«أزمة بيض» تهدد قطاع الدواجن التركي

الحظر العراقي مستمر... وأنقرة تدعو إلى رفعه

أتلفت الشركات نحو مليون بيضة تم تخزينها لمدة 20 يوماً لعدم قدرة السوق المحلية على الاستيعاب وسط توقعات بالإفلاس (رويترز)
أتلفت الشركات نحو مليون بيضة تم تخزينها لمدة 20 يوماً لعدم قدرة السوق المحلية على الاستيعاب وسط توقعات بالإفلاس (رويترز)
TT

«أزمة بيض» تهدد قطاع الدواجن التركي

أتلفت الشركات نحو مليون بيضة تم تخزينها لمدة 20 يوماً لعدم قدرة السوق المحلية على الاستيعاب وسط توقعات بالإفلاس (رويترز)
أتلفت الشركات نحو مليون بيضة تم تخزينها لمدة 20 يوماً لعدم قدرة السوق المحلية على الاستيعاب وسط توقعات بالإفلاس (رويترز)

دعت تركيا العراق إلى السماح مجدداً باستيراد البيض منها بعد الخسائر الضخمة التي تكبدها قطاع الدواجن بسبب حظر الاستيراد في يونيو (حزيران) الماضي.
ووجه السفير التركي في بغداد فاتح يلدز دعوة إلى وزير الزراعة العراقي صالح الحسني لزيارة أنقرة، خلال لقاء معه في بغداد.
وقال يلديز، عبر «تويتر»، إنه نقل تطلعات منتجي البيض في تركيا إلى الوزير العراقي، ودعاه إلى إجراء زيارة لتركيا، لبحث قضايا التعاون في مجالات الزراعة وتربية الحيوانات. ولفت إلى أنه أبلغ الجانب العراقي بأهمية فتح الطريق أمام استيراد العراق للبيض من تركيا، في ظل حاجة السوق العراقية لهذه السلعة.
وفي يونيو الماضي، قررت الحكومة العراقية حظر استيراد البيض من تركيا، وقال اتحاد الغرف الزراعية التركي إن العراق يستورد 85 في المائة من صادرات تركيا من البيض. وتسبب القرار، الذي تضمن حظر استيراد سلع أخرى ومنها الدجاج والمكرونة، في خسائر ضخمة لقطاع الدواجن.
وكشفت غرفة إسطنبول التجارية عن اتساع نطاق الحظر العراقي على المنتجات التركية، حيث شملت لائحة المحظورات العراقية الجديدة أكثر من 85 منتجاً بعد أن كانت 78 منتجاً من قبل، في مقابل ميل السوق العراقية للتعويض ببدائل من إيران والصين.
وأثر القرار العراقي على 8 شركات إنتاج كبرى في ولاية ماردين (جنوب شرقي تركيا) التي يعتمد ناتجها المحلي على إنتاج البيض والدقيق بشكل أساسي.
وكانت تركيا تصدر ثلث إنتاجها من البيض للخارج، و85 في المائة من هذه الحصة تذهب إلى العراق وحده. وقال الأمين العام لاتحاد الغرف الزراعية التركية شمسي بيرقدار، إن «إنتاج البيض ارتفع خلال شهر يونيو إلى نحو مليار و622 مليون بيضة، لا تجد من يشتريها».
وبدوره قال إبراهيم أفيون رئيس اتحاد منتجي البيض، إن توقف التصدير إلى العراق أدى إلى انخفاض أسعار البيض بنسبة 50 في المائة، ما يعني خسارة أكيدة لشركات الإنتاج التي لا تجد حلا لتصريف المنتج الذي لا يمكن تخزينه لفترات طويلة.
*أزمة بيض في تركيا
وتوقع مسؤولون في قطاع الدواجن في تركيا حدوث أزمة بيض في السوق التركية خلال 6 أشهر، إذا استمرت المقاطعة العراقية، بسبب الإفلاس المتوقع لشركات الإنتاج، لافتين إلى أنه فور صدور القرار العراقي، أتلفت شركات الإنتاج نحو مليون بيضة تم تخزينها لمدة 20 يوما، وذلك لعدم قدرة السوق المحلية على الاستيعاب.
ويهدد هبوط أسعار البيض في السوق المحلية نظرا لتزايد المعروض بإفلاس القطاع لعدم تغطية نفقات الإنتاج، وإزاء ذلك اضطر المنتجون لذبح 17 مليون دجاجة منتجة للبيض، بحسب صاواش دوغان، أحد أصحاب شركات إنتاج البيض الذي قال: «بدأ الحظر العراقي منذ أول مايو (أيار)، فدخل القطاع أزمة حادة واضطر المنتجون لذبح 17 مليون دجاجة، بعدما هبط سعر طبق البيض إلى النصف، وأفلس 8 منتجين نتيجة لذلك، ما يهدد الإنتاج كلياً خلال 6 أشهر».
وطالب دوغان الحكومة بدعم القطاع لتجنب الكارثة، قائلا: «يتوقع القطاع من الدولة أن تقلل من ضريبة القيمة المضافة لتصبح 1 في المائة بدلاً عن 8 في المائة كما هي حاليا، مع محاولة العمل على الترويج لصادرات البيض بالخارج، فعودة القطاع للتعافي لن تصبح سهلة مطلقا».
ويصل مجموع المنتجات التركية المحظورة على مستوى العالم 944 منتجاً، لذا سارعت أنقرة لفتح خط تفاوض مع بغداد لتجنب الكارثة، خاصة أن القرار العراقي امتد إلى حظر واردات المكرونة المختلفة وملح الطعام.
وكانت تركيا تصدر 400 ألف طن من لحوم الدواجن إلى العراق سنويا وبعد القرار توقفت هذه الصادرات وتبحث تركيا عن أسواق أخرى لاستيعاب هذه الكمية.
*الأضرار تتزايد
أدى قرار الحظر إلى أضرار أخرى منها فقد عشرات الآلاف من سائقي شاحنات التصدير عبر الحدود التركية العراقية مصدر دخلهم.
وأكد رئيس جمعية اتحاد صناع اللحوم البيضاء ومربيها في تركيا، سعيد كوجا، وقف العراق وارداته من الدجاج من تركيا بعد قرارات سابقة بوقف استيراد البيض والمكرونة بهدف تشجيع الإنتاج المحلي.
وكانت تركيا تحتل المرتبة الأولى في تصدير الدواجن إلى العراق، وصدرت 200 ألف طن من الدجاج في النصف الأول من العام الجاري، أي نصف الكمية السنوية.
وقال كوجا إنه بعد هذه الأزمة ستبحث تركيا عن بديل لتصدير منتجاتها، فنحو 400 ألف طن كان يتم تصديرها سنويا إلى بغداد، ويجب أن يتم انتشال المتضررين من المصدرين الأتراك، الذين كانوا يجنون ملايين الدولارات من وراء هذه التجارة.
وتوقع أن تتجه تركيا إلى الصين من أجل التصدير إليها، قائلا إن «استهلاك الصين للدواجن يمثل نصف استهلاك تركيا، ويمكننا سد عجز بكين من اللحوم الذي يتسبب فيه لحم الخنزير، لكننا في مرحلة عقد اتفاقيات من أجل الحصول على تصاريح أكثر، ونأمل حل هذا الأمر أيضا». وخلال العام 2017 زادت الصادرات التركية من لحوم الطيور إلى العراق بنسبة كبيرة بلغت 49 في المائة وبلغت قيمتها في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 238 مليون دولار، حسب مجلس المصدرين الأتراك.
ومثل العراق الوجهة الأكبر لصادرات تركيا من لحوم الطيور، إذ استحوذ على 63 في المائة من صادرات تركيا، بينما كان يتم تصدير أرجل الدجاج، البالغ إنتاجها نحو 10 ملايين طن يوميا، إلى أسواق دول شرق آسيا.
ورغم محاولات تركيا إحلال الصين مكان العراق، فإنها ستواجه مشكلات عدة، أبرزها أنه لا توجد اتفاقيات مع بكين تسمح بتصدير منتجات الدواجن، ولذا كان المصدرون الأتراك يلجأون إلى عبور صادراتهم إلى بكين عبر كل من هونغ كونغ وتايوان وفيتنام.



الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.