«الجيش الوطني» الليبي يكشف عن صراعات بين قوات موالية لحكومة «الوفاق»

TT

«الجيش الوطني» الليبي يكشف عن صراعات بين قوات موالية لحكومة «الوفاق»

بينما بدأت القوات الموالية لحكومة «الوفاق» الليبية، التي يرأسها فائز السراج، تستعد لمعارك جديدة في العاصمة طرابلس، تحدث «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، عن ظهور صراعات بين هذه القوات في الميدان.
وتزامنت هذه التطورات مع إعراب السفارة الأميركية في ليبيا عن قلقها المتزايد من أن يكون للهجمات على منشآت الطيران المدني في ليبيا عواقب وخيمة؛ إذ نقل بيان أصدرته السفارة مساء أول من أمس، عن السفير الأميركي ريتشارد نورلاند قوله «في محادثاتي التمهيدية مع زعماء من جميع الأطراف، ومن دون أن ننسب الهجمات إلى أي طرف، شددت على أن الولايات المتحدة ترى خطرا كبيرا في تصعيد الهجمات على المطارات المدنية، وأن استهداف طائرة مدنية سيكون كارثيا».
ميدانيا، عزز «الجيش الوطني» من قواته وآلياته العسكرية على تخوم العاصمة طرابلس، خاصة في محور عين زارة بجنوب المدينة، بينما كشفت مصادر مقربة من حكومة السراج أن القوات الموالية لها أيضا تعزز من مواقعها وقواتها في المنطقة نفسها، ما يؤشر إلى احتمال اندلاع جولة أكثر عنفا من القتال بين الطرفين.
وقال المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع لـ«الجيش الوطني»، إن ما وصفه بصراع الميليشيات وعبثها «أدى إلى إغلاق الطريق الساحلي ببوابة منطقة الدافنية، وذلك على خلفية مخالفات وصراعات النفوذ، وسيطرة ميليشيا السويحلي على مقر ما يعرف بمبنى المخابرات بالعاصمة طرابلس».
ولم يوضح المركز في بيان مقتضب، أصدره أمس، مزيدا من التفاصيل، لكن مصادر عسكرية في الجيش قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن ما وصفته بخلافات مكتومة بين الميلشيات الموالية لحكومة السراج بدأت تطفو على السطح، في ظل ما سمته الخسائر البشرية والمادية الفادحة، التي منيت بها هذه الميليشيات في مواجهاتها الأخيرة ضد قوات «الجيش الوطني».
في شأن آخر، قالت مصادر بـ«الجيش الوطني» لوسائل إعلام محلية إنه تم اعتقال عسكريين من الجيش في مدينة بنغازي (شرق)، اتهموا بارتكاب مخالفات بالهجوم على مديرية الأمن في بلدة توكرة شرق المدينة.
وكانت مصادر قد قالت في وقت سابق إن عناصر من «الكتيبة 166»، التابعة لـ«الجيش الوطني» هاجمت مقر المديرية لتحرير شخصين محتجزين لديها، بينما نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر أمني أن خمسة من عناصر الشرطة أصيبوا بجروح في هذا الهجوم.
من جهة أخرى، أعلنت البحرية الموالية لحكومة السراج إنقاذ 37 مهاجرا، معظمهم من السودان، كانوا على متن قارب مطاطي وجه نداء استغاثة شرق طرابلس. وقال العميد أيوب قاسم، المتحدث باسمها، أول من أمس، إن حرس السواحل تمكن خلال «مهمة بحث وإنقاذ» من «العثور على قارب مطاطي كان يقل 37 مهاجرا، على بعد 53 ميلا شمال مدينة الخمس»، الواقعة على بعد 120 كلم شرق العاصمة طرابلس.
وأشار قاسم في تصريحات لوكالة «شينخوا» الصينية، إلى أن المهاجرين من جنسيات عربية وأفريقية، وجلهم من السودان».
وكانت القوات البحرية الليبية قد حذرت قبل عشرة أيام من أنها قد تضطر إلى إخلاء سبيل المهاجرين غير الشرعيين، بعد أن يتم إنقاذهم في المستقبل، وذلك على خلفية تأخر الجهات المعنية في تسلمهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.