم يونس أول من أمس، والحزب الإسلامي «حركة البناء الوطني». كما لقيت ترحيباً من طرف «طلائع الحريات»، بقيادة رئيس الوزراء سابقاً علي بن فليس، الذي التقى يونس أمس، وأكد على «أهمية إطلاق جهاز مستقل لمراقبة وتنظيم العملية الانتخابية قصد التوجه بسرعة إلى الانتخابات».
من جهته، صرح يونس (رئيس برلمان سابق) بأن 35 حزباً أبدى موافقة على تنظيم لقاء معه لتسلم ورقة الطريق منه، أعدتها «هيئة الحوار» بمباركة وتأييد من المؤسسة العسكرية. وتتضمن الورقة إنشاء هيئة مستقلة عن الحكومة، مهمتها تنظيم الانتخابات، هي بمثابة ضمانة من جانب السلطة الانتقالية لإقناع الطبقة السياسية، والمتظاهرين بضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد.
يشار إلى أن الانتخابات التي كانت مقررة في الرابع من يوليو (تموز) الماضي، لم تعقد بسبب عزوف المترشحين عنها، ولأن الحراك رفضها بشدة بذريعة أنها «ستشهد عودة العصابة إلى الحكم»، ويقصد بها الفريق الذي سير البلاد خلال فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأغلب أفراده يوجدون في السجن. ويعتبر قائد الجيش الجنرال قايد صالح أشد من يحرص على تنظيم الانتخابات قبل نهاية العام. وقد دافع عن «الهيئة»، التي يقودها يونس، ضد تهمة «تنفيذ أجندة النظام»، التي تتعرض لها من طرف الحراك كل يوم جمعة. وقال أول من أمس في خطاب بمناسبة حدث تاريخي مرتبط بثورة التحرير، إن «الهيئة سيدة وكاملة الاستقلالية، وقد بدأت مسعى نبيلاً يتمثل في تسهيل الحوار، الذي لا بديل عنه لتحقيق أوسع وأشمل توافق وطني ممكن، يتيح للشعب الجزائري ممارسة سيادته عبر انتخابات رئاسية ذات مصداقية، لا جدال فيها لكونها، في نظر غالبية مكونات الشعب والقوى السياسية، ليست فقط ضرورة، بل أيضاً حلاً مستعجلاً يسمح لبلدنا أن ينطلق بمؤسسات دستورية كاملة الشرعية، وذلك لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الملحة ويوطد ثقة مواطنينا في مستقبل أفضل».
ومع استمرار التشكيك في صدقية «هيئة الحوار»، ومحاولات أعضائها جلب التأييد لمسعاهم، يتوقع أن تواجه الحكومة توتراً على «الجبهة الاجتماعية»، مطلع الشهر المقبل، بعد أن لوحت عدة نقابات بالإضراب، احتجاجاً على أوضاع اقتصادية ازدادت تدهوراً، في الأشهر الماضية بسبب تعطل عجلة الاقتصاد، الذي يعاني من تبعية مفرطة للمحروقات. وكانت النقابات الغاضبة، الوقود الذي أشعل فتيل الحراك. وفي هذا السياق قال إلياس مرابط، رئيس نقابة الأطباء المتخصصين، لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن السلطة لا تملك رغبة في تلبية مطالب الشعب، ولهذا قررنا التصعيد في الاحتجاج، وسننزل كل يوم جمعة إلى الشارع، وسننظم إضرابات في قطاعنا حتى يتغير هذا النظام، وتأتي بدله حكومة شرعية بكفاءات قادرة على حل المشاكل الخانقة».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.