طلاب الجزائر يتوعّدون بـ«الاستمرار في التظاهر حتى رحيل النظام»

طرد مسؤول في «هيومن رايتس ووتش» بعد احتجازه لعشرة أيام

جانب من مظاهرات الطلاب وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من مظاهرات الطلاب وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

طلاب الجزائر يتوعّدون بـ«الاستمرار في التظاهر حتى رحيل النظام»

جانب من مظاهرات الطلاب وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من مظاهرات الطلاب وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

تظاهر أمس نحو ألف طالب للأسبوع الـ26 على التوالي في الجزائر، وسط انتشار كبير للشرطة، مطالبين بدولة «ديمقراطية»، والإفراج عن الذين أوقفوا منذ بدء الحراك الاحتجاجي في 22 من فبراير (شباط) الماضي.
وردد الطلاب، حسب ما أورد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، يرافقهم أساتذة ومواطنون، عبارات «أفرجوا عن موقوفي الحراك»، و«الجزائر حرة وديمقراطية»، و«دولية مدنية سلمية»، خلال هذا التحرك وسط العاصمة، الذي لم يشهد أي حوادث. علما بأن الجامعات ما زالت مغلقة بسبب العطلة الصيفية، لكن رغم ذلك كان تحرك أمس أوسع وأضخم من تحركات الأسابيع الماضية.
وتعهد المتظاهرون أمس «بالاستمرار بالتظاهر حتى رحيل النظام»، مرددين شعارات وأناشيد وطنية، وهتفوا بصوت واحد «الجنرالات إلى مزبلة التاريخ والشعب سينال استقلاله»، مستهدفين قيادة الجيش، باعتبارها المركز الحقيقي لصنع القرار في الجزائر منذ وقت طويل، والتي عادت إليها السلطة في الثاني من أبريل (نيسان) بعد استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
وخلال مظاهرات أمس، استهدف المتظاهرون خصوصاً الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش، كما طالبوا برحيل الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي. وكان هؤلاء الثلاثة مؤيدين لعبد العزيز بوتفليقة طوال فترة حكمه التي امتدت 20 عاماً.
وقال ياسين (23 عاماً)، وهو طالب في جامعة بومرداس (40 كلم شرق العاصمة)، لوكالة الصحافة الفرنسية أمس: «رغم الحر والعطلة الصيفية، نحن هنا بأعداد كثيرة لنقول إنه لا شيء سيوقفنا ما دام نظام بوتفليقة موجودا».
وككل يوم ثلاثاء رفض المتظاهرون أي «حوار» مع السلطة، التي ما تزال بيد مؤيدين سابقين لبوتفليقة الذي استقال بعد ضغط الشارع، ونددوا بتعيين كريم يونس، الرئيس السابق للبرلمان، منسقاً عاماً لهيئة الوساطة والحوار الوطني بالجزائر، المكلفة إجراء مشاورات لتحديد شروط الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وفي هذا السياق، اعتبر الشاب محمد، وهو طالب بشعبة علم الاجتماع، أن «هيئة الحوار... لا تصغي لمطالب الحراك»، الذي يرفض تنظيم المؤيدين السابقين لبوتفليقة الانتخابات المقبلة.
وكان رئيس الوزراء قد اعتبر في رسالة إلى الأمة أن «حواراً جاداً وواسعاً، ولا إقصاء فيه» هو السبيل إلى «ضمان حق الشعب الجزائري في اختيار رئيس الجمهورية في أقرب الآجال» و«تحقيق غاياته».
من جهة ثانية، طردت السلطات الجزائرية مساء أول من أمس مسؤولا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، دون تقديم مبرر، بعد أن جرى اعتقاله على هامش مظاهرة ضد النظام، واحتجازه لعشرة أيام، حسبما أعلنت المنظمة غير الحكومية أمس.
وقال كنيث روث، مدير «هيومن رايتس ووتش» في بيان أمس، إن أحمد رضا بنشمسي، مدير التواصل بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، وهو مواطن مغربي - أميركي «كان في الجزائر للقيام بواجبه المهني من خلال مراقبة أوضاع حقوق الإنسان». مبرزا أن «اعتقاله التعسفي، والمعاملة السيئة التي تلقاها يبعثان رسالة مفادها أن السلطات لا تريد أن يعرف العالم بالمظاهرات الحاشدة المطالبة بديمقراطية أكبر في الجزائر».
وأوضحت المنظمة أنها لم تتمكن من التطرق إلى قضية بنشمسي لتسهيل تسوية وضعه. مؤكدة أن بنشمسي، الذي أوقف في التاسع من الشهر الحالي عندما كان «يراقب» المظاهرة الأسبوعية الـ25 الكبرى في وسط الجزائر، احتجز لعشر ساعات «دون أن يسمح له الاتصال بأي كان... وصادرت هاتفه النقال وجهاز الكومبيوتر الخاص به، وطلبت منه أن يكشف مفتاح السر لفتح الجهاز، لكنه رفض».
وأضافت المنظمة أن الشرطة احتفظت بجوازي سفره، وأنه لم يستعد كل أغراضه الشخصية، سوى في المطار لدى ترحيله.
واستدعت الشرطة بنشمسي مرتين، واحتجزته لساعات، وتعرض لضغوط للكشف عن كلمات السر الخاصة بالكومبيوتر، ثم مرتين أخريين بحجة المثول أمام المدعي، دون أن يحصل ذلك رغم انتظار دام لساعات. كما اقتيد الأحد إلى دائرة الأجانب، حيث أمضى الليلة، ووضع أول من أمس على متن رحلة متجهة إلى الدار البيضاء (المغرب).
وقال روث إن «المعاملة السيئة التي تلقاها بنشمسي تذكر للأسف بالمخاطر التي يواجهها يوميا المدافعون الجزائريون عن حقوق الإنسان».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.