محتجون يحاصرون اجتماع المعارضة السودانية

طالبوها بوقف المحاصصة... وقيادة الثورة تفشل في تسمية ممثليها لمجلس السيادة

محتجون يحاصرون اجتماع المعارضة السودانية
TT

محتجون يحاصرون اجتماع المعارضة السودانية

محتجون يحاصرون اجتماع المعارضة السودانية

تظاهر المئات أمام دار حزب الأمة القومي بأم درمان، أثناء انعقاد اجتماع طارئ واستثنائي، لقادة قوى إعلان الحرية والتغيير، حاولوا من خلاله تجاوز حالة الارتباك التي صاحبت فشلهم في تسمية مرشحيهم لمجلس السيادة، ومن أبرز المشاركين في الاجتماع رئيس حزب الأمة الصادق المهدي، ورئيس حزب المؤتمر عمر الدقير.
ورفع المحتجون شعارات، ورددوا هتافات تطالب باستقالة «لجنة الترشيحات» بقوى التغيير والمنوط بها تسمية المرشحين المدنيين في مجلس السيادة على الفور، والالتزام الصارم بالمعايير المحددة لاختيار المرشحين لهياكل السلطة الانتقالية، والمتفق عليها في إعلان الحرية والتغيير الموقع منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكان رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي شمس الدين الكباشي، قد كشف في وقت مبكر من صباح أمس، أن قوى إعلان الحرية والتغيير، طلبت إرجاء تكوين المجلس السيادي حتى تتمكن من الوصول لتوافق بين مكوناتها على مرشحيها لمجلس السيادة.
وقال الكباشي إن قوى التغيير، تراجعت عن ترشيح بعض الأسماء التي قدمتها لعضوية المجلس السيادي، وطلبت منحها 48 ساعة لتسليم قائمة مرشحيها الخمسة، وإن مجلسه وقوى إعلان الحرية توافقا على الشخصية المكملة لعضوية مجلس السيادة، واختاروا السيدة رجاء نيكولا عيسى عبد المسيح العضو الحادي عشر، وهي قبطية، في مجلس السيادة.
ونصت وثائق الانتقال الموقعة بين العسكري والحرية والتغيير، على تكوين مجلس سيادة من 11 عضواً، 5 من بينهم يختارهم العسكريون، و5 تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، على أن يتم اختيار الشخصية المكملة بتوافق الطرفين.
ووفقاً للكباشي، فإن طلب المهلة، تسبب في إرجاء إصدار المراسيم الدستورية التي تقضي بحل المجلس العسكري الانتقالي، وتشكيل مجلس السيادة الذي سيخلفه في الحكم.
وأعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير أول من أمس اختيار كل من عائشة موسى السعيد، محمد الفكي سليمان، صديق تاور كافي، حسن شيخ إدريس وطه عثمان إسحاق، أعضاء في مجلس السيادة، بيد أنها سحبت تلك القائمة خلال اجتماع مشترك مع المجلس العسكري انتهى في الساعات الأولى من الصباح.
وسارع طه عثمان القيادي بتجمع المهنيين السودانيين بالاعتذار عن الترشح لعضوية المجلس، إثر موجة انتقادات حادة وغاضبة من مناصري التجمع لجهة أن «التجمع» تعهد في وقت سابق بعدم المشاركة في مجلسي السيادة والوزراء، مكتفيا بالمشاركة في المجلس التشريعي ليمارس دوره الرقابي على الجهاز التنفيذي.
وأوضح طه إسحاق في صفحته الشخصية بـ«فيسبوك» طريقة ترشيحه متعهداً بكشف ملابسات ترشيحه في الوقت المناسب، وقال: «انتشرت أنباء عن ترشيحي في المجلس السيادي من قبل لجنة الترشيحات، وأنا إذ أعتذر لالتزامي بقرارات التجمع المسبقة».
وأضاف أن اعتذاره يأتي بسبب ما أحدثه من بلبلة وانقسامات في الرؤى والمواقف، وتابع: «أما عن ملابسات ما حدث ويحدث فسيأتي الوقت الذي توضح فيه الحقائق بتفاصيلها كاملة».
وانتقد المحتجون المحتشدون أمام دار حزب الأمة القومي، قيادات قوى إعلان الحرية والتغيير، وطالبتهم بالابتعاد عن «المحاصصة الحزبية»، والالتزام بالجداول الزمنية لتشكيل هياكل السلطة الانتقالية، والإسراع في اختيار المرشحين لمجلس السيادة، وإرساء مبدأ الشفافية وتمليك الحقائق كاملة للشعب السوداني حول عملية الانتقال.
وكانت الكثير من الأجسام المهنية المنضوية تحت لواء «تجمع المهنيين السودانيين»، قد أصدرت بيانات شديدة اللهجة أدانت بموجبها ترشيح طه لمجلس السيادة، لكونه كان جزءاً من وفد التفاوض، إضافة إلى أن الترشيح يخرق المعايير التي تم التوافق عليها والتي تمنع المحاصصة، ولقرار التجمع بعدم الدفع بأي من قياداته للسلطة السيادية والتنفيذية.
وقال «تجمع المهنيين السودانيين» في بيان أمس، إن اللجنة المفوضة من قوى إعلان الحرية والتغيير، هي من رشحت القيادي طه عثمان لعضوية مجلس السيادة عن إقليم دارفور، بعد اعتذار مرشحين آخرين.
وأشار التجمع إلى أن اعتذار عضو قيادته طه عن الترشح، يأتي في إطار الالتزام بالمعايير والقرارات التي وضعها، وطالب شركاؤه في قوى الحرية والتغيير، باحترام قرار التجمع، والتعامل بالروح الرفاقية والعمل المشترك دون تدخلات غير مطلوبة.
كما أكد تجمع القضاة السابقين، تمسكهم بمرشح قوى إعلان الحرية والتغيير، القاضي عبد القادر محمد أحمد رئيسا للقضاء خلال الفترة الانتقالية، وذلك بعد تحفظ المجلس العسكري الانتقالي على تسميته رئيساً للقضاء.
وقال القضاة في بيان إن رفض محمد أحمد، جاء بعد تخوف من تعيين رئيس قضاء يتمتع بالاستقامة والنزاهة، وهو أمر يهدد مصالح عناصر الإخوان المسلمين الذين تمكنوا من المؤسسة القضائية. ودعا البيان المجلس العسكري للتراجع عن قراره، وسحب اعتراضه على مرشح قوى الحرية والتغيير لتحقيق العدالة في البلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».