تحليل للدم يتنبأ بعمر الإنسان يثير الجدل

تحليل للدم (أرشيفية)
تحليل للدم (أرشيفية)
TT

تحليل للدم يتنبأ بعمر الإنسان يثير الجدل

تحليل للدم (أرشيفية)
تحليل للدم (أرشيفية)

أعلن باحثون أنهم توصلوا إلى تحليل دم يتنبأ بعمر الإنسان، حيث يعتمد على تحليل بروتينات ودهون بعينها، ومواد أخرى في الدم يمكن أن تساعد على تقدير سنوات العمر.
وأوضح الباحثون، في الدراسة التي نشروها في مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز» المتخصصة، أنهم عثروا في الدم على 14 مما يُعرف بالعلامات الحيوية، يمكن من خلالها حساب العمر، إلا أنهم أكدوا على ضرورة إجراء مزيد من الدراسات قبل أن يصبح التحليل قابلاً للتطبيق الميداني.
ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، حلل الباحثون تحت إشراف يوريس ديلين، من مركز لايدن الطبي بهولندا، ومعهد ماكس بلانك الألماني، بمدينة كولونيا الألمانية، بيانات 44168 مريضاً إجمالاً، توفي منهم 5512 في فترة المتابعة.
وكان العلماء قد بحثوا في عينات دم المرضى عن مواد تسمح باستخلاص نتائج عن احتمال الوفاة.
وعثر الباحثون خلال البحث على 14 من هذه العلامات الحيوية، خصوصاً أحماضاً أمينية ودهوناً ومواد حاملة للالتهابات، التي يمكن من خلالها التنبؤ بشكل أفضل من المؤشرات الحالية، باحتمال الوفاة لدى الرجال والنساء من مختلف الأعمار.
وتبين للباحثين، على سبيل المثال، أن ارتفاع نسبة الجلوكوز أو اللاكتوز يترافق مع تزايد احتمال الوفاة، وأن ارتفاع نسبة تركيز حمضَيْ هيستيدين وليوسين، الأمينيين، أو ارتفاع بروتين ألبومين في الدم، يترافق مع انخفاض احتمال الوفاة.
ووفقاً للباحثين فإنه من الممكن أن يساعد الاختبار الذي يأخذ في الاعتبار العوامل التي تم رصدها، الأطباء في تخطيط علاج مرضاهم بشكل أفضل، على سبيل المثال عند ضرورة البت فيما إذا كان المريض المتقدم في العمر يتحمل الخضوع لجراحة أو أنه أضعف من ذلك.
وقوبلت الدراسة بردود فعل متباينة بين الباحثين، حيث قال فلوريان كرونينبِرج، من معهد علم الأوبئة الوراثية في جامعة إنسبروك النمساوية، إن أي خطوة تساعد في اتخاذ قرار علاجي صائب، هي خطوة مرحَّب بها، مضيفاً أن تحسين القدرة على التنبؤ بوقت الوفاة يقترب من اعتماد الطب الشخصي، الذي يصف الدواء للمريض بدقة اعتماداً على خصوصية حالته.
وتوقع الخبير النمساوي أن تساهم البيانات الأكثر مستقبلاً في التوصل لتنبؤات أكثر دقة، ولكن مع مراعاة رؤية المريض وتفضيلاته، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هناك ضرورة ملحّة لإجراء المزيد من الدراسات في هذا الاتجاه قبل التطبيق العملي للفكرة.
ورأت أنيته روجه رئيسة لجنة الأخلاق بمستشفى شليسفيج هولشتاين الجامعي، أن التنبؤ بعمر الإنسان، ينطوي على تحديات كثيرة، وقالت: «إذ كيف سنمنع أن تأخذ التقديرات الحسابية مكاناً مبالغاً فيه عند الحديث عن سقف الآمال المعلقة على العلاج؟ كيف سنمنع أن يؤدي الانتساب لمجموعة من الأشخاص الذين أثبت تحليل العلامات الحيوية لهم أنهم أكثر عرضة للموت، للتعرض للتمييز بين المرضى؟».
وقالت الطبيبة الألمانية إنه من غير المعروف أيضاً من الذي سيرافق المرضى بعد أن يعلموا بأنهم سيعيشون عدداً معيناً من السنوات، وكيف سنتأكد من تطبيق حق الإنسان في عدم المعرفة، أو الحق في الجهل، وهو الحق الذي يضمن للإنسان ألا يتلقى معلومات قد تكدر عليه حياته؟
وخلصت الخبيرة الأخلاقية، في إطار تعليقها على نتائج الدراسة، إلى أنه «من الضروري أن يكون تقييم الاستفادة من معرفة عدد سنوات الحياة استناداً للعلامات الحيوية المذكورة في هذه الدراسة، سواء اليوم أو كرؤية مستقبلية، تقييماً نقدياً».


مقالات ذات صلة

صحتك جانب من الحضور

22 عالماً وباحثاً يحصدون جائزة الشيخ زايد العالمية للطب التقليدي والتكميلي «الثالثة»

تُختتم في العاصمة الإماراتية أبوظبي، مساء الخميس 12 ديسمبر، أعمال مؤتمر جائزة الشيخ زايد العالمية، بالإعلان عن الفائزين بالجائزة في دورتها الثالثة.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (أبوظبي)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)

علاج جيني يُعيد القدرة على السمع ويعزّز الرؤية

طوّر باحثون بكلية الطب في جامعة «هارفارد» الأميركية علاجاً جينياً للمصابين بمتلازمة «آشر من النوع 1F»، وهي حالة نادرة تسبّب الصمم والعمى التدريجي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».