القتال يتصاعد في طرابلس... و{الجيش الوطني} يعلن استسلام عناصر من الميليشيات

البرلمان الليبي يعلن مرزق مدينة منكوبة

TT

القتال يتصاعد في طرابلس... و{الجيش الوطني} يعلن استسلام عناصر من الميليشيات

تصاعدت مجدداً حدة القتال في العاصمة الليبية طرابلس، أمس، خاصة على تخومها الجنوبية، بين قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج. وفي غضون ذلك، أعلن البرلمان الليبي مدينة مرزق، الواقعة بجنوب البلاد، منطقة منكوبة بعد سيطرة ميليشيات السراج عليها.
وجرت منذ الساعات الأولى من صباح أمس معارك عنيفة بين الطرفين، بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة في منطقة السبيعة جنوبي العاصمة، بينما طلب حفتر من قادة قواته الامتناع عن الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، والتكتم على أخبار تقدم قوات الجيش.
وقال مسؤول عسكري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»، طلب عدم تعريفه، إن هناك نوعاً من التكتم على أي معلومات بخصوص المعارك، لافتاً إلى أن الوضع الميداني بالنسبة لقوات الجيش الوطني «ممتاز»، دون أن يكشف النقاب عن أي تفاصيل أخرى. لكنه أرجع الهدوء الذي شهده مختلف محاور القتال خلال اليومين الماضيين في طرابلس إلى «عدم قدرة الميليشيات المسلحة على الحركة، سواء في الهجوم أو الدفاع، ونجاح قوات الجيش في الاستنزاف التام لهذه الميليشيات»، لافتاً إلى أن «قوات الجيش تقترب من تحرير المدينة».
وشنّ سلاح الجو بالجيش الوطني غارات على مواقع قوات «الوفاق» في عدد من تمركزاتها بالعاصمة، لكنه لم يفصح عن حجم الخسائر البشرية أو المادية.
وقال المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع للجيش الوطني، إن مجموعة أخرى تنتمي لإحدى مجموعات «قوة الردع» بطرابلس سلّمت نفسها لقوات الجيش بكامل عتادها، موضحاً أنه تم استقبالها ومعاملتها بحسب تعليمات المشير حفتر، واعتُبر أفرادها ضمن الذين رفعوا الراية البيضاء وانحازوا للوطن.
كما أعلن المركز استهداف الميليشيات في وادي الربيع من قبل نيران قوات الجيش، وقال إن قذيفة هاون تم توجيهها ضد ميليشيا عبد الغني الككلي، المعروف باسم «أغنيوة»، أحد أبرز أمراء الحرب في العاصمة، أسفرت عن مصرع 3 من أفرادها وسقوط 9 جرحى. مؤكداً أيضاً أن ما وصفه بضربات مركزّة لوسائط نيران قوات الجيش استهدفت تمركزات للميليشيات، وإصابات مؤكدة في محور عين زارة والخلة بجنوب العاصمة.
في المقابل، قالت عملية «بركان الغضب»، التي تشنّها قوات السراج، إن قواتها حقّقت أمس ما وصفته بتقدم مهم في السبيعة جنوب العاصمة طرابلس، فيما لفتت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة «الوفاق» أن القوات التابعة لها سيطرت على مقر معهد الطيران المدني بالمنطقة نفسها. لكن مصادر في «الجيش الوطني» قالت في المقابل إن قواته تصدت لهجوم ميليشيات السراج على منطقة السبيعة، وألحقت بها خسائر فادحة، على حد تعبيرها.
وقال مركز إعلام الجيش إن سلاحه الجوي استهدف الميليشيات المتبقية، التي تقهقرت بعد هجومها على منطقة السبيعة عقب هزيمتها، موضحاً أن قوات الجيش نجحت في التصدي لهجوم للميليشيات الإرهابية بمنطقة السبيعة، وكبدتها خسائر في المعدات والأفراد، على حد قوله.
من جهة أخرى، قال «الجيش الوطني» إن سلاحه الجوي واصل أمس استهداف المرتزقة التشاديين، الموجودين في مدينة مرزق بجنوب البلاد، بعد ساعات من إعلان مجلس النواب (البرلمان) الليبي أنها مدينة «منكوبة» بعد انسحاب قوات الجيش الوطني منها.
وقال عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم المجلس، في بيان له، إنه تقرر خلال جلسته الرسمية، مساء أول من أمس، إعلان مدينة مرزق «منكوبة»، لافتاً إلى الموافقة على مقترح قدمه عدد من أعضاء البرلمان عن المنطقة الجنوبية بعقد جلسة للبرلمان في مدينة غات، على أن يتم تحديد الموعد المناسب خلال الفترة المقبلة.
ويأتي هذا الإعلان عقب أيام من انسحاب قوات «الجيش الوطني» من المدينة، التي سيطرت عليها قوات موالية لحكومة السراج، علماً بأن قوات الجيش اتهمت رسمياً «عناصر (داعش) والمعارضة التشادية بالسيطرة على مرزق»، وقالت إن حكومة السراج في طرابلس تدعم من وصفتهم بـ«الإرهابيين والخارجين عن القانون».
وكانت بعثة الأمم المتحدة قد عبّرت مؤخراً عن قلقها من استمرار أعمال العنف في مرزق، بعدما سقط أكثر من 40 قتيلاً، وجرح أكثر من 50 جريحاً جراء قصف جوي في المدينة الأحد الماضي، لتتهم حكومة السراج طيران الجيش بالمسؤولية في تنفيذ القصف.
وكانت قوات «الجيش الوطني» قد بسطت سيطرتها على مدينة مرزق نهاية فبراير (شباط) الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».